عباس يستنجد بعواصم القرار العربي لاستعادة توازن السلطة
مدير المخابرات المصرية يعمل على توحيد
قائمتي "فتح"
ـ الرجوب ودحلان يعملان على استعادة تركة عرفات من أبو مازن عبر
استئناف تحالفهما السابق
ـ حكومة ائتلافية يطرحها حواتمة لإنقاذ عباس وفرض المشاركة وتفويت
الفرصة على قائمة المستقبل
عمان ـ شاكر الجوهري:22/12/2005
تزداد الأزمة الداخلية الفلسطينية تفاقما في ضوء تواصل تناقض المصالح,
واقتراب الموعد المحدد لإجراء الإنتخابات التشريعية المقررة في الخامس
والعشرين من الشهر المقبل, إلى الحد الذي مثل فيه القرار الإسرائيلي
غير الرسمي القاضي بمنع اجراء الإنتخابات في القدس الشرقية نافذة فرج
تلقفتها السلطة الفلسطينية, وقيادات بارزة في حركة "فتح", كي توظفها من
أجل تأجيل اجراء الإنتخابات إلى أجل غير مسمى.
قبل الإعلان عن الموقف الإسرائيلي, كانت "لجان الأقاليم والأطر
التنظيمية والحركية في المحافظات الجنوبية في قطاع غزة", والعائدة
لحركة "فتح", طالبت محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية بتأجيل اجراء
الإنتخابات, وذلك في رسالة رسمية موجهة كذلك إلى "الإخوة في اللجنة
المركزية للحركة", و"الإخوة في المجلس الثوري", و"الإخوة في مكتب
التعبئة والتنظيم", جاء فيها..
نحن أعضاء لجان الأقاليم والمناطق والأطر الحركية والتنظيمية والكادر
التنظيمي في المحافظات الجنوبية (قطاع غزة), ومن منطلق الحرص, نطالبكم
بتحمل مسؤولياتكم التاريخية والتنظيمية, خاصة في هذا المنعطف التاريخي
الصعب الذي تمر به الحركة, بتأجيل الإنتخابات التشريعية المحددة بتاريخ
25/1/2006م, وذلك وفقا للمعطيات والظروف القاهرة, خاصة بعد فشلنا
الذريع في الإنتخابات المحلية, وعدم قدرتنا على عقد الإنتخابات
الداخلية للحركة, وترتيب أطرنا بالشكل الصحيح, وما تلاها من أزمات أدت
إلى تفكك وتشرذم الحركة, الأمر الذي ينذر بحدوث انهيار كامل للحركة,
وخسارتنا للإنتخابات التشريعية أمام التنظيمات الأخرى.
مطالبة بالتأجيل
ولذا, فنحن من منطلق الحرص الوطني والتنظيمي, وحفاظا على مستقبل
الحركة, نطالبكم بالوقوف أمام مسؤولياتكم والبدء في اعادة صياغة
المرحلة بما يخدم الحركة من خلال:
أولا: تأجيل الإنتخابات التشريعية وترحيلها إلى موعد لاحق, يمكننا من
البدء في ترميم الحركة وتأهيلها للفوز بالإنتخابات التشريعية.
ثانيا: نطالبكم بالبدء فورا في ترتيبات الإعداد للإنتخابات الداخلية
للحركة بمواعيد محددة فورا, ابتداء من الشعبة, وانتهاء بعقد المؤتمر
الحركي العام السادس, مرورا بانتخابات المؤسسة الحركية, وذلك لضخ دم
جديد للحركة, وحتى لا نخسر الحركة والتشريعي في آن واحد.
ثالثا: نطالبكم بتحديد لقاء مع الرئيس أبو مازن ولجان الأقاليم وممثلين
عن الأطر التنظيمية, وذلك لتدارس الأزمة التي تمر بها الحركة ووضع
الحلول المناسبة لها.
هذا وفي حال تجاهل نداءنا سنقوم بالإعلان عن موقفنا من خلال مؤتمر صحفي
وسنقوم بإخلاء مسؤوليتنا عما يحدث.
وترتب هذا الموقف, ليس فقط الإنقسام الذي عبر عن نفسه, داخل حركة "فتح"
من خلال التقدم بلائحتين متنافستين إلى اللجنة المركزية للإنتخابات,
ولكن كذلك على الحملة العنيفة غير المتوقعة التي شنتها حركة "حماس" على
عدد من مرشحي "فتح", الذين عرفوا بمناهضة "حماس" ومعاداتها.
اتهام نبيل عمرو
فقد نشر المركز الفلسطيني للإعلام, الناطق باسم حركة
المقاومة الإسلامية, صورة عن رسالة رسمية موجهة من اندور ناتسوس, مدير
وكالة التنمية الأميركية إلى نبيل عمرو, عضو المجلس التشريعي الفلسطيني
الحالي, ووزير الإعلام الأسبق, هنا نصها:
عزيزي السيد نبيل عمرو المحترم
عضو المجلس التشريعي الفلسطيني
الوكالة الأميركية للتنمية (USAD)
تشكر لكم رسالتكم المؤرخة 9/10/2005 لأجل تمويل الحملات الإنتخابية لكم
ولعدد من زملائكم, ونشكر ثقتكم في وكالة التنمية الأميركية, ونود
الإشارة إلى أن السيد عمرام متسناع, قد طالبني بنفس الفكرة لدعم السيد
زهير مناصرة, وسيقوم السيد جاكوب واليص القنصل العام, بترتيب جلسة عمل
لتدارس الوضع, والإستماع لمطالبكم واقتراحاتكم, وتضم الجلسة حضرتكم
والسادة مروان كنفاني وحكمت زيد, ولخلق حالة توافق وانسجام لدعم السلام
والإستقرار في المنطقة, ولمزيد من التطبيع بين الشعبين الفلسطيني
والإسرائيلي, فأود اعلامكم بأننا في وكالة التنمية الأميركية قد تلقينا
موافقة معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى, والذي أكد لنا بأنه يدعمكم
ماليا منذ حوالي العامين, ولسرعة التنفيذ فنحن جاهزون للتعاون ودعمكم
شريطة التمسك بموقفكم ضد حركة "حماس" ومواجهتها, والعمل الدؤوب لدعم
الأصدقاء والمحبين للسلام لفوزهم بالإنتخابات.
ونأمل بتزويدنا بـ30 رقم حساب بنكي في أحد البنوك
الإسرائيلية لسهولة التحويل والسرية في العمل بأسماء من ترغبون بدعمهم
في الإنتخابات الداخلية ليتأهلوا لانتخابات المجلس التشريعي القادم.
مع فائق الإحترام والتقدير,,,
ويثير الإستغراب في هذه الرسالة أمران:
الأول: أنها مكتوبة باللغة العربية.
الثاني: تأخر نبيل عمرو في نفي صحتها لعدة أيام, وإلى
ما بعد صدور نفي لها عن لسان جيمس بيفر المسؤول في الوكالة الأميركية
للتنمية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
نفي اميركي
بيفر نفى نفيا قاطعا تقديم وكالته أية مساعدات مالية
للمرشحين والأحزاب التي ستشارك في الإنتخابات التشريعية الفلسطينية.
وقال "إن هذه الرسالة مزورة, ولا علاقة لأي مسؤول في الوكالة بها, أو
بالنائب نبيل عمرو".
ولم يأت بيفر على ذكر الأسماء الأخرى الواردة في
الرسالة.
أما نبيل عمرو, فقال لاحقا "إن هذا الإتهام يأتي في
اطار الخصومة السياسية", معتبرا ما جرى يعكس تدهورا اخلاقيا في ممارسة
الخصومة".
ولم ينف نبيل عمرو ما سبق أن نسب إليه قوله في مؤتمر
لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى مؤخرا, حيث طالب بمساعدة اميركية
لخصوم حركة "حماس". كما أنه لم يأت على ذكر تلك الواقعة. لكنه أضاف أنه
يحترم الجميع ولا يحتاج لدعم خارجي من أجل تجديد انتخابه, لأن حركة
"فتح" هي التي تغطي نفقات حملته الإنتخابية.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد.. ذلك أن حركة "حماس"
اعتبرت في تصريح صحفي لها "هذه الوثيقة".. "دليلا جديدا على التدخل
الأميركي والغربي السافر في الشؤون الداخلية الفلسطينية, وتعبيرا عن
التحريض ضد حركة "حماس" عبر الطلب بمواجهتها". وفي ضوء ذلك, طالبت
"الهيئات الفلسطينية الرسمية (المجلس التشريعي ومجلس الوزراء) والإخوة
أعضاء اللجنة المركزية لحركة "فتح", بإجراء تحقيق في هذه القضية, التي
لا تستهدف حركة "حماس" فحسب, بل تطال حركة "فتح" من خلال اشارة الرسالة
إلى التدخل في انتخاباتها الداخلية التمهيدية".
