15/3/2005
محرجا الأسد ولحود وحزب الله أمام الأميركان
عباس
ينقل مواجهته مع القدومي للبنان بع اخفاقه في تونس والجزائر
ـ
تونس تراجعت عن إبعاد رئيس "فتح" والجميع ينتظر انعقاد المؤتمر العام
والمجلس الوطني الفلسطيني
عمان ـ شاكر الجوهري:
النجاح الذي حققه فاروق القدومي رئيس حركة "فتح" عبر فرض نفسه رئيساً
للوفد الفلسطيني لاجتماعات وزراء الخارجية العرب التحضيرية لقمة
الجزائر, قلب صفحة, ولم يغلق ملفاً.. ذلك أن المواجهة بينه وبين محمود
عباس مفتوحة على مصراعيها, وإن كانت الصفحات الأهم والأخطر من هذا
الصراع, ولا نقول التنافس, تجري تحت الطاولة.
حسم
مسألة من يترأس الوفد الفلسطيني, القدومي, أم ناصر القدوة وزير الشؤون
الخارجية في حكومة السلطة, حسمه الأول عبر العودة إلى قرارات المجلس
الوطني الفلسطيني, حيث دفع القدومي بقرارات الدورة التاسعة للمجلس
(15/11/1988), التي جاء فيها بعد اصدار اعلان الإستقلال
1-
تشكل لدولة فلسطين حكومة مؤقتة في أقرب وقت ممكن, وطبقا للظروف وتطور
الأحداث.
2-
يفوض المجلس المركزي واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية
بتحديد موعد تشكيل الحكومة المؤقتة, وتكليف اللجنة التنفيذية بتشكيلها,
وتعرض على المجلس المركزي لنيل ثقته, ويعتمد المجلس المركزي النظام
المؤقت للحكم, الى حين ممارسة الشعب الفلسطيني لسيادته الكاملة على
الأراضي الفلسطينية.
3-
يتم تشكيل الحكومة المؤقتة من القيادات والشخصيات والكفاءات الفلسطينية
من داخل الوطن المحتل وخارجه, وعلى أساس التعددية السياسية, وبما يجسد
الوحدة الوطنية.
4-
تحدد الحكومة المؤقتة برنامجها على قاعدة وثيقة الإستقلال والبرنامج
السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية وقرارات المجالس الوطنية.
5-
يكلف المجلس الوطني الفلسطيني اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير
الفلسطينية, بصلاحيات ومسؤوليات الحكومة لحين اعلان تشكيل الحكومة.
وتابعت تلك القرار:
1-
اعلنت دولة فلسطين, رئيس الدولة الأخ "أبو عمار".
2-
وزير خارجية دولة فلسطين انتخب الأخ أبو اللطف.
كلفت اللجنة التنفيذية بتشكيل الحكومة الوطنية في المنفى, بالتشاور مع
المجلس المركزي.
رئيس التنفيذية لا السلطة
أكثر من ذلك, أوضح القدومي في المذكرة التي بعث بها للحكومة الجزائرية
والأمانة العامة لجامعة الدول العربية أن رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة
التحرير (أبو مازن حاليا), ينتخب من قبل اللجنة التنفيذية, في حين أنه
هو منتخب من قبل المجلس الوطني الفلسطيني وزيرا للخارجية, وأنه بصفته
رئيسا للدائرة السياسية في منظمة التحرير كان يتولى المسؤولية عن
السفارات الفلسطينية قبل صدور اعلان الإستقلال وقيام دولة فلسطين.
وأعاد إلى الأذهان أنه كان يعين سفراء دولة فلسطين ويقبل اوراق اعتماد
سفراء الدول مع أبو عمار, حيث أن دولة فلسطين اتخذت من تونس مقرا مؤقتا
لها.
وطالب القدومي بعدم الإخلال بهذه الأنظمة والقوانين, والتمسك بها "حتى
لا نعود إلى الوراء". وأشار كذلك إلى أن اتفاقية اوسلو 1993, وواشنطن
1995 نصتا على أن منظمة التحرير تقوم بإجراء المفاوضات, والتوقيع على
الإتفاقات المعقودة نيابة عن السلطة الوطنية الفلسطينية, التي تعتبر
حكومة محلية للضفة الغربية وقطاع غزة. ولذلك, أضاف القدومي, شكل رئيس
اللجنة التنفيذية (أبو مازن) لجنة للمفاوضات برئاسة الدكتور صائب
عريقات.
ومالم يقله القدومي, وتركه للإستنتاج هو أن ياسر عرفات كان يشارك في
مؤتمرات القمة العربية بصفته رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير, ثم
بصفته رئيسا لدولة فلسطين, بعد اعلان قيامها عام 1988, لا بصفته رئيسا
للسلطة الفلسطينية.
أبو
مازن, تراجع عن قراره, لكنه لم يتراجع عن موقفه. فهو سلم برئاسة
القدومي للوفد الفلسطيني لمؤتمر وزراء الخارجية العرب, لكنه يستعد,
وكذلك القدومي, لمواجهة يريدها أبو مازن فاصلة, مع القدومي في أول
اجتماع مقبل للمجلس الوطني الفلسطيني, يراهن على عقده نهاية العام
الحالي, أو بداية العام المقبل.
الإبعاد من تونس
ومن
الآن, وإلى ذلك الوقت تتواصل المواجهات بين الجانبين على عدد من
المحاور, وكما يلي:
اولا: شن عباس هجوما يستهدف إبعاد القدومي من مقر اقامته في تونس, أو
توظيف الموقف التونسي للضغط على القدومي, وجعله يكف عن المعارضة
العلنية لسياساته, غير أن حسم مسألة رئاسة الوفد الفلسطيني لمؤتمر
وزراء الخارجية العرب في الجزائر لصالح القدومي, احرجت تونس, التي يبدو
أنها قررت غض النظر عن ذلك القرار, خاصة وأن أحدا لا يستطيع أن يتوقع
بشكل يقيني من سيخرج منتصرا من المؤتمر العام السادس لحركة "فتح", أو
من المجلس الوطني.
وإذا كان القدومي يتعرض لضغوط عربية رسمية جراء مواقفه الصلبة حيال
قضايا وموضوعات المفاوضات, حيث النظام العربي يقف الى جانب مرونة عباس,
فقد أصدر القدومي تعميما تحت عنوان "لنعطي فرصة لاستراحة المحارب",
يؤيد فيه بشكل موارب الهدنة التي يعمل عباس من أجلها, وتقول حركة
"حماس" إنها فرصة لاثبات فشل برنامج رئيس السلطة.
جاء
في تعميم القدومي "لنعطي فرصة لغصن الزيتون, ولنبق البنادق بأيدينا,
لعل غصن الزيتون يحقق السلام والنصر, ليس هذا اعتمادا على لقاء شرم
الشيخ بتفاهماته الشفوية, بل اعتمادا على ثقتنا بأنفسنا, أننا وصلنا
الى ابواب النصر, فشارون في مأزق سياسي, وليس بالسهل أن ينجو منه دون
خروجه من غزة هاشم الصامدة, فلقد انتصرت المقاومة الباسلة, إذ أن فشل
شارون في هزيمة المقاومة هو انتصار لها". ويؤكد القدومي في تعميمه
"كلنا فاقد الثقة بمصداقية مجرم الحرب شارون والحكومة الإسرائيلية وجيش
الإحتلال, وهو كذلك ايضا, ولكن المرحلة الحالية تتطلب فك الإشتباك بين
الطرفين بعد أن عجز جيش الإحتلال الإسرائيلي عن التغلب على المقاومة,
برغم قصفه العشوائي المستمر للمخيمات والمدن في قطاعنا الأبي".
وأضاف القدومي "لنصبر الفترة القصيرة المقبلة, ولتكن فرصة لاستراحة
الفدائي والمقاومة, فمن الطبيعي أن يعود المقاومون بعد نضال شاق
لحياتهم الطبيعية, هكذا كان يفعل ثوار فيتنام, ولتكن هذه الفترة
اختبارا لنوايا العدو, وهذا ليس عجزا منا بل رغبة في السلام العادل
الشامل". وختم "لقد صمدنا وبكل قوة رغم الحصار المفروض علينا داخلا
وخارجا, وكنا لوحدنا نواجه الآلة العسكرية الإسرائيلية المدعومة, هذا
الصمود البطولي لشعبنا وتحديه لكل ممارسات جيش الإحتلال الإسرائيلي
واستمرار انتفاضتنا, انتفاضة الأقصى المباركة هو بداية النصر والتحرير
بإذن الله".
اجتماع المركزية
ثانيا: صعّد عباس من ضغوطه للحيلولة دون عقد اجتماع, ولو لمرة واحدة,
للجنة المركزية لحركة "فتح" خارج الأراضي الفلسطينية, حتى لا يتاح
للقدومي ترؤسه وتأكيد قيادته لحركة "فتح", وترؤسه للجنتها المركزية
التي تضم كذلك محمود عباس نفسه.. وذلك من خلال تأديب الحكومات العربية
لرفض استضافة هذا الإجتماع.
وفي
المقابل, فتح القدومي ابوابه لاستقبال القادة الميدانيين لتنظيم "فتح"
في الأراضي الفلسطينية المحتلة, الذين يستقبلهم في عمان لدى زيارته
للعاصمة الأردنية, وفي تونس. كما استقبل بعضهم أثناء زيارته الأخيرة
لدمشق.
كذلك, فقد أخذ القدومي يصدر التعميمات التنظيمية, وتتولى توزيعها على
الأقاليم الدائرة السياسية, إلى جانب مفوضية التعبئة والتنظيم برئاسة
حليفه محمد راتب غنيم (أبو ماهر).
ثالثا: يتواجه الرجلان الآن في لبنان عبر تحالف القدومي مع دمشق,
ومحاولة عباس الإستقواء بالقرار الدولي 1559, والولايات المتحدة
الأميركية.
القدومي بصفته رئيسا لحركة "فتح" زار لبنان مؤخرا عبر البوابة السورية,
حيث التقى قادة "فتح" وقواعدها التنظيمية والعسكرية في لبنان. وأدرك
عباس أن القدومي الذي يتمسك بالثوابت القلسطينية مشترطا تحقيقها مقابل
الحل السياسي مع اسرائيل, قد يحرك مقاتلي "فتح" لاستئناف القتال عبر
الجنوب اللبناني من خلال تحالفه مع حزب الله, والغطاء السياسي والأمني
الذي يوفره له تحالفه مع سوريا.
إزاء, ذلك, بادر عباس, من موقعه كرئيس للسلطة الفلسطينية الى اتخاذ
قرار بإرسال وفد رفيع لبيروت فور تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة عمر
كرامي (حليف سوريا) لإبلاغه, وابلاغ الرئيس أميل لحود حليف سوريا
الآخر, تعهده بتنفيذ البند الثالث من القرار 1559 الذي يدعو الى "حل
ونزع اسلحة كافة المليشيات اللبنانية وغير اللبنانية".
وبهذا التعهد يحرج عباس الرئيس لحود والرئيس كرامي مع سوريا, ومع
حليفهما الوحيد داخل لبنان الآن, وهو حزب الله, الذي يشمله هذا
البند..!
وفي
ذات السياق, أعلن نبيل شعث نائب رئيس حكومة السلطة استعداد الجانب
الفلسطيني لإعادة النظر في اتفاقية القاهرة التي تنظم الوجود الفلسطيني
في لبنان.
وبذلك, فإن ضغوط رئيس السلطة ونائب رئيس حكومته تتجاوز سوريا ولبنان
وحزب الله الى الفصائل الفلسطينية الأخرى التي لها وجود عسكري, وسياسي
واعلامي في لبنان مثل حركتا "حماس" والجهاد الإسلامي, والجبهتان
الشعبية والديمقراطية, والجبهة الشعبية ـ القيادة العامة ـ ..الخ..
ازاء ذلك بادر سلطان أبو العينين, أمين سر حركة "فتح" في لبنان, الذي
يشغل كذلك أمين سر لجنة التنسيق بين الفصائل الفلسطينية, الى التصريح
بأن السلاح الموجود داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان هو سلاح فردي
مماثل لما هو موجود في كافة أنحاء لبنان, وتمتلكه كل الطوائف
اللبنانية. وطالب بضمانات سياسية وأمنية للمخيمات الفلسطينية وحقوق
اللاجئين قبل التحدث عن تسليح المخيمات. وأكد أن السلاح الفلسطيني ليس
موضع مساومة.
ولكن, ماذا لو نجحت المعارضة اللبنانية في اطاحة الرئيسين لحود
وكرامي..؟
يجيب المراقبون إن مبادرة عباس لن تقتصر اثارها السلبية في هذه الحالة
على شخص القدومي, بل ستتجاوزه إلى كل الأطراف المشار إليها من قبل.
المؤتمر العام
رابعا: ومع ذلك, تظل ساحة المواجهة الأساس بين الرجلين المؤتمر العام
لحركة "فتح", والمجلس الوطني الفلسطيني.
فيما يتعلق بالمؤتمر العام, يضاعف تيار عباس جهوده حاليا من أجل ضمان
الإستئثار بأغلب مقاعد المؤتمر بهدف الإطاحة بالقدومي ورموز تياره, تحت
شعارات من طراز اعطاء الفرصة للشباب. وتؤكد المصادر أن عباس يقف شخصيا
وراء الإستقالات الأخيرة من عضوية مكتب التعبئة والتنظيم في الضفة
الغربية وقطاع غزة, في محاولة لتحجيم هاني الحسن مسؤول هذا المكتب
وحليف القدومي.. ذلك أن معظم الذين اعلنوا استقالاتهم ثم تراجعوا عنها
بعد التقائهم بأبي مازن, هم من انصاره ورموز تياره..!
وقد
هدفت هذه الإستقالات الى تحجيم هاني الحسن والأعضاء الآخرين في اللجنة
المركزية الذين سبق لخلافاتهم مع أبي مازن, يوم كان رئيسا للوزراء, أن
دفعته للإستقالة من رئاسة الحكومة, ومن عضوية اللجنة المركزية وكامل
حركة "فتح", والإعلان أنه لن يعود أبدا لعضوية هذه الحركة.
وتضيف المصادر أن عباس يريد التخلص من التشكيلة الحالية للجنة
المركزية, ليس فقط من قبيل الإنتقام, ولكن تخلصا من تمسكها بحقها في
امتلاك القرار السياسي والتفاوضي, والزام عباس به, وبضرورة أخذ
موافقتها على كل صغيرة وكبيرة, بما من شأنه أن يعرقل تقدمه على طريق
الحل السياسي مع اسرائيل, طالما أن اللجنة المركزية تصر على التمسك
بكل الثوابت الوطنية.
وجزء اساس من الصراع مع هاني الحسن واللجنة المركزية ينصب الآن على
محاولة الإفلات من رقابة اللجنة المركزية على قوائم المرشحين للمجلس
التشريعي الفلسطيني.. حيث يريد تيار أبو مازن أن يشكل هذه اللوائح خارج
رقابة اللجنة المركزية التي يحظى بدعم اقلية ضئيلة فيها.
مقابل ذلك, يعمل القدومي على تشجيع "حماس" والجهاد الإسلامي على خوض
انتخابات المجلس التشريعي, وتكريس تحالفه معهما, بهدف أن يحقق نواب
الحركتين الإسلاميتين مع نواب تياره في المجلس التشريعي توازنا, إن لم
يكن تفوقا على نواب عباس وتياره.
في
ذات السياق, يقترح القدومي على الفصائل الفلسطينية في الخارج تسمية
ممثليهم في المجلس الوطني الفلسطيني من الخارج. ليشكلوا اغلبية السلطة
التشريعية الفلسطينية, التي يعتبرالمجلس التشرعي جزءا منها.
المواجهة مستمرة ومتواصلة, وحسمها, كما يرى المراقبون, سيكون رهنا بمدى
تجاوب فصائل المقاومة الأخرى مع القدومي, ومدى تأثير الضغوط الأميركية
على سوريا وهذه الفصائل.
|