الطيب عبد الرحيم وحديث للقدس العربي!

حماس لم تتوقع حجم الفوز الذي حققته.. والمواطن لم يفقد الثقة بفتح ولكنه احتج عليها بصورة صاخبة... الزهار هدد بحرب اهلية بلا محرمات.. ومواسير حماس وعملياتها ضد المدنيين الاسرائيليين شوهت النضال..
2006/03/04

ممن يدعون بأنهم من فتح ساهموا في الفلتان الامني حتي يقال حاميها حراميها


الطيب عبد الرحيم امين عام الرئاسة الفلسطينية وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح يتحدث بكل صراحة لـ القدس العربي :


اكد الطيب عبد الرحيم مبعوث الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (ابو عمار) لحركة المقاومة الاسلامية (حماس) وامين عام الرئاسة الفلسطينية حاليا وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح لـ القدس العربي بان محمود الزهار رئيس كتلة حماس البرلمانية هدد ذات يوم بحرب اهلية بلا محرمات ولا خطوط حمراء.


وشدد الطيب علي ان حماس لم تكن تتوقع حجم الفوز الذي حققته في الانتخابات التشريعية وحصولها علي 74 مقعدا من اصل 132 مقعدا، منوها الي ان المواطن الفلسطيني لم يفقد الثقة بحركة فتح ولكنه احتج عليها بصورة صاخبة ادت الي حصولها علي 45 مقعدا نتيجة الانقسامات الداخلية التي كانت تعصف بها قبل اجراء الانتخابات التشريعية في 25 كانون الثاني (يناير) الماضي.


واضاف عبد الرحيم قائلا في حديث مطول مع القدس العربي بان من زور الانتخابات الداخلية البرايمرز لحركة فتح التي ادت بدورها الي انقسامات داخل الحركة قبل الانتخابات التشريعية هو اشبه بالزاني في عرضه ، مشيرا الي ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي ينتمي للحركة رفض تأجيل الانتخابات مرة اخري بعد ان وصل لقناعة بان التأجيل لن يغير الحال داخل الحركة، وذلك الي جانب خشيته من تهديدات حماس بان التأجيل سيؤدي الي حرب اهلية دامية، وفيما يلي نص الحوار:

من الذي يتحمل مسؤولية ما جري لحركة فتح في الانتخابات التشريعية؟


هناك عوامل داخلية وأخري خارجية أدت الي هذه النتيجة وكلها تحتاج الي مجلدات، بالنسبة الي العوامل الداخلية هناك تراكمات عديدة من أبرزها تغييب الحياة الديمقراطية وعدم التعامل برفق مع الأجيال الصاعدة في حركة فتح وغياب الحسم في بعض المنعطفات وجمود دائرة التعبئة والتنظيم، ومن هنا أستطيع أن أؤكد أن المسؤولية تقع علي الجميع وإن كانت الأطر العليا تتحمل العبء الأكبر. أما العوامل الخارجية فيمكن إيجازها بأن الجانبين الأمريكي والإسرائيلي قد ساعدا في الوصول الي هذه النتيجة، فالجانب الأمريكي تخلي الي حد كبير عن خارطة الطريق والجدول الزمني فأقفل الأفق السياسي، أما الجانب الإسرائيلي فلم ينفذ تفاهمات شرم الشيخ واتخذ خطوات أحادية الجانب خاصة الانسحاب من غزة الذي فسر علي أنه انتصار لخيار المقاومة فقط في حين أن هذه الخطوة الأحادية الجانب قد جملت صورة الاحتلال وشكلت مقدمة لخطوات انفرادية قادمة في الضفة الغربية.


ما هي المسؤولية التي يتحملها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابومازن الذي ينتمي للحركة علي وجه الخصوص؟


لقد بذل الرئيس وقتاً طويلاً لتوحيد الجهود منذ انتخابات الرئاسة السنة الماضية واصطدم بعقبات من الداخل والخارج حالت دون تحقيق الهدف، فهناك من يتوهمون أنهم مراكز قوة، وهناك من ينطبق عليهم المثل يا أنا فيها يا بخفيها أو يا لعيّب يا خريب وهناك من يعتقد أنه أكبر من فتح وهناك من يطيش علي شبر ماء والدليل أن أكثر من 75 مرشحاً فتحاوياً قد نزلوا مستقلين في مواجهة إخوانهم في قوائم فتح للانتخابات التشريعية التي جرت في 25 كانون الثاني الماضي (يناير)، ولقد أجل الرئيس الانتخابات مرة ولم يستطع أن يؤجلها مرة ثانية كما لم نستطع جميعاً في اللفة الاخيرة وبعد توحيد القائمتين ـ لحركة فتح ـ أن نحشد كل قوة فتح حولها بينما حركة حماس قد انتهت من إعداد قائمتها في منتصف العام الماضي وقبل تأجيل الانتخابات.

فقدان الثقة بفتح

هل فقد المواطن الفلسطيني الثقة في الحركة وبرنامجها السياسي؟ أم فساد السلطة التي قادتها فتح إضافة الي الفلتان الأمني كان السبب المباشر في فقدان ثقة المواطن بالحركة؟


لم يفقد المواطن الفلسطيني علي الإطلاق ثقته بالحركة وبرنامجها السياسي، ربما يكون قد فقد الثقة في بعض الأدوات أو الأشخاص، فأثر ذلك بالطبع علي الالتفاف الشعبي حولها.
لقد حصل الرئيس أبو مازن علي نسبة 62.5% في انتخابات الرئاسة ولو حصلت قوائم فتح علي عدد الأصوات التي حصل الأخ أبو مازن عليها لوصل عدد المقاعد التي ستحصل عليها فتح في المجلس التشريعي الي ما يزيد عن 66 مقعدا، لكن تشتت الأصوات بين القوائم الرسمية للحركة علي مستوي الدائرة والوطن والمرشحين الفتحاويين المستقلين أدي الي ضياع ما يقرب من ربع مليون صوت من أصوات فتح، فالبعض كان يحجب عن البعض، فاصطدمت فتح بنفسها بينما كانت حركة حماس موحدة خلف قوائمها، كانت هناك أنانية ومحاولة للمباهاة من بعض المرشحين بأنه حصل علي أعلي الأصوات في دائرته ـ للأسف هذا حدث من بعض القيادات والكوادر في العديد من الدوائر، وإدارة الانتخابات من قبلنا كانت غير موفقة إطلاقاً وغير فعالة، وهناك فتحاويون كثيرون لم يكونوا علي قناعة بأن الانتخابات ستكون في موعدها، فلم يتفاعلوا إلا في الساعات الأخيرة.


أما بعض مظاهر فساد السلطة فقد حسبت علي فتح وإن كانت هناك مبالغات مقصودة من الجانب الإسرائيلي وبعض أطراف المعارضة بالرغم من أن فتح كانت أول من طالب بالإصلاح ووقف تلك المظاهر المسيئة.


اما المواطن فلم يفقد ثقته بالحركة ولكنه احتج عليها بصورة صاخبة، وإذا ما صححنا أخطاءنا وبدأنا بجدية مستفيدين من التجارب السابقة ستعود فتح مرة ثانية لتقود المشروع الوطني.

الفلتان الامني من الجميع

هل تعتقد بأن الفلتان الأمني الذي شارك فيه مسلحون من فتح وقادوه سواء بدعم من هذا المسؤول أو ذاك أدي الي النتيجة التي وصلت إليها الحركة في الانتخابات التشريعية؟


الفلتان الأمني لم يكن من فتح وحدها بل كان من الجميع، ولكن فتح تتحمل المسؤولية الكبري بصفتها هي الحريصة أو القائدة للمشروع الوطني، وبلا شك فقد أساء الفلتان الأمني لمن أقدم عليه وللحركة ككل.


ولكن دعني أقول بصراحة إن فتح ليس لمن يدعيها بل لمن يلتزم بقراراتها وسياساتها وكثيرون ممن يدعون أنهم فتح هم الذين ساهموا في الفلتان الأمني والله أعلم ما وراء القصد، ربما حتي يقال أن حاميها حراميها، وحتي تقول إسرائيل انه ليس لها شريك.


أنت بعثت برسالة الي الرئيس الفلسطيني محمود عباس تعبر فيها عن معارضتك إجراء الانتخابات الداخلية البرايمرز لحركة فتح، ما البديل الذي كان مطروحـاً برأيـك، ورأي من عارضها مثل رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع؟


البديل عن هذه البرايمريات الموسعة كان يمكن أن تكون محدودة في كل منطقة ويشارك فيها أمناء سر وأعضاء لجان الأقاليم والمناطق والشُعب والمكاتب الحركية المتخصصة بالإضافة الي لجنة من المجلس الثوري واللجنة المركزية. أما ما حدث فلا مثيل له في أي مكان في العالم، ومن زوَر في البرايمريات فقد كان أشبه بالزاني في عرضه، لقد شتت هذه البرايمريات الصف ولم تجمع، فرقت ولم توحد، بعثرت ولم تلملم، والنتائج السلبية تحتاج الي وقت طويل للمعالجة وهذا يقتضي من الأطر العليا أن تساهم في إحياء الديمقراطية التي تُوحد وتُجمع لا كما حدث ومورس من ديمقراطية فوضوية.


إصرار عباس علي إجراء الانتخابات في موعدها رغم معرفته بالانشقاقات والصراعات الداخلية ووجود العديد من التيارات المتناحرة داخل الحركة، هل كان له هدف محدد؟ وهل تعتقد أن فوز حماس كان متوقعاً من قبل الرئيس ويرغب في ذلك لإقصاء المتمردين في الحركة الذين أعاقوا عملية الإصلاح في كثير من الأحيان ووصلت بهم الأمور الي استغلال بعض المسلحين لتنفيذ مخططاتهم؟


الرئيس أبو مازن أجل الانتخابات مرة في شهر 7 السنة الماضية ولمدة خمسة أشهر تقريباً، ولقد حاول مراراً سواء في اجتماعات اللجنة المركزية أو المجلس الثوري أو مع الصفوف المتقدمة من الكوادر الميدانية أو مع المرشحين المستقلين من الفتحاويين أن يُصلح الأمور ويصوبها، ولكن دعني أقول لك أن الرئيس وصل الي قناعة أن تأجيل الانتخابات للمرة الثانية لن يغير الحال وسنفقد مصداقيتنا، إضافة الي أن بعض قيادات حماس قد هددوا بأن التأجيل سيؤدي الي حرب أهلية دامية.


أنا كنت مع التأجيل ولو لشهرين حتي نعيد ترتيب صفوفنا. لقد كان التأجيل ضرورياً حتي لأسباب سياسية وهي تنفيذ تفاهمات شرم الشيخ وحتي يتضح الأمر بالنسبة لمشاركة القدس في الانتخابات والانسحاب من مناطق أ، وب ـ مناطق السلطة الفلسطينية وفق اتفاق اوسلو ـ والتزام من الرباعية بفتح الأفق السياسي ووفق جدول زمني محدد للانسحاب من الأراضي الفلسطينية عام 1967 وإقامة الدولة.


أما بالنسبة للشق الثاني وهو أن الرئيس كان يتوقع فوز حركة حماس فلا أعتقد أن حركة حماس نفسها كانت تتوقع هذا الفوز.


الي أين تسير حركة فتح في ظل خلافاتها الداخلية؟ والي أين وصلت التحضيرات لعقد المؤتمر العام السادس للحركة؟


فتح حركة وطنية أصيلة مثل الجواد العربي الأصيل لها تاريخها وتراثها وإنجازاتها وكانت قادرة دوماً علي النهوض من الكبوات لكن التيار العام في الحركة بخير وهو يحترم قيادته وأطره والجميع يرغب في عقد المؤتمر العام السادس وهناك ترتيبات لذلك وقد أنجز الكثير، وفتح ليست في الداخل فقط وفي الخارج أيضاً لكن الداخل مهم، لأنه هو الساحة الأساسية، ولهذا فإن المجلس الثوري في اجتماعه القادم مطالب بقرارات وإجراءات كثيرة وفي مقدمتها الانتخابات الداخلية للحركة في الوطن.


هل تعتقد بأن الأطر القيادية وخاصة اللجنة المركزية وفقدانها ثقة القاعدة الجماهيرية بسبب الحديث عن فساد بعض عناصرها واستغلالهم لمناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية ساهم في حالة التفسخ التي تعيشها الحركة؟


أقول لك بصراحة لقد حاول البعض أن يحمل اللجنة المركزية مسؤولية ما حدث في انتخابات التشريعي تماماً كما كانوا يحملون الأخ أبو عمار مسؤولية أي خطأ، لكي يبعدوا المسؤولية عن أنفسهم، ثم توقف الحديث الآن عن ذلك، والتيار العام في الحركة يؤكد علي ضرورة الالتفاف حول اللجنة المركزية باعتبارها صمام أمان وحدة الحركة، وصدقني أن لا أحد في اللجنة المركزية يسعي لتحقيق مكاسب شخصية بعد أن وصل الي هذا الموقع الذي كان تبوأه قادة عظماء مثل أبو عمار وأبو جهاد وأبو يوسف النجار وسعد صايل وغيرهم الكثير الكثير ـ تطلعاتنا فقط هي التمسك بالثوابت التي أوصانا بها الرئيس الخالد أبو عمار وتحقيق أهدافنا الوطنية.


ما هو صراع الأجيال في داخل الحركة؟ وبماذا تفسره؟ وهل تعتقد بأن ما يسمي بالقيادة الشابة وسعيها للإطاحة بالحرس القديم ساهم في تفكيك فتح ؟


سمه ما شئت صراع الأجيال، تدافع الأجيال، تزاحم الأجيال... هو شيء مشروع في كل حزب أو حركة إذا كان بطرق مشروعـة، البعض قام بتحريضات ضد القيادة وحاول الحديث عن القيادة الشابة وقيادات الداخل والخارج وما شابه ذلك، لكن فتح تبقي أكبر من كل أصحاب المشاريع الخاصة، لقد حدثت انشقاقات في السابق تحت مظلة هذه الشعارات والأقاويل. ما هو مصيرهم إما في مزابل التاريخ أو علي قارعة الطريق أو أداوات مسكينة في يد هذا النظام أو ذاك لا حول لهم ولا قوة.


إن الحل الوحيد هو كما قلت لك ببعث الحياة الديمقراطية في صفوف الحركة بما فيها في الأطر العليا، فليس الموضوع فشخرة أو منغهة بل إن المسؤولية مكلفة ومقرفة في بعض الأحيان، حيث تؤدي الي مرض السكري والضغط وانسداد الشرايين والجلطات والقسطرة... الخ.

الخلاف مع القدومي

ماذا عن الخلافات بين فاروق القدومي ابو اللطف رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية أمين سر حركة فتح، والرئيس الفلسطيني محمود عباس؟


احترامي للأخوة الاثنين فقد تربيت علي يد الأخ أبو اللطف وهو الذي ألزمني في فتح هو والأخ هايل عبد الحميد، أما الأخ أبو مازن فقد رافقته في بناء السلطة وهو من أواخر الرجال المحترمين. القصة أنه نُفخ في كير هذه الخلافات وقد اجتمعنا كلجنة مركزية في عمان وصُفيت هذه الخلافات. ربما يكون الأخ أبو اللطف ليس في صورة ما يجري من تفاصيل نعيشها في الوطن وتفاصيل هموم الوطن يومية ولا حصر لها ولا يمكن استيعابها بالتليفون ولكنني علي قناعة أن الاثنين وهما من مؤسسي هذه الحركة حريصان علي الثوابت وعلي المشروع الوطني وعلي منظمة التحرير والخلاف كان علي صلاحيات الدائرة السياسية ولكن لا خلاف علي دور منظمة التحرير التي يترأس لجنتها التنفيذية الرئيس أبو مازن.


أنا وجميعنا يرفض الاستقطاب لكن البعض يحاول أن يجد ملاذاً لدرء سوأته أو المداراة عليها فيجد في الاستقطاب ملاذاً. وقد علمونا ونحن في مقتبل العمر في حركة فتح أن قانون المحبة ينتصر دوماً وأن الزبد يذهب جفاءً.


هل تعتبر فاروق القدومي جزءاً من المشاكل الداخلية التي تعيشها حركة فتح وخاصة أنه شرَّع خوض بعض كوادر فتح للانتخابات التشريعية كمستقلين؟


أعتقد أن الأخ أبو اللطف قد نفي نفياً قاطعاً أنه شرَّع لذلك وقد قلت لك قبل قليل هناك من يحاول الاستغلال والتذرع وإيجاد المظلة للمداراة علي بعض خطواته الشاذة فينسب لهذا ويتقول علي لسان ذاك ما يحلو له ويعتقد أنه بذلك ينال الشرعية. إنني كأخ صغير لهما أدعو الي الانتباه والحذر من ذلك.


هناك تيار في فتح يرفض مشاركة الحركة في حكومة حماس لماذا هذا الموقف؟


حتي الآن لا نعرف برنامج حماس فلا يمكن أن ندخل النفق ـ إن كان صح التعبير ـ دون أن نعرف نهايته، ومع هذا فإن القرار النهائي بالمشاركة أو عدمها لم يحسم حتي الآن.


رأيك انت شخصيا؟


إذا سألتني عن رأيي فأنا لست مع المشاركة. لقد رافقت الأخ أبو عمار في كل خطواته لتشكيل الحكومات المتعاقبة وكان يحرص علي أن يستشير حركة حماس أولاً، وكان الرد بالرفض دائماً، أنت تعرف أن المشاركة في الانتخابات التشريعية هي علي أساس برنامج واضح للمنظمة والسلطة، الآن يقولون أشياء متضاربة... عندما يكونون واضحين سيكون قرارنا واضحاً فإما أن يكونوا جزءاً من النظام السياسي الفلسطيني أو ينقلبوا عليه، لهذا فلكل حادث حديث، ولا أريد أن أطيل في هذا الموضوع.

لا اؤيد مشاركة فتح بالحكومة

ألا تعتقد أن دعم حماس من قبل فتح في هذه المرحلة المفصلية التي تمر بها القضية الفلسطينية واجب وطني أكبر من كل الاعتبارات الفصائلية والحزبية؟ وأنت شخصياً ما هو موقفك بشأن هذه القضية تحديداً؟


أنا شخصياً عضو في حركة يؤخذ قرارها داخل الأطر ولكن ـ إذا جاز لي أن أتجاوز هذه الحقيقة ـ فإنني أؤكد لك ومن خلال حواراتي مع حركة حماس طوال ستة أعوام مكلفاً من الأخ الرئيس أبو عمار رحمه الله، فقد كانت التجربة صعبة وغير مشجعة، إنهم كانوا دائماً خارج النظام السياسي ولم نتوصل الي قواسم مشتركة ويحاولون الآن الاستيلاء عليه بدون برنامج سياسي واجتماعي واضح، ولا أخفي عليك أنني أخشي من تجربتي معهم وجرنا للدخول في أحلاف في المنطقة نُستخدم فيها ورقة لتحسين الموقف التفاوضي لإطراف ذلك الحلف وينسون أن هناك رئيساً منتخباً وأن نظامنا رئاسي برلماني ويعتقدون أن لا أحد غيرهم في الساحة، هذه سياسة خطيرة وتوابعها أخطر، وقد هدد محمود الزهار ذات يوم بالحرب الأهلية هكذا بلا محرمات ولا خطوط حمراء، ومن هنا فأنا لست مع المشاركة.


هل تعتبر فوز حماس بداية مرحلة جديدة في القضية الفلسطينية؟ وهل تعتقد بأن الخطاب الفلسطيني المتشدد سيؤدي الي نتيجة أفضل بعد أن تم تجريب نهج المفاوضات الذي اتبعته فتح؟


والله يا أخي القضية الفلسطينية علي أبواب مرحلة جديدة بالفعل وأخشي أن تكون نحو الأسوأ، فانعدام الشريك يعطي الجانب الإسرائيلي الحجة والذريعة للقيام بخطوات أحادية الجانب مضمونها ترسيم الحدود من جانب واحد وبموافقة دولية، كما حدث في غزة. وبالنسبة للشق الثاني من السؤال فلا أعتقد بأن التمسك بالثوابت الوطنية هو حكر علي حماس. هناك ثوابت وطنية وفتح مع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية هي التي ساهمت في وضعها وإقرارها وهي الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وحق اللاجئين في العودة حسب القرار 194 والمقاومة لم تكن حصراً في حماس، فالجميع مع المقاومة كحق مشروع وقد تضمن البرنامج الانتخابي للرئيس أبو مازن بنداً واضحا في هذا المجال وحماس كانت آخر من انضم الي ممارسة هذا الحق وعندما مارسوه كان طابعه الصواريخ ـ المواسير ـ والعمليات التي استهدفت المدنيين الاسرائيليين والتي أدت جميعها الي تشويه صورة نضالنا وكانت سبباً رئيساً في إقامة جدار الفصل العنصري.


لماذا الرئيس عباس يهدد بالاستقالة في حين يدعو لاحترام خيار الشعب؟


الرئيس أبو مازن لم يهدد بالاستقالة إطلاقاً وهو ديمقراطي حتي النخاع وهو أول من احترم نتائج الانتخابات وربما يكون ذلك أحد أسباب خلاف البعض معه بخصوص فهمنا للديمقراطية، فنحن لسنا دولة مستقلة ذات سيادة، حيث مازلنا تحت الاحتلال، والديمقراطية تحت الاحتلال لا بد أن تكون مختلفة عنها في انكلترا وأمريكا وغيرهما من الدول ذات السيادة وإذا لم تساهم الديمقراطية في تعميق البعد التحرري تصبح في ظل الاحتلال أشبه بانتخابات روابط القري أو ديمقراطية العبيد.


صحيح أننا أثبتنا للعالم بأننا شعب حضاري وديمقراطي، هل أدي هذا الي تحرير شبر واحد؟ الاحتلال أمس في نابلس وقبلها في جنين، واليوم في الخليل، وكل يوم في غزة يقصف ويقتل ويغتال ويحاصر ويعتقل ابناء الشعب الفلسطيني وما زال البعض يغني للديمقراطية... للأسف الجنازة حامية وبعضنا يزغرد.


الي أين تسير القضية الفلسطينية في ظل فوز حماس وسعي فتح للسيطرة علي الأجهزة الأمنية بطرق مختلفة، وحالة من الفلتان الأمني تعصف بالمجتمع الفلسطيني؟


اتمني من كل قلبي أن تكون حماس جزءاً من النظام السياسي. واتمني للحكومة القادمة من الأعماق أن تنجح في توفير الأمن للمواطن الفلسطينـي الـذي يتـوق لذلـك، واتمني أن يعرف كل من ساهم ويساهم في الفلتان الأمني أنه معزول من الناس بل مكروه، أفلا يكفي الاحتلال، اتمني النجاح وسنكون جميعنا سيوفاً مع كل المحاولات الجادة لوقف الفلتان الأمني.


ولكن دعني أقول لك أن الأمن مسؤولية جماعية، والجميع سلطة وقوي عليها مسؤولية، وكفي للبنادق قاطعة الطريق وليس كل من اختال علي الناس ببندقيته وطنياً بالضرورة ولا يجوز أن نخلط الحابل بالنابل ونشوه المقاييس ونقلب المعايير بقصد أو بدون قصد، وهنا أؤكد أن أجهزة الأمن الفلسطينية هي للشعب الفلسطيني وليست لفتح وهم أبناء هذا الشعب ولا يستطيع أحد أن يفعل بها كما فعل الاحتلال الأمريكي بالجيش العراقي، أعضاء هذه الأجهزة كانوا ثواراً وقدموا الشهداء والتضحيات أكثر من غيرهم.


كلمة أخيرة تود قولها:

أقول المرحلة القادمة صعبة لكن معدن شعبنا أصيل فهو حريص علي وحدته وثوابته مهما تعاقبت الأجيال، آمل أن تكون جميع القوي علي قدر المسؤولية لوقف معاناة هذا الشعب وتحقيق أهدافه وتجنيبه كل المصائب والنكبات.


وأقول لإخواني وأخواتي وأبنائي في فتح ولا تهنوا ولا تحزنوا و عسي أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم ورب ضارة نافعة المهم أن نكون علي عهد ياسر عرفات وكل الشهداء والاسري والجرحي، وأصحاب الرسالات السامية لا يُحبطوا ولا ييأسوا بل يزداد تمسكهم بثوابتهم وثقتهم بأنفسهم مهما علا الضجيج من حولهم والتشكيك بهم.

اجري الحوار وليد عوض

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع