حول حرية العمل الصحفي في مدينة
نابلس
حوالي الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم الجمعة الموافق 6/3/1998
التقينا اربعة من الصحفيين العاملين مع وكالات انباء مختلفة وهم
:-
1. عبد الرحمن خبيصة مصور شبكة التلفزة البريطانية
WTN
.
2. ناصر سليمان شتية مصور فوتوغرافي مع الاسوشيتد برس
AP
.
3. عبد الرحيم قوصيني مصور تلفزيون الاسوشيتد برس
AP
.
4. جعفر شتية مصور وكالة الانباء الفرنسية
AFP
.
كان لقاؤنا حول حرية العمل الصحفي في ظل السلطة الوطنية الفلسطينية
والمشاكل التي يواجهها الصحافيون الفلسطينيون خلال تأديتهم لمهامهم
في نطاق الولاية الجغرافية الفلسطينية .
فاستهل عبد الرحمن خبيصة الاجابة عن سؤالنا بهذا لمثل الشعبي : "
جينا للاقرع حتى يونسنا كشف عن صلعته وخوفنا "
وهذا يعني اننا كنا ننتظر اليوم الذي تاتي فيه السلطة الوطنية
الفلسطينية ونخلص من الاحتلال ومطارداته ومضايقاته . فكنا نعول
على قيادتنا وسلطتنا الفلسطينية الشيء الكثير اقل الاشياء في ان
تحقق لنا ما كنا محرومين منه الا وهو اتاحة الفرصة لنا من اجل
العمل بحرية دون اية مضايقات او تقييد لحرية عملنا وحركتنا ، الا
ان الامور جاءت معاكسة للصورة تماماً . واضاف بقوله " ان اسوأ
انواع العمل للصحافة هو في منطقة ( أ ) أي في الولاية الجغرافية
الواقعة تحت السيادة الفلسطينية" وبدأ خبيصة يسرد بعض الحوادث التي
شهدها بام عينه لا بل عاش تجربته الشخصية مع هكذا مضايقات وعلى
سبيل المثال يقول خبيصة مستذكراً احداث جامعة النجاح الوطنية في
نابلس حينما داهمت قوات الشرطة وقوات التدخل السريع وغيرها من
الاجهزة الامنية الفلسطينية حرم الجامعة قبل حوالي العام لا يذكر
التاريخ بالضبط الا ان هذه الحادثة مشهورة ومعروفة من السهولة
تذكرها والحصول على تاريخ وقوعها لكن المهم بالامر انه كان يصور
اعمال القوات الفلسطينية من تنكيل وبطش في ابناء شعبنا وطلبة جامعة
النجاح الوطنية ومن شدة ما رآه من عنف وقمع شديدين من قبل قوات
الامن قال خبيصة " قررت ان لا استكمل التصوير وان اهرب بجلدي "
وعندما هممت بالهروب واذا مجموعة من قوات الشرطة تشاهدني وكأنهم
عثروا على شيء ثمين كانوا يبحثون عنه وكدت ان اقع بين ايديهم لولا
تدخل بعض الاساتذة والطالبات الذين حاولوا اطلاق سراحي وفي الحقيقة
انني لم اكن خائفاً على نفسي وانما على كاميرا التصوير الموجودة
بحوزتي وهي تقدر بعشرات آلاف الدولارات واعرف ان هؤلاء العناصر لا
يقدرون قيمة هذه الكاميرا اذا ما وقعت بين ايديهم وتقديري لم يكن
اعتباطياً وانما من قسوة التعامل التي شاهدتها مع الطلبة على كل
حال الله ستر ولطف في انني استطعت التنصل من بين ايديهم خلسة في
معمعان مناوشاتهم مع الاساتذة والطالبات حيث قام احد الاساتذة
بإخفائي في غرفته واغلق الباب بالمفتاح وحاولوا العثور علي لكنهم
لم يجدوني وفي أثناء اختبائي بالغرفة فكرت كيف سأخرج الفلم وهو
باعتقادي كان البينة والشهادة الوحيدة على كافة ممارسات الشرطة حين
اقتحامهم للجامعة فراودتني فكرة وقمت بتنفيذها بمساعدة المعلم حيث
قمت باستعارة جاكيت وحطة واخفيت وجهي ووضعت الفلم بملابسي وابقيت
الكاميرا بالغرفة وخرجت محاولاً تجاوز تجمعات الشرطة المنتشرين في
كافة الامكنة الى ان وصلت لسيارتي ووضعت الفلم بداخلها واحضرت فلما
فارغاً وعدت الى نفس الغرفة بنفس الطريقة ووضعت الفلم الفارغ
بالكاميرا وبعدها خرجت والتقيت بمجموعة من افراد الشرطة الذين
حاولوا في البداية مصادرة الكاميرا بالقوة وبعد ان طلبت منهم
مقابلة احد المسؤولين لتسليمه الفلم بنفسي وافقوا على ذلك واعطيتهم
الفلم ثم غادرت المنطقة وهربت بجلدي وتم نشر الفلم المصور وكان له
ضجة اعلامية مثيرة .
ويضيف خبيصة اننا لا نريد التشهير بسلطتنا الوطنية او الاساءة
اليها كما يدعون في كثير من الاحيان ان الصحافيين عملاء وينفذون
سياسات اسرائيلية اننا على العكس من ذلك نريد اظهار الحقيقة ،
والحقيقة فقط لما فيه خير امتنا ومصلحة شعبنا وسلطتنا حتى لا يترك
المجال لبعض العابثين او اللا مسؤولين في التفرد والعبث في امن
المواطن وراحته وحريته لان هذه العناصر هي التي تسيء اكثر من
العلانية والمكاشفة . واضاف زملاء عبد الرحمن على قول زميلهم اننا
نشعر بإحباط شديد اثناء عملنا في ظل السلطة الفلسطينية ولقد طلبنا
مراراً وتكراراً بان يحترم عملنا وان تكون لنا حرية العمل كباقى
سائر الصحفيين في العالم فنحن لا نطالب اكثر من المعقول كل ما
هنالك ان تصاغ قوانين محددة تكون ضابطة لنا ولافراد الاجهزة
الامنية كل يعرف حدوده وصلاحياته وعلى سبيل المثال لماذا لا يكون
افراد الاجهزة الامنية مزودين بتعليمات خاصة تمنع التصوير في أحداث
معينة حينها يمكن الامتناع عن التصوير لكن وللاسف الشديد لا يعرفون
( والمقصود افراد الاجهزة الامنية ) قوانين ولا ضوابط ولا يحسنون
التعامل وكل ما يعرفه هؤلاء اوامر عليا فقط ... ؟
وقال عبد الرحمن خبيصة في معرض رده على سؤال اذا ما كانوا تقدموا
بشكاوى في احداث معينة ام لا ؟ بلا لقد تقدمنا بعشرات الشكاوى
سواء للمحافظة او للمجلس التشريعي او لغيرهم لكن لا توجد آذان
صاغية .
اما حول قضايا التمييز في اسلوب تعامل افراد الاجهزة الامنية في
التجمعات او النشاطات السياسية للفصائل الفلسطينية المختلفة فقد
كانت الاجابة على النحو الاتي :-
ان التمييز واضح بشكل ساطع وذلك من خلال تجربتنا الشخصية اثناء
عملنا كصحفيين والتمييز اكثر شيء في التعامل ما بين المسيرات او
المظاهرات التي تقوم بها الحركات الاسلامية وحضور حركة "حماس"
وبين المسيرات التي تنظمها حركة فتح .
فعلى سبيل المثال المظاهرة الاخيرة التي دعت اليها حركة "فتح" في
مخيم بلاطة يوم الجمعة 20/2/1998 فبالرغم من قيام عدد من افراد
الحركة باطلاق النار بالهواء واستخدام بعضهم اللثام الا ان احداً
من الاجهزة الامنية الفلسطينية لم يتدخل بالرغم من وجود العديد
منهم بزي مدني ولم يتم التدخل الا حينما احرق العلمان الاسرائيلي
والاميركي مقابل قبر النبي يعقوب الذي يسيطر عليه الاسرائيليون حيث
قاموا فقط بمصادرة افلام التصوير من الصحافيين لكنهم لم يسيئوا لاي
من المتظاهرين .
مقابل ذلك جرت مسيرة قبل حوالي خمسة ايام من المسيرة المشار اليها
ايضاً وكانت بتنظيم من اللجنة الشعبية للتضامن مع العراق وبالرغم
من منعها او منع اعطائها رخصة انطلقت المسيرة من وسط المدينة نابلس
بمشاركة الفي متظاهر وقامت قوات الامن الفلسطينية وخصوصاً وحدات
الشرطة والتدخل السريع بالانتشار بشكل كثيف وواسع واقامت حواجز
بشرية لمنع المتظاهرين من الاستمرار واخذوا بدفعهم بقوة واستطاعوا
ارغامهم على التوقف وتفريق المتظاهرين وبعد ذلك مباشرة جرى اعتقال
جمال البسطامي امين عام حزب البعث العربي الاشتراكي لبضعة ايام ثم
اطلق سراحه .
فباختصار هنالك تمييز واضح في التعامل مع مظاهرات حركة " فتح " او
المؤيدين للسلطة وما بين المعارضين للسلطة .
الباحث الميداني : اياد الحداد
التاريخ : 7/3/1998
|