القدومي يتوقف عن زيارة دمشق ويتعهد الإلتزام بقرارات "المركزية" تجنبا للتجميد أو الفصلـ المركزية قررت ضمه ممثلا لـ"التنفيذية" وغنيم ممثلا لـ"فتح" في لجنة الزعنون ووقف لجنة الأمناء العامين ـ عباس نجح في عزله وحلفائه السابقين داخل اللجنة المركزية انفضّوا عنه وتركوه وحيدا تحسبا من مناوراته ـ فصائل دمشق أدارت ظهرها للقدومي قبل أن يفعل هو.. كلاهما كان يناور بالآخر للوصول إلى عباس
عمان ـ شاكر الجوهري: أبلغت مصادر قيادية في حركة "فتح" الفلسطينية "الوطن", أن المجلس الثوري للحركة سيعقد اجتماعا مهما في غزة في السابع من تشرين ثاني/نوفمبر الحالي, كما أن اللجنة المركزية للحركة قد تعقد اجتماعا كاملا في القاهرة برئاسة فاروق القدومي أمين سر اللجنة, الذي وعد بالتوقف عن الإدلاء بالتصريحات الناقدة لرئيس السلطة الفلسطينية, وعن اتخاذ اجراءات وقرارات فردية, وأن يلتزم بقرارات اللجنة المركزية, ومن بينها التوقف عن الإتصال مع الفصائل الفلسطينية الأخرى دون تكليف, فيما سلم اللواء مصطفى البحيري, نائب مدير المخابرات العامة المصرية, الذي يقيم في قطاع غزة بهدف متابعة الملف الفلسطيني.. سلم الفصائل دعوة لاستئناف الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني في القاهرة أواخر الشهر الحالي, للبحث في تمديد التهدئة مع اسرائيل لمدة عام آخر. المصادر قالت إن اجتماع اللجنة المركزية لحركة "فتح" في القاهرة الذي كان مقررا انعقاده لدى عودة محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية من زيارته لواشنطن, وهو في طريقه إلى رام الله بعد العشرين من تشرين أول/اكتوبر الماضي, تأجل بانتظار دراسة النتائج التي عاد بها حكم بلعاوي النائب الثاني لأمين سر اللجنة المركزية للحركة من زيارته لتونس, حيث أبلغ القدومي هناك بما يلي: أولا: أن اللجنة المركزية للحركة لا توافق على الإتصالات التي يجريها مع قادة الفصائل في دمشق بغرض تشكيل لجنة للأمناء العامين, كما أنها لا توافق على تشكيل هذه اللجنة. ثانيا: أن عليه التوقف عن اتخاذ قرارات فردية دون علم اللجنة المركزية, وأن عليه الإلتزام بقرارات اللجنة المركزية. ثالثا: أن عليه التوقف عن اطلاق التصريحات الناقدة لمحمود عباس رئيس السلطة, النائب الأول لأمين سر اللجنة المركزية. وتؤكد المصادر أن القدومي وعد حكم بلعاوي بالإلتزام بكل ذلك, والتزام الهدوء. وتضيف المصادر أن اللجنة المركزية عقدت اجتماعا في رام الله برئاسة محمود عباس يوم الخميس الماضي, كان مخصصا لبحث نتائج زيارة بلعاوي إلى تونس, والتقرير في ضوء ذلك, ما إذا كانت ستعقد اجتماعا لها في القاهرة أم لا. وهو الإجتماع الذي كان مفترضا أن ينجز مصالحة ثانية بين القدومي وعباس, على قاعدة التزام الأول بالقرارات الحركية, بعد أن "فرطت" المصالحة التي تمت بينهما على هامش اجتماع اللجنة في عمان في تموز/يوليو الماضي. لكن التطورات المتعلقة بأزمة الحكومة الفلسطينية مع المجلس التشريعي, فرضت نفسها على جدول الأعمال, ولم تتم مناقشة نتائج زيارة بلعاوي. وعلى ذلك, لم يتخذ أي قرار بعد بعقد اللجنة في القاهرة, علما أنه كان متوقعا أن يتم عقد هذا الإجتماع في الثامن من الشهر الجاري, أو بعد ذلك بعدة أيام. وبقي أمر عقد هذا الإجتماع معلقا. ضم القدومي للجنة الزعنونوتضيف المصادر أن اللجنة المركزية اتخذت قرارا في اجتماع سابق لها يقضي بضم القدومي إلى اللجنة التي سبق تشكيلها برئاسة سليم الزعنون, ومكلفة بالتمهيد لإنعقاد لجنة تفعيل واعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية التي اتفق على تشكيلها في حوار القاهرة (آذار/مارس الماضي), وذلك بصفة القدومي عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير, وأن يضم محمد راتب غنيم إلى اللجنة ممثلا لحركة "فتح".. علما أن هذه اللجنة سبق أن شكلت من قبل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير على أن تضم إلى جانب الزعنون كلا من تيسير قبعة (نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني), الدكتور سمير غوشة (أمين عام أحد جناحي جبهة النضال الشعبي), تيسير خالد (عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية), غسان الشكعة (فتح). بلعاوي, وفقا للمصادر, أبلغ ذلك أيضا للقدومي, ولم تكشف المصادر ما إذا كان القدومي وافق على ذلك أم لا, في حين تتباين المعلومات بشأن موقف غنيم, إذ تقول بعض المصادر أنه طلب مهلة زمنية لدراسة الأمر, فيما تقول مصادر أخرى أنه اعتذر عن القبول لعدم جواز أن يمثل "فتح" بوجود أمين سر لجنتها المركزية (القدومي)..! وتؤكد هذه القرارات على كل حال أن عباس نجح في استقطاب الأغلبية الساحقة من أعضاء اللجنة المركزية إلى جانبه في خلافه مع القدومي, بمن في ذلك الأعضاء الذين كانوا حلفاء تاريخيين للقدومي مثل صخر حبش, عباس زكي, سليم الزعنون, وكذلك هاني الحسن, الذي تحالف مع القدومي بعد وفاة عرفات. سبب تحول التحالف من القدومي إلى عباس تلخصه المصادر في عاملين أولهما الأخطاء المتتالية التي ارتكبها القدومي, وثانيهما التحول إلى مركز القوة الذي يمثله رئيس السلطة.. فضلا عن وجود من يعتقد أن الظرف الحالي من الصراع مع اسرائيل لا يحتمل "الحرتقات" السياسية لفاروق القدومي, الذي أصبح معزولا داخل اللجنة المركزية لا يحظى بمناصرين, لأول مرة في حياته. وتكرر المصادر نفي أن تكون اللجنة المركزية أبلغت الفصائل الفلسطينية أن القدومي لا يمثلها, وأن "فتح" لا تلتزم بأي اتفاق يتوصل له معها. وتقول إن هذا القرار أبلغ للقدومي نفسه, الذي يتوقع أن يتوقف حاليا عن القيام بزيارة دمشق, رفعا للحرج الذي ألحقه به قرار اللجنة المركزية, خاصة وأن قادة الفصائل سألوه أكثر من مرة إن كان يمثل "فتح" في اللقاءات التي يعقدها معهم. بل إنهم سألوه في آخر زياراته بكل صراحة: من يمثل "فتح" أنت أم محمود عباس..؟ وكان يجيب على هذه الأسئلة قائلا اتفقوا معي, وسترون كيف يكون التزام "فتح". مناورات متبادلةالمصادر ترى أن القدومي يملك الآن هامشا ضيّقاً للمناورة, يبين من خلاله أن فصائل دمشق هي التي خذلته بعدم التزامها بتشكيل لجنة الأمناء العامين, لا مركزية "فتح".. ذلك أن هذه الفصائل أخّرت موافقتها على مقترح القدومي, الذي كان يدعو أساسا إلى تشكيل لجنة متابعة وطنية واسلامية عليا تشكل قيادة فلسطينية في الخارج, لقرابة العامين, وافقت الفصائل خلالهما على تشكيل لجنة تفعيل واعادة بناء منظمة التحرير برئاسة محمود عباس, ولم توافق على مقترح القدومي إلا لتوظيفه كورقة ضاغطة على عباس للإلتزام بالإتفاق الذي توصلوا إليه معه. ويومها, تم تعديل مسمى اللجنة التي اقترحها القدومي, باقتراح من الدكتور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس", لتصبح لجنة الأمناء العامين. وقد برر أبو مرزوق اقتراحه يومها بأن "حماس" ليست عضوا في منظمة التحرير, مع أنها عضو مشارك في لجنتي المتابعة الوطنية والإسلامية في غزة والضفة الغربية. ووافق القدومي على مقترح أبو مرزوق, بعد أن كان يتهمه بأنه يعمل على تفشيل مقترحاته وتحركاته.. لكن الفصائل عادت وسحبت موافقتها على تشكيل لجنة الأمناء العامين نزولا عند طلب حركة "فتح/الإنتفاضة", التي رفض القدومي انضمامها للجنة. واتخذت الفصائل العشر قرارا بذلك, بعد أن كان آخر لقاءات القدومي مع تسعة منها (بغياب "فتح/الإنتفاضة") قرر تشكيل لجنة برئاسة خالد عبد المجيد, على أن يسمي كل فصيل ممثلا عنه فيها, تتولى تعديل مشروع برنامج العمل الوطني الذي تقدم به القدومي. وحين راجع القدومي الفصائل بشأن قرارها وقف العمل بلجنة الأمناء العامين, لدى نشره في "الوطن", أكدوا له صحة الخبر. غير أن الفصائل وعدته بعد تكرار اتصالاته بها أن تقدم تصوراتها بشأن مشروع برنامج العمل الوطني لعبد المجيد خطيا, دون الحاجة لأن تسمي ممثلين لها في هذه اللجنة, لكن شيئا من هذا لم يحدث حتى الآن, إذ أن الفصائل لا تبدي اهتماما عمليا بمقترحات القدومي, لاعتقادها بأن سلطة القرار في "فتح", كما في السلطة, بيد محمود عباس, وبأن القدومي يناور بها فقط من أجل أن يمنحه عباس صلاحياته كرئيس للدائرة السياسية لمنظمة التحرير, وكأمين سر للجنة المركزية لحركة "فتح", ليسارع في هذه الحالة إلى ادارة ظهره للفصائل. ولهذا, فقد سارعت الفصائل إلى ادارة ظهرها أولا للقدومي, خاصة وأن مشروع برنامج العمل الوطني الذي قدمه لها يهدف إلى دق إسفين كبير في علاقاتها مع عباس, من خلال النص على الفصل بين رئاسة السلطة ورئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير, وتولي اللجنة التنفيذية مسؤولية مفاوضات الحل النهائي, وأن تنسب اللجنة أسماء رئيس ووزراء حكومة السلطة.. الخ.. وتتساءل المصادر الفلسطينية عن السبب الذي جعل الفصائل العشرة تشترط انضمام "فتح/الإنتفاضة" للجنة القدومي, في حين أنها لم تشترط انضمامها للجنة عباس..؟ وتجيب لأنها معنية بلجنة عباس دون لجنة القدومي. تنازلات جديدة مرتقبةالقدومي, خرج من كل هذه "المومعة", كما تقول المصادر بـ"خفّي حنين", وذلك بفضل استقطاب عباس للغالبية الساحقة من أعضاء اللجنة المركزية, وعدم ثقة أعضاء المركزية, كما قادة الفصائل بصدقيته, والتي تجلت بتحريضه للفصائل على عباس, وتقديمه هو نفسه التنازلات له, كما حدث لدى اجتماع اللجنة المركزية في عمان, حين وافق القدومي, مقابل ترؤسه لاجتماع اللجنة المركزية, على التخلي لناصر القدوة وزير الشؤون الخارجية في السلطة, عن تمثيل فلسطين في المحافل العربية والدولية, على أن تكون له صفة استشارية بشأن تعيين ومناقلة السفراء. وتؤكد المصادر أن القدومي, سيوافق في حال انعقاد اللجنة المركزية مرة أخرى برئاسته, في القاهرة هذه المرة, على قانون السلك الدبلوماسي الفلسطيني, الذي أقره المجلس التشريعي, ونقل المسؤوليات كافة عن السفارات الفلسطينية لوزارة الشؤون الخارجية. ومع ذلك, فإن تقرير انعقاد المجلس الثوري قبل انعقاد اللجنة المركزية, سيؤدي إلى تسليح عباس بورقة اضافية في مواجهة القدومي في القاهرة, ويرفع الحرج عن أعضاء اللجنة المركزية وهم يتخلون عنه, استنادا لقرارات المجلس الثوري, الذي يحظى عباس الآن أيضا بأغلبية ساحقة فيه. وهذا ما يفسر حديث القدومي, في آخر بياناته, الذي خصصه لنقد الصحافة ونشرها ما لا يريد نشره, عن حرب نفسية يتعرض لها. وتؤكد المصادر أن معنويات القدومي الآن في وضع لا يحسد عليه, كما يستنتج من بيانه نفسه. تلويح بمحاسبة القدوميوتكشف المصادر عن أن جدول أعمال المجلس الثوري يتناول عددا كبيرا من قضايا الساعة بالغة الأهمية, منها نتائج زيارة عباس لواشنطن, تقارير لجنة التحضير التي سترفع إلى المؤتمر العام (سبق أن نشرت "الوطن" الجانب السياسي من هذه التقارير), التطورات في الساحة الفلسطينية بعد الإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة, ومستقبل التسوية السياسية في ضوء ذلك, والعلاقات مع الفصائل الفلسطينية, خاصة "حماس". وتقول المصادر إن المجلس الثوري قد يبحث كذلك ما أصبح يطلق عليه البعض "تجنح القدومي", المشار إليه في المادة 111 المتعلقة بالمخالفات التنظيمية في باب العقوبات في النظام الداخلي للحركة. ويخضع المتجنح لعقوبة الفصل أو الفصل مع التشهير, وعدم التقيد بقرارات الحركة المشار إليه في ذات المادة, ويخضع مرتكب هذه المخالفة لعقوبات تتراوح بين التجميد وتخفيض المرتبة التنظيمية, علما أن المجلس الثوري هو, وفقا للمادة خمسين من النظام "أعلى سلطة في الحركة في حالة انعقاده بين دورتي المؤتمر العام", وتشمل صلاحياته (المادة 56) "فصل أو تجميد عضو أو أكثر من أعضاء اللجنة المركزية لدى ارتكابه ما يوجب ذلك, ويتم الفصل أو التجميد بأغلبية ثلثي اعضائه, شريطة ألا يزيد عدد المفصولين عن الثلث". وسبق للجنة المركزية أن أصدرت بيانا في وقت سابق نفت فيه بشكل غير مباشر أن يكون القدومي رئيسا لحركة "فتح", أو رئيسا للجنة المركزية, وأكدت أن اللجنة المركزية مجتمعة هي صاحبة القرار, ولا يحق لأحد اعضائها الإنفراد باتخاذ القرارات, وذلك عملا بنص المادة 63/د من النظام الداخلي, التي تؤكد "جميع أعضاء اللجنة المركزية متساوون في الحقوق والواجبات والمسؤوليات".. والمادة 67 التي تقول "اللجنة المركزية مسؤولة مسؤولية جماعية عن كل أنشطة الحركة". وتنص المادة 63/هـ من النظام على "القائد العام يترأس اجتماعات اللجنة المركزية ويدير جلساتها وفقا لأحكام اللائحة الداخلية", علما أن النظام لا يحدد كيفية, والجهة التي تنتخب أو تختار القائد العام, أو صلاحياته, في حين أن المادة 64 من النظام تقول "تنتخب اللجنة المركزية من بين اعضائها أمينا للسر ونائبين له", وأيضا دون تحديد أية صلاحيات لهم. غير أن مصادر "الوطن" وثيقة الإطلاع تبدي اعتقادها في أن حراجة الظروف الفلسطينية, فضلا عن تعهد القدومي بالإلتزام بقرارات اللجنة المركزية, قد تعملان على اعطائه فرصة أخرى قبل الإنتقال من التنبيه إلى اتخاذ اجراءات عقابية بحقه. وتقول المصادر إن اللجنة المركزية ستناقش ذات البنود المدرجة على جدول أعمال المجلس الثوري. حوار القاهرة مرة أخرىعلى صعيد متصل, تؤكد المصادر أن اللواء مصطفى البحيري, نائب مدير المخابرات العامة المصرية, الذي يقيم في غزة منذ عدة أشهر بهدف الإشراف المباشر على الملف الفلسطيني والعمل على احتواء أية تطورات تضر بمسار العملية السياسية, وجه دعوات للفصائل الفلسطينية لزيارة القاهرة أواخر الشهر الجاري, لاستئناف الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني, على قاعدة تمديد العمل باتفاق التهدئة خلال عام 2006. وتقول المصادر إن الظروف الراهنة متمثلة باستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية, من خلال الإقتحامات والإغتيالات والإعتقالات, ومواصلة بناء المستوطنات وجدار الضم والنهب, من شأنها أن تحول دون موافقة سريعة من بعض الفصائل على الذهاب للقاهرة, أو اقرار تمديد التهدئة, خاصة وأنه ليس اسرائيل وحدها التي لم تلتزم باتفاق التهدئة, الذي تضمنه اعلان القاهرة, لكن السلطة الفلسطينية لم تلتزم هي الأخرى, إذ أن محمود عباس يماطل في دعوة لجنة تفعيل واعادة بناء منظمة التحرير للإنعقاد, كما أنه لم يلتزم بإجراء الإنتخابات المحلية (البلدية) والتشريعية في المواعيد المتفق عليها. غير أن المصادر تبدي اعتقادها في أن الضغوط المصرية, متواءمة مع الحسابات الفلسطينية, ستؤدي في نهاية المطاف, وبعد مخاض عسير وطويل, إلى تمديد التهدئة.
|