عرفات والتسامح!
د. جمال المجايدة
صحيفة الوطن القطرية 22/9/2004
الكل يتساءل عن سر إصرار الرئيس الفلسطيني عرفات أن يتقدم بالتهنئة إلى
رئيس "إسرائيل" بذكرى رأس السنة اليهودية، والغريب في الأمر أن برقية
عرفات إلى الصهيوني كاتساف أذيعت في التليفزيون الفلسطيني قبل خبر
مجزرة صهيونية بشعة في نابلس راح ضحيتها 6 شهداء وفتاة دون السابعة
استشهدت في نفس المدينة برصاص إجرامي صهيوني حاقد؟
وقبل التهنئة العرفاتية إلى القيادة الإسرائيلية بيوم واحد قتلت قوات
شارون 7 شهداء في قطاع غزة‚ وقبلها بأسبوع واحد فقط‚ قتلت الصواريخ
الإسرائيلية التي أمر بها الإرهابي شارون 14 شاباً فلسطينياً في مخيم
كشفي بمدينة غزة أثناء تمرينات رياضية.
قد
يقول قائل إن عرفات حينما يهنئ "إسرائيل" وقيادتها وشعبها فإنه يريد
بذلك إحراج شارون الذي لم يتوقف عن الإرهاب والقتل والتدمير أمام شعب
"إسرائيل". وقد يرد قائل آخر: هل نسي عرفات أن كل شعب "إسرائيل" صهاينة
تدربوا على قتل الشعب الفلسطيني وكلهم يكنون العداء له ويحاولون
اقتلاعه من أرضه؟
تسامح عرفات أو ربما حنكته السياسية ليست في محلها، خاصة وقت وقوع
جرائم إسرائيلية يندى لها جبين أي إنسان حر كريم على وجه الأرض‚ لأن
عرفات وقيادته لا يعيشا في بلد مثل سويسرا قائم على التسامح منذ أكثر
من 713 سنة. كما أن شارون وعصابته الإجرامية ليسوا ديمقراطيين مثل
السويديين أو الدنماركيين؟
لا
مجال لهذه الحكنة إذن، لأنها تسيء إلى الذات أولاً. ولا تحمل لدى الآخر
أي مدلول سوى مواصلة التكبر والاستعلاء على الطرف الأضعف في المعادلة.
فنحن لسنا بصدد تبادل التهاني مع العدو، الذي يقتل البشر ويحرق الأرض
ويدمر البنيان، ويلحق الأذى بالوجود الفلسطيني عبر الاحتلال والحصار.
وهل
نسي عرفات أنه محاصر منذ أكثر من عامين وأنه لا يحق له من الناحية
البروتوكولية البحتة أن يهنئ سجانه. وعلى عرفات أن يعترف بأن المقربين
منه الذين يحبكون له الحنكة السياسية ليسوا دائماً على صواب، وعليه أن
يفرمل مثل تلك الانكشافات السياسية التي تسيء لتاريخه النضالي والتي لم
يعد لها مجال في معمعة عدوان إسرائيلي قاتل وخطير!
|