واعتبرت "حماس".. "إن السكوت على هذه المحاولات
المكشوفة لاختراق الساحة الفلسطينية عبر المال السياسي, يعني فتح الباب
أمام اختراق شامل للساحة الفلسطينية, واثارة الفتنة وزرع جذور الشقاق
بين ابناء شعبنا الفلسطيني وقواه المجاهدة".
انقسام "فتح"
لكن السبب الأساس والأهم الذي يدفع باتجاه تأجيل موعد
اجراء الإنتخابات يكمن في الإنقسام الداخلي الذي يجتاح حركة "فتح".. إذ
تنصب الجهود الآن على محاولة اعادة توحيد قائمتي "فتح".. القائمة التي
شكلها محمود عباس, وقائمة المستقبل, في قائمة واحدة, خاصة وأن نتائج
هذا الإنقسام تجلت في الهزيمة الشنعاء التي لحقت بقوائم "فتح" في
الإنتخابات البلدية الأخيرة. وهو ما تتحدث عنه صراحة رسالة قادة "فتح"
الميدانيين في قطاع غزة الموجهة للرئيس عباس.
وتؤكد المصادر استحالة التمكن من توحيد القائمتين, في
حالة الإتفاق على ذلك, دون تأجيل موعد اجراء الإنتخابات.. ذلك أن باب
الترشح قد أغلق بحكم القانون, ولا يمكن اعادة فتحه إلا بتأجيل موعد
اجراء الإنتخابات.
ولا تقتصر الجهود المبذولة لتوحيد قائمتي "فتح" على
قادة فتحاويين, بل تتجاوزهم إلى عمر سليمان مدير المخابرات المصرية,
الذي زار عباس لهذا الغرض مساء الإربعاء, بعد أن كان جبريل الرجوب
مستشار الأمن القومي للرئيس الفلسطيني زار القاهرة من قبل, في مهمة
تبدو تحريضية على الرئيس عباس, ذلك أن الرجوب صرح لاحقا محملا عباس
مسؤولية انتاج هذه الأزمة.
المراقبون يرون أن استعادة التحالف بين الرجوب ومحمد
دحلان يعني فقط أنهما قررا استئناف العمل على وراثة ياسر عرفات, الذي
تمكن عباس من وراثته, فقط بسبب خلافهما. وهما يراهنان الآن على امكانية
استعادة تركة عرفات من خلال صناديق الإقتراع, خاصة في ضوء الغطاء الذي
يوفره لهما حليفهما القديم الجديد مروان البرغوثي.
المخطط الذي تسير عليه قائمة المستقبل الآن يهدف إلى
ضمان الفوز باسم "فتح" في انتخابات المجلس التشريعي, لتفرض بعد ذلك
فوزها في المؤتمر العام لحركة "فتح", ولتصل إلى السيطرة على اللجنة
المركزية والمجلس الثوري للحركة. فيما تبذل اللجنة المركزية الحالية
قصارى جهدها من أجل فرض قائمتها للإنتخابات التشريعية, فإن وجدت أن فرص
فوزها ضعيفة, فإن خيارها الأساس هو تأجيل الإنتخابات التشريعية
والمؤتمر الحركي العام سواء بسواء, في محاولة جديدة لترحيل الأزمات..!
الإستنجاد بالعواصم العربية
المشهد الفلسطيني يبدو أكثر خطورة بكثير مما تعكسه
الإنطباعات الأولية. ولهذا, قرر محمود عباس, وفقا لأوثق المعلومات,
الإستنجاد بعواصم القرار العربية, عبر جولة قريبة يعتزم القيام بها لكل
من دمشق, الرياض, القاهرة وعمان, وذلك بهدف محاولة استعادة التوازن
الذي تفقده سلطته.
فدمشق يمكن أن تلعب دورا في تهدئة حركة "حماس", وبقية
الفصائل العشر التي تتخذ قيادتها منها مقرا لها. والقاهرة وعمان
والرياض يمكن أن تلعب دورا في لجم الطموحات الموشكة على الإنفلات لكل
من الرجوب ودحلان.
والمدخل الذي لا يجد عباس غيره لاستعادة التوازن هو
تأجيل موعد الإنتخابات, فيما يرى المراقبون أن تأجيل الإنتخابات
التشريعية والتنظيمية لسنوات طويلة من قبل في عهد ياسر عرفات كان مدخلا
أكيدا منتجا للإحتقانات الراهنة.
لكن الفصائل الفلسطينية التي دفعت باتجاه التعجيل
بانتخاب رئيس للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قبيل دفن
جثمان ياسر عرفات, فكان أن سهلت الطريق لوصول محمود عباس لهذا الموقع,
تضغط الآن لإجراء الإنتخابات الفلسطينية في موعدها, بما يدفع باتجاه
انقسام "فتح" وتفككها. وهذا ما يتجلى في الرسالة التي وجهت لعباس من
القوائم الإثنتي عشر المرشحة للإنتخابات التشريعية, والتي أعلنها عبد
الرحمن عوض الله عضو المكتب السياسي لحزب الشعب (الشيوعي), فيما كان
يقف إلى جانبيه رباح مهنا عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية, وصالح
زيدان عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية.
ضغوطات الفصائل
جاء في هذه الرسالة:
انطلاقا من حساسية وتعقيد المرحلة التي يعيشها الشعب
الفلسطيني وللمحافظة علي استمرار العملية الديمقراطية, بما في ذلك
اجراء الإنتخابات التشريعية الثانية في موعدها المحدد في الخامس
والعشرين من كانون الثاني/يناير 2006, ومن أجل تذليل أية صعوبات أو
تعقيدات أو ضغوطات داخلية أو خارجية قد تعترض هذه العملية, فإننا نؤكد
علي:
1- التمسك الكامل بإجراء الإنتخابات في موعدها المحدد .
2- مساندتنا للقرار الرافض للتدخلات والضغوطات الخارجية في العملية
الأنتخابية.
3- التمسك بحق اهلنا في القدس المشاركة, وبحرية تامة, في هذه
الإنتخابات أسوة بباقي ابناء شعبنا. 4- ندعو إلى تشكيل لجنة تنسيقية
عليا من كافة القوى المشاركة في الإنتخابات برئاستكم من أجل معالجة أية
معوقات تعترض العملية الإنتخابية وضمان اجرائها في موعدها المحدد.
ووقعت الرسالة قوائم البديل, الشهيد أبو علي مصطفى,
الشهيد أبو العباس, الحرية والعدالة الإجتماعية, التغيير والإصلاح,
الإئتلاف الوطني للعدالة والديمقراطية (وعد), الطريق الثالث, الحرية
والإستقلال, فلسطين المستقلة, المستقبل, العدالة الفلسطينية و"فتح".
مبادرة حواتمة
هذه الأجواء مثلت فرصة مواتية كي يعلن فيها نايف
حواتمة, أمين عام الجبهة الديمقراطية, مجددا دعوته لتشكيل حكومة
ائتلافية انتقالية, سبق أن طالب بها منذ ما قبل وفاة ياسر عرفات.
فقد وضع حواتمة خمسة شروط لإجراء انتخابات ديمقراطية:
أولا:
مشاركة القدس, كما شاركت في الإنتخابات الرئاسية يناير/
كانون ثاني 2005.
ثانيا: وقف الفوضى والفلتان الأمني.
ثالثا: رفض التدخلات الأمريكية والإسرائيلية في الشأن
الداخلي الفلسطيني.
رابعا: وقف تدفق المال السياسي المحلي والإقليمي
والدولي "لمصادرة الانتخاب الحر النزيه" و"فبركة وإفساد الانتخابات
الديمقراطية التعددية النزيهة".
خامسا: تشكيل حكومة ائتلافية انتقالية لضمان انتخابات
ديمقراطية بعيدة عن التدخلات الأمنية والمسلحة، والخارجية، والمال
السياسي الإقليمي والدولي.
وأضاف حواتمه: ندعو السلطة الفلسطينية ولجنة الانتخابات
المركزية لوضع سقف مالي لانتخابات القوائم والدوائر حتى لا يتم "إفساد
الانتخاب النزيه الحر، ومصادرة ديمقراطية أصوات الناخبين كما في عديد
البلدان العربية.
|