مدير عام
التلفزيون الفلسطيني: التعيين وبند
المكافأة ليس خاضعا لمعايير مهنية بل للعلاقات الشخصية
11/3/2006
غزة – دنيا الوطن – تامر عبد الله
شهدت الهيئة الفلسطينية للإذاعة والتلفزيون في الآونة الأخيرة تغييرات
على المستوى الوظيفي تبعا لاضطرابات سبقتها. للوقوف على أسباب هذه
الاضطرابات وسياسة التلفزيون الرسمي في ظل استلام حماس للحكومة الجديدة
وخطط تطوير التلفزيون كان لدنيا الوطن هذا اللقاء مع محمد الداهودي
مدير عام التلفزيون الفلسطيني:
* شهد تلفزيون فلسطين في الآونة الأخيرة اضطرابات وإضرابات، وتناقل
الكثيرون أسبابا مختلفة لهذه الإضرابات، فهلا وضحتم حقيقة الأمر؟
- بداية أهلا بكم في التلفزيون الفلسطيني لأننا فعلاً نعتز بصحيفة دنيا
الوطن، حقيقة أن التلفزيون في قطاع غزة لم يشهد أي إضرابات بغض النظر
عن عدم الرضا عن مسئول أو آخر لكن لم يأخذ الموضوع منحى الإضراب أو
تعليق العمل لأن العمل لم يتوقف ولا لحظة واحدة، أما في الضفة فكانت
هناك مشكلة حيث تفاجأ حوالي ثلاثة وسبعين موظفا من موظفي هيئة الإذاعة
والتلفزيون الفلسطيني أنه تم فصلهم بشكل غير قانوني وبشكل تعسفي، نعلم
جميعا أنه عند اتخاذ إجراء بالفصل هناك إجراءات يجب إتباعها إلا أن ذلك
لم يحدث فكانت هذه بمثابة صدمة لجميع الموظفين بما فيهم أنا، حتى رئيس
الهيئة لم يكن لديه علم بذلك فقد تصرف أشخاص يعملون في الشئون الإدارية
على عاتقهم وقاموا بإرسال كتب للرئيس الذي لم يشر بفصلهم بل أشار
للتحقيق في الموضوع، حينها حدثت بعض البلبلة حول فصل هذا العدد من
الموظفين إلا أنهم في حقيقة الأمر لم يفصلوا بل تم إيقافهم عن العمل
للتحقيق كما أشار السيد الرئيس، على ضوء ما حدث كان لإخواننا في
المحافظات الشمالية بالضفة الغربية عدة فعاليات احتجاجية أمام المؤسسات
الرسمية الرئاسية والتشريعية ورئاسة الوزراء، وقد انتهى الموضوع
بالكامل فقد تم التحقيق ومن ثم إعادة كل الموظفين إلى أماكن عملهم،
ورافق ذلك بعض التغييرات.
* العديد من موظفي التلفزيون الفلسطيني يعملون على بند المكافأة، وقد
تم فصل عدد كبير منهم وتم إعادة بعضهم دون الآخر، فما هي معايير
التوظيف على بند البطالة ولم أعيد بعض الموظفين دون الآخر؟
- العمل ببند المكافأة كان أسلوب خاطئ جداً فقد خضع لمزاجيات المسئولين
السابقين حيث راكم العديد من الموظفين على بند المكافأة دون أي حسابات
ودون وعي للأزمة التي تمر بها هيئة الإذاعة والتلفزيون، لأن بند
المكافأة لا يدفع من وزارة المالية بل يدفع من الميزانية التشغيلية
الخاصة بالهيئة، فكان موضوع التعيين وبند المكافأة ليس خاضعا لمعايير
مهنية أو لكادر إعلامي بل للعلاقات الشخصية و(التخجيل)، فنفاجأ أن
لدينا رقم مهول من الموظفين على بند المكافأة بحوالي مائة وثمانين
موظفاً، يحتاجون إلى ثلثي الميزانية التشغيلية، ونحن جميعا نعلم أن
الإعلام صناعة وخاصة المرئي منه فهو مكلف جداً، من حيث الصيانة
والتجديد والإنتاج وغير ذلك كثير، فمن هذا المنطلق كان العبء الكبير،
وأنا شخصيا لم يكن لي يد في توظيف أو فصل أي من موظفي بند المكافأة حيث
أنني استلمت الإدارة حديثاً، ولكن كنت من حكم موقعي الأساسي قد وجهت
رسائل عديدة لرئاسة الهيئة لترشيد التوظيف على بند المكافأة ولكن للأسف
لا حياة لمن تنادي وقد أبديت تحفظي على هذه المسألة لمدير عام برامج
التلفزيون. حدث من جديد تنظيم لهذه العملية فمن يثبت نفسه وانه يضيف
شيئاً جديداً ويكون رافعة لهذه المؤسسة سيبقى، وعلى هذا الأساس كان
هناك جزء موجود حاول الإبداع وحاول وضع بصمة خاصة به فمنهم من وفق
ومنهم من لم يوفق، وبصراحة كانت المؤسسة واضحة منذ البداية حيث كان
هناك شرط في العقد ينص على أن من حق المؤسسة فسخ العقد في أي وقت،
والعقد بكل الأحوال مدته ثلاثة شهور، ومن يثبت نفسه سنبقي عليه فنحن لا
نريد عبء على عبء، وأنا الآن بصدد إجراء بحث كامل لجزء من موظفي
المكافأة لأن مخافة الله فوق كل شيء وحتى لا نظلم أحداً، فهناك جزء
منهم لا نراهم إلا آخر الشهر عند استلام الراتب فقط، ومنهم من ليس له
علاقة بالمهنة فكيف لنا أن نبقي عليه، ثم أن العقد كان صريحاً كما
ذكرنا سابقاً.
* لقد كنت سابقاً مديراً لدائرة العلاقات العامة في المؤسسة ومن خلال
لقاءاتك بطلبة الإعلام في الجامعات الفلسطينية كانت لك بعض التحفظات
على الإدارات السابقة، هل من الممكن توضيحها؟ وهل يمكنك تلافي هذه
التحفظات أو إزالتها وأنت في موقع مسئولية الآن؟
- بالنسبة للأخوة في الإدارات السابقة فعلوا ما كانوا يستطيعون فعله،
فهذه قدراتهم وهذا هو أسلوبهم نجحوا في البعض وأخطئوا في البعض، ولكن
لربما لأنني ابن هذه المؤسسة فأنا بها منذ عام 1996؛ أضع يدي على الجرح
العميق، خاصة على صعيد التراكمات النفسية على مدار سنين طويلة، لأنه في
الحقيقة نحن نمتلك كادرا ذا كفاءة لكنه يحتاج لأن يخرج من كبوته
النفسية حتى يستطيع الإبداع، وقد كان لدي تحفظ على أسلوب العمل وبعض
الهفوات التي كانت موجودة في البرامج أو الأخبار، ونحن بصدد تغيير كامل
سواء على أداء البرامج أو الأسلوب الذي تقدم به البرامج وهدفها
والشريحة الموجهة لها، كما سنعمل على التوازن في العرض بين أنواع
البرامج حيث إن هناك بعض البرامج كانت مفتقدة لأنه لم يكن هناك خطة
ممنهجة، وهذا أمر مفروض أن يحدث من خلال أسلوب علمي لمعرفة أراء
الجمهور من خلال استقصاء للرأي العام حول ما يريده جمهورنا الداخلي
وجمهورنا في الشتات، ولأن العمل المرئي ليس كغيره من وسائل الإعلام،
فلا نستطيع التعديل فيه بسهولة، ولا يصح أن ننطلق من ردة فعل بل يجب
وضع خطط حتى نسير بشكل صحيح على خطوط متوازية ومتوازنة، لكي نكون
قادرين على النجاح؛ لذا نبدأ بالكادر البشري وهو العنصر الأهم ومن ثم
الأمور الفنية، والتي تشكل مشكلة فعلاً فنحن لدينا أجهزة متراكمة فلم
نجدد الأجهزة منذ ثلاثة عشر عاماً وهي في تلف تصاعدي وذلك بسبب الأزمة
التي نمر بها وسوء الحالة الاقتصادية، ولكن لدينا خطط لتطوير هذه
الأجهزة حتى لو لم نكن قادرين على تغييرها فلابد من تجديدها.
* قيل في أكثر من موقع أن الفضائية الفلسطينية تمتلك أجهزة لا تعمل
لأنها تفتقد لكفاءة قادرة على تشغيلها، كما قيل أن سيارتي البث المباشر
بالكاد لا تعملان أبداً، هل ستعمل الفضائية الفلسطينية على استغلال هذه
الأجهزة في الفترة المقبلة؟
- حقيقة هذا كلام غير دقيق، لأن سيارة البث المباشر تعمل بشكل يومي
مستمر ومتواصل، أما بالنسبة للأجهزة فأنا أتمنى أن تكون لدينا أجهزة
غير مستعملة، أما عن الكاميرا المزودة بجهاز عرض لقراءة الأخبار التي
استخدمت من فترة وجيزة كان عدم تشغيلها يستند لسبب غير مقنع وهو الخوف
من أن المذيع لربما يخطئ لأن الكلام غير مشكل، وهذا بالطبع حجة واهية
لأن من يخطئ فهو يخطئ في قراءة الورق أيضاً، وأنا بنفسي دعمت بشكل واضح
من أجل تشغيل هذه الكاميرا وقد بدأت العمل فعلا منذ ما يقارب عام والكل
لاحظ أن الأداء أصبح أفضل.
* لقد توليت مهام إدارة التلفزيون إبان تشكيل حماس للحكومة الجديدة فهل
ستجرون مشاورات مع حماس لوضع السياسات العامة للتلفزيون أم أنكم سوف
تضعون سياسة إعلامية حسب رؤاكم بعيدا عن سياسة حماس؟
- نحن سنضع رؤيتنا الإعلامية التي تخدم مصلحة الشعب الفلسطيني بكل
أطيافه وسنحاول أن نكون قدر الإمكان موضوعيين وحياديين، ولكن لن نكون
حياديين في أي شيء يتعارض مع قضيتنا الفلسطينية فنحن منحازين فقط مع
شعبنا الفلسطيني، إخواننا في حماس حزب مقاومة فاز في الانتخابات بشكل
شفاف وديمقراطي نوعي لا يحدث إلا في العالم الأول، لن نكون نقيضاً لهم،
وسنتعامل معها على أنها السلطة الوطنية الفلسطينية وإن كنا نتبع
للرئاسة.
* انتخب الرئيس أبو مازن على أساس برنامج وحماس انتخبت على أساس برنامج
مغاير، في حال اختلفت السياسات من ستتبعون بشكل أساسي؟
- نحن سوف نوافق بين كل ما يكون في مصلحة القضية الفلسطينية، نحن نتلقى
تعليماتنا من السيد الرئيس، ولكننا سنكون منسجمين مع كل شيء في صالح
الوطن والشعب الفلسطيني، وفي حال اختلفت السياسة فإننا نتبع الرئيس.
* طرح ضمن ملفات الفساد على أجندة النائب العام قضية اختلاس مبالغ
كبيرة من خزينة الفضائية الفلسطينية، حسب معلوماتكم إلى أين وصل
التحقيق؟ وما هو تأثير هذه الأموال على أداء الفضائية في حال عادت إلى
خزينتها؟
- أولا أتمنى أن تعود هذه المبالغ ولكن في حال عودتها فإنها لن تعود
لخزينة الفضائية الفلسطينية بل ستعود لوزارة المالية لأنه حتى الآن
ميزانيتنا هي من وزارة المالية، حتى الإعلانات التي نقدمها على الشاشة
تذهب عائداتها إلى وزارة المالية والفضائية لا تأخذ منه أي شيء، أما عن
التحقيق فإنني صراحة لا أملك معلومات دقيقة ولكننا جاهزون للتعاون بأي
شيء ونحن مع التحقيق بشكل متفاني من أجل حل هذا الملف لأنه يؤرق جميع
الشعب الفلسطيني ويؤرقنا جدا في التلفزيون الفلسطيني، لأن لا أحد
يستطيع أن يقلب الباطل إلى حق وبالعكس، فنحن مع الحق وهذه هي سياستنا
التي سنسير عليها.
* ما هي الخطوط العريضة التي لن تتجاوزها الهيئة الفلسطينية للإذاعة
والتلفزيون مهما تغيرت الحكومات؟
- لن نكون ضد شعبنا، هذا هو الخط الأحمر الأول والأخير، سوف نكون في صف
الشعب الفلسطيني وما يخدم قضايا الشعب الفلسطيني، ولن نكون في المكان
الذي يتم فيه الضغط على التلفزيون ليكون في يوم من الأيام ضد مصلحة
الشعب الفلسطيني.
* ما هي خططكم المستقبلية لتطوير التلفزيون الفلسطيني؟
- سنعمل في البداية على تعويض النقص الموجود في الجانب الفني والهندسي
وهذا بالطبع يحتاج لزمن، وعلى صعيد البرامج سنحاول أن نجد مساحة لكل
متطلبات الشعب الفلسطيني بكل فئاته وشرائحه، نعلم أن هناك نقص في
البرامج سواء على صعيد البرامج الشبابية، أو الاقتصادية، أو المرأة، أو
الاحتياجات الخاصة، سيكون هناك خطة كاملة متكاملة ولكن ليس بالسرعة
التي يتصورها البعض لأنني أؤمن بالتخطيط والعمل الممنهج حتى نستطيع
العمل والاستمرار بنجاح، لأن العمل على أساس ردة الفعل سيجعل النجاح
محصوراً في فترة معينة ومن ثم نعود للمربع الأول، لذا لن نعمل بشكل
عشوائي، وسنشكل هيئة استشارية نوعية من الإعلاميين الفلسطينيين أصحاب
الخبرة من خارج التلفزيون لتوجيهنا والأخذ بنصيحتهم حتى نرفع مستوى هذه
المؤسسة ونحن متفائلون، ولكن هذا يحتاج لوقت حتى نعمل بشكل صحيح.
|