ثورة بنوك وتحرير صكوك
تاريخ النشر : 12-11-2004
استغل عراب أوسلو محمود عباس ومعه احمد القريع ونبيل شعث رحيل الرئيس
عرفات الغامض للإستيلاء على مقدرات منظمة التحرير الفلسطينية دون
الرجوع إلى القاعدة الشعبية ، الأمر الذي يؤكد على أن عصابة أوسلو التي
فرضت نفسها على الشعب الفلسطيني بقوة الباطل الصهيوني والأمريكي
وبمباركة النظام الرسمي العربي ، عازمة على مواصلة نهج الإستفراد بمصير
هذا الشعب المظلوم وأن الهدف من وراء محاولات هؤلاء إضفاء هالة من
الشرعية على أنفسهم ، ليس إلا القفز على السلطة من أجل مواصلة مسيرة
التصفية التي بدأها محمود عباس عام 1977 بمفاوضات سرية مع الصهيوني
ماتيت ياهو بيليد والتي أدت إلى إعلان المباديء والإعتراف بكيان صهيون
.
وعليه فإن للإتهامات التي وجهتها زوجة الرئيس الراحل عرفات ما يبررها
من حيث أن المعروف عن سلطة أوسو هو أن أفرادها كانوا ومازالوا يطبقون
نهج الاستفراد بالقرارات المصيرية ، وهم على أتم الإستعداد لفعل أي شي
من أجل تثبيت مراكزهم القيادية بما في ذلك التصفية الجسدية لخصومهم
السياسيين .
سهى الطويل لم تأت من كوكب آخر ولم تكن بعيدة عن ساحات صراع "الثوار
على الدرهم والدولار" وليس من الغرابة في شيء أن تقوم هي الأخرى بتقليد
نهج الإستفراد المتبع من قبل أساتذتها في الفساد ، بيد أن سهى لا تتحمل
مسؤولية ما حدث من تلاعب بأموال الشعب و لم تكن هي من هرب تلك الأموال
إلى حسابات بنكية في الخارج ولو أن أياً من زيجات إخوة الكفاح من أجل
النكاح ، أمثال القريع أو عباس أو شعث ، وجدت نفس ظروف الفساد
والإنفلات التي كانت حاصلة في سلطة الإسطبل الأسلوي لتصرفت مثلما فعلت
سهى الطويل بل وأكثر من ذلك ، ثم أن اتهامها وحدها بالتخلي عن الرئيس
عرفات حين كان محاصراً في بناية المقاطعة هو اتهام غير عادل ، حيث أن
الجميع وعلى رأسهم محمود عباس الذي عاش في قصره في الأردن واحمد قريع
ونبيل شعث اللذان كانا يتنقلان بكروت الـ (VIP)
بين الأقطار بكل حرية ، تخلوا أيضاً عن الشهيد عرفات وتركوه يواجه
محنته وحيداً .
خطأ سهى الطويل كان في تسرعها ، فهي وبما وجهته من إتهامات للقريع
وعباس وشعث في وقت كان الشعب تواقاً لمعرفة حقيقة ما يحدث لرئيسه ،
قدمت ودون أن تدري خدمة جليلة لخصومها ، ذلك لأنها استقطبت لنفسها
الغضب الشعبي الذي كان سيتفجر في وجه كل من له علاقة بسلطة الفساد تلك
، لو أنها انتظرت إلى ما بعد الإعلان عن وفاة زوجها .
ومع ذلك فكل الدلائل الحسية تشير إلى صحة اتهامات سهى الطويل ، فوفاة
زوحها الرئيس عرفات لم تكن وفاة طبيعية والأيام كفيلة بالكشف عن خفايا
ما حدث .وليس غريباً على اولئك الذين استولوا بالقوة على حقوق استيراد
وتصدير جميع السلع التجارية لأنفسهم وخصوصاً منها مواد البناء بعد أن
سلبوا عائلات فلسطينية عريقة كعائلة صادق حقها التاريخي في استيراد
الإسمنت لتتمكن شركاتهم الشخصية من تزويد كيان صهيون بالإسمنت اللازم
لبناء المستوطنات والجدار العنصري ، ليس غريباً على هؤلاء القيام بأي
عمل إجرامي من أجل ارتكاب المزيد من عمليات السطو على ممتلكات
المواطنين وحقوقهم .
ليس غريباً على من سبق لهم تأسيس جمهورية الفكهاني وتوريط شعب فلسطين
في معارك لا طائل له فيها ، كتلك التي بدأت بأيلول الأسود في الأردن
ولم تنته بالحرب الأهلية في لبنان بل امتدت لتصل إلى معارك فنادق
أوروبا حيث جرت المساومات على الحقوق في السر والعلانية إلى أن تنازلوا
عن معظمها في إتفاقية إسطبل أوسلو المهينة ، وكل ذلك في مقابل تحقيق
مصالحهم الشخصية .. ليس غريباً على هؤلاء القيام بأي عمل ومهما كان
إجرامياً لتثبيت مراكزهم القيادية .
ليس غريباً على من اختزلوا فلسطين في حدود إسطبلات وسجون كبيرة أطلقوا
عليها لقب دولة ، فيما الحقيقة هي أن هذه الدولة التي يروجون لتأسيسها
ما هي إلا كياناً مسخاً لا تصل مساحته إلى نسبة 18% من مساحة فلسطين
التي زعموا لعشرات السنين تحريرها بالكامل ، ليس غريباً على هؤلاء
ارتكاب أي جريمة من أجل إتمام مسيرة التنازلات والإستسلام .
ليس غريباً على أولئك الذين احتفلوا مع كلينتون وزوجته بشطب كل فقرات
الميثاق الوطني الفلسطيني التي تنص على تحرير فلسطين بجرة قلم ، ليس
غريباً على هؤلاء القيام بأي عمل من أجل مواصلة نهج الشطب للحقوق
والتخلي عن الثوابت .
أخيراً ، لا شيء غريب على من حولوا مسار "ثورة حتى النصر والتحرير" إلى
"ثروة بنوك وتحرير صكوك" ، فهؤلاء شطبوا ليس فقرات الميثاق وحسب بل
أنفسهم وكل ما أكسبهم الشرعية لتمثيل شعب فلسطين المقاوم .
احـمد مـنصور ـ المانـيا
عن
موقع بريد العرب |