1/3/2005 

هل يؤدي الإفتراق السياسي بينهما إلى افتراق تنظيمي..؟

أبو مازن تجنب التقاء القدومي في عمان فغادرها إلى تونس محتقنا

ـ تيار عباس يعمل على الإستئثار بمؤتمر "فتح" وقيادة منظمة التحرير لتسهيل الحل التفاوضي

ـ القدومي يريد اثبات رئاسته لـ"فتح" وعقد المؤتمر العام في الخارج بعيدا عن أمن دحلان في غزة

ـ صخر حبش يطالب باختيار التنظيم لمرشحي المؤتمر والإنتخابات التشريعية وقطع الطريق على المخالفين

عمان ـ شاكر الجوهري:

كشف عدم التقاء فاروق القدومي رئيس حركة "فتح" مع محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، خلال زيارة الأول للعاصمة الأردنية، ومرور الثاني بها، عن حجم الخلاف الناشب بينهما، والذي ظل القدومي يعمل على اخفائه ونفيه، فيما كان عباس يكتفي بالتنفيس عنه بشكل موارب في مجالسه الخاصة.

القدومي كان وصل العاصمة الأردنية مساء الإربعاء الماضي (23 شباط/فبراير)، وغادرها صباح الإثنين الماضي (28 شباط/فبراير)، فيما وصلها عباس مساء الأحد الماضي (27 شباط/فبراير)، وغادرها صباح اليوم التالي.

الرجلان اللذان كانا على خصام، ويعيشان حالة قطيعة حتى اليوم السابق لوفاة ياسر عرفات، الرئيس الفلسطيني السابق، التقيا بعد وفاته فقط مرة واحدة، ولوقت قصير جداً أثناء تشييع عرفات في القاهرة، دون أن يبحثا أي أمر من الأمور.

قبل ذلك، كان القدومي سارع إلى التنازل عن رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لعباس، خلال اتصال هاتفي اجراه معه من رام الله سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، العضو الثالث في مركزية "فتح" من جيل "الكرادلة" المؤسسين، وذلك مقابل الإقرار للقدومي برئاسة حركة "فتح"، التي يشغل أمين سر لجنتها المركزية.

وبعد لقاء القاهرة العابر، دعم القدومي بقوة ترشيح عباس لرئاسة السلطة الفلسطينية. وقد بلغ به الأمر حد التلويح بفصل مروان البرغوثي إن رشح نفسه منافسا لعباس.

الذين يعرفون بواطن الأمور يرون في موقف القدومي اقرار بعدم قدرته على مواجهة المعادلة الدولية والإقليمية الداعمة لعباس، ومحاولة لتوظيف دعمه له من أجل تعزيز مكانته كرئيس للحركة، ووزير لخارجية دولة فلسطين، وهو المنصب الذي انتخبه له المجلس الوطني الفلسطيني في دورة انعقاده في الجزائر سنة 1989. ولذلك، حرص القدومي بعد وفاة عرفات على أن يقدم صفته كوزير لخارجية فلسطين، على صفته الأهم كرئيس لحركة "فتح"، في الكتب والمذكرات والتصريحات الرسمية التي تصدر عنه.

أمل لا يتحقق

يضيف هؤلاء أن القدومي توقع أن يرد عباس له الجميل بإلغاء وزارة الشؤون الخارجية في حكومة السلطة التي كان يشغلها الدكتور نبيل شعث، متجاهلا حقيقتين:

الأولى: أن تعيين وزير للشؤون الخارجية في حكومة السلطة هدف اساسا إلى ابراز وزير خارجية بديل له، يتحدث بمنطق السلطة، ويمثل السياسات التي ينتهجها عباس، والتي اسقطت خيار المقاومة من حساباتها، وهو الخيار الذي ظل يتمسك به القدومي حتى الآن، إلى جانب رفضه المتواصل الموافقة على اتفاق اوسلو، وامتناعه عن دخول الأراضي الفلسطينية لهذا السبب.

الثانية: أن عباس الذي لا تربطه به سابقا غير رابطة القطيعة، والذي يختلف معه بشكل جذري من حيث توجهاته السياسية، هو من كان خاطب عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية يوم كان (عباس) رئيساً لوزراء السلطة، طالبا اعتماد الدكتور شعث بدلاً عن القدومي ممثلا لفلسطين في الإجتماعات العربية. ويومها وجد موسى نفسه مضطرا لمخاطبة الرئيس عرفات الذي ثبَّت (بتشديد الباء) القدومي من موقع خلافه هو نفسه مع عباس، وخشيته من أن يفقد تمثيله، من خلال القدومي، في المحافل العربية.

ومع ذلك، فقد ظل القدومي يؤمل النفس بأن يقدم عباس على الغاء منصب وزير الشؤون الخارجية في حكومة السلطة، مع تشكيل أول حكومات العهد الجديد. وتؤكد المصادر أن القدومي الذي استمرت قطيعته مع عباس بعد انتخابه رئيسا للجنة التنفيذية ورئيسا للسلطة، حيث لم تجر بينهما أية اتصالات هاتفية، أو عبر أي وسيلة، للتنسيق في أي أمر من الأمور، ما فسح المجال لعباس أن يستأثر بكل الصلاحيات الفعلية على الأرض، بما في ذلك ترؤسه لإجتماعات اللجنة المركزية لحركة "فتح"، بصفته النائب الأول لأمين السر.. تؤكد المصادر أنه (القدومي) بادر لإجراء اتصالات مع عدد من اعضاء اللجنة المركزية للحركة خلال وجوده في عمان مطالبا اياهم العمل على اقناع أبي مازن بإلغاء منصب وزير الشؤون الخارجية، لكن عباس أصر على الرفض.

اربعة عصافير بحجر

ولم يكتف عباس بذلك، لكنه اختار لهذه الحقيبة الدكتور ناصر القدوة إبن شقيقة الرئيس السابق ياسر عرفات ليضرب بهذا التعيين اربعة عصافير بحجر واحد.

العصفور الأول: افساد العلاقة التي كانت حميمة بين القدوة والقدومي، حين كان القدوة ممثلا لمنظمة التحرير الفلسطينية في الأمم المتحدة.

العصفور الثاني: فسح المجال أمام تعيين مندوب فلسطين جديد في الأمم المتحدة محسوب على تيار عباس، بما من شأنه عزل القدومي عن تمثيل فلسطين امام المجتمع الدولي.

العصفور الثالث: افقاد القدومي امكانية التحالف مع اقارب عرفات ومحاولة الظهور في مظهر الوريث الشرعي له في قيادة التيار السياسي الذي كان يمثله.

العصفور الرابع: احلال عباس لناصر القدوة محل اللواء موسى عرفات الذي سبق للرئيس عرفات أن عينه قائدا للأمن الوطني في قطاع غزة بمواجهة العقيد محمد دحلان حليف أبو مازن.. ذلك أن تعيين القدوة من شأنه أن يسهل اطاحة موسى عرفات دون أن يتمكن أحد من القول أن الرئيس الجديد يصفي رجال الرئيس السابق..!

وتؤكد المصادر أن القدومي غادر عمان وهو في حالة احتقان شديدة، ليس فقط جراء تعيين القدوة وزيرا للخارجية، وترقية الدكتور شعث إلى نائب رئيس الوزراء، واسناد حقيبة الإعلام له، ليصبح بذلك المعبر الرسمي عن السياسات الرسمية الفلسطينية غير المنسجمة مع سياسات ومواقف القدومي، وإنما كذلك لأن عباس تعمد عدم التقائه في عمان.

كيف..؟

توجد في العاصمة الأردنية بناية تتألف من ثلاثة ادوار تتبع السفارة الفلسطينية وتسمى "دار الضيافة". وكان القدومي استأثر لنفسه منذ زمن بالدور الثالث من هذه الدار، فيما استأثر عباس بالدور الثاني، وظل الدور الأول منزلا للسفير المريض عمر الخطيب. ومع أنه تصادف أن أقام القدومي وعباس مراراً، وبشكل متزامن في هذه الدار، إلا أنهما لم يلتقيا باستثناء مرة واحدة قدم خلالها القدومي التعزية لأبي مازن بوفاة ابنه مازن، واطمأن أبو مازن بدوره عن صحة القدومي الذي كان يعالج اسنانه في الأردن.

في هذه المرة، كان القدومي ينتظر لقاء مفصلياً مع أبي مازن من أجل أن يضعا خلاله بعض النقاط المفصلية على بعض الحروف. لكنه فوجىء بأن عباس لم ينزل في دار الضيافة، إنما اقام في فندق الرويال الذي يملكه المستثمر العراقي نظمي اوجي. ولم يحدث أي اتصال بين الرجلين، وهو ما زاد من حالة الإحتقان لدى القدومي.

ولكن، ما الذي كان القدومي يريد أن يناقشه مع عباس..؟

هنالك سبعة عناوين رئيسة كان يعتزم القدومي بحثها مع أبي مازن، وكما يلي:

تقاسم الصلاحيات

اولا: تقاسم الصلاحيات بينه وبين الدكتور القدوة. إذ ما دام عباس أصر على تعيين وزير للشؤون الخارجية في حكومة السلطة، فليتم تكريس قرار سابق للجنة المركزية لحركة "فتح" يقضي بتوزيع الأدوار بين وزير الخارجية (القدومي) ووزير الشؤون الخارجية (شعث في حينه) وأن يكون القدومي مختصا بتمثيل فلسطين في الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية ومسؤولا عن السفارات الفلسطينية، فيما يتولى شعث الإتصالات مع الدول الأوروبية.

ثانيا: تفويض القدومي، باعتباره وزيرا لخارجية دولة فلسطين بصلاحيات رئيس دولة فلسطين لجهة قبول اوراق اعتماد السفراء المعتمدين لدى القيادة الفلسطينية، والتوقيع على كتب اعتماد سفراء فلسطين لدى الدول الأخرى.

ثالثا: التأكيد على استمرار صرف موازنة الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتحويل موازنة رئيس حركة "فتح" التي كانت تصرف لأبي عمار للقدومي.

اجتماع المركزية والمؤتمر العام

رابعا: الإتفاق على تاريخ وجدول أعمال اجتماع اللجنة المركزية لحركة "فتح" في الخارج. وكانت اللجنة المركزية اتخذت مؤخرا قرارا بعقد اجتماع في الخارج برئاسة القدومي. والمكان المرشح لإستضافة الإجتماع هو العاصمة الأردنية عمان. ويريد القدومي أن يؤكد في هذا المجال على عدة أمور أهمها مشاركة عباس شخصيا في الإجتماع، وذلك في تعبير عن خشيته من أن يتغيب عباس عن الإجتماع ولا يعترف بنتائجه، كما كان يفعل عرفات لجهة عدم اعترافه بأي قرار يتخذ في غيابه.

كذلك، يريد القدومي أن يتفق مع عباس على جدول اعمال الإجتماع,. كما أنه يريد أن يطمئن لجهة عدم وجود مساع تبذل في الخفاء لجعل الأردن أو غيره من الدول العربية يرفض اجتماع اللجنة المركزية على اراضيه.

خامسا: الإتفاق بشأن مسائل خلافية تتعلق بانعقاد المؤتمر العام السادس لحركة "فتح"، الذي قررت اللجنة المركزية عقده في آب/اغسطس المقبل، في ذكرى ميلاد ياسر عرفات.

وكانت اللجنة المركزية قررت بعد وفاة عرفات اعادة تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر برئاسة أبو مازن، بعد أن كانت مشكلة برئاسة هاني الحسن حليف القدومي.

ويريد القدومي أن يتوصل مع أبي مازن إلى "كومبرومايز" مبكر بشأن مكان انعقاد المؤتمر، وتشكيلته، وتشكيلة اللجنة المركزية والمجلس الثوري اللذان سيتم انتخابهما فيه، وذلك في ضوء تقارير بلغت مسامعه تفيد ما يلي:

1ـ أن تيار أبو مازن يصر على عقد المؤتمر العام في قطاع غزة، لتتم السيطرة أمنيا على توجهاتها وتصويت أعضاء المؤتمر، وهو ما يرفضه القدومي، ويصر على عقد المؤتمر في الخارج.

2ـ أن هذا التيار يعمل على عدم انتخاب ممثلي التنظيم للمؤتمر من قبل القواعد، وانما اللجوء إلى تعيينهم من خلال لجنة قيادية، كما كان يجري في عهد عرفات، مع تقليل عدد ممثلي تيار القدومي، وزيادة عدد ممثلي تيار عباس.

3ـ يهدف ما سبق إلى جعل اجراء تغييرات على البرامج السياسية والمبادىء الحركية متاحاً، بما يحول حركة "فتح" من حركة نضالية إلى شبه حزب سياسي.

4ـ وكذلك إلى انتخاب لجنة مركزية جديدة تتشكل اساسا من أنصار أبو مازن، مع الإبقاء على عضوية اعضائها القدامى (القدومي، سليم الزعنون، محمد راتب غنيم) ولكن ليشكلوا أقلية غير مؤثرة، وبما يفسح المجال أمام انتخاب عباس رئيسا للجنة المركزية بدلا من القدومي.

وفي هذا السياق، يبدي عباس اهتماما خاصاً لجهة الإسراع في اقرار قانون التقاعد بهدف  التخلص من القادة العسكريين والكوادر الفتحاوية القديمة عبر المغريات المالية، بما يؤمن له تصعيد انصاره من الكوادر الجديدة امثال محمد دحلان وغيره.

وتؤكد  مصادر "الوطن" أن كل ذلك يجري التخطيط له بمعرفة الولايات المتحدة الأميركية وعدد من دول الإقليم.

ويحظى القدومي بدعم جميع اعضاء اللجنة المركزية المقيمون في الخارج (اللواء محمد جهاد، محمد راتب غنيم مفوض التعبئة والتنظيم، وسليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني الذي يتابع بحذر توجهات تقضي بإهمال، إن لم يكن تفكيك، منظمة التحرير لصالح السلطة الفلسطينية ومؤسساتها). كما يحظى بدعم غالبية اعضاء اللجنة المركزية المقيمون في الداخل، وخاصة صخر حبش مفوض الشؤون الفكرية والدراسات، وهاني الحسن وعباس زكي.

انحياز حبش

وقد استأنف حبش الإثنين الماضي (28/2/2005) اصدار نشرة "فتح" المركزية التي تعبر عن وجهة نظر ومواقف الحركة الرسمية، كما تقرها اللجنة المركزية، حيث طالب في افتتاحيتها بإعادة ترتيب البيت الفتحاوي على أسس ديمقراطية. قال حبش في الافتتاحية "حيث أن معركة الديمقراطية التي انفتحت على مصراعيها تستلزم الإستعداد لخوضها في مجال استكمال انتخابات الحكم المحلي في نيسان/ابريل المقبل وكذلك انتخابات المجلس التشريعي في تموز/يوليو المقبل، فإن حركة "فتح" مطالبة منذ الآن أن تعيد ترتيب البيت الفتحاوي في نفس الوقت الذي تحرص فيه على ترتيب البيت الفلسطيني، فالوحدة الفتحاوية الراسخة هي ضمانة أكيدة لوحدة وطنية اكثر رسوخاً. ولمواجهة استحقاقات الإنتخابات العامة المحلية والتشريعية لا بد من تكريس الديمقراطية الفتحاوية لتعزيز الحياة التنظيمية الداخلية للحركة". واضاف، "حيث إن موعد انعقاد المؤتمر العام لحركة "فتح" يأتي بعد حوالي اسبوعين من موعد الإنتخابات العامة للمجلس التشريعي، فإن الجدول الزمني للتحضير للمؤتمر العام يمكن أن يتوافق بشكل كامل مع التحضير لانتخابات المجلس التشريعي، سواء بالنسبة لاختيار الأعضاء ديمقراطيا من خلال القاعدة التنظيمية للحركة ومن خلال استطلاعات الرأي العام الشعبي حول المرشحين، سواء كان ذلك على مستوى المرشحين للدوائر أو للقائمة النسبية".

واضاف "إن اهمية الانتخابات الداخلية لحركة "فتح" التي تتم من خلال انعقاد مؤتمرات المناطق حيث من خلالها يتم الإنتخاب المباشر لقيادات العمل في المناطق لتشكيل امانة سر المنطقة، اضافة إلى انتخاب العدد المطلوب لتمثيل المنطقة في مؤتمر الإقليم. وهنا يمكن توظيف هذه المؤتمرات المنعقدة قبل موعد انتخابات مجالس الحكم المحلي لتلعب دورا هاما في اختيار المرشحين الحركيين لهذه المجالس، كما أن انعقاد مؤتمرات الأقاليم قبل موعد الترشيح لانتخابات المجلس التشريعي سيعطي قيادة الحركة الفرصة لاختيار الأنسب للترشيح من خلال ديمقراطية مؤتمرات الأقاليم، التي إلى جانب دورها الأساسي في اختيار لجان قيادة الإقليم، فإنها تنتخب ايضا ممثلي الأقاليم للمؤتمر العام السادس الذي سيعقد بعد انتهاء الانتخابات التشريعية".

وحتى لا يقدم انصار أبو مازن على ترشيح انفسهم خارج القوائم المركزية للحركة، فقد اشارت الإفتتاحية إلى عدم جواز التساهل في هذا الأمر، كما حدث في انتخابات 1996. وقالت "هذه الظاهرة لا يجوز أن تتكرر، ولا يجوز لعضو الحركة الملتزم أن يرشح نفسه ضد القائمة الرسمية للحركة، إلا إذا اعلن أن استقلاليته تعني انفصاله عن الحركة واستقالته من عضويتها، وهو حق طبيعي لكل فرد لا يجوز منعه منه وفي هذه الحالة ليس من حقه هو بعد انتهاء موسم التشريعي في 17/7/2005، أن يطالب بعضوية المؤتمر العام السادس إن كان يستحقها قبل انفصاله. وبهذا تكون الحركة اعطت اهتماما واحتراما لعضويتها شريطة البعد عن محاولات الاستقطاب والقهر التنظيمي الذي يدمر مفهوم العدالة".

وقف تعديل الميثاق

سادسا: اعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني يما يضمن التوازن بين التيارين. وهنا يرى القدومي، وفقا للمصادر الوثيقة، أن لا يتم تعيين أحد في المجلس الوطني من المقيمين في الداخل، والإكتفاء بالأعضاء 132 في المجلس التشريعي الفلسطيني، الذي هو جزء من المجلس الوطني، واختيار 168 عضوا آخرين من الخارج. وقد عمل القدومي خلال زيارته الأخيرة لدمشق على اقناع بقية الفصائل الفلسطينية بذلك، إلى جانب اقراره بضرورة اعادة تفعيل منظمة التحرير ومؤسساتها.

القدومي بهذا الإقتراح يريد أن يضمن اغلبية تمثيلية في منظمة التحرير مؤمنة بأن الكفاح المسلح والمقاومة لا تزال خياراً مطروحاً إلى جانب خيار التسوية السياسية الذي تعمل اسرائيل على عرقلته وتعطيله.

ومن خلال هذه الأغلبية يريد القدومي أن يحقق ما يلي:

1ـ سيطرة الخط المقاوم على قيادة منظمة التحرير (اللجنة التنفيذية).

2ـ عرقلة تعديل المادة التاسعة من النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية التي تشترط في اعضاء المجلس الوطني أن يكونوا من المؤمنين بأن الكفاح المسلح هو الطريق لتحرير فلسطين، حيث يعمل تيار أبو مازن على تعديل هذه المادة.

وكان المجلس الوطني الفلسطيني في دورة انعقاده بغزة، وبحضور الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، اتخذ قرارا بتعديل الميثاق الوطني الفلسطيني، لكن هذا القرار لم ينفذ حتى الآن، حيث لم يعدل الميثاق فعلاً.. ذلك أنه مع اعلان المجلس الوطني في دورة الجزائر قيام دولة فلسطين، وانتخاب ياسر عرفات رئيسا لها والقدومي وزيراً لخارجيتها، أصبحت منظمة التحرير جزءا من مؤسسات دولة فلسطين، وعليه فإن أية قرارات تصدر عن مؤسسات وهيئات المنظمة تحتاج إلى مصادقة رئيس الدولة عليها، حتى تصبح سارية. ولم يحدث أن صادق عرفات على قرار تعديل الميثاق الوطني. ويعمل القدومي الآن على عرقلة مصادقة أبو مازن عليها، وذلك من خلال المطالبة (غير المعلنة حتى الآن) بعدم الجمع بين رئاسة السلطة ورئاسة الدولة، وهو ما كان يطالب به أبو مازن نفسه قبل أن ينتخب رئيسا للسلطة. وهو ما يفتح الطريق أمام القدومي لتولي رئاسة دولة فلسطين في الخارج.

الإنتخابات التشريعية

سابعاًَ: الإنتخابات التشريعية، وما تبقى من مراحل الإنتخابات البلدية، حيث يريد القدومي أن يتم اختيار التنظيم لمن يمثلوه في خوض هذه الإنتخابات حتى لا تتكرر النتائج المأساوية والكارثية التي حصدتها حركة "فتح" في المرحلتين السابقتين من الإنتخابات البلدية، لصالح حركة "حماس".

كل هذه النقاط والمسائل المفصلية لم تتم مناقشتها بين القدومي وعباس، وبالتالي، فقد ظل الإفتراق السياسي قائما بين التيارين، وبما ينذر بإمكانية تطوره إلى افتراق تنظيمي، وإن كان المراقبون لا يتوقعون تحقق مثل هذا التطور الدراماتيكي، لأنه ليس في صالح كلا من القدومي وعباس، ما دام الأول (القدومي) يراهن على افشال شارون لمشروع التسوية، بما يفترض أن يؤدي إليه ذلك من اسقاط لعباس، وما دام الثاني (عباس) يراهن على امكانية نجاح التسوية، وارغام معارضيه على اللحاق به، أو أن يسقطوا من حسابات التاريخ.

في اطار الإستعدادات للمستقبل، جاءت دعوة القدومي لتشكيل لجنة استشارية من الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، كخطوة على طريق تشكيل قيادة فلسطينية موحدة لا تقر التنازلات التي يمكن أن يقدمها عباس على طريق المفاوضات اللاحقة، وتشكل كابحا لسياساته. لكن مراهنة القدومي على الفصائل الأخرى، قد لا تكون في محلها، خاصة وأنها قد تمارس براغماتيتها المعتادة لجهة المراهنة فقط على الحصان الذي تراه رابحا. وحتى الآن، فإن عباس هو الرابح، فيما هي ليست على استعداد لأن تغامر بالإنخراط في عمل هدفه تربيح حصان آخر، حتى لو كان هو الأقرب إلى طروحاتها ومواقفها السياسية..!

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع