مواطنون فلسطينيون من فئة "البدون " في غزة



وفق آخر الإحصائيات الرسمية الفلسطينية فإن ما يزيد عن 50ألف فلسطيني من العائدين لم يحصلوا على بطاقة هوية فلسطينية تتطلب موافقة إسرائيلية مسبقة ، وهذا يعني حرمان هذه الفئة من حقهم بالحصول على جواز سفر فلسطيني الذي لا تمنحه السلطة الفلسطينية إلا بموافقة إسرائيلية مسبقة.

وتعيش هذه الفئة من المجتمع الفلسطيني حالة من العزلة والقهر والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية بسبب سياسة وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية حيث فرضت الوزارة سياسة مزاجية في حصول أي مواطن فلسطيني على بطاقة الهوية "الإسرائيلية" ولم تخضع سياسة الوزارة للأولويات والحالات الإنسانية ، وإنما لاعتبارات عديدة تبدأ بإذلال المواطن الفلسطيني على عتبات الوزارة وانتهاء بالمحسوبية والواسطة وما إلى ذلك.

ورغم ذلك فأن الجانب الأخر لمعاناة هذه الفئة والتي اصطلح على تسميتها بفئة "البدون هوية" ، وهي أن المؤسسات الفلسطينية تتعامل مع هؤلاء المواطنين بكونهم " غير فلسطينيين" أي غرباء، فقد أصدرت مؤسسات فلسطينية عديدة قرارات عنصرية جائرة بحق هذه الفئة بحيث تحظر على أي من هذه الفئة "البدون هوية" الحصول على قروض أو تسهيلات بنكية أو تركيب خط هاتف منزلي إلا بكفالة مواطن فلسطيني يحمل هوية إسرائيلية ولم تعاملهم حتى معاملة الرعايا الأجانب !!!‍‍‍‍‍‍.

أي تمارس على هذه الفئة ممارسات عنصرية تفوق الخيال ، وحتى المرضى من هذه الفئة والتي تحتاج العلاج بالخارج، تحرمهم وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية من حق التنقل للعلاج، حتى لو كان مصيرهم الموت، والحالات كثيرة ومؤلمة والمضحك المبكي في مأساة فئة "البدون هوية" أن رد مسئولي وزارة الشؤون المدنية على مشكلتهم "من غير أصحاب النفوذ والواسطة " دائما بأنه لا يوجد اتصالات بيننا وبين إسرائيل وهذا الرد السخيف منذ نحو تسع سنوات وحتى الآن.

ويقول المواطن الفلسطيني فاروق ربحي 53عاما: "نزحت إلى ليبيا منذ أواخر الستينات واستقر بي الحال في مصر حيث بقيت هناك مدة 28عام كفلسطيني لاجئ انتظر فيه يوم العودة إلى وطني وأهلي وتحت حكم سلطة فلسطينية تمثلني و تعترف بي كمواطن".

ويضيف ربحي:"منذ إقامة سلطة للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة شعرت وكأن حلمي يتحقق وأصبحت أستعد لمغادرة القاهرة والتوجه إلى غزة مسقط رأسي وأنا على يقين من حياة أفضل وأجمل في بلدي بعد أن تركت عملي وما يخصني في مصر طول سنوات الغربة".

وحول فشله في استخراج بطاقة هوية :"لم يكن بإمكاني وقتها العودة إلى وطني سوى في تصريح زيارة ليقبل الطرف الإسرائيلي بدخولي وعلمت أن عشرات الآلاف قبل المئات من المغتربين الفلسطينيين أمثالي يدخلون بهذه الطريقة وبالفعل أتممت أوراق تصريح الزيارة وتوجهت أنا وعائلتي إلى غزة وإلى وطني بعد الغياب الطويل ولم أكن أعلم أن تصريح الزيارة سيمنعني من حرية التنقل فقد تقدمت بعد فترة قصيرة بطلب الحصول على هويةعندما بدأت السلطة تخرج بطاقات الهوية الفلسطينية ولم أتمكن من الحصول على بطاقة الهوية وقد كانت صدمة كبيرة لي لأني فلسطيني وأعجز عن إثبات نفسي كمواطن فلسطيني".

ويضيف ربحي:"سرعان ما استسلمت لواقعي بعد فشل كل المساعي في استخراج البطاقة وبدأت بتقبل الواقع الصعب علي وعلى أسرتي حيث بدأت مشاكلي تزداد فأصبحت في سجن كبير لا يسمح لي بمغادرة مدينة غزة ومحروم من عدة خدمات تمنح بسهولة لغيري من حملة البطاقات كالحصول على قرض من بنك أو ما شابه".

وحول أمله في إنهاء معاناته يقول ربحي"أتمنى أن تحل كافة القضايا الفلسطينية وقضية أمثالي وان تدرجها الحكومة الفلسطينية على جدول المفاوضات حتى ينتهي الواقع الصعب الذي نعيشه ونشعر بأننا فعلا في بلادنا وأننا لسنا غرباء".

وكحالة مشابهة يؤكد رامي زياد أنه لو كان يعلم بهذه الحال الذي هو فيه بدون حتى بطاقة هوية لما عاد إلى أراضي السلطة الفلسطينية يقول زياد 25عام :"كنت مع أبي وعائلتي في السعودية حيث عاش أبي هناك طيلة فترة حياتي ومنذ مولدي تقريبا نعاني من الغربة ولو أننا في بلد عربي لكن البعد عن الأهل وفراق الأرض صعب وقاسي وكنا ننتظر السماح لنا بالعودة حتى أتيحت الفرصة بعودة السلطة الفلسطينية وتحول الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى حكم ذاتي".

ويضيف زياد:"فور عودتنا حاول أبي استخراج بطاقة لكنه صدم برفض طلبه بسبب تصريح الزيارة وبعض الأمنيات التي حالت دون استخراج بطاقته التي هي من حقنا الطبيعي وحاولت أنا بعدها لاحصل على ذات الإجابة بالرفض".

وحول معاناته بدون بطاقة الهوية يقول زياد:" معاناتنا كبيرة ومستمرة فنحن من المستحيل أن نصل إلى رفح أو خانيونس داخل قطاع غزة فكيف يمكن أن ننتقل إلى بلد آخر أو حتى إلى محافظة أخرى داخل فلسطين .

وأذكر أن أمي مرضت وكان يجب نقلها إلى إحدى البلاد العربية أو حتى إلى مستشفى في إسرائيل لإنقاذها وإجراء ما يلزم لها لكن بطاقة الهوية حالت دون ذلك وتدخلت العناية الإلهية فقط لتنقذها بعد أن كان وضعها حرج جدا .

من جهته يؤكد موسى فروانة أن" بقاء حال الفلسطينيين الغير حاصلين على بطاقات الهوية هو عنصرية كبيرة تمارس بحقهم خاصة أن بعض مؤسسات السلطة تعقد أمورهم وتغلق الأبواب بوجههم بسبب الهوية".

ويقول فروانة 41عاما "على السلطة الفلسطينية أن تجد لنا الحلول والحلول العاجلة لإنهاء معاناتنا فأنا مواطن فلسطيني أسعى لاستخراج بطاقة الهوية التي هي حقي منذ خمس سنوات دون جدوى ولا أعلم ماذا فعلت لكي أعاني هكذا فإن لم يكن يسمح لي دخول وطني بغير تصريح زيارة فماذا أفعل كي أرجع إلى أرضي وأهلي ".
 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع