الاسم:               معاوية محمد إبراهيم النجار

العمر:                28 عاماً

الحالة الاجتماعية: مطلق

المهنة:              سائق أجرة

محل السكن:      غزة – جورة الشمس

هاتف البيت:       2837845 – 201943/050

عدد أفراد الأسرة: 11 فرداً، رقمه السادس بين أفراد الأسرة

 

اعتقلت بتاريخ 25/1/95، كان الاعتقال ليلاً في الساعة العاشرة ليلاً، وكنت أقف على باب المنزل، حضرت قوة من المخابرات بواسطة سيارتين كانا فيها ما يقارب 15-20 شخص كانوا يرتدون الزي المدني، ومسلحين، لم يعرفوا على أنفسهم ولكني من خلال معرفتي بأحد الأشخاص علمت أنهم من جهاز المخابرات، وبادروني بالقول هل تريد أن تحضر بسلام أم نقوم بتكسير البيت وإخراجه، قلت كسروا البيت، ثم أخذوا بطاقة الهوية وتأكدوا من اسمي وقالوا نريدك 5 دقائق، ثم صعدت في سيارة ترانزيت ، وبدأو يشتمون يا ابن الشرم***، يا جاسوس، سنأخذك لنطلق عليك النار في المستوطنة، وخلال ذلك انهالوا علي بالضرب بشكل غير طبيعي بواسطة الكلاشينات والبساطير، على وجهي، لم أكن مقيد، لكنهم أعصبوا عيني، وبعد نصف ساعة وصلنا المقر (السرايا) أنزلوني من السيارة وشبحوني وشعرت أنني لست وحدي، وكل ذلك قبل أن ندخل، ووضعوا الكلبشات في أيدي وأمروني برفع يدي، ومنعوني من إنزال يدي، واستمر هذا الوضع لمدة 48 ساعة، بدون أكل أو شرب أو نوم. 

وهذا كله كان في الممر، ثم أدخلوني على غرف التحقيق بدون أن ينزعوا العصبة عن عيني وبدأ أحدهم يسألني عن كيفية ارتباطي في المخابرات الإسرائيلية ومن هو الضابط الإسرائيلي الذي أوقعني في شركه، وطبعاً هذه الأسئلة لم يكن لدي عليها أي رد لأنه لا أساس من الصحة فيها.  

وكلما وجه سؤالاً كان الآخرون وعددهم ما يقارب من 5-6 أشخاص ينهالون بالضرب بواسطة الكلاشنكوف وآخر بواسطة  العصا، وثالث والبرابيش وكل ما تتمنى نفسك، لا أتصور أن هناك منطقة في العالم تستخدم التعذيب بهذه الهمجية. 

لم تتوفر لدي أي فرصة للدفاع عن نفسي حتى بالكلام، وفي النهاية تركت نفسي أصرخ، أنا مظلوم أنا مظلوم، ولكن لا يوجد استجابة، وبعد قليل قلت لهم سأقول لكم كل ما تريدونه ولكن اتركوني ارتاح قليلاً، وافق وأعطاني مدة نصف ساعة ولكن خلال هذه الفترة كنت مشبوحاً  وبعد نصف ساعة أعادوني لمكتب التحقيق طلبت منهم أن يسمعوني بشكل ودي وإذا لم يعجبهم الكلام فهم أحرار في اختيار ما يرونه مناسباً، سمحوا لي بالتحدث، وبدأت أقول لهم أنني انضممت الى تنظيمات الطلبة وأنا في المدرسة في الثالث الإعدادي وكان ذلك في العام 86، ونقوم بمسيرات طلابية وحتى الآن يوجد شباب يشهدون لي بذلك، وفي بداية الانتفاضة نفذت مهمات في إطار مبادرات بدون انتماء إلى منظمات سياسية وشاركت في مواجهات ضد الجيش الإسرائيلي لغاية سنة 89، وفي هذا العام انتميت لتنظيم الجبهة الشعبية ومارست دوري في الجبهة الشعبية عبر اللجان المختلفة وكان في لي مجموعات واستمر ذلك حتى العام 1993 وكان رصيدي وقتها جيد جداً، وفي العام 9/1/93  تم اعتقالي من قبل المخابرات الإسرائيلية بناء على اعتراف أحد الرفاق ودخلت التحقيق فترة 33 يوم وكان اعترافي اعتراف محدود جداً ، وبناء على الاعتراف المحدود، حكم علي لمدة 8 شهور و 2000 شيكل غرامة قضيتها في سجن النقب وفي فترة وجودي في السجن يشهد لي برصيدي النضالي، ولم أتعرض بأي شبهات أو مساءلة تنظيمية وحصلت على العضوية الحزبية داخل السجن وبعد خروجي من السجن في 19/9/93   بيومين أعيد الاتصال التنظيمي بي، وهذا يعني أن الاتصال كان من القيادة العليا للجبهة. واستمر العمل التنظيمي بشكل جيد وبدون اختراقات رغم مسئوليتي عن عدة مجموعات، وخلال حديثي هذا معهم  كانوا يستهزئون، لكني ذلك لهم أن مجموعاتي تتجاوز الأربعين شخص وإذا ثبت أن اعتقل أحدهم أكون أنا جاسوس. 

فقال لي ضابط المخابرات أن كل ذلك هو تستر لإبعاد الشبهات عنك ، وبادرت في السؤال وقلت له انزع الكيس من رأسي حتى أتحدث معك، رد علي وقال تريد أن تعرفني حتى إذا أفرج عنك تأخذ  ثارك مني، قلت له إذا أنا جاسوس لن أبحث عنك، أما إذا كنت مظلوماً سياسي يوم وانتقم منك حتى لو وصلت للموت، وهذا الرد كاد أن يوصلني إلى الموت فعلاً. 

هجموا علي أكثر من 5 أفرد وضربوني بقبضاتهم وعصيهم وبنادقهم، في كل أماكن جسدي في رأسي وصدري ومعدتي وقذفت بالدم من فمي، ثم أخذوني وعلقوني بالجنزير ووضعوا السلاسل في قدمي اليسرى وعلقوني الأمر الذي أعاني فيه من الآلام حتى الآن، واستمر التعليق  من ربع ساعة إلى عشر دقائق، ثم حضر أحدهم وقال موجهاً حديثه للجنود يا كلاب يا جواسيس ماذا تفعلون في الرجل، وطبعاً ربما هو الذي أمرهم يعمل كل ذلك، وفك قيدي وأحضر الطبيب وقام بلف قدمي وأجلسوني وأحضروا لي طعام بعد أربع أيام لا يسد جوع عصفور، وارتحت يوم داخل أحد مكاتبهم، ونظراً لوجود الدوشة والخوف والصراخ لا أحد يستطيع النوم وكانت عبارة عن فترة راحة من الضرب فقط. 

وبعد ذلك أعادوني إلى التحقيق ثانية، وحثوني على الاعتراف، بالارتباط بالاحتلال، فقال يوجد ناس وشهود يثبتون أنك عملت معهم، طلبت منه أن يحضرهم واحضروا لي شخص اسمه أسعد سلمي من منطقة الزيتون في غزة وأدخلوه علي، وكان وضعه الصحي سيء للغاية وقال احكي يا معاوية ما يريدونه حتى نخلص، أنا لا أنكر معرفتي بأسعد لكنها معرفة شكلية، وأخذوني على الحمام ونزعوا عني ملابسي ووضعوني تحت الماء البارد وكان الشهر كانون ثاني وكانت درجة الحرارة لا تتجاوز الـ 5-6 درجات في ساعات الليل، واستمر ذلك ما يقارب الثلاث ساعات ووضعوا رأسي في الكرسي الإفرنجي وفتحوا عليه "السيفون" لكني لم أعترف لأن فاقد الشيء لا يعطيه. 

وأحضروا شاهد آخر اسمه جهاد الهركلي وطلب مني الاعتراف وتحدث وكأنه كان بينه وبيني عمل وارتباط وتحدث عن قضية مقتل (6) صقور من فتح في جباليا وادعى أنني السائق الذي أوصلتهم إلى موقع الاغتيال، وبشكل غير إرادي وقلت له أنت كذاب وعندما قتلوا كنت أنا في سجن النقب. 

فنهض الضابط وضربه وسأله عن سبب الكذب قال له يا فندم أنتم تريدون ذلك، فطلب الضابط منه أن يتحدث القصة الأخرى، وبعدها طلب مني الضابط أن ارتدي ملابسي للإفراج عني، فرحت وارتديت ملابسي وغسلت وجهي وأنا بانتظار الإفراج، ولكن الأمور لم تكن  كذلك وإنما تم التحقيق معي على قضية أحداث جامع فلسطين، وصرخت واستنفرت مرة أخرى وبعد ذلك وعدوني بالإفراج وأدخلوني إلى زنزانة  لا يزيد عرضها عن متر وطولها عن مترين، ومكثت عدة ساعات وبعدها أعادوني للتحقيق مرة أخرى، وقال لي المحقق يوجد عندنا هنا ثلاث قضايا، وشئت أم أبيت ستعترف على واحدة منها،  فاختار واحدة. وإلا ستموت كما مات أبو جربوع، قلت لا يوجد شيء عندي، فقال لا يوجد أحد يسأل عنك هنا ونطلق عليك النار ونعمل لك جنازة شهيد وتذهب في كيسك، وعندما سألته عن سبب كل الظلم هذا قال هذه أوامر عليا ولا بد من تنفيذها. 

وبعد أن وصل بي الحال لمرحلة ميؤوس منها،  وكنت ألاحظ أن الموت يقترب طلبت منهم أن يكتبوا أي ورقة، وسأقوم أنا بالتوقيع عليها. فطلب مني كلام من عندي، قلت لا يوجد عندي كلام، وفي النهاية رست الأمور على أن اعترف أنني كنت سائق معهم في السيارة التي اغتالت هاني عابد، ثم طلب مني أن أبصم على ورقة وهم الذين كتبوها. وبصمت على ورقة أو اثنين، وخرجت من التحقيق. 

وعلمت فيما بعد أنه بمجرد أن تضع بصمتك على ورقة تفتح الدنيا أبوابها في وجهك السجاير، والأكل، والشاي، والفراش، ...إلخ، وقد مضى خلال ذلك على اعتقالي ما يقارب (32) يوما، وفي اليوم الثاني أعطونا الأمانات وتم تحويلنا على السجن المدني في السرايا، وفي الطريق مشياً على الأقدام سألت الضابط عن فترة السجن فقال شهرين أو ثلاث على الأكثر وتكون في البيت وبادرت بالقول عندما اقتربنا من بوابة السجن لو أنا جاسوس لكنت أساسا لا يمكنك اعتقالي أصلاً، فقال ستندم على هذه الكلمة، ودخلت السجن وتصورت أن الوضع سيختلف لكن الشرطة المدنية تعاملوا معنا بالضرب والجنازير وكان ذلك في عهد عبد القادر ذياب وكانت رتبته عقيد.

والحياة كانت بكل أشكالها سيئة جداً، وكنت أكتب رسائل إلى منظمات حقوق الإنسان والمجلس التشريعي ونقابة المحامين لكن لا أعرف إن كانت هذه الرسائل تصل أم لا ولكن لم أشعر بأي نتيجة، واستمر الحال إلى أن عين العقيد حمدي الريفي الذي غير كثيراً في حياة الأسر، ومن الأشياء التي تغير هي معاملة الشرطة ومنع الشرطة من التحدث مع المعتقلين حتى وإن كان السجين غلطان، وتم طراشة السجن، وفرشات جدد، وفتح سوبر ماركت في داخل السجن، والزيارات كانت كل شهر صارت كل يوم، وفتح مصنع خياطة داخل السجن. 

خلال فترة وجودي في السجن لم أخرج إلى أي محاكمة ولم تعرض علي أي لائحة اتهام. وفي شهر حزيران أو تموز من العام 1995 عرضت على ضابط أمن الدولة حيث حضر ثلاث ضباط على أحد مكاتب السجن المدني، وبدأوا يسألوني عن ما حدث في المخابرات في التحقيق، كإعادة للأقوال وليس لتوخي الحقيقة، في البداية فرحت وقلت في نفسي أن هذه الجهة هي خشبة الخلاص وبدأت بالتحدث بحرارة وأبكي، واستمرت الجلسة ساعة ونصف، وبعد ذلك حضر ضابط من المخابرات وأخرجوني وانهالوا علي بالضرب في ساحة السجن لكني قلت لهم لا تضربوني ما تريدونه سأبصم لكم عليه، وأعادوني إلى أمن الدولة وبصمت لهم مجدداً على ذات الورقة  التي بصمت عليها في المخابرات، وأعادوني إلى غرف السجن. 

وبعد يومين أخرجونا من سجن السرايا في موكب عسكري، وكنت مقيد اليدين وكان معنا ما يقارب (10) سجناء واقتادونا إلى خانيونس، كلية العلوم والتكنولوجيا، وأنزلونا واختاروا لنا أماكن والتقطوا لنا فيها صور. 

ثم أعادوني إلى السجن وأمضيت فيه خمس سنوات، وأفرج عني 5/1/00. لا أعرف حتى الآن كيف أفرجوا عني وأنا شخص متهم في قتل الشهيد هاني عابد، ولم أعرض على محكمة.  وفي اليوم الأخير من الإفراج سألت الضابط على أي أساس ستفرجون عني وأنا متهم بقضية خيانة عظمى وعقوبتها إعدام وقتل هاني عابد وعقوبتها مؤبد، ضحك وقال يا شيخ انسي.

 

 

§     صاحب الإفادة يطلب بأن لا ينشر شيء على لسانه، وأن لا ينشر اسمه.

الى صفحة جرائم السلطة

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع