المواجهة آتية والشعب سيعاود انتخاب حماس حتى لو جوعته


حسن الخريشا نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني لـ"الشرق
 

 1/5/2006


ـ عباس لم يتخذ أي اجراء بشأن عليّة القوم.. ملفا بنك فلسطين وصندوق الإستثمار اسقطا من قضايا الفساد
ـ فتوح لم يمارس فسادا.. أبو مازن هو المسؤول عن استئجار الفيلا وشراء سيارة مصفحة له
ـ لا أبرىء قريع ولا اتهمه.. لا ملف لقضية الخلطات الإسمنتية لمستوطنة جبل أبو غنيم
ـ النائب العام الجديد قرر اعادة فتح ملف الإسمنت المصري الذي سربوه للجدار الإسرائيلي بعد اغلاقه
ـ مساءلة عبد ربه أفضل من التباكي على الذين قزّموا منظمة التحرير وقتلوها ويتباكون عليها
ـ يفترض تحويل عشرات آلاف الدولارات من فصائل لا تمثل شيئا لصالح فقراء الشعب الفلسطيني

حاوره في عمان: شاكر الجوهري
المواجهة آتية بين محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية, وحكومتها برئاسة اسماعيل هنية.
هذا ما يؤكده الدكتور حسن الخريشا النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني, الذي يؤكد أن الفلسطينيين سيعاودون انتخاب "حماس" حتى لو جوّعتهم, وأنهم يرفضون مواجهة عباس لحكومة "حماس" من داخل الخندق الأميركي ـ الإسرائيلي.
ويقرر الخريشا الذي شغل رئيس لجنة الرقابة في المجلس التشريعي السابق أن عباس لم يتخذ أي اجراء بحق عليّة القوم من الذين مارسوا الفساد, واكتفى بإحالة بعض صغار الموظفين للنائب العام. ولذلك, فقد تم اسقاط ملفي بنك فلسطين الدولي وصندوق الإستثمار الفلسطيني من بين قضايا الفساد.
ويشير الخريشا الى أن النائب العام الجديد قرر اعادة فتح ملف قضية تسريب الإسمنت المصري الى جدار العزل الإسرائيلي, بعد أن كان النائب العام السابق قرر اغلاقه, معتبرا أن التجارة بين الفلسطينيين والإسرائيليين غير ممنوعة, مسقطا البعد الوطني للقضية..!
اللافت أن الخريشا في هذا الحوار ينفي عن روحي فتوح الرئيس السابق للمجلس التشريعي تهمة الفساد, في حين أنه لا يبرىء ولا يتهم أحمد قريع في قضية الخلطات الإسمنتية الجاهزة, التي باعها مصنع القدس في أبو ديس لصالح مستوطنة جبل أبو غنيم.
تبرئته لفتوح بنيت على أن عباس هو المسؤول عن استئجار فيلا له لمدة سنتين مقابل ايجار قيمته 40 ألف دولار سنويا, لأنه شغل رئاسة السلطة مؤقتا لمدة شهرين, كما أن عباس هو المسؤول عن شراء سيارة مصفحة له بقيمة ربع مليون دولار, وعن كون الفيلا والسيارة لا تزالان في حيازته.
أما عدم تبرئته أو اتهام قريع فلأن ملفا لم يعد بشأن الإتهام الموجه له..!
ويرى الخريشا أن مساءلة ياسر عبد ربه عن توقيعه اتفاق جنيف الذي يتنازل عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة أفضل من التباكي على الذين قزّموا وقتلوا منظمة التحرير الفلسطينية ثم بدأوا بالتباكي عليها, بهدف الإلتفاف على نتائج تصويت الفلسطينيين في الإنتخابات.
ويطالب الخريشا بوقف مخصصات الفصائل التي لم تنجح بالحصول على مقعد واحد في المجلس التشريعي, واحالة هذه الأموال الى الفلسطينيين الفقراء.
ويتقاضى كل فصيل فلسطيني مبلغ 25 ألف دولار شهريا من موازنة رئيس السلطة.
بدأنا الحوار بالسؤال:
• دعنا نبدأ من العملية الأخيرة التي نفذتها حركة الجهاد الإسلامي في تل أبيب مؤخرا, كيف تنظرون إليها في ضوء الوضع الفلسطيني الراهن..؟
ـ العدوان الإسرائيلي الواسع والمتصاعد على الشعب الفلسطيني منذ ما بعد الإنتخابات التشريعية الفلسطينية استدعت ردة فعل طبيعية تمثلت في هذه العملية من قبل أناس يعيشون تحت الحصار, ويتعرضون لضغط كامل, في وقت يقف فيه المجتمع الدولي موقف من يضع الإشتراطات ويطلق التهديدات في وجه الحكومة الفلسطينية. ولذلك, فإن الإسرائيليين هم الذين يتحملون مسؤولية هذه العملية.
• السؤال ليس عمن يتحمل المسؤولية, وإنما هل تأتي العملية في هذا التوقيت ملبية للمصالح الفلسطينية أم لا, خاصة وأن رئيس السلطة اعتبرها عملية حقيرة..؟
ـ بإمكان رئيس السلطة أن يعتبرها ما يشاء, لكن أنا شخصيا أقول إن هناك ضغوط تواجه السلطة الوطنية الفلسطينية, والمجتمع الدولي يحاول أن يحشر الشعب الفلسطيني في زاوية محددة, وبالتالي هذا جزء من عملية الخروج من المأزق الذي يعيشه الواقع الفلسطيني, على اعتبار أن هناك محاولات لقلب السلطة تشارك فيها بعض الأطراف الفلسطينية, وبالتالي إن توحيد الجهد الفلسطيني باتجاه فتح النار على العدو يمثل أمرا طبيعيا.
• الدعم المالي الذي قررته ايران لحكومة السلطة الفلسطينية, هل هو عملية اعلامية, أم أنهم سيدفعون فعلا, وأنت العائد من المؤتمر البرلماني الإسلامي من أجل القدس الذي انعقد في طهران..؟
ـ التجربة التاريخية علمتنا أن لا نثق كثيرا بالوعود. وقلنا أن كل هذه المؤتمرات, وكل الدعم المعنوي والإعلامي والسياسي الذي يتحدث عنه العالم العربي والإسلامي, أصبح الآن على المحك. نحن الآن في فترة تاريخية مميزة.. نتعرض لضغوط كثيرة تستدعي ترجمة الأقوال إلى افعال حقيقية على الأرض. أتمنى أن يترجم كل ما قيل في المؤتمر إلى افعال. لنرى وننتظر إن كانت هذه المبالغ قد حولت أو أنها ستحول في القريب العاجل للسلطة الفلسطينية لإخراجنا من ازمتنا.
من جهتي شعرت بوجود صدق في عملية تحويل هذه الأموال, غير أن هناك مشكلة تتمثل في أن البنوك الأوروبية والأميركية تقاطع البنوك الإيرانية. هناك مشكلة أخرى تتمثل في كيفية ايصال هذه الأموال للداخل الفلسطيني.
• مشكلة كبيرة أم استحالة..؟
ـ لا نقول استحالة, لأن الكثير من الأموال ادخلت أثناء الإنتفاضة الأولى عن طريق آخر غير البنوك, لأنه أصلا لم تكن هناك بنوك في الأراضي الفلسطينية.
• الإجراء الذي اتخذه محمود عباس رئيس السلطة بجعل الرئاسة هي مرجعية المعابر الحدودية, خاصة مع مصر.. هل يهدف إلى تسهيل أم عرقلة وصول المساعدات المالية..؟

ـ أنا أعتقد أن هذا الإجراء كان جزءا من عملية التفافية على اجراءات اسرائيلية قد تتخذ في حال بقيت الحكومة الفلسطينية هي المسؤولة عن المعابر, على اعتبار وجود تهديدات مسبقة من اسرائيل تحدثت عن اغلاق هذه المعابر إن تولتها حكومة "حماس", التي تقول إنها حكومة لا يمكن التعامل معها.
وبالتالي, فقد مثلت خطوة الرئيس عباس اجراء استباقيا, رغم أنه عاد للتصريح أنه قد يعيد هذه المعابر للحكومة, وأنا أرى أن ذلك يأتي من باب التهديد أكثر منه من باب العمل الحقيقي والفعلي.
• التهديد لحكومة "حماس"..؟
ـ نعم, على اعتبار أن الإسرائيليين يعلنون أنهم سيغلقون هذه المعابر إن تولت حكومة "حماس" المسؤولية فيها. وهذا إن تم سيؤدي إلى قطع التواصل بين اهالي قطاع غزة والعالم.
حتمية المواجهة
• التنافس بشكل عام بين رئاسة السلطة والحكومة الجديدة, كيف تنظر إليه وما هي مآلاته..؟
ـ أنا أنظر لقضيتين منفصلتين اولهما أن الرئيس عباس أصبح رئيسا فقط بعد اجراء انتخابات المجلس التشريعي. قبل ذلك لم يكن رئيسا يمارس كامل صلاحياته, إنما كان يتعرض في الكثير من الأحيان لضغوط من هنا وهناك, وبالتالي فقد أصبح الرجل الأقوى في الساحة الفلسطينية لدى الفتحاويين, باعتبار أن وجود "فتح" في السلطة بات متمثلا في شخصه باعتباره نائب أمين سر اللجنة المركزية للحركة. و"حماس" معنية بالتعاطي مع محمود عباس بطريقة ايجابية, وغير معنية بالتصادم معه في أي ظرف من الظروف. وبالتالي, إن عباس أصبح قاسما مشتركا بين "حماس" و"فتح".
كل التنازع الذي يحدث, أو يبدو للمشاهد أن هناك تنازعا, هو في حقيقة الأمر يتعلق بصلاحيات كانت بيد الرئيس السابق ياسر عرفات, حاول عباس في حينه أن يأخذها باعتباره رئيسا للوزراء, وكان عرفات يماطل ويخوض معركة من أجل عدم التخلي عنها.
الغريب أن هذه الصلاحيات التي كان عباس يطالب بها وهو رئيس للوزراء, يسلبها الآن من الحكومة الحالية لصالحه وهو رئيس للسلطة, ومع ذلك لم نسمع صوتا من "حماس" يقول أن هذه الإجراءات غير صحيحة وغير مقبولة, إنما يتحدثون في الأمر على استحياء لأنهم لا يريدون اغضاب الرئيس.
• ولكن, هل يمكنهم تحمل هذه الإجراءات إلى ما لا نهاية..؟
ـ لا أعتقد. في النهاية هناك قانون يتم الإحتكام إليه. والقانون الأساسي واضح في نصه على أن الصلاحيات موزعة بين رئيس السلطة والحكومة.
في الجانب الأمني, الأمن الوطني والمخابرات تعود باستمرار للرئيس, في حين أن الأمن الداخلي, وتحديدا الشرطة والأمن الوقائي والدفاع المدني, من صلاحيات وزير الداخلية الفلسطينية, الذي هو جزء من الحكومة. هناك تعد في هذا الموضوع يتمثل في تعيين الرئيس مديرا للأمن الداخلي. ومع ذلك لم نسمع اصواتا كثيرة تتحدث عن رفض هذا التعيين, إنما كلمات قيلت هنا وهناك على استحياء.
يبدو أن الجميع حريص على أن لا تصل الأمور إلى حالة من التصعيد الكبير, والدخول في أزمة لا يريدها أحد. لكني أعتقد أنه مهما طال هذا الحرص, لا بد من تصادم سيحصل يوما ما بين الرئاسة والحكومة.
• ماذا بلغك عن تفاصيل ما جرى في اللقاء المغلق بين محمود عباس واسماعيل هنية, والذي خرج هنية منه متجهما..؟
ـ هم يقولون أنه تم التفاهم على القضايا الخلافية, غير أن هناك شعور لدى هنية وغيره بأن هناك صلاحيات تسلب, وأن هناك خطوات استباقية يقوم بها مكتب الرئيس, وكانت هناك معلومات عن تشكيل حكومة موازية في مكتبه. وقد صرح هنية بعدم وجود حكومة موازية, لكنه عندما يصرح بذلك, فإنه يؤشر إلى أن جزءا من البحث الذي تم بينه وبين الرئيس تطرق لوجود حكومة موازية تمارس صلاحياتها من داخل المقاطعة, وهذا مخالف للقانون الأساسي الفلسطيني.
الناس ستصوت لـ"حماس" رغم الجوع
• قيل أنه كان هناك احتداد متقابل وارتفاع في الصوت..؟
ـ لم أسمع بذلك. كل ما بلغني أن هنية قال لعباس إنك تشكل حكومة موازية في مكتبك, فرد عباس نافيا ذلك.
• اللجنة التي شكلت من ممثلين عن الرئيس ورئيس الحكومة لبحث القضايا الخلافية, عن ماذا يمكن أن تسفر..؟
ـ هذه اللجان موجودة بشكل دائم, لكنها ليست صاحبة قرار. هذا شكل من اشكال التواصل بين الطرفين والتعاطي مع الإشكاليات التي يمكن حدوثها بصورة ايجابية.
الذي يحتكم له دائما هو القانون الأساسي, وهو واضح في تحديد صلاحيات رئيس السلطة وصلاحيات مجلس الوزراء. المرجعية في النهاية هي للقانون الأساسي, وللمجلس التشريعي الذي سيقرر في النهاية لمن الصلاحية في هذه المسألة أو تلك, وفقا للقانون.
• القانون الأساسي يقول إنه من حق رئيس السلطة تعيين الوزراء واقالتهم..؟
ـ لا يقول ذلك. القانون الأساسي واضح, يقول الرئيس يكلف رئيسا للوزراء, ويستطيع أن يقيل رئيس الوزراء متى شاء. لكن لا يحق للرئيس التدخل في الوزراء انفسهم بتعيين هذا الوزير أو ذاك.
• هل تتوقع أن يقدم عباس في لحظة ما على اقالة حكومة اسماعيل هنية..؟
ـ بإمكانه. وهو يمتلك هذا الحق, لكنه إن فعل, سيصطدم بواقع جديد. أي حكومة بديلة ستشكل لن تحصل على ثقة المجلس التشريعي الذي تمثل "حماس" غالبيته. وبالتالي, سيبدأ الدوران في حلقة مفرغة.
• لكن هناك حديث عن اجراء انتخابات مبكرة..؟
ـ هذه امنيات أو اسقاطات واوهام شخصية لدى البعض, تقول إن الإرادة الشعبية التي أتت بحكومة "حماس" قد لا تستمر لأكثر من أشهر قليلة, وبالتالي يتم الحديث عن انتخابات مبكرة.
اميركا لا تستطيع اجراء انتخابات كل ستة أشهر. هذا اجراء صعب ومعقد, وأعتقد أن ارادة الناس لا يمكن أن تتغير خلال بضعة أشهر.
في رأيي الشخصي أن هذه مجرد اضغاث احلام. الشعب الفلسطيني قال كلمته. وأريد أن أقول بوضوح أن شعبنا الفلسطيني لديه حساسيات اتجاه أي تدخل خارجي. الناس في ذاكرتها وذهنها أن الذين يضغطون على حكومة "حماس" هم الأوروبيون والأميركان والإسرائيليون. وبالتالي فإن أي طرف فلسطيني سيكون محرجا بشكل كامل إن وقف في خندق هذه الضغوط. والناس ستقول إن أي موقف معادي لـ"حماس" ينطلق من هذا الخندق, وسيصوتوا لـ"حماس" حتى لو جوعتهم.
حكومة الوحدة الوطنية
• هنالك حديث عن استئناف الحوار الوطني لتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد أن فشلت مثل هذه المحاولة سابقا. ما حظ هذا المشروع من النجاح الآن..؟
ـ هذه دعوات تصدر بشكل دائم من هنا وهناك, وصدرت آخرها من مكتب الرئيس محمود عباس, ومن بعض القوى السياسية التي سبق لها رفض المشاركة في حكومة هنية بعد أن خاضت حوارا مع "حماس" على مدى اسابيع.
أريد أن أؤكد أن ضغوطا خارجية مورست على البعض, سواء على المستقلين أو بعض القوى السياسية لعدم المشاركة تحت شعار أن هذه الحكومة ستسقط قريبا, ومن يشارك فيها سيتم اعتباره جزءا من "حماس".
الجانب الآخر ما هو برنامج حكومة الوحدة الوطنية التي يتحدثون عنها..؟
البعض يتحدث عن برنامج منظمة التحرير.. أي برنامج لمنظمة التحرير..؟ هل هو برنامج الإعتراف بإسرائيل..؟
"حماس" واضحة, وقالت بوضوح أنها لن تعترف بإسرائيل.
يتحدثون عن نبذ العنف, و"حماس" قالت إن المقاومة وحمايتها هو خيارها.
هذان برنامجان متصادمان لا يمكن أن يلتقيا, إلا إذا غيرت "حماس" من وضعيتها, أو رفعت منظمة التحرير سقفها السياسي.
• أنت شخصيا خضت الإنتخابات التشريعية متحالفا مع "حماس".. لماذا..؟
ـ دعني أقول أنني لم أكن متحالف مع "حماس", إنما خضت الإنتخابات في اطار ائتلاف انتخابي جمعني و"حماس", على برنامج سياسي واضح ينص على الحفاظ على منظمة التحرير باعتبارها الوطن المعنوي للشعب الفلسطيني, ومنع أي محاولة لتقديم حق العودة. بقاء منظمة التحرير يعني بقاء حق العودة قائما.
أنا أؤمن كذلك بخيار المقاومة وحمايتها, وهذا جزء أتفق عليه مع حركة "حماس", وفي الأجندة الداخلية كنت ناشطا دائما في مواجهة الفساد والإفساد. وأنا أتحسس هموم الناس التي تريد توفر الأمن الشخصي والأمن العام, ومكافحة الفقر والبطالة والجوع. وتكافؤ الفرص في التعيينات والتوظيفات, وهو ما لم يكن موجودا. وكل هذا في ظل سيادة القانون, لا في ظل سيادات شخصية مختلفة. ونريد سلطة قضائية قادرة على احقاق الحقوق.
هذا هو البرنامج الذي اتفقنا عليه مع "حماس" وخضنا الإنتخابات على اساسه موحدين, كتحالف ديمقراطي مع اخواننا في حركة "حماس".
الديمقراطيون في "التشريعي"
• ماذا يمثل التحالف الديمقراطي حاليا داخل المجلس التشريعي..؟
ـ للأسف الشديد, لم يعد أحد من هذا التحالف داخل المجلس.
• وما حجم التنسيق الآن بينك وبين الذين مثلوا قوى ديمقراطية.. الجبهتان الشعبية والديمقراطية.. الخ..؟
ـ شخصيا أؤمن دائما بالمشاركة. ولقاءنا مع ممثلي القوى الديمقراطية الأخرى قد يكون لقاء طيبا, لكن على الأرض أعتقد أن الأمور اختلفت كثيرا, حيث أن الإنتخابات الأخيرة افرزت وقائع جديدة على الأرض. فاليسار الفلسطيني لم يعد يمثل الغالبية التي كان يعتقدها. وبالتالي يجب أن تترتب استحقاقات أخرى على ذلك. فالفصائل التي كانت تحصل على مبلغ 25 ألف دولار شهريا لتمويل نشاطاتها, يفترض أن يتوقف صرف هذه المبالغ لها وأن تحول لفقراء الشعب الفلسطيني, لأنه لا يجوز صرف هذه المبالغ لهم تحت شعار أنهم يمثلون الشعب الفلسطيني, وهم لم يحصلوا على مقعد واحد في المجلس التشريعي. يجب اعادة صياغة الحياة الفلسطينية مرة أخرى على ضوء نتائج الإنتخابات, مهما كانت مؤلمة.
أود بالمناسبة أن أعبر عن سعادتي بنتائج الإنتخابات لسقوط التيار الأميركي والإسرائيليين والمنظمات غير الحكومية. وأعيد الإعتيار لكثير من القوى الموجودة, واوجدت قوى تريد أن تكون جزءا من الحياة السياسية المقبلة.
• لكن الذين لم يحصلوا على مقعد واحد في المجلس التشريعي, هناك من يريد الإبقاء عليهم كمرجعية مفروضة للحكومة التي تمثل الأغلبية النيابية البرلمانية من خلال عضويتهم السابقة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير..؟
ـ هذه من المصادفات الغريبة. نحن حين نتحدث عن ضرورة الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية, فإننا نتحدث عن كيان ووطن معنوي للشعب الفلسطيني. هؤلاء فشلوا في الإنتخابات, ويفترض أن يحترموا انفسهم ويذهبوا لبيوتهم.
وأريد أن أقول أن الذين يتباكون الآن على منظمة التحرير, أن هؤلاء هم الذين قتلوا منظمة التحرير, وقزّموها, لتصبح رقما بسيطا في موازنة السلطة الفلسطينية, بعد أن كانت مرجعية للشعب الفلسطيني.
اعضاء اللجنة التنفيذية الذي قزّموا المنظمة هم انفسهم الذين يقزمون الآن حق العودة للشعب الفلسطيني, ويجرؤن على الذهاب إلى جنيف, وتوقيع وثيقة جنيف, دون أن يسائلهم أحد.
أن يساءل واحد مثل ياسر عبد ربه ويقزم أفضل بكثير من التباكي على منظمة التحرير وبقائها بشخوصها.
من يحضر الآن اجتماعات اللجنة التنفيذية التي تنعقد في مقر المقاطعة برام الله..؟
يحضرها اشخاص لم يكونوا يعترفوا يوما بوجود منظمة التحرير. الذي صاغ قانون السلك الدبلوماسي الفلسطيني, وأحال مرجعية السفارات الفلسطينية من الدائرة السياسية لمنظمة التحرير إلى وزارة الشؤون الخارجية في حكومة السلطة, هو الذي يتباكى الآن على منظمة التحرير..!
أنا أعتقد أن هذا التباكي على منظمة التحرير هو بمثابة ذريعة لهؤلاء لمحاربة ارادة الشعب الفلسطيني التي جاءت, عبر انتخابات حرة, بتيار جديد ليقود الساحة الفلسطينية.
محاربة الفساد

• الإجراءات التي اتخذها محمود عباس بحق بعض الفاسدين, كيف تنظر إليها..؟ هل هي كافية, أم هي محاولة للتغطية على فساد أكبر..؟
ـ هو لم يتخذ أي اجراء بحق أي منهم حتى هذه اللحظة. معظم الذي قيل عبر النائب العام كان من واقع ملفات قدمت من قبل المجلس التشريعي السابق, ولجنة الرقابة فيه التي ترأستها طوال الفترة الماضية. وقد أسقط الكثير من الملفات التي حولت من قبلنا للنائب العام, وتحديدا الملف الخاص ببنك فلسطين الدولي, وقضية صندوق الإستثمار الفلسطيني, وللأسف الشديد أن من حولوا للنائب العام هم صغار الموظفين.
نحن حين تحدثنا عن فساد كنا نتحدث عن فساد مارسه عليّة القوم, واشخاص متنفذين من وزراء وغيرهم, ولم نسمع اسم واحد من هؤلاء بين الذين أعلن النائب العام اسماءهم.
أتمنى أن تكون عملية المحاسبة من أعلى لأسفل, لأنني أريد أن أحاسب من أصدر القرار للموظف الصغير حتى يفسد. من مارس الفساد والإفساد أكثر من الفاسد نفسه.
• لم تذكر ملف الإسمنت المصري الذي جرى توفيره لجدار العزل والنهب, والخلطات الإسمنتية الجاهزة التي زودت بها مستوطنة جبل أبو غنيم..؟
ـ ملف الإسمنت المصري أعيد فتحه مرة أخرى من قبل أحمد المغني النائب العام الجديد على اعتبار أن النائب العام السابق حسين أبو عاصي كان أغلق هذا الملف تحت دعاوي تقول بأنه يحق التجارة بين فلسطين واسرائيل, وكأن الموضوع موضوع تجاري محض..!
هكذا قال في معرض تبريره لإغلاق هذا الملف.
• كيف أعيد فتح الملف مجددا..؟
ـ بمبادرة من النائب العام الجديد. ونحن ننظر لهذا الملف باعتباره يمثل قضية وطنية أكثر منه تجارة وربح اموال أو خسارتها.
• قلت أنه لم تتخذ اجراءات.. هل اكتفى النائب العام بالتصريحات الإعلامية..؟
ـ قرر النائب العام منع بعض الشخصيات من السفر للخارج لوجود قضايا مرفوعة عليهم. ويفترض أنه يعد لوائح اتهام لتحال للسلطة القضائية. ولكن, للأسف الشديد, حتى هذه اللحظة, لا توجد لدينا سلطة قضائية قادرة على محاسبة أحد. وهذا يستدعي تغيير السلطة القضائية القائمة, لكنها حتى الآن لم تمس بشيىء, وبقيت على حالها.. أي أن كل الضجة الإعلامية التي اثارتها تصريحات النائب العام تتعارض مع حقيقة أن القضاء الفلسطيني غير مؤهل ليقول كلمته.
• إذا ماذا عن فتح ملفات الفساد على مصاريعها, كما يتوقع الناس من حكومة "حماس"..؟
ـ أعتقد أنه يفترض أن تفتح حكومة "حماس" ابواب الوزارات للمجلس التشريعي الفلسطيني ليرى كل الأمور على طبيعتها, وتعد تقارير مفصلة عن هذه الأوضاع.
• هل تتوقعون أن تفتح الأبواب على مصاريعها لمحاكمة الفساد..؟
ـ أنا أتوقع أن تفتح الأبواب أمام المجلس التشريعي الجديد من قبل الوزراء لمعرفة تفاصيل الأشياء. أي طلب يتقدم به عضو من اعضاء المجلس التشريعي سيجاب. وهذا ما تعهد به وزراء الحكومة الجديدة.
• وماذا بعد..؟
ـ أهم أمر, كما قلت, أن يكون لدينا قضاء قادر. كل الضغط يوجه الآن لتشكيل سلطة قضائية قوية, على اعتبار أن كل التعيينات السابقة في الجهاز القضائي تمت لاعتبارات سياسية وشخصية. وهذا يعني أن يحكم القاضي وفقا لقرار من عينه, لا وفقا لقناعته هو.
توجد نوايا طيبة في هذا الإتجاه, كما قال محمود عباس, لكن هذه النوايا لم تترجم على الأرض بشكل عملي.
فتوح والدويك
• ما هي صلاحية رئيس المجلس التشريعي الحالي في محاسبة رئيس المجلس التشريعي السابق..؟
ـ أعتقد أن نبش الموضوع الآن ليس مطلوبا كثيرا. وفي ذات الوقت, رئيس المجلس السابق, مثله مثل أي مسؤول آخر.
أنا ابن التجربة السابقة والتجربة الحالية, ولا أعتقد أن روحي فتوح رئيس المجلس السابق مارس فسادا, كما ينشر هنا وهناك.
• وماذا عن السيارة المصفحة التي يرفض اعادتها للمجلس وقيمتها ربع مليون دولار..؟
ـ هذا كلام غير واقعي. فتوح طلب سيارة مصفحة حين كان رئيسا مؤقتا للسلطة بعد وفاة عرفات. وبعد ذلك غض النظر عنها.
• أين هي السيارة الآن..؟
ـ هو يمتلك سيارة موديل 1995, أعطيت له من المقاطعة, وكانت تعود للرئيس أبو عمار سابقا.
• أين هي السيارة المصفحة..؟
ـ معه باعتباره رئيس سابق للسلطة.
• هذا ما يقوله هو. هل يجوز أن تستأجر له فيلا بقيمة 40 ألف دولار سنويا لمدة سنتين وهو تولى الرئاسة المؤقتة لمدة شهرين..؟
ـ السيد روحي فتوح تولى رئاسة السلطة مؤقتا لمدة ستين يوما أقام نصفها في فندق جراند بارك دون أن يكون له بيت في رام الله أو غيرها, وهذا غير معقول. والبيت الذي استؤجر له هو بيت للرئاسة الفلسطينية, وليس بيتا لروحي فتوح.
• من يقيم الآن في هذا البيت..؟
ـ روحي فتوح, لأن عقد الإيجار لم ينته بعد.
• ولماذا يستأجر لسنتين..؟
ـ استؤجر لسنة واحدة, وتم تجديد العقد لسنة أخرى.
• لماذا..؟
ـ هذا يعود للرئيس أبو مازن, وليس لأي شخص آخر.
• هل هذا فساد..؟
ـ عمليا هذا الموضوع لا يدخل في اطار الفساد. الفساد هو أن يثري الرجل, وأن يكون له بيت باسمه الشخصي. وهذا البيت ليس باسمه الشخصي. تملك السلطة أن تخرجه منه في أي وقت. إذا قال له رئيس السلطة غادر, فإنه يغادر.
• وماذا عن رئيس الوزراء..؟
ـ يستطيع اخراجه هو الآخر. وفتوح ليس متمسكا بهذه الفيلا.
لنقل بشكل واضح أن الهجمة التي يتعرض لها روحي فتوح الآن من قبل اشخاص آخرين, أيا كانوا, أؤكد أن موضوع السيارة والفيلا واضحين.
• من الذي ينظم هذه الحملة ضد روحي فتوح..؟
ـ لا أعرف من ينظم هذه الحملة بالضبط, ومضمونها غير دقيق.
• هل هو من اوساط "فتح" أم من اوساط "حماس"..؟
ـ أعتقد أنه من اوساط "فتح", وجزء من هذه الحملة ينطلق من اوساط "حماس". من "فتح" أكثر مما هو من "حماس".
خلطات قريع الإسمنتية
• فيما يتعلق بمصنع الخلطات الإسمنتية الجاهزة العائد لأحمد قريع (أبو علاء). أين موضعه من الإعراب في ملفات الفساد..؟
ـ كل هذه الملفات يمكن أن تفتح في المستقبل. لكن حتى هذه اللحظة, الشغل الشاغل للناس في السلطة هو كيف توفر رواتب الموظفين.
• هل اكتمل ملف الخلطات الإسمنتية الجاهزة..؟
ـ أعتقد أنه لم يكن هنالك ملف أصلا. كل ما قيل صدر عن قناة تلفزيونية اسرائيلية, حيث بثت تقريرا قالت فيه إن مصنع قريع زود مستوطنة جبل أبو غنيم بالخلطات الإسمنتية الجاهزة, وبعد ذلك لم يتحدث أحد في الأمر.
• أنت كنت رئيسا للجنة الرقابة في المجلس التشريعي السابق. ماذا فعلت بعد أن سمعت هذه المعلومة..؟
ـ ما حققنا فيه في حينه هو الإسمنت المصري الذي استورد من مصنع بني سويف, وأدخل لبناء الجدار الإسرائيلي.
قضية قريع قضية قديمة سابقة على وجودي في عضوية المجلس التشريعي, ذكرها التلفزيون الإسرائيلي في حينه بهدف خلط الأمور.
• هل تبرّئه..؟
ـ لا. لا أبرىء أحد.
• هل تتهمه..؟
ـ وأيضا لا أتهمه.
• إذا ما هو الإجراء المفترض..؟
ـ أنا لا أمتلك معلومات كاملة عن هذا الموضوع.
• وماذا عن طلب عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي الحالي شراء سيارة مصفحة له..؟
ـ هذه القضية ضخمت كثيرا من قبل الإعلام. ما جرى هو أن أحد موظفي المجلس التشريعي أحضر للدويك طلبا موجها للرئيس عباس بشراء سيارة مصفحة فوقع عليه, وفورا وافق عباس.
حين علمت بالأمر دخلت إلى مكتب الدويك وقلت له إنك وضعت نفسك في ورطة كبيرة. هذا الطلب سينشر غدا في كل وسائل الإعلام. اكتب الآن رسالة أخرى اعتذر فيها عن طلب السيارة, وقل أنك لا تريدها, ففعل. وقال في رسالته إنه كان يعتقد بوجود سيارة مستخدمة من بين السيارات الموجودة في المقاطعة, ولم يكن يقصد شراء سيارة جديدة.
وما جرى أن الرسالة الأولى نشرت في كل العالم, أما الرسالة الثانية فلم ينشرها أحد. وهذا يدلل على وجود تقصّد في الإساءة لهذا الرجل.
• هل نصب له كمين..؟
ـ لا أعتقد. لكن في النهاية, وظف الأمر ضده بشكل كبير.
• وهل كان يعتقد فعلا بوجود سيارة مستخدمة في المقاطعة..؟
ـ ادخلوا في ذهنه أنه من حقه, كرئيس للمجلس التشريعي, أن يحصل على سيارة مصفحة. لكني أريد القول أن هذا ليس حقا لأحد, لأنه لا يوجد أحد يريد أن يغتال أحدا.
الدويك كتب الرسالة الأولى, وتراجع عنها في اليوم التالي مباشرة, لكن أحدا لم ينشر الرسالة الثانية, لأن هناك من أراد القول أن رئيس المجلس الجديد ليس أفضل من سابقه.
• وهل هو أفضل من سابقه..؟

ـ لا نستطيع المقارنة بين هذا وذاك. المقارنة تأتي من خلال العمل. أنا عملت نائبا أول لروحي فتوح, وكان هناك انسجام بيننا, وكان المجلس التشريعي يسير باتجاه جيد, وخلق حالة جديدة في المجتمع الفلسطيني.
والآن يوجد مجلس جديد يحتاج اعضاءه للتعلم كونهم في معظمهم جدد لم يمتلكوا الخبرة بعد. والعمل البرلماني هو عمل تراكمي, والمجلس السابق أسس لانتخابات المجلس الحالي.
وأريد أن أقول أنني لست من الناس الذين يلعنون من كان قبلهم. ولذلك أنا وفي لتجربتي الأولى, كما أنا ملتزم بتجربتي الثانية. وأتمنى من الجميع أن نواصل مراكمة عملنا, وأن لا تلعن الأمة التي جاءت الأمة التي سبقتها.


 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع