مصر والسلطة والفصائل .. حوار الطرشان
بقلم:
حمدي فراج
*
العنوان الاستهلالي والاستهلاكي في الوقت ذاته لاجتماعات القاهرة
الفلسطينية المصرية الفصائلية، هو "الوحدة الوطنية"، والصحيح هو اقناع
حركتي حماس والجهاد الاسلامي بالتحديد، وفي الواجهة الجبهة الشعبية،
ومن تحت الطاولة كتائب شهداء الأقصى،الكف
عن العمليات المسلحة، وبالتحديد الاستشهادية منها واطلاق صواريخ
القسام، وهما مهمتان سبغت بهما حماس والجهاد، والى حد ما كتائب الاقصى.
الاملاءات كما هو معروف تأتي من اسرائيل لمصر مباشرة دون وسائط، ومصر
لا تملك ان تقول لا لهذه السيدة المدللة عند رب النعمة الامريكية، التي
تدفع مقابل هذا الانصياع ما يناهز ثلاثة مليار دولار لمصر، عدا عن انها
اليوم تعرض الانسحاب الكامل من غزة، وتريد بالتالي ان تطمئنا
-
اسرائيل ومصر- ان لا تحل محلها حماس والجهاد والشعبية.
واسرائيل طبعا لا تطمئن الى تصريحات ولا تعهدات ولا وثائق، انما
لتحليلات اجهزتها التي تفيد انه في ظل فوضى السلطة وما زرعته من افساد
وفساد وجرائم وموبقات ضد عامة الناس عموما، وضد حماس والجهاد خصوصا،
بما في ذلك القتل المباشر (17 مصليا دفعة واحدة في مسجد فلسطين-
غزة)،
والاعتقالات والتعذيب والحط من الكرامة (حلق لحية الشيخ محمود الزهار
وعبد العزيز الرنتيسي وتشبيههما بفيفي عبده) وتسليم مناضلين واطلاق
النار في المظاهرات (آخرها مظاهرة تأييد بن لادن ومقتل اربعة)
والمداهمات واغلاقات المنابر المعارضة، وانتهاكات الأعراض والاثراء
الفاحش ... الخ الى ان وصل الأمر بوضع الشيخ القعيد احمد ياسين في
الاقامة الجبرية.
المطلوب اذن من مصر ان تقنع السلطة باجراء اصلاحات جذرية، وعلى رأسها
اختزال وتوحيد الاجهزة الأمنية، وتعيين مدراء جدد لها، وتعيين وزير
داخلية غير مرتبط بالفساد، وقد وصل الأمر بعمر سليمان ان يحدد اسماء
بعينها للاستبعاد بسبب تورطها في الفساد. طبعا الرئيس عرفات يرفض ذلك
دون ان يصرح، فيقدموا له الثمن المتعلق بنقله الى غزة بدلا من
المقاطعة. لكنه في ذات الوقت يطالبهم باقناع حماس اولا بالكف عن
عملياتها، فيذهب الى ابعد بكثير حين يعتبر منفذي عملية بئر السبع عملاء
للموساد، ويستذكر عملية بيت ليد للجهاد، على انها كذلك، وحتى تكتمل
صورة الفصائل المعارضة له، يسنكمل بعملية قتل الوزير العنصري زئيفي
التي نفذتها الجبهة الشعبية، والمعتقلين مع امينهم العام احمد سعادات
في سجنح بأريحا تحت الحراسة الامريكية البريطانية.
حماس والجهاد والشعبية، ينزلون عند مطالبات مصر، لكنهم يراهنون ان
عرفات سيرفض الاصلاحات المنشودة، ويقايضون وقف القسامات بوقف
الاغتيالات، والعمليات في الداخل بالعمليات في الضفة وغزة والمستوطنات
... وهكذا.
أما كتائب شهداء الاقصى، فهذه بحد ذاتها لها خصوصية خاصة جدا، فهي
تابعة لحركة فتح، وهي في نفس الوقت من أشد المناهضين لها ولرموزها
القيادية، وهي لا تلتزم، كما يقول قائدها في الضفة زكريا الزبيدي، الا
بقرارات الرئيس الرمز ياسر عرفات، لكنه يعتقد جازما ان استنكاراته
وشجبه للعمليات الاستشهادية بمثابة علاقات عامة وللرأي العام العالمي.
ويظل السؤال: متى ستثمر حوارات القاهرة؟ وكم من الوقت ستستغرق أكثرمما
استغرقت؟
****
**** ****
التقى أطرشان في الشارع، فسأل الأول الثاني: هل انت ذاهب الى السوق؟
فأجابه الثاني: لا والله، انا ذاهب الى السوق.
فقال له الأول: اعتقدت انك ذاهب الى السوق.
* كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم.
|