رداً على نبيل شعث:

السيد نبيل شعث وزير الإعلام

لقد قرأت مقالك " شاشة تلفزيونية أفضل ..جردة حساب " وقد سعدت بما فيه من آمال مبنية على التخطيط للانطلاق في أجهزتنا الإعلامية الرسمية خاصة التلفزيون نحو آفاق بعيدة، لكن اسمح لي بان أبدي بعض الملاحظات التي أجد لزوما عليٌ أن أقولها في أجواء الانفتاح والمصارحة البناءة التي وعدتم بها.

الملاحظة الأولى هي تعبير عن الألم الذي أصابني كشخص عمل في الصحافة لمدة تقارب الثلاثين عاما وهو قولكم:" لقد دعوت "الجزيرة" و الـ "MBC" و"العربية"، لإرسال فرق تشخيصية تقييميه لدراسة الأوضاع ولتقييم البشر" ومع احترامي الشديد لكافة العاملين والفنيين في هذه المحطات أتصور أن كلمة (تقييم البشر) فيها شيء من الاستهانة فلسنا آلات تحتاج إلى خبراء أجانب لكي يقوموا بتقييمنا ولو كانوا من أخوتنا العرب.

لقد دربت الانتفاضة الأولى كوادر فلسطينية ميدانية وضعت الإعلام الإسرائيلي في موقف حرج وتمكنت من دحض أكاذيبه بالصورة والكلمة. ولا أبالغ إذا قلت أن جزءاً من الذين ضاقت بهم سبل العيش في الوطن رحلوا ليضعوا خبراتهم التي ساهمت في بناء الإعلام العربي المعاصر.

الملاحظة الثانية هي انتقادك المباشر للسلطة الفلسطينية وبالتحديد الرئيس الراحل ياسر عرفات دون أن تذكره اسما حين قلت:" ولكن مشكلات القطاع الإعلامي للحقيقة لم تكن كلها من صنع الغير، إن وزارة الإعلام لم تكن يوماً مخولة بتسيير الأجهزة الإعلامية أو حتى الرقابة عليها، فهناك التلفزيون والإذاعة ووكالة الأنباء "وفــا" والهيئة العامة للاستعلامات بالإضافة للوزارة، لكل منها إدارة مستقلة وقيادة معينة من رئيس السلطة، أو رئيس منظمة التحرير الفلسطينية قبل السلطة، (مثل حال "وفـا")، مما يجعلها نظرياً تابعة لرئيس السلطة وليس لوزارة الإعلام. وقد أتاح هذا النظام لقيادات الأجهزة الإعلامية قدراً كبيراً من الاستقلال ولكنه سمح أيضاً بقدر كبير من التدخل في سياستها الإعلامية، وفيما تنشره أو لا تنشره من الأخبار والآراء." وإذ أؤيدك في هذا الطرح لا يغيب عن بالي سؤال: الم تكن يا سيادة الوزير جزءا من تلك السلطة بل كنت احد كبار المسئولين فيها وكنت مقربا من الرئيس عرفات وعليه ألا تشعر بأنك تتحمل جزءا من هذا الإرث الذي شرعت في انتقاده وكأنك قادم من عالم آخر جاء ليصلح ما أفسده الغير.

حين نتكلم عن قناة الجزيرة وعن مشاهديها نتكلم عن تجربة رائدة في العالم العربي، ولو أن المتابع المدقق يلاحظ تجنبها انتقاد نظام الحكم في قطر وحين تضطر لبث شيء لا يرضي النظام فإنها تمر عليه مرور الكرام، المهم يا سيدي الوزير أن لا تحلم بانطلاقة للإعلام الفلسطيني الرسمي طالما كانت وزارة المالية هي الممول وطالما بقي التوقيع الأخير للصرف في يد وزير الإعلام حيث قلت في مقالك:" وقد كانت الخطوة الإدارية الأولى التي اتخذتها في هذا المجال توحيد قرار الصرف المالي وجعل الموافقة الأخيرة ولفترة محدودة في يد الوزير."

الملاحظة الثالثة، لقد أعجبت بما ذكرته على لسان الرئيس محمود عباس حين قلت:(في لقاء الأخ أبو مازن الأول مع التلفزيون قال أني لست مهتماً برؤية صورتي على التلفزيون وخصوصاً في مطلع نشراتكم وأضفت ما لم يكن ذلك هو الخبر الأهم لذلك اليوم). فهنا نجد موقف الرئيس ولكن بعد عدة اسطر يشعر القارئ بسعادة سيادتكم في كفاءة وحدة النقل الخارجي التي تمكنت من بث زيارات الرئيس أبو مازن للخارج مباشرة- وهذا يعيدنا إلى المربع الأول مربع تلفزيون البلاط الذي قلت بان أبو مازن رفضه، حين قلت: (وتطورت البرامج وخرجت "كاميراتها " إلى الشارع بعد أن كانت حبيسة "الإستوديو" . واستطعنا لأول مرة أن نبث مباشرة زيارات الرئيس أبو مازن للخارج"). لقد كان في مفهومك أن روعة خروج الكاميرات تكللت بتغطية زيارة الرئيس إلى الخارج وعليه أصبحت ملكيا أكثر من الملك.

ملاحظتي الأخيرة، راجيا معذرتك سيدي الوزير إن أطلت ولكنني مثلك متلهف على التغيير، ولكي ينجح مشروعنا الوطني وخاصة شقه المتعلق بالإعلام الرسمي يجب أن نترك باب المصارحة مفتوحا على مصراعيه ونخرج من شرنقة المديح والدجل على الذات. ملاحظتي الأخيرة هي قولك:"ومسألة الاختيار محفوفة بالكثير من الهنات ووجدت أنه من الأفضل تكليف الناس بمهام مؤقتة واختبارهم قبل تثبيتهم وكان ذلك قراراً حكيماً ومفيداً" لا تعليق لدي حول القرار لكن تعليقي هو بوصفك لقرار اتخذته بالحكمة، فإن الحكم على أي قرار مهما كان ومن أي كان لا يتم إلا في حالتين: الأولى أن يحكم عليه الغير بالحكمة فهم اصدق في عملية التقييم؛ والثانية مرور فترة زمنية كافية لتظهر ثمار هذا القرار لصاحب القرار، وعليه أرجو ألا تكون متسرعا في وصف قرارات اتخذتها قبل أن تؤتي أكلها ويشاركك الغير في تقييمها.

أسعد طاهر- فلسطين 

 

الى صفحة القائمة السوداء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع