Ref: press release from the police إشكاليات القضاء بيان صادر عن الشرطة : " يمنع وكلاء النيابة و المدعين العامين من دخول مراكز الشرطة أو مراكز التوقيف في الثماني والأربعين ساعة الأولى من التوقيف". وزير العدل فريح أبو مدين / المجلس التشريعي 12أيار 1999 . لقد بات تدخل السلطة التنفيذية و ممثليها بصميم صلاحيات واختصاص الجهاز القضائي والتجاوزات اللامسؤولة من أصحاب النفوذ يشكل ممارسات يومية روتينية ، متناسية بذلك دور وأهمية الجهاز القضائي ، و غافلة عن مبدأ فصل السلطات وسيادة القانون وخالقة مجتمع يحكمه أجهزة الأمن المختلفة آخذة على عاتقها أن تكون الحاكم والجلاد في آن واحد . لقد شكلت تلك التدخلات بإختلاف أشكالها أولى وأهم العوائق والإشكالات التي يعاني منها الجهاز القضائي . وتتمثل اهم صورها في القرارات الصادرة عن رئيس السلطة التنفيذية ياسر عرفات والمتعلقة بشؤون الجهاز القضائي . فقد عين الرئيس في (19 )حزيران عام 1999 زهير الصوراني 63 عام نائباً عاماً للسلطة الوطنية ، كذلك عين رضوان الآغا رئيساً للمحكمة العليا وقاضي قضاة في 11/6/ 99. والمستشار خالد عبد الهادي القدرة الذي عين نائباً عاماً لمحاكم أمن الدولة في 1/11/99 .والقرار الصادر عام 1999 بتعيين عبد اللطيف عبد الفتاح مدعي عام للنيابة العامة في الضفة الغربية . (جديراً بالذكر ان هذا الاخير تمت ادانته بتهمة اساءة المعاملة التي افضت الى موت المواطن وليد القواسمي في 9 آب 1998 بسجن اريحا،حيث كان عبد اللطيف آنذاك يعمل في جهاز المخابرات وقد حكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن 7 سنوات ) كذلك القرار الصادر عن رئيس السلطة رقم 28 لسنة 99 والذي يقضي بمنح رئيس المحكمة العليا (قاضي القضاة )في غزة صلاحية ترتيب أوضاع الجهاز القضائي والإشراف على إجازات القضاة والموظفين الإداريين في جميع المحافظات الفلسطينية . ان هذا القرار يعتبر قراراً تشريعياً كونه يدخل تعديلات على قانون استقلال القضاء الساري في الضفة الغربية ، وهذا يعتبر تدخلاً في عمل السلطة التشريعية . كما أنه لا يتوافق مع القوانين السارية في الضفة الغربية التي تمنح صلاحية إدارة الجهاز القضائي والإشراف على العاملين فيه ،إلى المجلس القضائي ووزارة العدل . إضافة إلى تعيينات وزير العدل التي تتم ليس بناءً على مقاييس الكفاءة والخبرة ،ولكن حسب الهوية السياسية بعيداً عن الإعتبارات المهنية ،فمثلاً تم في رام الله في آذار ( مارس ) 1998 تعيين مدعيين عاميين لم يكملوا تأهيلهم كمحامين ، أحدهم إبن عم وزير المالية زهدي النشاشيبي ، والثاني إبن أخت رئيس المجلس التشريعي (أحمد قريع) .إن مثل هذه التعيينات تهدف إلى تعزيز مكانة الرئيس وذلك بنشر موالين له في كل مكان ،ما يترك جهاز القضاء مغلول اليد … هذا من جهة . ومن جهة أخرى .. تفاجأ رئيس محكمة الجنايات برام الله برسالة من الرئيس تفيد بأن أحد الثلاثة الموقوفين على قضية قتل على خلفية الشرف ، بريء ويجب إطلاق سراحه فوراً ،والموقوفين الآخرين هما اللذان ارتكبا الجريمة ويجب محاكمتهما … وقد أطلق سراح الشخص المذكور حسب رغبة رئيس السلطة . كذلك تعدد الجهات التي تقوم بوقف الأشخاص ، واختلاط الإختصاصات خلق نوع من البلبلة في عمل الجهاز القضائي، فقد صدر قرار عن النائب العام فايز أبو رحمة يقضي بإطلاق سراح 11 معتقلاً لدى السلطة الفلسطينية في أيلول (سبتمبر) 1997 –معظمهم من حماس- وبعد أن تم إطلاق سراحهم فعلاً ،إعتقلتهم أجهزة الشرطة مجدداً بعد ساعتين ،وهم الآن في سجون السلطة بغزة . *عدم تنفيذ الأحكام الصادرة عن السلطة القضائية : هذا ولم تكتف السلطة التنفيذية وأجهزتها بالتدخل وحسب، بل إذا ما حاولت السلطة القضائية أو حتى السلطة التشريعية من ممارسة الصلاحيات المنوطة بها حسب القانون والتي وهبتها السلطة التنفيذية لنفسها ،كانت لها بالمرصاد. فإن تجرأت السلطة القضائية وأصدرت أحكاماً بحق الماثلين أمامها ، تمنعت السلطة التنفيذية من تنفيذ تلك القرارات ،سالبة حق السلطة التشريعية بالتشريع وإعداد القوانين ،محتكرة بذلك صلاحيات السلطات الثلاث . . . فالمعتقل سائد حسين عواد اعتقل يوم 10 / 2 / 99 من طولكرم .وهو أحد سكان مخيم طولكرم ،تم نقله الى غزة حتى تاريخ 12 /8 /99 حيث أفرج عنه وأمضى حوالي ثلاثة أيام لدى أقاربه في رفح ، ثم تم إحضاره بواسطة السلطة الى الضفة وتم إيداعه في سجن جنيد ،مع العلم أنه صدر قرار بالإفراج عنه . عبد العزيز الرنتيسي ،من قيادي حماس ،وهو أشهر معتقل سياسي لدى السلطات الفلسطينية ،لا يزال في السجن رغم قرار المحكمة العليا بإطلاق سراحه قبل عام ونصف . كذلك وائل فراج (21)عاماً طالب في قسم التاريخ بجامعة غزة ،تم إعتقاله في نيسان25 / 4 / 96،كانت زوجته حاملاً آنذاك وأصبح إبنه في الثالثة من العمر وهو لا يزال خلف القضبان . أما فاروق أبو حسن ،أب لثلاثة أولاد ،إعتقل في 8/ 11 /94 ولم يعد لبيته حتى اليوم . كما فصلت وزارة المعارف مديرة مدرسة في يطا ،قضاء الخليل ،تدعى سعاد طنية ،وكانت المحكمة قد أصدرت قراراً بعودتها إلى العمل ،ورفضت الوزارة تطبيق القرار . وزاد الطين بلة ،عندما صدر قرار بفصل قاضي القضاة قصي عبد الله في تشرين ثاني (يناير 1998 بعدما إنتقد وزير العدل فريح أبو مدين في تدخله بعمل المحاكم .ولم يتم تعيين قاضي قضاة مكانه حتى تاريخ 11/6/1999 . *خلو وشغور مناصب قضائية هامة : هذا بدوره يقودنا إلى إشكالية أخرى يعاني منها الجهاز القضائي ،ألا وهي شغور كثير من المناصب الهامة والحساسة لمدة طويلة ،فقد بقي منصب المدعي العام شاغراً بعد إستقالة فايز أبو رحمة في نيسان (إبريل)1998 لمدة أربعة أشهر . كما أصدر الرئيس ياسر عرفات قراراً بتعيين المستشار رضوان الآغا في منصب قاضي القضاة ورئيس المحكمة العليا إعتباراًمن 11 /6 / 99 بعدما إستمر هذا المنصب شاغراً منذ فبراير 1999 . محكمة صلح طولكرم وقبل عام ال 1967 كان بها ثلاثة محضرين ،والآن محضر واحد ،بعد كل هذه الزيادة في السكان ،عدا عن أن هذا المحضر مجاز إجازة مرضية منذ أكثر من شهر وغير معروف متى يتم شفاؤه وعودته للعمل(هذا دفع بالمحامين في كثير من الأحيان على تقمص دور المحضر) *نقص في طاقم شؤون الموظفين : وما يجب ذكره ،النقص الكبير في طاقم شؤون الموظفين لدى المحاكم وشح التجهيزات التقنية ،فقد إعتصم المحامون في جنين لمدة نصف ساعة أمام المحكمة ،وذلك لتوقف المحكمة عن عملها بسبب عدم وجود أوراق (ما بعد ) التي يكتب عليها ضبط المحاكم . جنين. تلك المحافظة التي يبلغ عدد سكانها ثلث مليون نسمة ولا يوجد بها سوى محكمة واحدة للبت في آلاف القضايا ،هي محكمة الصلح .وهذه المحكمة لا يوجد بها سوى قاضي واحد عليه النظر يومياً ب 150 إلى 400 قضية. بالإضافة لقيامه بمهمة قاضي صلح وقاضي محكمة بداية وقاضي مخالفات سير ورئيس دائرة الإجراء. *بدائية الإدوات المستخدمة : فالإجراءات الإدارية بطيئة والأدوات المستخدمة بدائية و متخلفة ولا يستخدم الكمبيوتر بعد،والطاقم الإداري ليس بالكفاءة والعدد المطلوب ،مما يؤدي إلى تراكم القضايا وعدم الفصل بها ،وإزدحام المحكمة بالمراجعين دون قضاء مصالحهم …عدا عن عدم وجود شرطة قضائية تنفذ قرارات المحاكم –هذا إن نفذت – وبالنتيجة تستعين المحاكم بالأجهزة الأمنية ،التي يقوم المسؤولون عنها بإبطاء التنفيذ وتأجيله ،إذا كان الحكم الصادر ليس في مصلحة المسؤول .إضافة إلى عدم صلاحية مباني المحاكم في كل محافظات فلسطين لأن تكون دوراً للتقاضي . *قلة عدد القضاة وانخفاض رواتبهم : وتمتد هذه المشاكل لتمس القضاة من حيث عددهم وكفاءتهم وإنخفاض رواتبهم .حيث أن الراتب السيءوعدم تنفيذ القرارات الصادرة عن القضاة ،وعدم وجود مراجع قانونية قضائية وتصنيف القضاة بنفس التصنيف (D)،فالذي يعمل في المهنة منذ عشرات السنين وآخر حديث التعيين سيان ، كل هذه الأسباب مجتمعة كانت وراء عدول المحامين الأكفاء عن العمل في السلك القضائي . ان الادعاء بعدم وجود اموال كافية لا يجد مبرره،اذا ما علمنا ان ما يقارب 5,5 مليون دولار من اموال الميزانية العامة خصص لوزارة العدل،وان مدخول وزارة العدل من محافظة جنين وحدها يبلغ ثلاثة ملايين شيكل سنوياً ؟! *إختلاف النظام القانوني في الضفة الغربية عنه في قطاع غزة : إختلاف الأنظمة القانونية وعدم توحيد المحاكم وعدم وجود هيكلية متكاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة،فالقوانين السارية في الضفة الغربية وقطاع غزة خولت جهات مختلفة صلاحية إدارة شؤون القضاء . مجلس القضاء الأعلى من الناحية القانونية مهمته إدارة شؤون الضفة، علماً بأن هذا المجلس غير موجود على أرض الواقع. بينما يفترض أن تقوم وزارة العدل بإسناد خدمة مرفق القضاء. أما في قطاع غزة فقد خول القانون كلاً من قاضي القضاة ورئيس السلطة الوطنية مهمة إدارة شؤون القضاء ،بينما تقتضي القوانين بأن يتولى إدارة السلطة القضائية مجلس قضائي أعلى يتمتع بإستقلال مالي ويختص بشؤون القضاة بما فيهم أعضاء النيابة العامة ،من تعيين وعزل وإحالة على التقاعد وتأديب وغير ذلك . كذلك عدم توحيد إختصاصات محاكم الصلح والبداية في كل أنحاء فلسطين ،فمثلاً تختص محاكم الصلح في قطاع غزة بالمنازعات المالية التي لا تزيد قيمتها عن مئة ألف شيكل ،بينما إختصاص قاضي الصلح في الضفة الغربية لا يزيد عن 250 ديناراًأردنياً ومحكمة البداية في غزة أسمها محكمة مركزية وللأخيرة إختصاص إستثنائي .إضافة إلى إفتقارالساحة العملية من بعض المناصب القضائية الهامة، مثل محكمة عدل عليا ومفتش لوزارة العدل ومجلس قضائي أعلى وقاضي قضاة في الضفة . إن نعومة أظافر السلطة الفلسطينية وضحالة تجربتها الإدارية والسلطوية وعدم تخصصية موظفيها في كثير من الأحيان ،وتباين تجربة الثورة عن تجربة السلطة والخلط بين التجربتين ،سيؤدي وبلا شك إلى إنهيار أعلى سلطة في البلاد مهنياً و إدارياً ،وإنتشار الفوضى والفساد وغياب الرادع العام والخاص وزيادة الجريمة والجريمة المنظمة . |