الحديث عن "فراغٍ دستوري" بعد اختطاف الوزراء والنواب.. لماذا؟

 

 

نابلس – المركز الفلسطينيّ للإعلام (تقرير إخباريّ)

 

رفضت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، اليوم الخميس (29/6)، تصريحات عزام الأحمد رئيس كتلة "فتح" في المجلس التشريعي، بوجود "فراغ دستوري وقانوني" في أعقاب اختطاف الاحتلال الصهيونيّ لوزراء في الحكومة ونوابٍ في المجلس التشريعي من حركة حماس في الضفة الغربية.

من جهةٍ أخرى، أوضح مراقبون أنّ الرئيس محمود عباس "أبو مازن" يستطيع إقالة حكومة حماس وتنصيب حكومة جديدة، خاصّةً أنّ المجلس التشريعي في وضْعٍ مقلقل، بعد أنْ فقدت حماس ثقلها فيه، لكنّهم أشاروا إلى أنّ ما يمنع الرئيس من ذلك هو خشيته من تقوية المدّ الشعبيّ لحماس في الشارع الفلسطيني.

وكانت سلطات الاحتلال الصهيونيّ قد اختطفت 64 مسؤولاً في السلطة الفلسطينية بينهم ثمانية وزراء و21 نائباً في المجلس التشريعي ورؤساء بلديات كلّهم من حركة حماس.

والوزراء المعتقلون هم: وزير المالية عمر عبد الرازق، ووزير التخطيط سمير أبو عيشة، ووزير العمل محمد البرغوثي، ووزير الأوقاف نايف الرجوب، ووزير شؤون الأسرى والمحرّرين وصفي قبها، ووزير الدولة لشؤون القدس خالد أبو عرفة، ووزير الشؤون الاجتماعية فخري تركمان، ووزير الحكم المحلي عيسى الجعبري.

وقال الأحمد في مؤتمرٍ صحافي عُقِد اليوم في رام الله، إنّه: "يجب على الرئيس عباس التحرّك وفق صلاحياته التي ضَمِنها القانون من خلال المؤسسات وخاصّةً منظمة التحرير الفلسطينية"، مضيفاً: "نحن الآن أمام فراغٍ قانوني يجب أنْ يتصرّف الرئيس، وحتماً سيواجِه ذلك من خلال المؤسسات الفلسطينية وخاصة "م. ت. ف" وفق الصلاحيات التي يتمتّع بها دون التخلّي عن أعضاء الحكومة والتشريعي المختطفين لدى "إسرائيل"، على حدّ وصفه.

وحول موضوع الفراغ القانوني وإمكانية أنْ يكلّف الرئيس شخصيّةً جديدة لتشكيل حكومة جديدة، أوضح الأحمد أنّه وبموجب القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية، فإنّ الحكومة تُعَدّ مستقيلة في حال غياب ثلث أعضائها على الأقلّ سواءً بسبب الاستقالة أو الوفاة أو لأيّ سببٍ آخر، وعلى رئيس السلطة تكليف شخصيةٍ بتشكيل حكومة جديدة. لكنّه قال: "لا أعتقد أنّ الرئيس سيلجأ إلى استخدام صلاحياته في هذا الموضوع"، مشيراً إلى أنّ الحكومة مشلولة منذ أربعة أشهر، والآن السلطة جميعها مشلولة بما فيها الرئاسة، وأنّ تشكيل حكومة جديدة لن يغيّر في الأمر شيئاً"، على حدّ ادّعائه.

وكشف عن أنّ كتلته عقدت اجتماعاً مع ثلاث كتل في المجلس التشريعي هي "البديل" و"أبو علي مصطفى" و"الطريق الثالث"، وتمّ الاتفاق على عدم عقد أية جلسة للمجلس في ظلّ الفراغ القانوني الحالي.

من جهته قال النائب الفتحاوي جمال الطيراوي، من نابلس، في تصريحٍ له: "إنّ حركته ستدفع تجاه اتخاذ القرارات بالتوافق مع الكتل البرلمانية الأخرى، للرد على خطف قوات الاحتلال 24 نائباً."

وأضاف أنّ القرارات سوف يجري اتخاذها بالتوافق، ولن يجري التصويت عليها في الاجتماعات التي سوف يعقدها المجلس مستقبلاً، حتى يجري الإفراج عن النواب المختطفين الذين وصل عددهم إلى 36 نائباً، يقبعون في سجون الاحتلال.

وأشار إلى أنّ هذا التوجّه أصبح يتبلوَر في أوساط مختلف النواب من جميع الكتل البرلمانية، وسيجري الاتفاق على هذه الطريقة في الأيام القادمة، على حدّ تعبيره.

 

رفض قاطع..

وأثارت تصريحات الأحمد استغراب الحكومة الفلسطينيّة وعددٍ من قيادات حماس. فقد أعرب الناطق الإعلامي باسم حماس، صلاح البردويل، عن استغرابه من تصريحات الأحمد قائلاً: "لا نرى ضرورةً لمثل هذا التصريح في هذا التوقيت بالذات، لاسيما وأنّه يضرب على النغمة التي تجاوزناها". وأضاف في اتصالٍ هاتفيّ مع "المركز الفلسطيني للإعلام": "أخلاقياً لا يجوز الحديث عن جنازةٍ للحكومة وتشييع هذا الجنازة مع الاحترام للميّت، وهناك أساليب قانونيّة كثيرة جداً يمكن للحكومة ترتيب نفسها من خلالها".
وعَدّ البردويل الحديث عن الصلاحيات وعن منظمة التحرير والعودة إلى نغمة المناكفات الكلامية التي تمّ تجاوزها رأياً شخصياً للأحمد، وأرجو أنْ لا يكون انتكاسة جديدة.
وشدّد البردويل على أنّ هناك مؤسسة تشريعية قائمة مدعومة بإرادة شعبية، مضيفاً: "لا زال هناك مجلس تشريعي ولا زال هناك نواب.. ونحن لا نريد تشييع جنازة وزراء؛ لأنّ الاحتلال عندما اختطفهم وضع لهم وساماً جديداً ووضع للشعب الفلسطيني الذي اختارهم وساماً وطنياً، والدليل على ذلك المظاهرات التي تخرج استنكاراً وغضباً".

 

جهلٌ بالقوانين!

من جهته استهجنَ المحامي محمد فرج الغول، رئيس اللجنة القانونية بالمجلس التشريعي، تصريحات الأحمد، والتي تحدّث فيها عنْ أنّ الحكومة الفلسطينية تعيش فراغاً دستورياً، عادّاً ذلك دليلاً على عدم معرفة الأخير بـ"القانون الأساسي الفلسطيني".

ونقلت المركز الفلسطينيّ للإعلام عن النائب المحامي الغول قوله إنّ: "الحكومة لا تعيش فراغاً دستورياً، حيث إنّ غياب الوزراء القسريّ يُعَدّ غياباً بعذرٍ، وليست ضمن الحالات التي تؤدّي إلى استقالة الوزراء وفق القانون الأساسيّ، بل يُعَدّ هذا الغياب القسريّ للوزراء بسبب الاحتلال شرفاً وفخراً للحكومة".

وتابع المحامي الغول بقوله: "القانون الأساسيّ يحلّ مشكلة غياب وزير أو مجموعة من الوزراء طبقاً للصلاحيات المسنَدة لرئيس مجلس الوزراء، ومجلس الوزراء، الواردة في المواد (69، 70)"، مشيراً إلى أنّه سبق وأنْ عولجت مثل هذه المشكلة في الحكومة السابقة التي كان يرأسها أحمد قريع.

وأضاف أنّ قريع أسند لنفسه (على سبيل المثال) وزارة المالية بالإضافة إلى رئاسته للوزراء، وذلك عند غيابٍ عاديّ لوزير المالية بسبب الانتخابات التشريعية. وكذلك أسند حقيبة وزارة الصحة لغسان الخطيب، وذلك عند غيابٍ عادي لوزير الصحة، أيضاً بسبب الانتخابات التشريعية.

وأكمل المحامي الغول: "إنّ تصريح عزام الأحمد يدلّل على عدم المعرفة المطلقة بالقانون الأساسي، ولا يستطيع التفريق بين المصطلحات القانونية، وإنّ تصريحه هذا يشجّع الاحتلال الصهيونيّ على التصعيد ضدّ الحكومة والشعب، ويعمل على تفريق وشقّ وحدة الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي يقف الشعب الفلسطيني بجميع شرائحه صفاً واحداً في مواجهة الاحتلال للدفاع عن أرضه وكرامته".

ووصف رئيس اللجنة القانونية بالمجلس التشريعي تصريح الأحمد بأنّه "لامسؤول ولا مبرّر له". ومضى يقول: "كان الأَوْلى به أنْ يتحدّث عن تعزيز التوحّد العملي لأبناء شعبنا وجميع فصائله لمواجهة الاحتلال الذي لا يفرّق بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد، وأنْ يطالب بالإفراج عن زملائه الرهائن لدى قوات الاحتلال بالإضافة للإفراج عن باقي أسرانا البواسل".

 

لا حكومة جديدة..

من جهته استبعد الناطق باسم حركة حماس، في الضفة الغربية، فرحات أسعد، تشكيل حكومة وحدة وطنية في هذه المرحلة أو تشكيل حكومة من الأساس، مؤكّداً أنّ ما قامت به حكومة الاحتلال الصهيوني هو تقويضٌ للسلطة الفلسطينية ومحاولةٌ لإنهائها.

وأضاف فرحات: "حكومة الوحدة الوطنية ليست مطروحة الآن، ولنْ تكون مطروحةً في ظلّ إقصاء الاحتلال للوزراء ونواب المجلس التشريعي، ولا يمكن تشكيل حكومةٍ على أنقاض حكومة قام الاحتلال باعتقالها، وأنّ الشعب الفلسطيني سيواجه هذه المخطّطات بكلّ ما أوتِيَ من قوة".

 

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع