عباس
في تصريحات جديدة
-
لا يوجد ما يمنع من الوصول إلى هدنة،
- جميعنا أصحاب مصلحة وطنية في التهدئة
- لقاء شارون بعد تشكيل الحكومة
رام الله - الصباح - وفا- أكد السيد الرئيس محمود عباس "أبو مازن"،
رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس السلطة الوطنية
الفلسطينية، أن الأمن يأتي في مقدمة أولوياته،
وهو المفتاح لحل مختلف القضايا السياسية والاقتصادية. فالشعب بحاجة
إلى الأمن على حياته، وعلى معيشته، وبحاجة للتخلص من البطالة والفقر،
والخروج إلى حالة من الأمن والتهدئة.
جاءت أقوال السيد الرئيس في حوار شامل أدلى به، اليوم، لوكالة الأنباء
الفلسطينية "وفـا"، والصحف المحلية الثلاث: "القدس" و"الأيام" و"الحياة
الجديدة"، وأجاب فيه على التساؤلات المثارة على مختلف الأصعدة، بعد
انتخابه رئيساً للسلطة الوطنية، خاصةً في المجال الأمني وسيادة
القانون، والحوار الوطني، وطبيعة العلاقة مع رئيس الحكومة الاسرائيلية
أرئيل شارون، والدور الامريكي، وتشكيل الحكومة الجديدة والعلاقة مع
رئيس الوزراء، السيد أحمد قريع "أبوعلاء"، ونظام الانتخابات التشريعية،
وسقف توقعاته بعد تسلمه لمهامه الرئاسية، ودور منظمة التحرير
الفلسطينية، وقضايا أخرى.
وحول الوضع الأمني والحوار الوطني، قال الرئيس عباس، الذي وصل إلى غزة،
اليوم: إن الأمن يأتي في مقدمة أولوياتي، وهو المفتاح لحل مختلف
القضايا السياسية والاقتصادية. فالشعب بحاجة إلى الأمن على حياته، وعلى
معيشته، وبحاجة للتخلص من البطالة والفقر، والخروج إلى حالة من الأمن
والتهدئة. ولذلك يظل الأمن هو أول أولوياتنا.
وأضاف سيادته، أن الأمن هو المفتاح السحري لكل القضايا الأخرى، ولكن
هذا لا يعني ان نقصر اعمالنا على الأمن، وانما سنعمل بالتوازي على كل
القضايا التي تهمنا، وهو ما ابلغت به الاخوة الوزراء في المجلس، وطلبت
من كل منهم ان يهتم بشؤون وزارته ويحل مشاكلها أولاً بأول، لندخل في
مرحلة العمل.
وقال السيد الرئيس: لقد أجريت جولتين من الحوار مع حركة "حماس" في غزة،
وأخرى مع مختلف الفصائل في دمشق أثناء جولتي العربية. وهناك لجنة تجري
حواراً مع حركة "حماس" من أجل الوصول الى تهدئة. وقد أثمرت تجربتنا
السابقة مع "حماس" والفصائل الأخرى هدنةً لاثنين وخمسين يوماً. وهذا
يعني، من حيث المبدأ، أنه لا يوجد ما يمنع من الوصول إلى هدنة، قد تطول
وقد تقصر.
وتمنى أن نصل إلى اتفاق، لأن الجميع أصحاب مصلحة وطنية في أن يعيش
الشعب الفلسطيني بهدوء. فالبوابات الثلاث في قطاع غزة، في رفح وإيرز
وكارني، مقفلة.
ويعيش الشعب كله في سجن سياسي واقتصادي، فلا تصل المواد إلى المواطنين،
ولا تخرج من عندهم، ولا بد من الشعور بالمسؤولية والوصول الى اتفاق في
اقرب فرصة ممكنة.
وحول الوضع الأمني، قال الرئيس عباس: لقد أصدرنا اليوم التعليمات
للأجهزة الأمنية، لتعدّ نفسها لكي تقوم بواجباتها جميعاً، ومن هذه
الواجبات انتشار الشرطة وتفعيل دور الأمن الوطني والاستعداد لموجهة أي
طارىء، كانسحابات متوقعة قد تأتي فجأة، لأنها قضايا تم الاتفاق بشأنها
مع الاسرائيليين في الحكومة التي ترأستها في السابق.
وأوضح الرئيس عباس أن هذه هي القضايا التي تم بحثها مع الأجهزة
الأمنية، مستبعداً أي رغبة في الصدام مع أحد، أو في قتال مع أحد، أو
حرب أهلية، مشدداً على ما أعلنه في السابق أكثر من مرة، وهو أن الحرب
الأهلية خط أحمر.
ورفض سيادته افتراض أن لا تلتزم حركة "حماس" والفصائل الأخرى باتفاق،
يتم التوصل إليه مع السلطة الوطنية، مؤكداً على ما تطالب به "حماس"
والفصائل الأخرى من انسحاب اسرائيلي، ووقف للعمليات العسكرية
والاجتياحات والاغتيالات وجدار الضم والتوسع والفصل العنصري،
والمستوطنات، والافراج عن الأسرى. كما رفض السيد الرئيس الموقف
الاسرائيلي بتحميله مسؤولية العملية الأخيرة، ووقفها للاتصالات. وقال:
إنه موقف لا نقرّه ولا نقبله، وعليهم إعطاء الفرصة كي نستطيع القيام
بعملنا، مشيراً الى أن المسؤولية مشتركة، ترتب علينا التزامات كما ترتب
عليهم التزامات.
ونفى الرئيس عباس أن يكون هناك حديث في اللحظة الراهنة عن لقاء يجمعه
مع رئيس الوزراء الاسرائيلي، أريئيل شارون. وأوضح أن اللقاء مع شارون
سيتم بعد الانتهاء من تشكيل الحكومة في غضون أسبوعين، أو ربما أقل أو
أكثر قليلاً، وليس لدينا مانع من أن تجري اتصالات على مستويات أخرى،
وهي اتصالات لم تتوقف في الماضي.
ورفض سيادة الرئيس منطق وقف الاتصالات، موضحاً انها هي التي تمهد
لاجتماعات ناجحة، وتعطي كل طرف فكرةً عن مطالب الطرف الآخر.
وحول اللقاء مع شارون بوجود أمريكي، قال السيد الرئيس: إن اللقاء معه
أمر ممكن بدون وجود أمريكي، والحوار معه ممكن دون وسيط. وإذا حضر
الأمريكان، فاننا نرحب بحضورهم.
وأبدى سيادته تخوفه من سقف التوقعات العالية لدى شعبنا، قائلاً: ليس
لدينا عصا سحرية حتى نحل هذه المشاكل، وأخشى من إحباط سريع لدى
المواطنين خلال أسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة. وقد حاولت أن أقول للناس
أكثر من مرة: إنه ليس لديّ عصا سحرية، ولن أعدكم بشيء لا أستيطيع
القيام به، ما قدمته هو ما قلته قبل أربع سنوات. فأنا لم آت بشيء جديد
لأقول للناس: هذا ممكن وهذا غير ممكن.
وتمنى سيادته أن لا تكون التوقعات عالية حتى لا تصاب بإحباط، لأن
القضية لا تعود إلينا وحدنا حتى نقرر بشأنها، وإنما هناك اسرائيل
وأطراف دولية أخرى، نحن بحاجة الى بحث كل القضايا معها والتوصل إلى
اتفاقات، وليس بالعصا السحرية.
وحول التشكيلة الحكومية الجديدة، قال السيد الرئيس: لا أستطيع تحديد
شكل الحكومة الجديدة الآن، وآمل أن نتوصل مع رئيس الحكومة إلى تشكيلة
يقبلها المجلس التشريعي.
وتناول الرئيس العلاقة الخاصة التي تربطه برئيس الوزراء، السيد أحمد
قريع "أبوعلاء"، وقال: إن ثمة علاقة صداقة طويلة مع "أبوعلاء"، امتدت
لأكثر من عشرين سنة قبل توقيع اتفاق أوسلو، ولن يكون هناك خلاف بيننا،
لأن هناك قانوناً أساسياً هو الحكم في أي خلاف قد يحدث لاسمح الله.
وأضاف: لن أفرض وجهة نظري، وكذلك "أبوعلاء".
وقال سيادة الرئيس: عندما نقول سيادة القانون، لا نعني بذلك سيادة
القانون على الشعب فقط، وإنما على علاقة المسؤولين وعلاقة السلطات
بعضها بالآخر.
وحول صلاحيات رئيس الوزراء، قال الرئيس: أنا لا أمنح ولا أمنع صلاحيات.
ما كنت أطالب به من صلاحيات، أثناء تقلدي لمنصب رئيس الوزراء، هو ما
أعطاني إياه القانون الأساسي. وما كنت أطالب به لنفسي لا يمكن أن أمنعه
عن رئيس الوزراء.
وأوضح سيادته جوانب الخلاف، التي بدت حول الموقف من قضية مؤتمر لندن،
إذ قال: لم يكن هناك اتفاق على موقف من المؤتمر. فقد قلت رأيي في
المؤتمر، وقال الأخ أبوعلاء رأيه فيه، وبالتالي لم يكن هناك اختلاف
بيننا، لأننا لم نكن قد اتفقنا على رأي موحد، فاجتهد كل منا، ثم
تفاهمنا بعد ذلك.
وفيما يتعلق بالعلاقة مع الادارة الامريكية والرئيس الامريكي جورج بوش،
قال الرئيس عباس: لقد شعرت بأن هناك رغبة أمريكية في علاقة جديدة معنا،
تبنى على أسس جديدة، لدعم السلطة الوطنية في النواحي السياسية
والاقتصادية، واننا نرحب بهذا، ونتمنى أن يحصل هذا. ويهمنا أن تبقى
الولايات المتحدة داعماً أساسياً، سواء من خلال دورها في اللجنة
الرباعية، مثل أمريكا ذات الوزن الدولي، وأن تبقى في هذا الدور، ونحن
حريصون على هذا الدور.
وقال سيادته: إنه يرغب في إعادة طرح قضية جدار الفصل العنصري مع الرئيس
بوش، حيث أبدى تفهمه لوجهة نظرنا عندما طرحتها عليه أثناء تسلمي لرئاسة
مجلس الوزراء، وكذلك بطرح قضية الاستيطان الاسرائيلي.
وتابع السيد الرئيس: إننا أعلنا رفضنا لرسالة الضمانات الامريكية
لاسرائيل، أو ما سمي "اتفاق بوش-شارون"، لأنه يجحف بمفاوضات المرحلة
النهائية، وهو ما لا نقبل به أو نسمح به، عندما يلغى حق عودة اللاجئين،
وتضمّ الكتل الاستيطانية لاسرائيل، موضحاً أن هذا الاتفاق يعطي نتائج
قبل المفاوضات، مؤكداً أن هذه القضايا يجب أن توضع على طاولة
المفاوضات، ومن خلالها يتم التوصل الى اتفاق، وليس من خلال صفقات
جانبية.
وتمنى سيادته أن يكون الرئيس بوش في ولايته الثانية أكثر مرونةً وأكثر
تحرراً، خاصةً وأنه لن يخوض انتخابات أخرى للتنافس.
ودعا السيد الرئيس اسرائيل للتعامل على أساس خطة خارطة الطريق، مبدياً
كامل الاستعداد والتفهم لتطبيق التزامات الجانب الفلسطيني الواردة في
الخطة، مؤكداً أن أي ضغوط لن تغير موقفه، الذي وعد به الشعب وأعلنه في
خطاب القسم، ورضي به العالم.
وحول عملية الاصلاح، قال الرئيس عباس: إن الاصلاح سيشمل- كما هو في
الماضي- الأجهزة الأمنية والإدارة والاقتصاد والقضاء، موضحاً أنه عندما
نتحدث عن الادارة نعني الاعلام والسلك الدبلوماسي، حيث وضعت وزارة
الخارجية منذ اكثر من شهر خطة لإعادة ترتيب أوضاع سفاراتنا في الخارج.
وحول استقالة السيد جبريل الرجوب كمستشار للرئيس للأمن القومي، قال
السيد الرئيس: إن هذه الاستقالة لا تؤثر على وضع الأخ حبريل الرجوب في
مجلس الأمن القومي، فهو قد استقال من كونه مستشاراً للرئيس، على أساس
أن هناك رئيساً جديداً، وأن التقليد يقتضي منه - كما يعتقد -
الاستقالة، وهذا لا يؤثر على وجوده في عضوية مجلس الأمن القومي.
وأكد الرئيس عباس أنه سوف تتم إعادة ترتيب البيت، بالنسبة لمستشاري
الرئاسة.
وحول تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها ودوائرها، أعلن
الرئيس عباس عن تشكيل لجنة برئاسة السيد سليم الزعنون "ابوالاديب"،
رئيس المجلس الوطني، لوضع خطة لتفعيل دور م.ت.ف، المسؤولة عن شعبنا
الفلسطيني في الداخل والخارج، وتفعيل مؤسسات المنظمة والمجلس المركزي
ودوائرها.
وأكد السيد الرئيس اهتمام المنظمة المستمر بشؤون الفلسطينيين في
الخارج، وأن هذه القضية كانت في عقل وذهن الاخ ابوعمار، واننا سوف
نتابع هذا النهج.
والدليل على ذلك أننا، عندما ذهبنا الى لبنان، طالبنا بإعادة فتح
سفارتنا وتحسين أوضاع أهلنا هناك، وقمنا بزيارة المخيمات وتحدثنا
اليهم، وسوف يتكرر هذا الأمر.
وحول مشاركة "حماس" في مؤسسسات م.ت.ف، قال السيد الرئيس: لقد طرحنا
اكثر من مرة امكانية مشاركة "حماس" في المؤسسات الوطنية، وان تدخل في
هذا الاطار، وانه لابد من ايجاد صيغة ما لذلك، شريطة ان نحافظ على
قانونية اللجنة التنفيذية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، موضحاً أنه لا
يمكن أن نهدم ما لدينا، بل يجب أن نبني عليه.
وحول فكرة انتخاب أعضاء المجلس الوطني، قال الرئيس عباس: إن هناك
ظروفاً موضوعية تحول دون انتخاب أعضاء المجلس الوطني. فهو يختلف عن
المجلس التشريعي، الذي يمثل شعبنا في الداخل، ويمكن اجراء انتخابات
لاختيار أعضائه.
وأضاف سيادته: ليست عملية انتخاب المجلس الوطني عملية سهلة، ولكن اعادة
تشكيله مطلب مشروع، وبامكان اللجنة التنفيذية وأعضاء المجلس الوطني أن
يحددوا أعضاء المجلس، وبالتالي إعادة تشكيله على الأسس السليمة السابقة
من خلال الفعاليات، أو الشخصيات، أو ممثلي المؤسسات والنقابات، وغير
ذلك.
وتابع الرئيس عباس: إننا لا نستيطع أن نعد الناس بإجراء انتخابات
للمجلس الوطني في الخارج. أما في الداخل، فإن أعضاء المجلس التشريعي
المنتخب هم أعضاء في المجلس الوطني.
وقال سيادته: إن من صلاحيات المجلس الوطني، في حال انعقاده، إعادة
تشكيل اللجنة التنفيذية للمنظمة.
وحول حشد القوى الفلسطينية لنضال سلمي، قال الرئيس عباس: إن سياستي
التي تقدمت بها للمواطنين، من أجل أن ينتخبوني أو لا ينتخبوني، كانت
واضحة. ولقد خولني الشعب، من خلال انتخابي للرئاسة، بالتحرك في العملية
السلمية. وسأتقدم بموجب ذلك للتنظيمات ببرنامجي، "وقد يتلكأوا أو
يوافقوا أو يرفضوا، إنما سياستي أريد تطبيقها، وسأعتمد الحوار".
وحول الجيل الجديد وعلاقته بالحرس القديم في حركة "فتح"، شدد الرئيس
عباس على أن تدافع الاجيال يحتم ان يتسلم جيل الشباب المسؤولية، وهذا
حق له. ولذلك قررت حركة "فتح" عقد مؤتمرها السادس في الرابع من آب
القادم، من أجل تجديد القيادة.
وأضاف سيادته: قد قلت اكثر من مرة "يجب أن نفسح المجال لجيل الشباب في
السلطة".
ولذلك فكرنا بقانون التقاعد، الذي يوفر حياةً كريمةً للموظف المتقاعد،
ويتيح المجال للأبناء والشباب لتسلم مقاليد الأمور.
وأشاد الرئيس عباس بمتانة العلاقة مع جميع الدول العربية ورؤسائها،
وخاصةً تلك التي أبدت استعدادها لدعم شعبنا سياسياً واقتصادياً
ومادياً. وقال سيادته: إن علاقتي بهم جميعاً ممتازة، ويستقبلوننا
بترحاب، ولبوا جميع مطالبنا.
ووجه الرئيس عباس، في نهاية حديثه، التحية لشعبنا الصامد الصابر،
بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وتمنى أن تكون الأشهر القادمة خيراً من
سابقاتها.
|