هل يبدأ ابو مازن من حيث انتهى ؟؟

بقلم: حمدي فراج *

لم يحن الوقت بعد ربما لكي نقوّم الهدنة التي يعكف ابو مازن على نسج خيوطها مع حماس والجهاد بشكل اساسي، على اعتبار ان الفصيلين المذكورين هما حجر رحى القسامات والعمليات الاستشهادية داخل اسرائيل، وكذلك هما الفصيلان اللذان قاطعا انتخابات الرئاسة المستحقة بعد شهرين من موت الرئيس السابق ياسر عرفات ترشيحا وانتخابا، في حين رأينا ان بقية فصائل المعارضة ذهبت نحو التطرف الآخر في ان رشح كل منها رئيسه.

لكن مع ذلك هناك جملة حقائق لا بد من استنباطها والوقوف عندها ونحن نقرأ حياكة هذه الهدنة، ابرزها على الاطلاق هي ان ابو مازن ذهب فورا الى الفصائل دون ان يذهب ولو مرة واحدة الى الطرف الآخر، اسرائيل. واسرائيل هذه هي اريك شارون، نفس الرجل الذي فاوضه ابو مازن في المرة الماضية عندما كلفه عرفات برئاسة الوزراء لمدة خمسين يوما، شهدت سلسلة لقاءات سرية وعلنية مع شارون واقطاب حكومته، وبعض هذه اللقاءات كانت في المزرعة الشهيرة التي يمتلكها شارون، وقد قطعت المفاوضات واللقاءات شوطا متقدما وصلت ان تبدأ اسرائيل فعليا باطلاق سراح اسرى من ضمنهم ابو السكر وتيسير خالد.

اليوم تختلف المعادلة، رغم ان الاطراف هي نفسها تقريبا، ابو مازن وشارون، وقف العمليات من قبل حماس والجهاد الاسلامي بالاساس، لكن الفارق الوحيد هو ان يبدأ ابو مازن من عند حماس لا من عند شارون، وكأنه مطمئن تمام الاطمئنان لتجاوبه، او بعبارة ادق كأنه ـ ابو مازن ـ يكمل ما كان قد بدأه في المرة الماضية، فيأتي اليوم بعد ان أخذ تفويضه من الشعب ليستكمل ما كان قد بدأه بتفويض من عرفات.

ان في هذا يكمن استنتاج غير مباشر مفاده ان الذي عرقل تلك المفاوضات هو الراحل عرفات، ولكي نكون اكثر دقة في استنتاجنا هذا، فان شارون لم يكن هو المعرقل، والا لكنا رأينا ابو مازن يتوجه الى شارون ليعرف موقفه مما اختلفا عليه، او لنقل العقبة التي توقفا امامها، وهذا بحد ذاته لم يحدث.

ومع كل ذلك، والتصريح الذي اطلقه ابو مازن من انه احرز تقدما كبيرا مع الفصائل المعارضة، الا اننا نميل الى ان اسرائيل التي نعرفها كلنا وعلى رأسنا ابو مازن، لن تسمح بأن يظل كل هذا السلاح بيد الفلسطينيين في غزة، سواء سلطة او معارضة، فكيف حين يكون بيد فصائل دينية متطرفة معدودة على الارهاب في الفهم العالمي الامريكي والاوروبي والعربي الرسمي على حد سواء.

ستستمر اسرائيل في مناوراتها الى ان تتمكن من تخليص هذا السلاح من يد حماس والجهاد، اما بشكل مباشر عبر عملية عسكرية كبيرة كالتي شهدتها الضفة في ما اسمته "السور الحامي" عام 2002، وكما يهدد شارون، او بشكل غير مباشر، كأن تجمعه السلطة وتسلمه لاسرائيل عند احد المعابر كما يحصل يوميا تقريبا في مدن الضفة.

قبل حوالي ستة اعوام عقد عقيد شرطة مؤتمرا صحفيا كشف فيه انه تم العثور على مخزن متفجرات فيه خمسين كيلو تي ان تي، وعندما سلمت للاسرائيليين كانت اقل من ذلك بكثير، ولكن اسرائيل تصر حتى اليوم ان تتسلم الكمية كاملة، ليتبين ان العقيد بالغ في ذلك من باب انه كشف مخزنا كبيرا، لا أكثر ولا أقل.

 

* كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم.

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع