شفيق الحوت عرفات رجل الألغاز سيرحل
وسر موته معه
المصدر : نسرين ناصر الدين (بيروت)8\11
صحيفة عكاظ
شكك
شفيق الحوت الممثل السابق لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان بوجود
بصمات اسرائيلية, أدت إلى تسميم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مؤكداً
على أن اسرائيل لن تجد بعده اية شخصية تجرؤ على القبول بالحد الأدنى
لأي شروط صهيونية, وتخوف من مشاركتها والأمريكيين في خطة تسمح لهم
بالدخول إلى البيت الفلسطيني وترتيبه حسب معاييرهم. ودعا الحوت حركة
فتح والفصائل الفلسطينية إلى جلسات حوار ونقاش وإلى اعلان قيادة طوارئ
مرحلية لتخطي هذا الفراغ المؤقت.
* من هو بديل ياسر عرفات في هذه الظروف?
** ليس هناك من بديل عن ياسر عرفات أبداً ولا أحد يستطيع أن يحتل مكانه
لأنه أخذ السلطة بعرق جبينه عبر كفاح طويل, فأي شخص مهما علا شأنه في
السلطة اليوم, يبقى شخصاً عادياً وموضع خلافات ولا أحد يعطيه أكبر من
حجمه.
لذلك يجب ترتيب البيت الفتحاوي ففتح هي أهم حركة, ويجب أن تبقى محتفظة
بمكانتها في غياب أبو عمار, تاريخها مليء بالانقسامات والظروف تسمح
بتجديد الدم, داخل هذه الحركة, بمعنى أن اعضاء المجلس الفلسطيني يبلغون
السبعين من العمر, عاشوا في ظلال ياسر عرفات حيث إن فتح قامت منذ 40
سنة وهناك مناضلون فيها في اعمار تتناسب لجهة التعاطي مع كل الأمور,
ومعظمهم في السجون, هناك جيل جديد لا يمثلهم خلف وهناك رغبة في التجديد
ولا بد من ذلك والفراغ بحاجة إلى ملئه من خلال مجموعة حتى تنال ثقة
القواعد في حركة فتح.
ستحصل بالتأكيد تكتلات في داخلها, وسينجح أحدها بتسلم قيادة الحركة,
هذا لا بد منه أولاً لأنه على ضوء ما يجري في فتح سيتأثر الاطار الأوسع
في ذلك أي سيحدد علاقة الفصائل الأخرى, وخاصة حركة حماس والجهاد
بالسلطة. غياب عرفات هو غياب الأب الراعي وسيجعل طبيعة العلاقات
الجديدة أكثر تكافؤاً, لن تعود هناك مرجعية تتمسك بالقرار وتسير به
كائناً من تكون.
* ألا يسعى برأيكم كثيرون لأخذ مكان عرفات?
** اذا كان لا بد من شخص يسعى لذلك فلا بد أن ينتظر فترة, لينال شهادة
وتفويضاً من الشعب لذا على ضوء ما سيجري داخل فتح ستتحدد العلاقات مع
بقية الفصائل. وأنا ما أراه معقولاً وأتمنى أن يعمل به الاخوة هو
الاقتناع بضرورة اقامة قيادة طوارئ يتمثل فيها كل القوى على غرار ما
كانت عليه منظمة التحرير الفلسطينية, اضافة إلى الاخوة في حماس والجهاد
والشخصيات الأخرى المعروفة لكي تضع برنامجاً سياسياً لمرحلتين: مرحلة
قصيرة التوجه أي ماذا نفعل الآن, من ثم مرحلة ثانية وفيها وضع
استراتيجية بعيدة المدى لقيادة الشعب الفلسطيني ولتحديد عملية الصراع
مع العدو الاسرائيلي.
علينا أن نتفق على القرار ووحدته فلا يجوز أن ينادي فريق بضرورة العمل
المسلح, ولا يوافق الآخر. لذا على الطرفين أن يتحاورا ويختلفا ويتنافسا
في داخل البيت الفلسطيني للتوصل إلى قرار واحد ويلتزم الآخر به, وهذا
أمر ممكن لأنه لا أحد يختلف مع الثاني.
* هل تتخوف من عملية تصفية حسابات داخل السلطة?
** كلا, لا أتخوف من ذلك, رغم التباين الواضح في وجهات النظر, لكن
الفلسطينيين يدركون تبعات هذه الأمور فحتى الجواسيس عندما تمت تصفيتهم
وبالرغم من أنهم كانوا يستحقون ذلك, حدثت ضجة معينة, فالتجربة
الفلسطينية حساسة جداً, وخاصة لجهة الاقتتال أو ما شابه, لذلك على
الجميع الاعتراف بالتعدد, لكن بالنسبة لتوحيد القرار هناك مثل واضح
جداً, حركة حماس تؤمن بالكفاح المسلح وهي تسير به, وكذلك كتائب شهداء
الأقصى التابعة لفتح مما يعني أن الخط واحد لكن لماذا لا تتفق
القيادتان? هل من مصلحتنا أن نختلف? إن من سيقود الشعب الفلسطيني عليه
أن يفكر بما سيؤول إليه المصير العربي, لأنه من دون مصير عربي مشرق, لن
يكون هناك تحرير لفلسطين فهذا وهم.
* غياب الرئيس عرفات عن الساحة الفلسطينية هل سيضعف هذه القضية?
** بالعكس قضية فلسطين هي أقوى من رجالها, وبانتظار من يحرر القدس الكل
موضع شبهة, فهذه القضية قد تستمر مع غياب أبو عمار لأنه اذا كان السلام
هو المنشود يكون قد اضاع الاسرائيليون والأمريكيون فرصة كبرى بغياب
عرفات لأنهم لن يجدوا شريكاً مثله, لقد رحل رجل الحد الأدنى أي لا يوجد
الحد الأدنى الذي ارتضى به ياسر عرفات فلن يجرؤ أحد على توقيع أي اتفاق
دون هذا الحد الأدنى, وهذا الأمر لو لم يكن أبو عمار في موقع مميز ما
كان ممكناً أن يمر, واسرائيل كانت تخشى أن يوقع معها اتفاقات سلام
لأنها هي ترفض ذلك, وترفض أن تسمع باسم فلسطين.
* هل تظن أن عرفات قتل بواسطة السم?
** لا استطيع الجزم, لكني لا استطيع أن انفي الاحتمال, فلإسرائيل تاريخ
بهذه الممارسات وهناك شخصيات كثيرة ماتت عن طريق السم ولم يكشف عنها.
ولو كنت مسؤولاً لكنت تابعت من أجل الكشف عن الحقيقة, وكنت أصررت على
اعطائي حجة مقنعة بأنه لم يمت عبر السم, أما اذا لم يعرف السبب اليوم
فهذا عار على التاريخ, وأقول رجل الالغاز ياسر عرفات سيرحل ومعه سر
موته
|