عباس يقع ارضا  ويتخلى عن دوره في تشكيل قائمة "فتح"
 

خلال اجتماع صاخب للجنة المركزية مساء الجمعة

 

24/12/2005

ـ القدومي زار القاهرة بدعوة من المخابرات المصرية وسليمان يعمل على تحييده

ـ "حماس" تخطط لعم الفوز بأغلبية التشريعي وتدعم موافقين على الحلول المرحلية

ـ الرجوب:عصابات فرضت القائمة على عباس..لم يعدها ولاعلاقة لـ "لمركزية" بها

ـ قريع وفتوح غير جادين بالإنسحاب.. يتكتكان لتأجيل الإنتخابات أو الفوز على قائمة النسبية     

 

عمان ـ شاكر الجوهري:

أبلغت مصادر فلسطينية موثوقة "الوطن" أن محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية أصيب مساء أمس الأول (الجمعة) بعارض صحي أثناء ترؤسه اجتماعا للجنة المركزية لحركة "فتح" في مقره برام الله استدعى استدعاء الأطباء لمعالجته, بعد أن وقع على الأرض.

وقال المصادر إن عباس ارتفع ضغطه بشكل مفاجىء جراء احتدام الخلاف بينه وبين أعضاء اللجنة المركزية حول توحيد القائمتين اللتين تم ترشيحهما باسم حركة "فتح" للإنتخابات التشريعية الفلسطينية, حيث يريد عباس توحيد القائمتين في قائمة واحدة, بموجب نصيحة تلقاها من عمرو سليمان مدير المخابرات المصرية الذي زار الأراضي الفلسطينية مؤخرا, في حين ترفض غالبية اللجنة المركزية ذلك.

وتضيف المصادر أن عباس أبلغ أعضاء اللجنة المركزية في حالة غضب أنه يسحب يده من الأمر, ولتتفضل اللجنة المركزية بإدارة الأزمة وفقا لما تراه وتريده. وبناء على ذلك, فقد عقدت اللجنة المركزية اجتماعا صباح أمس (السبت) في رام الله تغيب عنه عباس.

غير أن اللواء جبريل الرجوب أحد أبرز الأسماء في قائمة المستقبل, ومستشار الشؤون الأمنية لعباس, ينفي في اتصال هاتفي أجرته معه "الوطن" تعرض عباس لأي عارض صحي. وقال إنه ينفي ذلك بكل ثقة, منتقدا في ذات الآن القائمة الرسمية لحركة "فتح" قائلا إنها قائمة هزيلة, نافيا أن تكون اللجنة المركزية هي من اعدتها, أو الرئيس عباس. وأضاف إن هذه القائمة لم تعدها اللجنة المركزية, وقد سألت ثمانية من أعضاء اللجنة المركزية عن تشكيلة القائمة, فنفوا علاقتهم بها. ونفى الرجوب كذلك أن يكون عباس هو من أعد هذه القائمة. وقال إنها فرضت عليه من قبل من اسماهم بـ"عصابات" لم يحددها.

الرجوب: موقفنا ايجابي

ورفض الرجوب القول إن لهجته تحولت نحو الإيجابية اتجاه عباس, بعد أن كان حمله مسؤولية الأزمة الراهنة في حركة "فتح". وقال "إنني لا زلت أحمله المسؤولية, لأنه الوحيد القادر على احتواء الأزمة, وأنا لا أستطيع الإنتقاص من الرئاسة, لأنها العنوان الوحيد الذي لديه شرعية", ورفض "الإنتقاص من شخص الرئيس بغض النظر عن شخص الرئيس". وأضاف "أما إن أردت التحدث عن اللجنة المركزية, فعندها يمكن أن نتحدث عن العمر والمؤتمر العام".

وأشار الرجوب إلى أنه وممثلين آخرين عن قائمة المستقبل التقوا صباح أمس ممثلين عن اللجنة المركزية. وأكد أنه ورموز قائمة المستقبل مع توحيد قائمتي "فتح" في قائمة واحدة. ووصف موقفه ورفاقه بأنه "ايجابي, وسيظل ايجابيا". وقال "ابلغناهم موقفنا الذي يتلخص في الإلتزام بالمعايير التي أقرتها اللجنة المركزية العليا للإنتخابات, وهذا ما ينهي الأزمة".

وتتلخص هذه المعايير في مراعاة نتائج الإنتخابات التمهيدية (البرايمرز), واختيار شخصيات تحظى بالقبول من الناخبين.

وأشاد الرجوب بموقف عدد من أعضاء اللجنة المركزية, قال إنهم يدفعون باتجاه الإلتزام بالمعايير لاستعادة وحدة الحركة. وأشار إلى أن عباس زكي خصوصا يلعب دورا ايجابيا كبيرا في هذا الإتجاه, وكذلك هاني الحسن وصخر حبش.

وقال الرجوب إن سبب احتجاجه ورفاقه على القائمة التي شكلت باسم "فتح", هو "عدم معقوليتها". وأضاف "كان احتجاجنا بصوت مسموع, وذلك بهدف توحيد جهد الحركة باتجاه معركة بناء نظام يقوم على التعددية السياسية. وهذا هو موقفنا".

استجابة البرغوثي

مصادر فتحاوية أخرى معارضة للقائمتين تؤكد وجود دور اسرائيلي في تشكيل قائمة المستقبل, وذلك استنادا إلى وعد تلقاه دحلان وقدوره فارس من جوفال ديختن مدير المخابرات الإسرائيلية بالعمل على اطلاق سراح مروان البرغوثي في حال موافقته على أن الفلسطينيين هم فقط سكان الضفة الغربية وقطاع غزة, وأن الكفاح المسلح والعمل العسكري أصبح من ادبيات "فتح" القديمة, وأن العمل السلمي هو النهج الذي ينسجم مع متطلبات المرحلة الراهنة.

وتضيف المصادر أن ديختن هو الذي رتب زيارة لكل من دحلان وفارس للبرغوثي في سجنه, الذي وافق على البندين, وبناء على ذلك تم تشكيل قائمة المستقبل. وتقول هذه المصادر أن شيمون بيريس رئيس حزب العمل السابق قرر دعم هذه القائمة بمبلغ 7,5 مليون دولار من "مركز بيريس للسلام", وذلك بعلم مسؤولين اميركيين, علما أن الإدارة الأميركية تدعم كذلك قائمة الطريق الثالث, التي يرأسها سلام فياض وزير المالية المستقيل, وتضم إلى جانبه الدكتورة حنان عشراوي وياسر عبد ربه.

دور سليمان

وتلفت هذه المصادر إلى الدور الهام الذي لعبه الوزير عمر سليمان مدير المخابرات المصرية في اقناع عباس بتوحيد قائمتي "فتح". وتقول إن سليمان زار رام الله بعد مضي اسبوع على اعلان تشكيل قائمة المستقبل, جرى خلاله تقييم الموقف على الأرض, حيث تم استخلاص ما يلي:

اولا: عدم وجود حظوظ كبيرة لقائمة المستقبل بالفوز, إذ قد يفوز عدد محدود من اعضائها, من الواردة اسماءهم في مقدمة القائمة.

ثانيا: أن خوض "فتح" الإنتخابات بقائمتين يزيد من فرص "حماس" بالفوز.

وعلى ذلك, باشر سليمان جهدا ميدانيا تحت عنوان توحيد القائمتين, وهو ما رفضته غالبية مركزية "فتح", خاصة وأن توحيد القائمتين مرشح لأن يتم على قاعدة عدم ادراج أسماء الوزراء وأعضاء المجلس التشريعي الحاليين وأعضاء اللجنة المركزية في قائمة التمثيل النسبي, ما يقلل من فرصهم بالفوز, في حين أن عددا بارزا من رموز قائمة المستقبل قرروا أساسا خوض الإنتخابات في الدوائر الفردية, حيث سيخوض دحلان الإنتخابات في دائرة خان يونس, والرجوب في دائرة دوره/الخليل وقدورة فارس في دائرة سلواد.

وبموجب اقتراح سليمان, الذي وافق عليه عباس, سيتم اخراج الوزراء والنواب وأعضاء المركزية من القائمة النسبية, وكذلك اخراج رموز قائمة المستقبل منها. وهذا ما ترفضه اللجنة المركزية لأنها تشك في امكانية نجاح من سيتم اخراجهم من القائمة في التنافس الفردي, في حين أن رموز قائمة المستقبل مرشحون للفوز في هذه الحالة.

اسباب انسحاب قريع وفتوح

بهذا تفسر المصادر الموثوقة الرسالة التي وجهها كل من أحمد قريع وروحي فتوح لعباس يبلغانه فيها رغبتهما سحب ترشيحهما من القائمة الرسمية.

ابتداء تشكك المصادر بجدية هذا الموقف, وتقول لو كان قريع وفتوح جادان في موقفهما لوجها رسالتهما للجنة العليا للإنتخابات, كي تقوم بشطب اسميهما من قائمة "فتح", وليس لعباس كي يفتح حوارا معهما حول اسباب هذا الموقف وشروطهما للتراجع عنه..!

وتضيف المصادر إن قريع وفتوح اوردا ثلاثة نقاط في رسالتهما تؤشر على أن موقفهما يعبر عن خشية من الفشل, ورغبة في الفوز على قائمة "فتح" النسبية. فهما يطالبان ابتداء بتأجيل الإنتخابات, ومن شأن ذلك ابقائهما في منصبيهما الحاليين (رئيس الوزراء ورئيس المجلس التشريعي). واحتياطيا عدم توحيد قائمتي "فتح", بما يبقيهما ضمن القائمة النسبية التي يحتلان فيها موقعين متقدمين, بما يضمن لهما الفوز بفضل وزن وثقل "فتح". أما البند الثالث فهو رغبتهما بسحب ترشيحهما, وذلك في حال عدم ضمان بقائهما في موقعيهما, أو فوزهما مجددا..!

وتبدي المصادر اعتقادها في أن عباس يفضل التخلص من الرجلين, فشلا في الإنتخابات أو انسحابا منها, وذلك جراء خلافه المزمن مع قريع, وعدم اقتناعه بفتوح, الذي كان الرئيس الراحل ياسر عرفات فرضه رئيسا للمجلس التشريعي بهدف ابعاد رفيق النتشة, الرئيس الذي خلف قريع في بداية الأمر, وكان يلوح بفتح ملفات فساد من العيار الثقيل, بما في ذلك ملف سهى الطويل..!

الى ذلك, فإن عباس يدرك أن تحالف فتوح الأساسي هو مع محمد دحلان, وإن كانت مصالح آنية تفرق بينهما في الوقت الراهن.. في حين أن عباس بدأ, مع تشكيل قائمة المستقبل, يستشعر خطر دحلان, جراء عدم وجود حدود لطموحاته, بعد أن كان يعتقد أن دحلان يمكن أن يكون أحد بيادقه في لعبة شطرنج أكبر.

تكتيك "حماس"

في هذا الإطار, تكشف المصادر أن حركة "حماس" قررت عدم إلقاء كامل ثقلها في انتخابات المجلس التشريعي, وأنها تخطط لعدم الفوز بأغلبية برلمانية. فهي تخطط للفوز فقط بأربعين بالمائة من مقاعد التشريعي, على أن يفوز عشرون بالمائة من المستقلين المدعومين من قبلها, ومن بينهم الدكتور حسن الخريشه النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي الحالي, وزياد أبو عمرو عضو المجلس الحالي, واللواء مصباح صقر أحد قادة "فتح" السابقين, الذي لعب دورا بالغ الأهمية في مقاومة الإحتلال الإسرائيلي قبل قيام السلطة, وتمت تنحيته من قبل ياسر عرفات عن مدير الأمن الوقائي في الضفة الغربية وقطاع غزة, وحبسه بعد قيام السلطة.

وترد المصادر اصرار عباس على اجراء الإنتخابات في موعدها, ورفضه مطالبات أعضاء بارزين في اللجنة المركزية بتأجيلها الى العوامل التالية:

أولا: أنه يراهن على أن يعجل فوز "حماس" بعدد من مقاعد المجلس التشريعي في بلورة مواقف سياسية لدى الحركة تتعامل بمزيد من البراجماتية مع الحلول المرحلية.

ثانيا: أن تبلور هذه المواقف من شأنه ابطال الحاجة الى أحد أهم استحقاقات المرحلة الأولى من خارطة الطريق, التي تتمثل في نزع اسلحة فصائل المقاومة وتفكيك بنيتها التحتية.

ثالثا: أن "حماس" لا تعتزم تحقيق أغلبية في المجلس التشريعي, وأن الذين تدعمهم لا يعارضون الحلول المرحلية.

رابعا: امكانية فشل رموز بارزين من خصومه داخل "فتح" في الإنتخابات. وخاصة أحمد قريع رئيس الوزراء المستقيل, وفتوح.

دعوة القدومي للقاهرة

في هذا الإطار كذلك جاءت الزيارة الأخيرة التي قام بها فاروق القدومي أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" للقاهرة خلال اليومين الماضيين, بدعوة من عمر سليمان مدير المخابرات العامة المصرية, كما تؤكد المصادر.

والهدف من هذه الزيارة هو محاولة تحييد القدومي في الخلاف الحالي المستعر داخل الأراضي الفلسطينية, خشية أن يدلي بمواقف علنية تصب المزيد من الزيت على النار المستعرة.

وتقول المصادر أن لا وزن عمليا للقدومي داخل معادلة الصراع, غير أن التصريحات والمواقف التي تصدر عنه يمكن أن توظف بشكل فعال لصالح هذا الطرف أو ذاك.

وفي هذا الإطار تكشف المصادر عن أن التصريحات التي صدرت عن جبريل الرجوب ومحمد دحلان بشأن موافقة القدومي المسبقة على تشكيل قائمة المستقبل ليست دقيقة. وتقول المصادر إن الرجوب أجرى اتصالا هاتفيا مع القدومي أبلغه خلاله اعتراضه على القائمة الرسمية التي شكلت باسم حركة "فتح", فأجابه القدومي كل يستطيع أن يدلي بدلوه, فاعتبر الرجوب ذلك موافقة على الترشح بمواجهة القائمة الرسمية, خاصة وأن القدومي صرح علنا بحق كل عضو في "فتح" بأن يرشح نفسه.
 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع