البيت الابيض يكذّب نبيل شعث: بوش لم يقل انه غزا العراق بأوامر من الله

لندن ـ القدس العربي :8/10/2005

التصريحات التي نسبت الي الرئيس الامريكي جورج بوش ومفادها انه غزا العراق بأوامر الهية، حتي وان نفاها البيت الابيض لا تغير من حقيقة ان بوش استند علي الخطاب الديني حملاته العسكرية، ومنذ خطابه الذي تحدث فيه عن محور دول الشر.
ولكن معظم المراقبين لتصريحات وعلاقات هذا الرئيس الذي يقول انه مسيحي ولد من جديد يرون ان بوش عندما بدأ حربه علي الارهاب الدولي، فقد غلف الخطاب حوله بلغة شبه دينية عن الصراع بين الخير والشر.
ومن هنا وصف مقاتلي القاعدة بحسب هذه الرؤية بالاشرار.
ومن هنا فان العبارات التي نسبها نبيل شعث، وزير الخارجية الفلسطيني، في البرنامج التلفزيوني السلام المخادع: اسرائيل والعرب الذي ستبثه هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي رأي ان التصريحات ليست جديدة، فاحتلال العراق وتدميره مع افغانستان جاء بناء علي هذه الرؤية القيامية، بل ان الكثير من نقاد البيت الابيض اشاروا الي ان بوش حول العراق لمساحة لنشاطات القياميين التبشيريين الذين يؤمنون برؤية الرئيس الدينية.
ولهذا حرص بوش بعد انهيار النظام العراقي وسقوط بغداد عام 2003 وعلي تصوير ان احتلال هذا البلد هو جزء من الحرب علي الارهاب، وتطور الامر فيما بعد الي جعل العراق في مركز الحرب علي الارهاب العالمي .
ويتذكر بوب وودورد في كتابه خطة الحرب الذي يعتبر اوثق كتاب عن تطور ملف العراق والحرب عليه، كيف قام بوش بالتمشي في حديقة البيت الابيض مصليا وداعيا الله ان يحمي الجنود ويحفظهم . وعندما دخل مرحلة اتخاذ القرار الحاسم في ضرب العراق قال بوش لودوورد كنت اصلي طالبا القوة من اجل تحقيق ارادة الرب . واضاف بوش كما يروي الصحافي الامريكي عنه قائلا بالتأكيد لن اقوم بتبرير الحرب بناء علي ارادة الرب، تفهم هذا، ومع ذلك فقد كنت اصلي من اجل ان اكون رسولا جيدا، وطبعا اصلي طالبا الغفران . وهناك قصة اخري يحكيها بوب ودوورد عن اتجاهات بوش الدينية عندما سأله ان كان قد استشار والده الذي رفض اجتياح العراق بعد انسحاب القوات العراقية من الكويت في حرب الخليج عام 1991، فكانت اجابة بوش ان والده الارضي لا يصل لدرجة والده الاعلي الذي يدعو اليه ويطلب منه النصح.
وفي لحظة اخري دافع بوش في خطابه عن حالة الاتحاد، عن سياسته المسماة الحرب الوقائية قائلا انها ملهمة دينيا، حيث قال دعوة التاريخ هذه جاءت لهذا البلد، والحرب التي نثمن ليست هدية امريكا للعالم ولكنها هدية الرب للانسانية .
ويظل الرئيس الحالي من اكثر الرؤساء الامريكيين الذين استخدموا الخطاب الديني والتصرفات الدينية في شؤون السياسة، مع ان اسلافه من الرؤساء استخدموا الدين بشكل مكثف، الا ان نقاد بوش يقولون ان بوش يقوم بقصد بتعمية الحدود بين الدين الكنيسة والسياسة الدولة . ويتذكر العديد من مسؤولي البيت الابيض السابقين كيف كان عليهم الحضور اليومي للصلوات في الصباح. وتم تخصيص ميزانيات من مليارات الدولارات للجماعات الدينية، التي يعتقد بوش انها جيدة لدعم مشاريعه الاجتماعية اكثر من مؤسسات ووكالات الدولة.
بل ان فوز بوش الاخير في الانتخابات جاء بسبب الحملة التي قادها كارل روف لاقناع المناطق التي تعيش فيها جماعات دينية ومتدينون. واثر المتدينين المتحمسين في الادارة واضح من العبارات التي اطلقها الجنرال الذي كان مسؤولا عن ملاحقة اسامة بن لادن، زعيم القاعدة، حيث قال ان الحرب في افغانستان هي حرب ضد الشيطان ووصف اله المسلمين بالوثن. وقال امام حشد من الامريكيين المتدينين لماذا هذا الرجل في البيت الابيض؟ غالبية الامريكيين لا يصوتون له. هو في البيت الابيض لان الله وضعه فيه في هذه اللحظة المميزة . ولم يتعرض الجنرال لتعنيف، بل رفع في وزارة الدفاع الامريكية، لمنصب احد مساعدي الوزير.
وفي عام 2002 اشارت تقارير الي ان بوش صلي مع توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني في مزرعته في تكساس، اي قبل عام من ضرب العراق، ولكن في تلك القمة وافق بلير مبدئيا علي المشاركة في ضرب العراق.
ويفهم ان عودة بوش الي الخطاب الديني والحديث عن الحرب الدولية علي الارهاب للتغطية علي الازمة التي يعاني منها في العراق، فالرئيس في خطابه امام الوقفية القومية للديمقراطية يوم الخميس، حيث كان في قلب الخطاب حديث بوش عن قيام السلطات الامنية الامريكية باجهاض عشرة هجمات لتنظيم القاعدة منذ الهجمات الاولي في ايلول (سبتمبر) 2001، واكثر من هذا فهو
استمرار بوش في تصوير الارهاب الاسلامي بالتهديد العالمي، والذي لا توقف زحفه الا القوي الديمقراطية بزعامة الولايات المتحدة.
وجاء خطاب الرئيس عن الارهاب، في الوقت الذي تراجعت فيه شعبية الرئيس لادني درجاتها بسبب العراق وتزايد اعداد القتلي الامريكيين، حيث قتل ثمانية جنود يوم امس، والطريقة التي تعاملت فيها الادارة مع اعصار كاترينا الذي ضرب مدينة نيواورليانز. ويشهد غرب العراق عمليات عسكرية مكثفة منذ ايام قبل الاستفتاء علي مسودة الدستور العراقي، المثيرة للجدل.
وفي هذا الاتجاه تحدث بوش ولاول مرة بعبارات واضحة عن رؤيته للتهديد الاسلامي الذي يريد اقامة امبراطورية شر اسلامية تمتد من اندونيسيا في جنوب شرق آسيا، الي اسبانيا علي المحيط الاطلنطي.
وتعامل بوش مع الارهاب الاسلامي باعتباره حركة واحدة تقاتل حربا واحدة في الشيشان والفلبين وتايلاند والعراق. وفي خطاب بوش اعتراف بالقوة التي وصلت اليها الجماعات الجهادية، خاصة تنظيم القاعدة في العراق والذي لم يكن ليجد له موطئ قدم في هذا البلد لولا الاجتياح الامريكي. ولكن بوش الذي تحدي الزرقاوي، قال ان قواته لن تغادر العراق قبل ان يحل الامن.
وانتقدت واشنطن بوست بوش وقالت انه ومساعدوه يتجاهلون الواقع السياسي في العراق، حيث قالت ان الجنرال جورج كيسي اكبر عسكري امريكي في العراق حذر من ان الاقتراع علي الدستور لن يكون له اثر كبير.
وقالت ان العراق ينحدر نحو الانقسام، الاكراد في الشمال يريدون الحفاظ علي استقلالهم، والشيعة في الجنوب يحاولون بناء مؤسسات تفصلهم عن بقية البلاد. وقالت انه في غياب اي ميثاق سياسي ينبثق بعد الاستفتاء، ففرصة بناء ديمقراطية، بل وحتي الحفاظ علي العراق موحدا قد تكون فاتت.

 

الى صفحة القائمة السوداء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع