هآرتس - مقال - 12/12/2004

العرب قادمون، العرب قادمون

بقلم: تسفي برئيل

مراسل الصحيفة للشؤون العربية

            (المضمون: العرب يتسابقون لاقامة العلاقات مع اسرائيل وفتح باب الحوار معها ومن دون شروط مسبقة صعبة - المصدر).

            في يوم الخميس مساء كان في حالة نشوة، "لقد أصبت على الدوام، لا يمكن ان يكون هناك طريق آخر غير التمسك بالحوار مع الاسرائيليين. الآن على من هاجموني ان يلتهموا قبعاتهم". القائل مفكر مصري - يفضل الآن ايضا "بعد ان عقد السلام الجديد مع مصر"، ان يبقى مجهول الهوية - كان من نشطاء السلام المصريين البارزين في العقد الأخير، ودفع مقابل ذلك ثمنا باهظا. هو يشعر ان "عهدا جديدا قد بدأ: عهد السلام من خلال الصحوة والادراك".

            بعد ذلك بساعة تناقلت شبكات التلفزة السعودية واللبنانية ومعها "الجزيرة" و"العربية" نبأ فوز شارون في مؤتمر الليكود. التقارير والتحليلات كانت مماثلة من حيث الحجم لتقارير القمة العربية. انتصار شارون في مؤتمر الليكود أصبح فجأة أهم مسألة عربية راهنة. ولكن "النغمة الجديدة" لا تتحدد فقط من خلال التقارير المتلفزة وحدها.

            ورغم ان السلطات الكويتية نفت انها تنوي استئناف علاقاتها الدبلوماسية مع اسرائيل، إلا انه لم يكن من الممكن تجاهل أمر افتتاحية صحيفة "السياسة" الكويتية التي كتبها احمد جار الله في اليوم الذي زار فيه مبارك الدولة. جار الله خرج عن طوره وهو يثني على مصر التي وقعت اتفاق السلام مع اسرائيل. "يبدو أننا نصطف جميعا في غرفة الانتظار العربية للحظة فتح الباب ولو بشق صغير من اجل الاندفاع نحو اسرائيل"، قال صحفي اردني لصحيفة "هآرتس".

            الانتظار مزدوج. انتظار لخطوات اسرائيل، وانتظار لقرارات الحكومات العربية. على سبيل المثال تنوي مصر اعادة سفيرها الى اسرائيل بعد الانتخابات الفلسطينية لانها معنية بوضع مفوضية في مستوى ما في السلطة ايضا. الاردن ينتظر انتهاء المداولات حول اطلاق سراح سجنائه الأمنيين الاربعة في اسرائيل حتى يعيد السفير. اسرائيل التي كانت مستعدة لاعادتهم في اطار الصفقة الشاملة مع   حزب الله تصر الآن على عدم اعادتهم الى الاردن مباشرة. وربما سيتوجه الملك عبد الله بعد ذلك لزيارة اسرائيل أخيرا. الكويت، حسب مصدر مصري رفيع، ستكون مستعدة لعقد علاقات مع اسرائيل في اطار صفقة رزمة تشارك فيها كل دول الخليج. ليبيا قد تستبق هذه الخطوة. القذافي ألمح لذلك عدة مرات، وها هو الآن يدعو ممثلين اسرائيليين الى ليبيا.

            فما الذي ينتظرونه في "غرفة الانتظار" هذه؟ هناك ثلاثة قيود ما زالت قائمة مكبلة أيادي القيادات العربية: الانتخابات في فلسطين وفك الارتباط عن غزة واستئناف المفاوضات مع سوريا. هذه شروط يصعب تحملها كما يبدو للوهلة الاولى، ولكن المطلوب فعليا هو القيام بخطوات تمهيدية فقط. الانتخابات وفك الارتباط ليست انسحابا من كل المناطق وليست إزالة لكل المستوطنات ولا تشمل حق العودة وقضية القدس. استئناف المفاوضات مع سوريا ايضا ليس انسحابا من الجولان بعد. أضف الى ذلك ان الامر المدهش الأكبر قد حدث من قبل ان تُزال قرميدة واحدة من سطح منزل أحد المستوطنين في غوش قطيف، ومن قبل إزالة بؤرة استيطانية واحدة (هل تذكرون ذلك؟): شارون حصل على درجة الشرعية المطلوبة له من الرئيس المصري وليس هناك من يعترض على ذلك في الاسبوع القريب على الأقل في الدول العربية خصوصا عندما يعبر الأسد حتى عن استعداده للتحدث مع شارون وعرفات ليس في الساحة.

            شارون شد خيوط العملية السياسية الى صدره حتى يقودها ليس عندما أعلن عن فك الارتباط وانما عندما برهن انه مستعد للمخاطرة جدا حتى يطبقها. مصر أدركت بسرعة انها العربة الوحيدة التي يمكن من خلالها قيادة عملية سياسية ما. هي انضمت وفتحت نافذة الفرص الدورية المناوبة لعملية السلام مع مجموعة من المسافرين المنتظرين على قارعة الطريق. الآن ايضا ينتظرون في الدول العربية لرؤية العملية الديمقراطية في اسرائيل، واذا كان الليكود والفايغليون سيقومون بصد هذه الفرصة التي تلوح في الدورة الحالية.

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع