تلفزيون فرح

الاسم :                          فتحي سعيد حسين الناطور

العمر :                           32  عاماً

الحالة الاجتماعية :           متزوج

العنوان :                         جنين

المهنة :                         صحافي ، مدير تلفزيون فرح – جنين

في كانون الاول من العام  1994  وبحدود الثامنة مساءً تحركت سيارتي على جانب الطريق في احد الشوارع الفرعية في السوق التجاري لمدينة جنين وبعد نصف ساعة عدت الى السيارة وقبل ان ابدأ بتشغيلها فوجئت بالعديد من جنود الاحتلال وقد احاطوا بي ، قبل ذلك بلحظات سمعت صوت اطلاق غزير للنيران وبسبب الظلمة وانهمار الامطار الشديدة فلم اميز شيئاً ، امرني الجنود بالنزول من السيارة وطلبوا بطاقتي الشخصية ، ففعلت وحين ابرزت بطاقتي الصحافية الصادرة من "بيت اغارون" واخبرتهم بانني صحافي استشاطوا غضباً على غضبهم وكأنني نزلت عليهم من السماء ، بعد ذلك انتظرت تحت المطر مقيداً بعد ان جمع الجنود المارة المنتشرين بكثافة في المكان وكان عددهم اكثر من عشرين مواطناً اقتادونا الى مبني الحاكمية العسكرية في جنين هناك علمت انه تم جمعنا عقب إشتباك مسلح بين دورية اسرائيلية وخلية من حركة "حماس" اسفرت عن سقوط شهيد من مخيم جنين وكان حظنا العاثر هو السبب في وصولنا الى ما وصلنا اليه ، فالاشتباك جرى اثناء وجودي بالصدفة في المكان وعلى كل فقد افرج الجنود عن كل المارة بعد ساعتين من التحقيق معهم اما انا فقد اعتقلت عشرة ايام وتم التحقيق معي يومياً فقد اتهمني المحققون انني على علم وتنسيق مسبق مع افراد الخلية وان حضوري كان بناء على معرفة مسبقة بما سيحدث وان دوري هو تصوير الاشتباك ، لقد فندت كل التهم الموجه لي واخبرت المحققين انني كنت هناك بمجرد الصدفة اما بخصوص وجود الكاميرا في السيارة فهي خاصتي التي تلازمني اينما ذهبت فطبيعة عملي تستوجب ذلك. افرج عني بعد عشرة ايام بعدما تاكد لهم انني برئ من تهمهم ، اتعرض الى عمليات ضرب او إهانة اثناء فترة التحقيق ، وانما تعرضت للحبس في زنزانة اضافة الى عمليات الشبح المختلفة بأوضاع جسدية غير مريحة لعدة ساعات في اليوم وفيما يتعرض بسائر الانتهاكات التي يمكن ان يتعرض لها المرء على يد الإسرائيليون فانا في الحقيقة لم اتعرض الى أي انتهاك لا يذكر بل على العكس كنت اشعر بان بطاقة عملي توفر لي الحماية والامان على الحواجز الاسرائيلية ، كما انني لم اتعرض الى أي إجراءات من شانها ان تحد من حرية تنقلي الى اسرائيل او الى الخارج .

اما عند الفلسطينيين ، يمكن القول انني لم أعاني كثيراً ايضاً بسبب عملي ومع ذلك حصلت بعض الازعاجات ، فمثلاً وبعد قدوم السلطة الفلسطينية الى مدينة جنين بعدة شهور قام احد الموظفين في محطة التلفزيون خاصتي بتصوير مسيرة اطفال انطلقت في مدينة جنين وقد ردد بعض الاطفال شعارات سياسية معارضة لعملية السلام الحالية مثل شعارات "غزة – اريحا فضيحة" وفي الواقع كنا في التلفزيون بصدد بث مقاطع من المسيرة خلال نشرة الاخبار المسائية الاعتيادية ، وقبل النشر حضر الى الاستوديو ممثلين عن الاجهزة الامنية وطلبوا منا ليس فقط عدم البث المسيرة بل تسليمهم الكاسيت وطلبوا معرفة اسم الشخص الذي قام بتصوير المسيرة وبالطبع انكرنا وجود الكاسيت ونفينا أي علم بوجود المسيرة .

كذلك اذكر واقعة اخرى في العام  1997  في احد الليالي خلال بثنا على الهواء مباشرة حواراً سياسياً مع بعض الرموز الوطنية واثناء الندوة السياسية قمنا بالاتصال المباشر مع السيد ابو علي مصطفى نائب الامين العام للجبهة الشعبية والذي علق على الموضوع ذا صلة بالاحداث السياسية ومن ضمن الشعارات والجمل التي تلفظ بها ابو علي مصطفى "سلطة الحكم الذاتي الهزيل" وغيرها من التعبيرات ، في نفس الليلة واثناء بث البرنامج اتصل بنا ممثل وزارة الداخلية في جنين محتجاً على اشتراك ابو علي مصطفى وان مجرد الاتصال مع المعارضة هو تصرف غير قانوني .  في اليوم التالي اتصل بي مسؤول المخابرات الفلسطينية واشعرني انه يحظر الاتصال على هذا النحو وفي برنامج مفتوح مع اقطاب المعارضة ، لقد حاولوا تكبير الموضوع وفي النهاية تم لملمته .

في السنة الماضية وخلال تفاعل الازمة العراقية مع بريطانيا واميركا ومنع ضخامة التحشدات العسكرية العسكرية حيث كانت النية مبينة لضرب العراق وكذلك ابان تعرض العراق للضربات الجوية الاميركية البريطانية في اواخر العام الماضي وحيث انطلقت المسيرات والمظاهرات الشعبية في فلسطيني وما رافق ذلك من اعمال حرق الاعلام الاميركية والبريطانية والاسرائيلية اصدر السيد غازي اجبالي تعميماً الى مديريات الشرطة طالباً منهم ان تعمل على منع بث المظاهرات واحراق الاعلام ، ونحن في المحطة وصلنا اشعار بذلك ووفقاً على تعهد لان ذلك يمس بالمصلحة الوطنية العليا لشعبنا على حد تعبير الشرطة  ليس هكذا تمت الامور بل اقدمت السلطة على اغلاق العديد من محطات الراديو والتلفزيون على هذه الخلفية والحمد لله نحن لم يطلنا هذه الاجراء .

اما فيما يتعلق بالتدخل المباشر بعمل محطات التلفزيون فقد حاولت الشرطة ان تفعل ذلك صراحة ، ففي العام  1995  أي بعد دخول السلطة تم استدعائي واخرين ممن يعملون في محطات للراديو التلفزيون الى مقر الشرطة جنين وطلب منا ان نقوم بتزويد الشرطة ببرنامج للتلفزيون مرة كل اسبوعين، أي تزويدهم باجندة عملي وعمل المحطة نصف الشهرية ، كما طلب منا عدم بث نشرات اخبار الفضائيات ، بالاضافة الى  استصدار الاذن او الرخصة قبل بث أي مادة ذات صلة سياسية ، وعلى هذه الخلفية قمت واخرين بالاجتماع واشعرنا محافظ جنين الذي اكد رفضه لفكرة تقديم الانشطة نصف الشهرية قبل البث وغيرها من الالتزامات غير المشروعة والتي من شانها المس بحرية الراي والتعبير … الخ ..

ان هذه التداخلات من شانها ان تعيق ولو بشكل نسبي من حرية العمل ، ففي السابق لم نكن نعلم بالضبط كم هو الحيز الذي يمكن التحريك عبره ، فاختلطت الامور بحيث يبقي موضوع التقدير الشخصي والذكاء الشخصي معايير قد يساء فهمها حين نتطرق الى موضوع هام كموضوع الرقابة الذاتية والخطوط الحمراء ، فالخطوط الحمراء التي يخطر تجاوزها كانت في السابق غير مفهومة وغير مكتوبة الى ان شرعت تبدو رويداً رويداً بعد الاعلان عن قانون المطبوعات والنشر ، مع صدور القانون هذا اتضحت الصورة قليلاً والصورة لم تتجلى بعد خاصة وان القانون المرئي والمسموع لم يصدر بعد .

لهذا يمكن القول ان الصحافي غير حر تماماً ما لم يصدر قانون يوضح القيم المسموحة والممنوعة ، ان عدم توفر نظام قيمي يمكن ان يخلق المزيد من التداخلات والتقييدات التي من شانها ان تمس مباشرة بحرية عملنا في حقل الاعلام ، فمثلاً ما هي القيمة من وجود المؤسسات الاعلامية ؟  بلا شك القيمة لا تقوم على مبدأ الربح والخسارة فقط بل هناك قيمة عليا وهي نقل الحقيقة والاستجابة لمطالب الجمهور وذوقه واحساسة ومتطلباته الحياتية والوجدانية ، مثال على ذلك …. :- في الفترة الاخيرة قام تلفزيون فرح بالتطرق مباشرة الى المشاكل اليومية الحياتية التي يواجها سكان منطقة جنين مع البلدية سواء كانت مشاكل صحية كالنفايات السائلة والصلبة او مشاكل ادارية وغيرها ، وقد اعد التلفزيون عدة ريبورتاجات ميدانية ولقاءات على الهواء كان موضوعها هو الاشكالات مع البلدية ولقد فوجئنا من موقف ممثلي البلدية الذين قالوا لنا بالحرف الواحد "اننا في تلفزيون فرح نستهدف البلدية ورئيسها وكتبها وان هناك مخطط يهدف الى النيل من سمعة البلدية" ، ان موقف البلدية هذا يجعلنا نفكر بشكل جدي في اعادة النظر لمجمل عملنا فاليوم ربما تقوم باعمال ضد التلفزيون مثل ان تعمل على التفتيش ضدنا بشكل مباشر او غير مباشر وقد تضايقنا وتوثر على مسيرتنا .

اما فيما يتعلق بحرية عمل الصحافي او المؤسسة الاعلامية وهل يوجد علاقة طردية تناسبية بين هامش هذه الحرية وعلاقة الصحافي السيئة او الطبية مع السلطة او التي تعتبر خطوطاً حمراء من وجهة نظر السلطات .. اما فيما يتعلق بمفهوم الرقابة الذاتية ، فمن جهتي اعتقد ان رقيبي الذاتي هو ايماني وقناعتي بعدم ممارسة أي فعل او امر يتعارض والعادات والتقاليد والاخلاق العامة ، وان مفهوم الثقافة الشخصية يميل الى حد كبير في وضع معايير للثقافة والقناعات وبالنهاية تبقى معابر فردية لذلك فالناس يختلفون في تحديد هذه المعايير ، فالشيء المعيب بالنسبة لي قد لا يكون كذلك بالنسبة للاخرين ولهذا يمكن القول ان مفهوم الرقابة الذاتية مفهوم اخلاقي يجعل من  الشخص ليس حراً تماماً فيما يقتنيه او يفعله .

اما فيما يتعلق بالعلاقة مع وزارة الاعلام فاعتقد ان العلاقة تضطر يوماً بعد يوم واعتقد ان الوزارة تحاول اشعارنا بانها تقف الى جانبنا ولا اعرف بالضبط اذا كان موقفها هو نابع من الشخص الذي يقف على راسها هل سيكون موقفها هكذا اذا تغير الراس فيها …!؟

وبالنسبة للتلفزيون ومدى ثقة الجمهور فيه فانا اقول اننا نعمل باستمراء لخدمة الجمهور ومحاولة الاستجابة لما يريده لناس ، كذلك فالاعلانات الكثيرة تؤكد ان هناك توجهاً شعبياً واضحاً لاحترام محطات التلفزة ، ويمكن التأكد من ذلك من حجم مشاركة الناس وتجاوبهم وزيارتهم الى التلفزيون ، كذلك بعد حصل التلفزيون على المرتبة الاولى وفق استطلاعين منفصلين ، لقد اصبح التلفزيون المحلي وبالذات تلفزيون فرح في جنين الوسيلة الاعلامية المميزة ودليل المواطن الذي يهتدي اليه .

عز الدين الرزي ،   14/3/99

 

الى صفحة جرائم السلطة

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع