ابو عبدالله الصغير الفلسطيني موجود وينتظر اللحظة
المناسبة: ماذا بعد وقف الانتفاضة؟
2005/02/01
د.
صبري بيروتي
قال لي صديق عزيز مرة وبثقة أن لا خطر البتة علي ثوابتنا الفلسطينية
فميثاق منظمة التحرير يكفل ذلك وأثبتت الأحداث أن صديقي كان مخطئا حتي
أخمص قدميه فهذه المنظمة قررت يوما التنازل عن 78% من ارض فلسطين
التاريخية واضعة كسقف أعلي لثوابتنا هذه مجرد القرار 242 و338 وكنوع من
الحشوة اللفظية القرار 194 فكثيرون من القادة يتندرون ويسخرون من قرار
194 في مجالسهم الخاصة.
ما السعر الذي حصلت عليه المنظمة مقابل هذا التنازل الفظيع وعن
اعترافها باسرائيل المغتصبة؟
لا شيء اللهم إلا وعود أمريكية هلامية كما هو حال الوعود الأمريكية
دائما حيث سمحت لهم أمريكا بالإعلان عن وجود دولة فلسطين نظريا وهكذا
أعلن قائدنا الشهيد قيام دولة فلسطين العتيدة في الجزائر 15/11/1988
وفرحنا جميعا وصفقنا لهذا الإنجاز العظيم رغم ورقيته.
ولم يكن يدري في خلدنا أن إسرائيل هي من لها مصلحة مركزية بكذا إعلان
لماذا؟
لأنها رغم كل ما حققت من احتلال وبطش وقوة وهيمنة عسكرية إقليمية إلا
أنها ما زالت غير شرعية حسب القانون الدولي هي بحاجة ماسة لأي سلطة وأي
رئيس سلطة كي يوقع علي شرعيتها.
لكنها أيضا تريد المزيد من الارض فهي تريد كل فلسطين وأكثر من فلسطين
لهذا السبب نراها تدخل في مفاوضات اوسلو الهلامية أيضا وتعطينا سلطة
ثبت لاحقا أنها فصلت علي المقاس الإسرائيلي فعاد إلي أرض الوطن فقط من
أرادت لهم إسرائيل العودة وأغلبهم من ضعاف النفوس الجاهزين للفساد
وقامت أجهزة هذه السلطة الامنية بالتحكم برقاب العباد وملاحقة
المناضلين وقتل بعضهم وسجن الجزء الاكبر منهم وزنازين الأمن الوقائي
خير شاهد علي ذلك.
واندلعت إنتفاضة الأقصي إثر زيارة شارون المبرمجة إسرائيليا وامريكيا
وفي واقع الأمر كانت هذه الإنتفاضة ستندلع ضد السلطة الفاسدة لولا
زيارة شارون.
وكان القائد الشهيد قد أدرك متأخرا خطأ اوسلو الفادح ورفض التوقيع
عندما حشره كلينتون14 يوما كالسجين وهكذا حكم علي نفسه بالموت منذ تلك
اللحظة وقد قال له كلينتون ذلك بصراحة أنه لا يكفل حياته منذ هذه
الدقيقة ورد عليه قائدنا الشهيد لا تحضر جنازتي حينئذ.
وتم إجتياح رام الله وأضحي سجينا في المقاطعة حتي إستشهاده وترديده
عبارة شهيدا شهيدا شهيدا يدل أن الرجل كان يعرف نهايته مسبقا وكل ذلك
بسبب عدم التوقيع فهذا هو مطلبهم الوحيد من أي رئيس سلطة حيث يريدون
شرعنة الإحتلال دون تثبيت حدود. ثم حدثت إنتخابات تحت حراب الإحتلال كي
يفوز رئيس بديل لعرفات بالمقاييس المطلوبة إسرائيليا وامريكيا وفاز
السيد محمود عباس فوزا واضحا حيث حصل علي 500000 صوت وكان الرجل قد
أعلن دائما أنه ضد عسكرة الإنتفاضة وما أن نجح حتي شطب بجرة قلم أهم
بند في ما تبقي من بنود دستور منظمة التحرير والذي هو أحد مؤسسي فتح
والتي قامت ايضا علي أساس الكفاح المسلح لتحرير فلسطين التاريخية.
للصدق والحقيقة لا أريد تحميل السيد محمود عباس كل شيء حيث أن 90% من
قيادة فتح أعني مجلس فتح الثوري كانوا ضد الإنتفاضة منذ أنطلاقها لكنهم
لم يجرؤوا علي الإفصاح علانية عن ذلك بسبب قوة كتائب الأقصي الجارفة
والمد الشعبي الطاغي لصالح المقاومة وكتائب الأقصي بالذات.
وللحقيقة والصدق أيضا فقد قامت كتائب الأقصي الفتحاوية بملاحم لا تعد
ولا تحصي فكانت بحق العمود الفقري لإنتفاضة الأقصي المباركة وليس قصدي
هنا أبدا التقليل من المساهمات البطولية لإخوتنا كتائب القسام وكتائب
سرايا القدس الرائعة وأعترف بإعجابي الخاص بسرايا القدس والذي تفوق
بأفعالها أضعاف أضعاف عدد أفرادها وكتائب أبو علي مصطفي وكتائب
المقاومة الوطنية وقد أدركت إسرائيل أنه لا بد من هجوم مركز وشرس علي
كتائب الأقصي أولا كي تتفرغ لاحقا لباقي أذرع المقاومة وهذا ما حدث علي
أرض الواقع. لنعد الآن إلي الـ 90% من المجلس الثوري فقد بدأ بعضهم
يطلب بداية عدم إطلاق النار ضد العدو المهاجم من بين التجمعات السكانية
ثم انتقلوا بواقعيتهم المصطنعة يطالبون بعدم زج الأطفال في المظاهرات
وهم كانوا يعرفون أن لا أحد يزج بهؤلاء الأطفال وبالمناسبة كثيرون من
هؤلاء القادة هربوا عائلاتهم إلي الخارج طوال سنوات الإنتفاضة.
ثم بدأوا إسطوانة نعم للعسكرة ضد المستوطنين وجنود الإحتلال ولا لقتل
المدنيين الإسرائيليين في أرض الـ48 ثم إستغلوا وهن الشعب بسبب الهجمة
الشارونية الشرسة المبرمجة ليشككوا بفائدة هذه الإنتفاضة وكلما زاد
الإغتيال لقادة الأقصي الميدانيين كلما تجرأ هولاء في تصريحاتهم وشهادة
حق أمام التاريخ حاول سنة 2002 بعض أركان السلطة وقف عسكرة الإنتفاضة
حيث عرضوا علي قائد كتائب الأقصي آنذاك الشهيد مهند أبو حلاوة ملايين
الدولارات إن هو وافق علي وقف عسكرةالإنتفاضة لكنه رحمه الله رفض رفضا
باتا هذا العرض وهكذا دفع ثمن رفضه 6 أسابيع لاحقا حيث تم إغتياله
بتاريخ 7/3/2002 ثم بعد حين خرجوا علينا بمعارضة العمليات الإستشهادية
وبطريقة مبهمة وقف عسكرة الإنتفاضة.
واليوم وقد إستطاعت إسرائيل ضرب كافة أذرع المقاومة بقوة بسبب العمالة
الإستخبارية الفاعلة بدأ الواقعيون ذاتهم يتجرأون بتصريحاتهم العلنية
ضد هذه المقاومة المشروعة ولم يبقي عليهم إلا إتهامها بالإرهاب وأنا
علي علم أن بعض سفرائنا في الخارج تفوهوا بهكذا إتهام دون وجل أو خجل.
موازيا لكل ذلك تم تدريب قوات بالآلاف في مصر والأردن للقيام في الوقت
المناسب بقمع من لا يستجيب فالمطلوب حقيقة هو وقف كل الإنتفاضة وحتي
الإنتفاضة السلمية يتحججون أنهم بذلك يريدون تعرية إسرائيل أمام العالم
وكأن إسرائيل ولوبياتها الخانقة لهذا العالم سوف يهمها كذا كشف.
والاخ محمود عباس لا يجيب علي سؤال محوري وماذا بعد يا سيادة الرئيس؟
لنفترض أنك أوقفت أو أنهيت الإنتفاضة وإسرائيل لم تستجب وهذه فرضية
مؤكدة وهكذا تكون عريت إسرائيل ورأي العالم ذلك، ولنفترض أن هذا العالم
لم يفعل شيئا وهذه فرضية أكيدة أخري فهذا العالم مكبل اليدين من قبل
اللوبيات الصهيونية وانت خير من يعرف ذلك فماذا أنت بفاعل؟ وقد كنت قد
صفيت الورقة الوحيدة الذي نملك؟ السيد محمود عباس لم يرد علي هذا
السؤال فلا خيار امامنا إلا الإفتراض فربما سيعترف حينئذ بالفشل
ويستقيل هكذا وبكل بساطة بعد أن تكون وقعت الفاس بالرأس وعندها يخلفه
الرجل الجاهز لتصفية القضية.
وأما الصواريخ فلسطينية الصنع الذي يتهمها الواقعيون بعدم الجدوي رغم
إعتراف العدو بأنها شغله الشاغل فليعرف الواقعيون العرب والفلسطينيين
أن كل ترسانات العرب الصدئة والتي كلفت مئات المليارات لم تهم إسرائيل
كما تهمها هذه الصواريخ الفلسطينية إنها ورقة قوية خلقها العقل
الفلسطيني المقاوم من العدم.
ونراهم يدينون عملية كارني والمنطار ويأمرون وقف العمليات حتي لو كانت
ضد جيش الإحتلال بعد تصنيف المستوطن الحاقد بالمدني الإسرائيلي وينشرون
في ساعات 2500 رجل أمن فلسطيني بعد أن أعلنت قيادة منظمة التحرير حرفيا
أن القيام بأي عمل عسكري يضر بالمصلحة الوطنية العليا ويجب وقف كل هذه
الأعمال.
الأخ محمود عباس والاخ فاروق القدومي هم من الأحياء القليلين جدا ممن
أسسوا حركة فتح ويقول الأخ أبو مازن في مناقشات قيادة حركة (فتح) عام
1964 انقسمت القيادة الي معسكرين كان أولها يدعو لبدء الكفاح المسلح في
1/9/1964 وكان منهم الأخوة: ياسر عرفات وخليل الوزير ومحمود عباس،
بينما طالب المعسكر الآخر بتأجيل الانطلاقة حتي اكتمال الاستعدادات
وعلي رأسهم الأخ عادل عبد الكريم.
6 ـ شكل انتصار جناح (الثوريين) أو المجانين المنادي بالانطلاقة نجاحا
دعا المعارضين أو من أسموا (العقلانيين) للانكفاء وكانت الانطلاقة في
1/1/1965.
واليوم نراه ينقلب علي الثوريين المجانين وينضم للعقلانيين وأتساءل هل
يدرك الاخوة في فتح ومنظمة التحرير أن وقف الكفاح المسلح يعني نهاية
حركة فتح ومنظمة التحرير؟
فالبند التاسع من ما تبقي من ميثاق المنظمة يؤكد أن الكفاح المسلح هو
العمود الفقري لتمييز حركة فتح ومنظمة التحرير عن الأنظمة العربية وكان
المبدأ الأساسي الذي اجتمع عليه الجميع هو ضرورة العودة إلي الكفاح
المسلح من ناحية، وعدم الخضوع أو التبعية لأي من النظم العربية من
ناحية أخري، أو بمعني آخر استقلال القرار الفلسطيني بعيدًا عن حسابات
ونزاعات وتوازنات النظم العربية.
يذكرني إسقاط الكفاح المسلح من أجندة فتح والمنظمة بالدول الإسلامية
التي اسقطت فرض الجهاد في المؤتمر الإسلامي في نيجيريا وأتسائل أين
أضحي شعار فتح إنها ثورة حتي النصر؟
وما يحيرني أن مؤتمر لندن القادم سيكون مخصصا لتطبيق إتفاقية مدريد
والذي بعثت علي سبيل الإحتياط نسخا منهاإلي كل التنظيمات والصحف ولكن
لم أسمع تعليقا من أحد ما السر؟
لست أدري. أنا لم أخترع شيئا من عندي إنها إتفاقية من 40 صفحة موقعة
وجاهزة.
وانا أسأل الأخ عبد الباري عطوان وبعتب شديد لماذا لاتكتب شيئا عن هذه
الإتفاقية والتي بعثتها لك ولكل الصحف الفلسطينية؟
أما هم فلا لوم عليهم أما أنت أخي عبد الباري عطوان الفلسطيني فإني
ألومك وأعاتبك واتمني بإسم فلسطين والمصلحة العليا الفلسطينية أن تكتب
عن هذه الإتفاقية الموجودة فوق مكتبك واسأل 5 أعضاء برلمان هم
عبدالجواد صالح وحسن خريشة وأبوالريش والسيد إرشيد والسيد عباس زكي.
لماذا لا تقولون شيئا عن هذه الإتفاقية؟ملاحظة لم أبعث لأعضاء التشريعي
الآخرين فهم لعدم الغلبة لا يملكون عناوين إلكترونية.
وإلي الأخ بسام الصالحي الوحيد الذي تكلم يوما عن هذه الإتفاقية ماذا
حدث؟
لم نسمع صوتك مرة أخري وهل إطلاق الرصاص علي حزبكم له علاقة بالأمر؟
لم يجبني أحد علي رسائلي الكثيرة إلا إذا إستثنينا تهديدا بضربي في
منتصف الليل هنا في طولوز من بعض أزلام السلطة.
نعم يا سادة عصابات التهديد والزعرنة وصلت أيضا إلي فرنسا تهدد وتتوعد
ناسية أننا في فرنسا وليس في فلسطين حيث فلتان بعض أجهزة الأمن وفرق
الموت والحياة. أتمني علي فتح وحماس والشعبية والديمقراطية وكل
الجمعيات والمؤسسات التي بعثت لها إتفاقية مدريد أن تقول شيئا لهذا
الشعب المغلوب علي أمره والذي لا يعرف شيئا مما يحاك له في الظلام
عندها سأكون سعيدا ولن تهمني تهديدات المرتزقة.
نهاية ثقتي كبيرة بشعبي الفلسطيني ومقاومينا الأبطال وسنفشل بإذن الله
أي مخطط وللعلم فأنا أعتقد أنه رغم كل الظواهر فالأخ محمود عباس لن
يكون أبو عبد الله الصغير ولكنني أيضا متأكد أن أبا عبد الله الصغير
موجود وقوي ومحمي من أسياده وينتظر اللحظة المناسبة للقفز علي السلطة
وتنفيذ إتفاقية مدريد بحذافيرها.
وقد تم تنفيذ أول بند منها وهو إغتيال القائد ياسر عرفات.
كاتب من فلسطين يقيم في فرنسا
|