امن فلسطيني فاسد ومخترق

2005/06/09

 

عندما يؤكد اللواء نصر يوسف وزير الداخلية الفلسطيني ان اجهزة الامن الفلسطينية تضم عصابات وبلطجية، وتتعامل بشكل غير شرعي مع اجهزة استخبارات اجنبية، فان هذه التأكيدات، الاكثر صراحة ووضوحا وشفافية يجب ان تكون مقدمة لسلسلة خطوات عملية تصحح هذا الخلل الخطير.
نحن هنا لا نعمم، وكنا نتمني لو ان اللواء نصر سمي الاسماء، واعطي تفصيلات اكبر، ولكن من الواضح ان الفساد استشري بطريقة مرعبة، وبات اقوي من السلطة نفسها، ومن المصلحين فيها.
السلطة هي الامن، او يعتبر الامن بالاحري عمودها الفقري، فاذا كان هذا الامن فاسدا مخترقا، وقادته يعملون لصالح جهات اجنبية مقابل حفنة من الدولارات، فان هذه السلطة فاسدة ولا تستحق ان تكون مسؤولة عن ادارة شؤون الفلسطينيين والحديث باسمهم.
اللواء نصر لم يقل لنا من هي الاستخبارات الاجنبية التي تتعاون معها بعض القيادات في الامن الفلسطيني، وما نخشاه ان تكون الاستخبارات الاسرائيلية هي احداها، او ابرزها، لان المصالح الشخصية لدي الكثيرين في السلطة واجهزتها الامنية باتت تتقدم علي مصالح الوطن والشعب الفلسطيني.
فاذا صح تعامل بعض قادة الاجهزة من الصفين الاول والثاني مع نظرائهم الاسرائيليين، وعدم تقديم هؤلاء الي المحاكمة، فان مطاردة المتعاونين الصغار تصبح نكتة سخيفة.
فالفلتان الامني علي سوئه، يظل هما بسيطا بالمقارنة مع الفلتان الاخلاقي الموجود داخل الاجهزة الامنية، فأي اجهزة هذه التي من المفترض ان تسهر علي امن الوطن والمواطن، وتبيع نفسها، او يبيع بعض ابنائها وقادتها انفسهم لمخابرات دول اجنبية؟
ان هذه الاجهزة الامنية المخترقة والفاسدة توجه اخطر ضربة الي قضية الشعب الفلسطيني العادلة، مثلما تشكل اكبر اساءة الي قوافل شهدائه، وآلاف الاسري المناضلين الذين ضحوا بحريتهم من اجل الوطن وكرامته وعزته.
لا بد من لجنة تحقيق نزيهة من كبار المناضلين الشرفاء للوصول الي الحقيقة، ومحاكمة كل المتورطين في اعمال البلطجة والفساد والتعاون مع المخابرات الاجنبية، وبيع اسرار الوطن.
فمن المؤكد ان هؤلاء الذين كانوا يتعاملون مع المخابرات الاجنبية حسب ما جاء في شهادة اللواء يوسف امام المجلس التشريعي كانوا يتجسسون علي حركات المقاومة الفلسطينية، وحماس والجهاد الاسلامي علي وجه الخصوص، ويبيعون اسرارها الي هذه المخابرات التي تقدمها بدورها الي نظيرتها الاسرائيلية، وهذا ما يفسر نجاح الكثير من عمليات الاغتيال التي نفذتها المخابرات الاسرائيلية ضد اعضاء في قيادتي حماس و الجهاد الاسلامي ، علاوة علي الشهيد ابو علي مصطفي امين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
ولا نستغرب، ولن نفاجأ، اذا ما كان الرئيس عرفات نفسه أحد ضحايا بعض الالوية الفاسدين المخترقين في الاجهزة الامنية، أو ربما من واحد من اكثر المقربين اليه من حراسه. فالرئيس عرفات مات مسموماً، ولم يتم حتي هذه اللحظة كشف نوعية السموم التي قتلته او اليد التي دستها له.
عندما يفسد الامن ويتحول الي بلطجة ويعمل بعض قادته لمصلحة المخابرات الاجنبية فان الاصلاح يبدو نوعا من مضيعة الوقت، ولذلك فان لا بديل عن حل هذه السلطة ومؤسساتها لان ما قام علي باطل هو باطل.

 

 

القدس العربي 10-06-2005

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع