في مسألة عسكرة الانتفاضة
السفير محمد وفاء حجازي
الاسبوع المصرية 13/1/2005
أخونا أبو مازن أعلن بالصوت الحياني رفضه لعسكرة الانتفاضة!
..
يعني إيه؟! وما هو ذلك الشيء الذي يعسكر الانتفاضة أو لا يعسكرها؟!! ..
واضح أن
المقصود هو السلاح! .. وما هذه الصيحة التي أطلقها أبو مازن إلا دعوة
موجهة لمنظمات
المقاومة الفلسطينية بإلقاء سلاحها والتجرد منه، وأنها إذا أقدمت علي
هذا التصرف
الحكيم الذي يدعو إليه أبو مازن .. تكون قد نفت عن نفسها تهمة العسكرة
التي تجلب
عليها سوء السمعة وتنسب إليها قلة الأدب وانحطاط السير والسلوك.
وبمعني آخر أن
'اخونا
أبو مازن' بإعلانه رفض عسكرة الانتفاضة إنما يبلغ في حقيقة الأمر
منظمات
المقاومة .. رسالة مفادها بالعربي الفصيح .. والبلدي المريح: غإحنا مش
عايزين
انتفاضة ولا دياولوف ذلك أن الانتفاضة بلا سلاح تفقد مبرر وجودها،
وتحيلها إلي هشيم
تذروه ريح القمع الإسرائيلي وضربات الانتقام الصهيوني الذي لا يعرف
الهوادة ولا
الرحمة.
ودعوة الأخ أبو مازن .. أو محمود عباس بعد أن اعتلي عرش السلطة
الفلسطينية أمر مفهوم! .. إذ إنه من حق أسيادنا الحكام العرب وقد أصبح
هو واحدا
منهم، أن يحكمونا علي 'رواقة' وبدون ازعاج أو قلبة دماغ.
وحيث إن وجود السلاح في
أيدي أبناء الانتفاضة يثير حساسية الوغد شارون ويفجر لديه ينابيع الغضب
فينزل بهم
أشد
العقاب ويقمعهم بوحشية وبلا حساب، فلٍنلق هذا السلاح الذي لا يجلب
علينا سوي
التهلكة والخراب. خاصة انه سلاح فشنك يفرقع ولا يصيب، ولا يخربش ولا
يخدش .. وضرب
مثلا بصواريخ القسام التي وصفها في آخر تصريحاته انه لا جدوي منها ولا
طائل من
اطلاقها سوي انها زادت الطين بلا .. والأعداء غلا، وإذا ذكرته بأن
إسرائيل وجيشها
العنصري يمارسان القمع والردع والعدوان علي شعب فلسطين دون توقف وبغل
محموم قبل
الانتفاضة وبعدها وان شارون وغد زنيم، وبيريز حية رقطاء رد عليك .
وماله مسيرنا
نروضهم وطولة البال تهد الجبال وتبلغ الأمل.
وحبة .. حبة ناخد حقنا اللي ضاع
علينا(!!!) .. فإذا بينت له بالرسوم البيانية .. والإحصاءات الحسابية
أن 'الحبة
حبة' هذه هي نفسها الخطوة خطوة التي اخترعها كيسنجر .. والتي أدت حتي
الآن إلي ضياع
القدس وزيادة بناء المستوطنات وإقامة الجدار العازل والتوسع في
الاستيلاء علي
الأراضي العربية، وهدم منازل العرب وتدمير قراهم ومدنهم وآخرها رفح ..
وغزة .. وخان
يونس، بالإضافة إلي قائمة طويلة من الشهداء الذين صرعتهم يد الاغتيال
الصهيوني وعلي
رأسهم الرئيس ياسر عرفات، والمدن والقري التي اجتاحها جيش البطش
الإسرائيلي،
والمنازل والبيوت التي فتكت بها قبضة الغل الصهيوني.
ورغم كل ظواهر الإحباط التي
تبعث علي الأسي واليأس في إمكانه الوصول مع إسرائيل إلي حل سلمي أو حتي
شبه سلمي
يضع
نهاية محتملة للصراع الذي فجرته مع العرب منذ ما يزيد علي نصف قرن من
الزمان
..
وإن
اخونا أبو مازن لم يتوقف عن التبشير بأن تخلي الفلسطينيين عن عسكرة
الانتفاضة
سيفتح الطريق واسعا نحو الحل.
ولما سألناه: وهل هذا مضمون؟! رد متململا حرجا
..
متلعثما: لا .. ليس بالضرورة .. ولكن التفاهم مفيش أحسن منه والصلح خير!!
هو
احنا قلنا لأه؟! .. ولكن افرض يعني مثلا يعني أن الانتفاضة تخلت عن
سلاحها أو كما
تقول أنت عسكرتها .. وبعدين بدلا من أن يكون هذا مدخلا للسلام . رأي
فيها شارون
وزمرته فرصة لتصفية الانتفاضة والاجهاز عليها في ضوء قوائم الاغتيالات
التي أعدها،
فما
الذي سيكون عليه الحال؟! .. أليس من الأفضل أن تحتفظ الانتفاضة بسلاحها
مهما
كان
قديما تحسبا لهذا الاحتمال؟.
ولم
يلق اخونا أبو مازن أذنا مصغية لهذا الكلام
واستمر متمسكا بدعواه .. وانتهز فرصة أعياد الميلاد وارتدي حلة بابا
نويل الحمراء،
ووضع علي رأسه قلنسوته .. وحمل زكيبته خالية وخاوية من أية هدايا، وبدأ
جولة واسعة
في
كل من الضفة وغزة، وتوقف عند بيوت المنتفضين من شعب فلسطين إذا كان
مازال لهم
بيوت لم ينسفها زبانية العدوان الإسرائيلي، يدق أبواب هذه البيوت ..
فإذا خرج منها
أصحابها .. إذا كانوا مازالوا أحياء ظنوا أن بابا نويل أبو مازن جاء
ليوزع عليهم
الهدايا .. ولكنهم كانوا يفاجئون بأنه يطلب منهم بابا نويل مازن أن
يسلموه أسلحتهم
مع
الوعد بأنه سيأتي لهم بالسلام الإسرائيلي في المقابل، فمنهم من تعشم
خيرا وسلمه
السلاح ومنهم من رفض وأبي.
وفي
نهاية جولته تجمع في زكيبة بابا نويل مازن بعض
السلاح فتوجه لفوره إلي حيث يقيم شارون ليزف إليه انه وîفîي
بوعده وسيواصل جهوده في
خلع
أنياب الانتفاضة .. وبعد تفتيشه ذاتيا وبدنيا .. وذهنيا .. ونفسيا ..
علي مدخل
الشارع الذي يقع فيه بيت شارون .. طالب بلقاء شارون وبعد انتظار طال
سمح له شارون
باللقاء وعامله عن بعد وسأله شارون في تجاهل واستعلاء
عايز
إيه؟!
أن
تمن
علينا بعينة من السلام
فرد
عليه شارون..
أبقي
حوٌد علينا بكره لما نشوف
|