الأجهزة الأمنية تحصل على 26% من الميزانية ولا تقوم بدورها..
السلطة تحاور المتورطين في أحداث رام الله بدلاً من محاسبتهم..!

كتب محمد إبراهيم
عادت الأجهزة الأمنية تحت طائلة النقد من جديد بعد الطريقة التي عالجت فيها أحداث الشغب الأخيرة والتي قادت لانتقادات واسعة في الشارع وفي المؤسسة نفسها التي قدم أحد رجالاتها "العميد توفيق الطيراوي مدير المخابرات العامة في الضفة" استقالته احتجاجاً على هذه الطريقة.

فقد قوبلت طريقة الأجهزة في معالجة هذه القضية بانتقادات واسعة خاصة من مؤسسات مدينتي رام الله والبيرة التي كانت مسرحاً لأحداث هذه القضية والتي أصدرت بياناً شديد اللهجة تساءلت فيه عن جدوى وجود أجهزة أمن تحصل على 26% من ميزانية السلطة ولا تقوم بدورها في حماية أمن المواطن وممتلكاته.

وكانت مؤسسات المدينتين عقدت اجتماعاً لها الخميس، 31 آذار، ناقشت فيه أعمال الشغب التي تعرضت لها ممتلكات خاصة في اليوم السابق (30 آذار) على أيدي مسلحين من حركة "فتح"، ينتسب غالبيتهم لأجهزة الأمن، وخلصت إلى تحميل أجهزة الأمن ووزير الداخلية والحكومة المسؤولية واصفة هذه الأحداث بأنها "تزعزع ثقة المواطن في سلطته وتثير البلبلة والخوف وتزيل الطمأنينة من النفوس..".

وعبر المشاركون في هذا الاجتماع عن انتقادهم الشديد للطريقة التي عالجت فيها أجهزة الأمن هذه القضية.

وكان عدد من قادة أجهزة الأمن عقدوا اجتماعاً مطولاً مع القائمين على عمليات الشغب أسفر عن اتفاق على عودة كل منهم إلى الجهاز الذي يخدم فيه مع ترقيته درجة إضافية..!! وهو ما يعني الاستسلام للمتجاوزين ومكافأتهم.

ويقول مسؤولون في أجهزة الأمن بأن هذه كانت الطريقة المثلى لمعالجة القضية معتبرين أن أي طريقة أخرى مثل محاولة اعتقالهم ومعاقبتهم على فعلتهم كانت ستثير إشكاليات إضافية للسلطة وتهدد بوقوع ضحايا.

وقال مسؤول أمني فضل عدم ذكر اسمه: "كانت التوجهات الأولى للرئيس محمود عباس هي اعتقالهم ومحاسبتهم على فعلتهم وفق القانون، إلا أن توصيات قادة الأجهزة جاءت مغايرة ونصحت بمحاورتهم وإعادتهم لوحداتهم وإغلاق الملف".

لكن هذه الطريقة في معالجة أعمال شغب واسعة طالت ممتلكات خاصة وسلطت عليها وسائل الإعلام أضوائها لم تحظى بقبول في الشارع.

واتهم البعض قادة الأجهزة بالتواطؤ مع مجموعات مسلحة تؤذي مصالح الجمهور.

ويقول البعض بأن ثمة قادة أجهزة ومسؤولون يقيمون علاقات تحالف مع بعض هذه المجموعات ويستخدمها البعض منهم لمآربه الشخصية.

ووصلت الاحتجاجات إلى قلب المؤسسة الأمنية نفسها بعد تقديم مدير المخابرات العامة توفيق الطيراوي استقالته للرئيس محمود عباس في اجتماع لقادة أجهزة الأمن مساء الخميس.

وقال مقربون من الطيراوي بأن استقالته التي رفضها الرئيس جاءت احتجاجاً على الطريقة التي عولجت فيها قضية مثيري الشغب.

وقال مسؤول مقرب من الطيراوي بأن الأخير رمى من وراء استقالته إثارة مسألة حالة الضعف والترهل التي تشهدها الأجهزة الأمنية والتي تظهر في كل مرة تحاول فيها معالجة ظواهر الفوضى والانفلات الأمني التي تشهدها الأراضي الفلسطينية والتي غالباً ما يقف وراءها نشطاء في حركة "فتح" وأعضاء في الأجهزة الأمنية.

وكان وزير الداخلية نصر يوسف أعلن عن خطة لإدخال تغييرات في الأجهزة الأمنية، لكن مقربون منه يقولون بأنه يواجه صعوبات كبيرة في ذلك.

وقال مسؤول في وزارة الداخلية: "رغم الاعلان عن توحيد الأجهزة الأمنية في ثلاث إلا أن شيئاً فعلياً لم يتحقق بعد". وأضاف: "كل ما تحقق حتى اليوم هو زيادة التنسيق بين الأجهزة وليس توحيدها".

ويقول مقربون من الرئيس محمود عباس بأنه يواجه معضلة كبيرة في ضبط الأمن الداخلي في ظل عدم حدوث تقدم في المفاوضات مع إسرائيل.

وقال أحد مساعدي عباس: "الرئيس أراد فعلاً ضبط الأمن الداخلي واشترط على الإسرائيليين إيجاد حل لمشكلة المطلوبين الذين يقفون وراء غالبية مشكلات الإنفلات الداخلي، لكنه لا يستطيع اتخاذ إجراءات ضد مطاردين مسلحين قبل حدوث انسحاب من المدن".

وأضاف: "صحيح أن الرئيس اصدر قراراً باعتقال منفذي أعمال الشغب في رام الله، لكن عدداً من قادة الأجهزة الأمنية أبلغوه أن محاولة اعتقالهم ستقود لاشتباكات مسلحة ووقوع إصابات مؤثرين بدلاً من ذلك محاورتهم وايجاد حل سلمي لقضيتهم".

ويقول مسؤولون في السلطة بأن الرئيس سيعلن في الأيام القريبة القادمة عن تغييرات في مناصب عليا هامة بينها أجهزة الأمن.

وقال نبيل أبو ردينة الناطق باسم الرئاسة: من المرتقب إجراء تغيرات وتعديلات في كثير من المناصب العليا في الأيام القريبة القادمة. ولم يشأ أبو ردينة ذكر المزيد من التفاصيل حول نوعية وشخوص هذه التغيرات.

واشار مسؤول آخر إلى قرب اتخاذ إجراءات لمحاسبة عدد من المسؤولين عن قضايا فساد. وقال هذا المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه: سنشهد قريباً تحويل ملفات عدد من المسؤولين عن الفساد إلى النائب العام".

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع