«غنيمة» غزة!

بقلم: أحمد عمرابي

 

صحيفة البيان الإماراتية 21/2/2004

 

 

بات الهاجس الأعظم لإسرائيل والولايات المتحدة هو كيفية منع فصائل المقاومة الوطنية الفلسطينية من فرض سيطرة كاملة على قطاع غزة في حالة جلاء "إسرائيل" عنها. وهذا القلق الإسرائيلي والأميركي طبيعي ومتوقع. لكن لماذا يقلق بنفس القدر رجال السلطة الوطنية الفلسطينية وكأنهم رجع صدى لأرييل شارون وجورج بوش؟

 

نعلم إن لدى شارون خطة معلنة للانسحاب الإسرائيلي من غزة في إطار سياسته المريبة التي يطلق عليها «الفصل من جانب واحد». ووفقاً لهذه الخطة، إذا نفذت، سوف يتم تفكيك 17 مستوطنة يهودية من جملة 20 مستوطنة في غزة. ولكن ليس واضحاً تماماً حتى الآن ما إذا كانت تصفية هذه المستوطنات سوف يتبعها انسحاب للقوات الإسرائيلية المرابطة في القطاع. فهذا الانسحاب هو حالياً موضع جدال كثيف داخل الساحة السياسية الإسرائيلية. وبطبيعة الحال ينطلق هذا الجدال من قلق أمني بشأن ما يمكن أن يحدث في غزة بعد تنفيذ الخطة الشارونية.

 

على هذه الخلفية صدر عن السلطة الفلسطينية تصريح يوصف على الأقل بأنه غريب. فقد نهض جبريل الرجوب المستشار الأمني للرئيس عرفات فجأة ليقول إن السلطة الفلسطينية لن تدع حركة «حماس» تسيطر على قطاع غزة في حالة انسحاب "إسرائيل" منه.

 

ومن الواضح أن هذا القيادي الفلسطيني حدد «حماس» بالاسم دون غيرها من الفصائل لأنه تحرج من ذكر المقاومة الوطنية على إطلاقها. لكن المعنى واضح.. فالتصريح يشمل «الجهاد» و«فتح» وغيرهما من فصائل المقاومة بقدر ما يشمل حماس.

 

ووجه الغرابة في التصريح هو أن هذا المسئول الأمني الفلسطيني الكبير نسي أن قطاع غزة لا يزال أرضاً فلسطينية خاضعة للاحتلال الإسرائيلي وأن المطلوب بالتالي وبالدرجة الأولى من الفلسطينيين أجمعين هو تحرير الأرض من الاحتلال الإسرائيلي.. الهدف الذي من المفترض أن يجمع الرجوب وعرفات مع قادة فصائل المقاومة على صعيد نضالي واحد ضد العدو الاستراتيجي للشعب الفلسطيني.

 

 لكن يبدو أن الرجوب يفكر بطريقة مختلفة. فهو يرى في الانسحاب الإسرائيلي «غنيمة» ينبغي أن تضع السلطة الفلسطينية يدها عليها قبل أن تأخذها فصائل المقاومة.

 

وإذا تأملنا في الجدل السياسي المتصاعد في "إسرائيل" حول مستقبل غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي المرتقب على نحو ما ينشر في الصحف الإسرائيلية فإننا نكتشف أن تفكير الرجوب مرتبط على نحو ما بالجدل السياسي الإسرائيلي. فقد جاء في الصحف الإسرائيلية أن بعض السياسيين والعسكريين الإسرائيليين يرشحون جبريل الرجوب بالاسم ليعتلي بمساعدة الحكومة الإسرائيلية والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية منصب حاكم غزة! وعلى هذا المنوال فإن قادة إسرائيليين آخرين يراهنون على محمد دحلان ـ وهو صنو لرفيقه الرجوب في نيل الحظوة الإسرائيلية.

 

ولو كان قادة السلطة الفلسطينية يفكرون بنفس الطريقة التي يفكر بها قادة حماس وفصائل المقاومة الأخرى لرأوا في الانسحاب الإسرائيلي المقترح في قطاع غزة فرصة لتوسيع نطاق الكفاح الفلسطيني المسلح بهدف إحراز التحرير الكامل لأرض غزة فيضطر شارون بعد تفكيك المستوطنات السبع عشرة المشار إليها إلى تفكيك المتبقي من المستوطنات ثم سحب قواته.

 

ولأن قيادات السلطة الفلسطينية يفكرون بأسلوب «الغنائم» والمناصب والاستحواذ فإنهم نسوا أو بالأحرى تناسوا ما يعلنه شارون من أن الهدف من إخلاء غزة من المستوطنات هو تكريس حالة الاحتلال في الضفة الغربية بنقل مستوطنات غزة إليها. وينسون أو يتناسون ما نشر على الملأ خلال الأيام القلائل الماضية من أن الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) صادق على اعتمادات مالية لمقابلة تكلفة توسيع المستوطنات في الضفة.

 

كل هذا يؤكد للأسف أن قيادة السلطة الفلسطينية ترى دورها تجاه شعبها بعيون إسرائيلية وأميركية.. وهو تكسير قوائم المقاومة الشعبية المسلحة ومنعها من تطوير نفسها

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع