بلاغ الى النائب العام
بقلم:عدلي صادق
علمنا أن هناك سبع ملفات،
أحالها المجلس التشريعي الفلسطيني، الى النائب العام، للتحقيق ولأخذ
الإجراءات
القانونية، وهي من ملفات رأي عام فاقعة، كتوريد الإسمنت للجدار
العنصري، وقضايا
اختلاس وغش ونصب، ودقيق فاسد، وخلافه. بالتالي أصبحت الكرة، في ملعب
النائب العام،
بخصوص سبع قضايا من العيار الثقيل، وإن لم يأخذ فيها أخي حسين أبو
عاصي، الإجراءات
الشافية القاطعة، فإنه سيقع في ورطة كبرى، بدلاً من أن يدخل التاريخ من
بوابة
كبيرة، كأول نائب عام فلسطيني، يشهد نقطة إنطلاق إعجازية، في لحظة
عسيرة، لعملية
مساءلة نادرة، تفتح المجال لعهد قضائي محترم!
فلا
بأس من تذكير أخي النائب
العام، بأن أي تلكؤ، أو تراخٍ ـ لا سمح الله ـ في تناول القضايا
المحالة اليه،
سيجعله يتحمل المسؤولية وحده، ولن ينفعه أحد، ولن تسعفه أية إيحاءات أو
حسابات،
تكون قد أدت الى التلكؤ، والى التراخي والتمييع. ولا بأس من تذكير أخي
حسين أبو
عاصي، الذي تربطني به ـ بالمناسبة ـ صلة عائلية، وأعرفه منذ أن كنت
طفلاً، أن أي
فاسد، بصرف النظر عن فخامة عباراته وهو يتحدث عن نفسه أو يتحدث عنه
المنافقون، ليس
شخصاً يصح أن نحسب له أي حساب، فهو مأزوم وفاقد الثقة في مصيره وفي
كينونته، لأن
الأعمال التي يقترفها ذوو النفوس الصغيرة، لا يمكن أن تجعل مقترفيها
كباراً. وحتى
وإن
تصرفوا ككبار، فإن الآخرين السذج، هم الذين يمنحونهم هذه الفرصة، ونحن
نطمح أن
لا
يكون القضاء الفلسطيني ساذجاً أو مطواعاً للإيحاءات، أو سهل الإنجرار
الى حسابات
صغيرة. فلا يصح أن يسمح أي قضاء، لنفسه، بأن يقيس على غير قاعدة
العدالة، وعلى غير
موجبات صون مصالح المجتمع، وشعبنا صاحب حق كبير كبير، في أعظم قضاء في
المنطقة، وفي
حال
ضياع هذا الحق، سينتزع حقه في أن يكون له قضاؤه المحترم، الذي يليق
بنضالاته
وتضحياته!
* * *
بخلاف الأهمية الاجتماعية والإدارية، للبت في
الملفات المحالة الى النيابة العامة؛ باتت هناك أهمية سياسية كبيرة،
لأن المتربصين
بالكيانية الفلسطينية، يعودون اليوم، الى نكش الغث والسمين، مما قلناه
عن أنفسنا،
ومما تراشقنا به، قبل عشر سنوات أو أقل، لإقناع الناس بفكرة ملخصة في
جملة قصيرة،
تشطب مشواراً طويلاً من كفاح الحركة الوطنية الفلسطينية: لا جدوى من
الحديث عن
إصلاح السلطة، وها هو البرهان أمامكم، من خلال تمسكها بعدم محاسبة أحد
ممن اقترفوا
الآثام!
المتربصون بنا سياسياً، يريدون أن تُعاد صياغة العملية السياسية،
بحيث لا نكون أسياد أنفسنا، وبحيث نلتحق بالآخرين، أو نقبل بالتحول الى
المختبر
الإقليمي، لحين إيجاد صيغة لحياتنا السياسية، طالما أن كيانيتنا
فاسدة!
والمتربصون بنا، يدفعون في هذا الاتجاه، ويخططون لأن نصل الى وضعية
الاستعصاء المطلق على الإصلاح، ونظن أن عناصر انزرعت بيننا، تساعد على
ذلك، ونظن أن
المتربصين بنا، يستخدمون أرزقيين من الصغار، لكي يقولوا في كل يوم، أي
شيء، وبعض
هؤلاء من التافهين، الذين ربما لا يعلمون المغزى أو الفلسفة مما
يتحدثون عنه،
ويظنون أنفسهم يقاتلون من خندق الطهارة ضد النجاسة. لذا فإن السياق
الطبيعي لأن
تحافظ الكيانية الفلسطينية على نفسها، وعلى حقنا في أن نكون سادة
أنفسنا، هي تكريس
القانون الذي تنحني له كل الهامات، بحيث لا يكون أحد فوق المساءلة،
وفوق الزج به في
السجن بموجب القانون، وفوق إصدار مذكرة توقيف بحقه، لرفع الغطاء
السياسي والاجتماعي
عنه!
* * *
في
هذا السياق، سيكون التصرف المهني المحترم، بالملفات،
دون
أن يخشى النائب العام لومة لائم، هو أحد أدوات المقاومة النوعية، في
هذا الخضم
الصعب. والمسألة هنا، ليست رهناً للمزاج، أو لكرم النائب العام أو
المجلس التشريعي
أو
أي إنسان. فالقضايا المحالة، غير قابلة للتمييع، لأن من أبسط مطالبنا
وأكثرها
بداهةً، هو أن يُحاسب الذين استهتروا بمشاعر شعبنا، وقاموا بتوريد
الإسمنت للجدار
العنصري مثلاً. فالفجوة واسعة بين المطلوب بشأن الفاسدين مقترفي
الخطايا (وهو الحكم
القضائي الذي يستحقون) ووضعهم الراهن كوزراء ومسؤولين ومتبجحين.
فالإنفجار يمكن أن
يحدث بسبب هذه الفجوة الواسعة بين المطلوب والقائم الآن، لذا فإن
إجراءات النائب
العام، مع تدابير أخرى، شرطية وأمنية وسياسية، هي التي من شأنها خلق
الإنطباع لدى
الناس، بأن هناك بداية للمساءلة ولتصويب الأمور.
ليفعل النائب العام، ما
يتوجب عليه أن يفعله، وفي حال تعثر الإجراءات سنعرف أين تكمن المشكلة،
وسننصح في
اتجاه آخر. ولا حاجة لاستباق الأمور الآن، لكننا نكتفي ببلاغ قصير الى
النائب
العام: علمنا أن ملفات سبع قضايا قد وصلتكم، نحن في انتظار إجراءاتكم،
وحبذا لو
أعلمتم الرأي العام عن الخطوات أولاً بأول!
adlisadeq@yahoo.com
|