انتخابات "البرايمرز" داخل فتح بين الهدف والنتيجة

 

بيت لحم ـ المركز الفلسطيني للإعلام

مثلما هو متوقع لم يذعن الراسبون من قيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" لنتائج الانتخابات التمهيدية "البرايمرز"، التي نظمت في بعض محافظات الضفة الغربية لاختيار مرشحي الحركة للانتخابات التشريعية المقبلة والتي أسفرت عن نجاح كبير لممثلي الجيل الجديد والجناح العسكري للحركة، وسقوط قيادات الحركة التقليدية وموظفي السلطة الفلسطينية الكبار ونواب حاليين للحركة في المجلس التشريعي الفلسطيني، وبدأ الراسبون حملة تشكيك كبيرة في نتائج "البرايمرز"، وبالطعن في نزاهته، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من حالة الانقسام والتفكك التي تعيشها حركة "فتح".

ويرى المراقبون أن قيادة حركة فتح أرادت من خلال "البرايمرز" رص صفوفها، وتعزيز دورها بين الجماهير من خلال اختيار مرشحين للتشريعي يكونون مقبولين على المستوى الداخلي والشعبي، وذلك تحضيراً للانتخابات التشريعية المقبلة والتي من المقرر أن تجري في الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني/يناير القادم، تلك الانتخابات التي يؤكد المراقبون أن ستشهد حضوراً قوياً لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي حققت نتائج عالية في الانتخابات المحلية والبلدية التي شهدتها الضفة الغربية وقطاع غزة خلال العام الجاري.

 

محمد لطفي: النتائج التي أعلنت هي نتائج مزورة

ففي إقليم رام الله، أكد محمد لطفي عضو المجلس الثوري لحركة فتح وأحد الذين لم يحالفهم الحظ بالفوز، أنه حصلت خروقات في الانتخابات التمهيدية للحركة، وأن النتائج التي أعلنت هي نتائج مزورة. 

وفي موقف شبيه عبّر الدكتور سمير شحادة، وهو قيادي رفيع المستوى في حركة فتح، والذي لم ينجح في "البرايمرز"، قائلاً: إن تزويراً حدث، ووصف "البرايمرز" بالمهزلة، وأصدر بياناً أعلن فيه تجميد عمله ومهامه التنظيمية احتجاجاً على ما جرى، ومن أبرز الراسبين في رام الله صخر حبش (أبو نزار)، عضو اللجنة المركزية للحركة، في حين تصدر الناجحين مروان البرغوثي.

 

قيادة "فتح" في جنين ترفض نتائج الانتخابات

وفي مدينة جنين أعلنت قيادة حركة "فتح"، عدم اعترافها بالنتائج التي أفضت إليها الانتخابات التمهيدية للحركة في الإقليم، فيما بعث عدد من الذين لم يحالفهم الحظ بالفوز في هذه الانتخابات، رسالة عاجلة إلى الرئيس محمود عباس "أبو مازن"، يطعنون فيها في نزاهة الانتخابات، التي لم تعلن لجنة الإشراف عليها، نتائجها النهائية حتى وقت متأخر.

وحملت أمانة سر حركة فتح في المدينة، لجنة الإشراف على الانتخابات التمهيدية في المجلس الثوري، ولجنة الإشراف في إقليم جنين، المسؤولية الكاملة عن ما حدث، مؤكدة رفضها القاطع لنتائج الانتخابات التمهيدية، مؤكدة أنها لن تتعامل مع هذه النتائج في الانتخابات التشريعية المقبلة.

 

كما وقع 15 مرشحاً من أصل 43 مرشحاً تنافسوا على الانتخابات التمهيدية، على عريضة موجهة إلى رئيس السلطة محمود عباس "أبو مازن"، اعترضوا فيها على سير الانتخابات التمهيدية في المدينة.

وأكد الموقعون على الوثيقة، أنه شاب العملية الانتخابية خروقات متعددة، وعمليات تزوير علنية، في العديد من المواقع الرئيسية في الإقليم، وهو يؤثر قطعا على نزاهة العملية الديمقراطية، والإساءة لحركة "فتح"، وفقدها الكثير من المصداقية، ويؤثر على نتائج الانتخابات التشريعية العامة المقبلة.

 

ومن ناحيته، أعلن عامر السعدي، أمين سر حركة "فتح" في المدينة، أن الحركة وجهت رسالة عاجلة إلى "عباس"، ولجنة الإشراف على الانتخابات، تعلن فيها عدم اعتراف الحركة بنتائج الانتخابات التمهيدية "البرايمرز".

وقال السعدي إن العملية الانتخابية في المدينة، جرت في أجواء ديمقراطية نزيهة، حتى فوجئت الحركة بحدوث الكثير من حالات التزوير في العديد من المواقع، وهو ما أفقد العملية الانتخابية مصداقيتها ونزاهتها، ودفع الحركة في المدينة، إلى المطالبة بإلغائها.

 

وأشارت الحركة في رسالة بعثتها إلى "أبو مازن"، إلى أن صناديق الاقتراع، وزعت بطريقة عشوائية، وبعضها تسلم الصناديق في وقت متأخر من الصباح.

ومما جاء في الرسالة: "عندما انطلقت الانتخابات، عقدنا العزم، في مدينة جنين، على أن تكون انتخابات حرة وديمقراطية، وسارت الأمور بصورة اعتيادية، وهذا ما يؤكده عدد المصوتين في المدينة، والذي لم يتجاوز 2500صوتا، إلا أن الوضع اختلف في العديد من المواقع الأخرى، حيث برزت عمليات التزوير على مرأى لجنة الانتخابات، التي لم تتخذ أية إجراءات تذكر لوضع حد لهذه العمليات".

وأضافت الرسالة تقول: "إننا أبناؤكم في حركة فتح موقع مدينة جنين، ورغم إدراكنا للحالة العامة، التي تؤثر في مثل هذا المشروع، إلا أننا أمام موقف صعب بأن نرفض التعامل مع النتائج، التي وصلت إليها هذه العملية، تحت أي ظرف كان، وليس هذا باعتراض على حق أي مناضل فتحاوي بالترشيح أو الفوز، بقدر ما هو موقف أمام المسؤولية وأمام الخلل الكبير، الذي واكب العملية الانتخابية.

 

النائب الشاتي: "البرايمرز" كانت مذبحة لحركة "فتح"

ومن جانبه، قال النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني جمال الشاتي والقيادي في حركة "فتح"، إنه تم تزوير الانتخابات الداخلية في حركة "فتح" وحذر من نتائجها. وأكد الشاتي،  الذي فشل في الانتخابات التمهيدية، التي جرت في جنين "أن سيد الموقف في هذه الانتخابات هو التزوير"، محذرا من نتائج هذه الانتخابات على مستقبل حركة "فتح". ووصف في بيان صحفي انتخابات "البرايمرز" بأنها كانت مذبحة لحركة "فتح"، وأنه تم فيها "ذبحها من الوريد إلى الوريد"، على حد تعبيره.

 

ثلثا مرشحي "فتح" في نابلس يرفضون النتائج

وفي نابلس شككت عائلة النائب الحالي حسام خضر بنتائج "البرايمرز"، التي لم ينجح فيها خضر الذي حكمت عليه محكمة صهيونية عسكرية يوم أمس الأحد بالسجن سبع سنوات.

وأدانت المحكمة خضر، بناء على صفقة بين النيابة العامة الصهيونية ومحاميه رياض الأنيس، ويعتقد أن هذه الصفقة كانت سبباً في خسارة خضر وانحسار شعبيته التي كانت مرتفعة خلال السنوات الماضية.

ولم يحالف الحظ في نابلس أيضا نواباً آخرين حاليين مثل فايز زيدان، وكامل الأفغاني الذي أعلن عدم اعترافه بالنتائج ونيته خوض الانتخابات للتشريعي خارج قائمة فتح الرسمية، ودلال سلامة، وهي أصغر عضو في المجلس التشريعي الحالي.

 

واحتجت سلامة على نتائج "البرايمرز" ووجهت كتاباً إلى رئيس السلطة، وقيادة حركة فتح، طعنت فيه بنتائج "البرايمرز"، وتقول سلامة في كتابها: "على الرغم من أهمية خيار الانتخابات التمهيدية لحركة فتح، وعلى الرغم من كونها الوسيلة الأمثل لاختيار المرشحين، ومع أننا وافقنا على خوضها رغم تحفظاتنا على آليات التنسيب، فإن ذلك لم يكن إلا لأننا ارتأينا أن من شأن الانتخابات الموسعة أن توفر لنا صورة عن توجهات الكادر الفتحاوي وتوجهات الناخبين والرأي العام معاً، ومن هذا المنطلق كانت الموافقة شريطة أن تتم العملية بنزاهة".

 

وتضيف: "إلا أن سير عملية الاقتراع والتحكم الكامل باتجاهات التجربة الديمقراطية التي حاول الكادر الفتحاوي أن يخوضها، يضع حركة فتح والمشروع الوطني الفلسطيني أمام تحديات تهدد حركة فتح ومستقبلها".

وسردت سلامة 12 سبباً جعلتها تطعن في النتائج ومنها أنه جرى تزوير في نماذج الانتخابات المطبوعة، ومشاركة ناخبين بالاقتراع أكثر من مرة، واستغلال بعض الناخبين بما يسمى (الكرت الدوار) وهي جولة على صناديق مختلفة، مستفيدين بذلك من حق الاعتراض على عدم وجود الاسم والانتخاب على الهوية والإدلاء بعدد كبير من الأصوات يساوي عدد المراكز التي زاروها، ومشاركة أسماء لأشخاص متوفين، وإضافة أوراق اقتراع في أثناء عملية الفرز، وعدم محايدة بعض لجان الإشراف على الصناديق وأسباب أخرى.

وألمحت سلامة بأنها ستخوض الانتخابات التشريعية بشكل منفرد، وقال أعضاء في المجلس التشريعي الفلسطيني من حركة فتح، أنهم ليسوا راضين عن نتائج "البرايمرز"، متوقعين أن يتم انقلاب أبيض على النتائج، من قبل "أبو مازن".

 

وحسب هؤلاء الذين تحدثوا لمراسلنا، فإن "أبا مازن" مدعوما من قيادة حركة فتح سيلجأ إلى تعيين بعض الناجحين في وظائف عليا في السلطة، مقابل تنازلهم عن فوزهم، وهو ما يتوقع أن يقبله بعضهم، وستكون الحجج التي يلجا إليها عباس "مقنعة"، مثل أن بعض الناجحين هم من المطلوبين لسلطات الاحتلال، وأن مصالح الحركة تستوجب ترشيح شخصيات معينة كي تستطيع منافسة قائمة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي ستكون المنافس الأقوى والأبرز لحركة فتح في الانتخابات التي ستجري في كانون الثاني (يناير) المقبل.

 

وفي هذا السياق، قرر أكثر من ثلاثين مرشحاًً للانتخابات الداخلية لحركة فتح في إقليم نابلس توجيه طعن جماعي في سير العملية الانتخابية، مبررين ذلك بما شاب الانتخابات من تزوير وتجاوزات وخروقات في آليات الاقتراع والفوز.

جاء ذلك في بيان أصدره المرشحون الراسبون عقب اجتماع لهم عقدوه مساء يوم أمس الأحد (27/11) في مقر الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في نابلس.

 

وطالب البيان لجنة الإشراف بإعلان موقفها من سير العملية الانتخابية بعد ظهور حقائق وإثباتات تؤكد التزوير، كما أكد البيان أن النتائج التي نشرت في الصحف لا تمثل النتائج الرسمية لأن لجنة الانتخابات الفرعية في إقليم نابلس والمركزية لم تصدر أي نتائج نهائية ورسمية.

 

تأجيل الانتخابات في القدس والخليل وطولكرم وقلقيلية.

وكانت الانتخابات التمهيدية "البرايمرز"افتتحت صباح يوم الجمعة (25/11) في معظم المحافظات الفلسطينية صناديق الاقتراع بشكل مباشر من كافة أعضاء الحركة.

وبدأت عملية الانتخابات في محافظات بيت لحم، ورام الله، وجنين، ونابلس، وطوباس، وسلفيت، إلا أن حالة الاستقطاب الحادة والصراعات داخل الحركة حالت دون إجرائها في محافظات أخرى هامة مثل القدس، والخليل، وطولكرم، وقلقيلية.

وكانت محافظة الخليل شهدت قبل الانتخابات اتصالات حثيثة بين قادة وكوادر حركة فتح للاتفاق على مخرج من حالة الصراع والاستقطاب الحادة بين أعضاء الحركة، إلا أنه لم تنجح، والتقى أحمد غنيم عضو المجلس الثوري للحركة مع كوادرها في الخليل لمحاولة احتواء الأزمة ولكنه فشل.

 

وقالت مصادر "فتح" في الخليل في حينها إنه توجد معارضة واسعة لطريقة إجراء الانتخابات المباشرة لاختيار مرشحي الحركة من المحافظة، لاعتبارات عشائرية وقبلية وجهوية، مشيرة إلى وجود اعتراض على وجود أسماء في الكشوف الانتخابية ليست أعضاء في حركة فتح وإنما تم إضافتها من أجل دعم هذا المرشح أو ذاك.

وحالت ظروف الصراع داخل حركة "فتح" دون بدء عملية الانتخابات التمهيدية في القدس المحتلة التي تعيش ظروفا خاصة، بسبب الإجراءات الصهيونية، وكذلك في محافظات أخرى مثل طولكرم وقلقيلية، رغم أنه تم تأجيل إجراء هذه الانتخابات، أكثر من مرة، لحل هذه الإشكالات.

 

عناصر "فتح" يطلقون النار ويغلقون مقرات الاقتراع في خانيونس بقطاع غزة

أما في قطاع غزة، فقد توجه أعضاء حركة فتح في قطاع غزة يوم الاثنين (28/11) لاختيار مرشحيهم للانتخابات التشريعية القادمة، وقد أعلن دياب اللوح المنسق الإداري العام على الانتخابات التمهيدية لحركة فتح في قطاع غزة أن الانتخابات ستبدأ من الساعة الثامنة وحتى الساعة الخامسة مساءً في جميع محافظات غزة باستثناء محافظة رفح التي أجلت انتخاباتها إلى يوم غد الثلاثاء "لأسباب فنية بحتة".

 

شهدت مدينة خانيونس أحداث عنف وإطلاق للنار على خلفية احتجاج بعض أعضاء "فتح" على طريقة الانتخابات التمهيدية "البرايمرز" التي تجري اليوم الاثنين (28/11) في محافظات قطاع غزة.

وأطلق مسلحون من عناصر حركة فتح النار في الهواء أمام عدد من مراكز الاقتراع للانتخابات التمهيدية لحركة فتح، والتي تجري في تسعة مناطق موزعة على جميع أنحاء منطقة خانيونس بما فيها المنطقة الشرقية.

مصادر محلية أكدت أن مسلحين من "فرسان العاصفة" إحدى التشكيلات العسكرية لحركة فتح أطلقوا النار في الهواء من داخل نوافذ مقر تنظيم حركة فتح وسط المحافظة، وأغلقوا باب المقر واعتلوا سطحه، مطالبين بوقف عمليات التصويت للانتخابات التمهيدية في كافة المراكز.

 

فيما أكد شهود عيان أن مسلحين من "فرسان العاصفة" أغلقوا مركزين للاقتراع في بني سهيلا وعبسان الكبيرة بالمنطقة الشرقية، فيما يرابط عشرات المسلحين من مختلف أجنحة فتح العسكرية أمام مراكز عديدة في المدينة، مشيرين إلى أنهم لاحظوا تواجداً كثيفاً لمختلف الأجهزة الأمنية يرابطون حول مراكز الاقتراع، تحسباً لوقوع أعمال شغب أو إخلال بالنظام خلال عملية الاقتراع.

 

يذكر أن إجمالي عدد المرشحين بلغ نحو 326 مرشحاً في دوائر القطاع الخمس يتنافسون على 49 مقعداً مخصصة لحركة "فتح" في محافظات غزة، وهناك 65 مرشحاً يتنافسون على 10 مقاعد في محافظة شمال غزة، و72 مرشحاً في محافظة غزة يتنافسون على 17 مقعداً، إلى جانب 75 مرشحاً يتنافسون على 10 مقاعد في محافظة خانيونس، و54 مرشحاً يتنافسون على ستة مقاعد في محافظة الوسطى، و45 مرشحاً يتنافسون على ستة مقاعد في محافظة رفح.

 

وكان المجلس الثوري لحركة فتح قرر في جلسة له أوائل شهر تشرين الثاني/نوفمبر الجاري تشكيل لجنة لترشيد اختيار المرشحين برئاسة أبو مازن وعضوية عدد من أعضاء اللجنة المركزية للحركة، الأمر الذي اعتبره ممثلون للجيل الجديد بأنه انقلاب على الديمقراطية الوليدة في حركة فتح.

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع