أين فتح لاند يا بني سهيلا، ويا بيت حانون؟
د. فايز صلاح أبو شمالة
اللهم لا شماتة، ولا تقليب مواجع، ولا محاسبة للفاشلين، ولا تهنئة
للفائزين، وإنما وضع سكين المنطق على حقيقة التضليل الذي مارسه بعض
المتكسبين بحق شعبنا عشرات السنين، وعمموا مقولات، ونشروا دعايات،
ووزعوا اتهامات، وصدقوا كل ذلك، بل وطالبوا أبناء شعبنا تصديق ما
كذبوه.
من هذه المقولات على سبيل المثال: أن بني سهيلا (فتح لاند)، على غرار
الجنوب اللبناني قبل سنة 1982، وأن نشطاء الحركة قد حصنوا البلدة ضد أي
اختراق تنظمي خارج إطار فتح، بل وراح من أطلقوا هذه المقولة يأكلون
العسل من تنظيم فتح، وينامون على حرير الرئيس الراحل الذي فارق الحياة،
وكل حساباته أن الشرقية معقله الحصين، والمكان الأكثر ضماناً له في
فلسطين، فجاءت انتخابات المجالس البلدية، والنتائج الحاسمة لصالح حماس
بمثابة المفاجأة لتنظيم حماس نفسه، والصدمة لتنظيم فتح، لقد خرجت
الأرقام عن التوقعات في أسوأ الأحوال، وأحسن الأحوال.
أما المقولة الثانية التي شكلت ضربة قاضية لكل من راهن على انهيار
معنويات الشعب الفلسطيني، وتكسر أجنحة المقاومة لديه، فكانت في بيت
حانون، التي خدع بعض المسئولين فيها قيادة تنظيم فتح، وأوحوا بأنهم
يحكمون سيطرتهم على البلدة، وأن التشكيلة العائلية في بيت حانون ترتكز
على بعض الأسماء التي تتكرر في كل مناسبة، وكأن بلدة بيت حانون عاقر عن
ميلاد الأبطال الشرفاء النجباء الأوفياء، لقد نست تلك الشخصيات
السياسية المحسوبة على تنظيم فتح أنها باتت في موضع تشكك وسط أهلها،
وأن سيرتهم التي تزكم أنوف الناس لا يطهرها إعصار تسونامي، هؤلاء هم
الذين عمموا مقولة أن الجماهير في بيت حانون خرجت لتقاتل مطلقي قذائف
القسام، وأن شعبنا في بيت حانون الذي تجرفت أراضيه الزراعية، وتهدمت
بيوته، ومزق الرصاص جسد أبنائه، وتضررت مصالحه، بأنه يرفض المقاومة،
ويلهث لرفع راية التسليم، والخضوع المهين لشروط الدبابة الإسرائيلية.
لقد جاءت نتائج انتخابات المجالس البلدية معززة للثقة بالشعب، برجاله،
بشرفائه، معززة للثقة بالخير الذي تصنعه الكرامة، وبالإنسانية التي
تستند على المحبة والعطاء، وجاءت مخيبة لآمال الكثير الذين أهانوا
بالتجربة والممارسة هذا الشعب، فسخطهم الشعب عند الاختبار الأول، إن
الانتخابات فاتحة عهد جديد من الصدق مع النفس، ومحاسبة من ظن فلسطين
مزرعة خاصة، وضيعة يرثها خلف عن سلف.
وما زالت صهوة الانتخابات القادمة تنتظر فارسها البطل. |