العوانس ولصوص التشريعي القادم!!!!

 

د. طلال الشريف

عضو اللجنة التنسيقية في "المبادرة الوطنية الفلسطينية"

 

تتميز عوانس الزواج بميزة الاستبداد بعد الزواج, وتشبه بذلك إلي حد كبير استبداد عوانس السياسة.


وعوانس
السياسة, هم أولئك السياسيين الذين لم يظفروا بمقعد سلطوي أو تشريعي, وأمضوا مدة خارج الحكم أو المؤسسة, إما بادعاء المعارضة, أو نتيجة لفشلهم في المشاركة في لحظات الزواج السياسي عبر الانتخابات, أو الكوتة والتزييف.

وظاهرة الاستبداد التي
تتميز بها العوانس لا تعكس الواقع الحقيقي المطلوب بعد الزواج في سن متأخرة من عطف وحرص علي الزوج التي ظفرت به بعد طول انتظار, وبدل أن تترفق بزوجها وتحرص علي المودة, وبناء البيت , فإنها علي ما يبدو تبدأ بالانتقام من المجتمع الذي قمعها طويلاً في شخص هذا الزوج الذي يكون إما متزوج من أخري, أو أن لديه أطفال من زوجة سابقة.

وكذلك الحال في عوانس السياسة الذين إذا ما وصلوا إلي الموقع بعد
طول عناء, فسوف يكونون أكثر استبداداً بالناس لأن السياسيين عندما يجلسون علي دكة الاحتياط مطولا فإنهم يتحولون من ثوريين إلي ثأريين.

هذه الظواهر في
المجتمعات الشرقية منتشرة في كل المجالات وهي حالة نفسية معقدة, تكتسب تعقيداتها بحكم الثقافة المحافظة التي تمجد السلطة, والموقع, والأبوة, والمدير, والرئيس, والمسئول, والكابتن, والمختار, والزعيم, وقوي العضلات.

وهذه المجتمعات
المحافظة أكثر ولعاً بالرقم واحد أكثر من أي رقم آخر, خاصة إذا كان التسلسل أو القائمة, أو الطابور طويلاً وكان عدد المتوفر من المواقع, أو المقاعد, أو الوظائف, أو حتى الكوبونات قليلاً.

أما لصوص السياسة وهم كثر, فهم أولئك الجالسون
علي الطريق في انتظار القافلة حتى يهاجموها للظفر بالمغانم دون عناء, أو عرق, أو مشاركة في بنائها, ولا يتقنون إلا عمل الكمائن للمسافرين (التعبانين والشقيانين, والذين عادوا مع القافلة يحملون عرق جباههم في صورة إنجازات جميلة) ثم الإغارة عليهم لينهشوهم كالكلاب الضارية.

وأخطر ما هو قادم لتشريعنا, هم أولئك
العوانس من السياسيين, ولصوص الكمائن للقوافل

واستبداد العوانس من
السياسيين ليس مهنة, بل هو مزاجاً نفسياً معكراً أما اللصوصية السياسية والكمائن, والإغارة فهي ليست مزاجية عابرة لإطعام فم جائع, أو إشباعا نفسياً,  بل هي مهنة واحتراف, أتقنوها بالتجربة حين ألقوا بأنفسهم في معارك السرقة المبنية علي الشفافية المزورة والرواتب المتضخمة التي اعتبروها معارك وطنية, وهي في الأصل ثمناً يدفع للأرض والدم والدمار ليعود حسابات شخصية وفلل, وسيارات لهم ولعائلاتهم ومعشوقاتهم, وكأنهم يتصرفون في ورثة آبائهم من المزارع, والأطيان, أو مصانع أهلهم التي كانت ترزح بالماكينات الضخمة الإنتاج.
أعرف قافلة قد بذل أصحابها العرق الغزير
, وتضخمت بواسيرهم, ودفعوا من الاستحقاقات أكبر من حمولة هذه القافلة, وتركوا الأهل والولد, وعملوا ليل نهار لتعود هذه القافلة محملة بالضمائر الحية, والقيم النبيلة, والبخور الهندي لإبطال روائح اللصوص النتنة التي ملأت المكان من تجارتهم المغمسة بالدم والأعراض التي اقترفها هؤلاء الذين لا يتقنون إلا كل شيء سيئ, ولو بحثت في تاريخهم فلن تجد إلا الصفاقة والكأس والنساء وتمرير المشاريع الهدامة لأن المشاريع البناءة لا تمر حسب المصدر الملعون.

وقد كمن كل اللصوص لهذه القافلة
الجميلة المتصاعدة, وحيث لا يستطيعون عمل الكمائن للقوافل المتغطرسة لأنهم لا يجرؤون الإغارة علي المتغطرسين, وهم لا يستطيعون تدمير إلا كل شيء جميل وطيب في هذا الوطن.

ماذا يريدون فلديهم الأموال والمناصب, وكل ما طاب من الهوى التي
اغتنموها في زمن السهو الذي أوردهم ما لا يستحقون, لكنهم لا يشبعون ولا يهجعون إلا إذا خربوا ودمروا كل غصن أخضر ينمو علي هذه الأرض.

هؤلاء اللصوص تصوروا هذه
المرة, أنها مثل كل المرات السابقة, فجالوا وصالوا غير مدركين حقيقة التغيير تجاه أفعالهم, وحتى لو حملوا كل أدوات التمويه والتخدير للقافلة فان زمن الفهلوة قد ولي, فالذين لا يسكرون, ولا يعرفون النساء, ولديهم قيمهم الكبيرة لا يتراجعون عن قناعتهم لأن الجميع يعرف الجميع, ولن يمر الفاسدون من حاجز التشريعي القادم مهما لبسوا من عباءات القديسين فالتاريخ لن يزور هذه المرة والشعب لهم بالمرصاد
.

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع