7/4/2005

"الشرق" تنفرد بنشر أدق وكامل تفاصيل الصفقة

القدومي يؤازر عباس مجددا مقابل تثبيته وزيرا للخارجية

ـ دمشق اعتذرت عن استقباله الآن واجتماع ثلاثي ضمة مع الزعنون وقريع بحث العلاقة مع أبي مازن

عمان ـ شاكر الجوهري:

تقرر أن يمثل فاروق القدومي وزير خارجية دولة فلسطين، رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير فلسطين في اجتماع وزراء خارجية الدول العربية الذي ينعقد غدا في القاهرة.

القرار اتخذ خلال اتصال هاتفي فريد جرى بين القدومي ومحمود عباس رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بوجود ناصر القدوة وزير الشؤون الخارجية في حكومة السلطة الذي قام بزيارة مصالحة للقدومي في مقر اقامته بعمان بطلب من أبو مازن، حيث أبلغ القدومي، وفقا لمصادر "الشرق" الموثوقة استعداد أبو مازن لفتح صفحة جديدة من العلاقات معه، واستعداده شخصيا للعمل تحت قيادة القدومي. وبادر القدوة لطلب أبو مازن من هاتفه الخلوي، واعطاه للقدومي حيث دارت مكالمة بين الرجلين استمرت لنصف ساعة، اتفق خلالها على أن يترأس القدومي الوفد الفلسطيني لمؤتمر وزراء خارجية الدول العربية الذي ينعقد في القاهرة غداً.

وكان أبو مازن أصر على مغادرة القدومي لقاعة اجتماعات وزراء الخارجية العرب في الجزائر، حين كانوا يحضرون جدول اعمال القمة العربية الأخيرة.

وتشير المصادر إلى أن عباس عمد إلى مصالحة القدومي لعدم استطاعته خوض مجابهتين داخلية وخارجية في ذات الآن، خاصة إذا كان بالإمكان تهدئة الموقف مع القدومي وتحييده، وهو الذي يربط كل الأمور ببقائه رئيسا للدائرة السياسية لمنظمة التحرير، واضطلاعه بمهام وزير خارجية دولة فلسطين، وتمثيله فلسطين في المحافل العربية والدولية.

القدومي نفسه كشف في اجتماع لأعضاء المجلس الوطني في الأردن عن أنه بدأ "يغزل ناعم" مع أبو مازن، حيث أبلغ اعضاء المجلس أنه أجرى اتصالا هاتفيا مع كتائب شهداء الأقصى، انتقد خلاله اقدام بعضهم على اطلاق النار على مقر عباس في رام الله. وقال القدومي إن هؤلاء اجابوه أنهم لم يطلقوا النار على مقر عباس، وإنما على بارات وملاهي في رام الله، فكان أن ابلغهم بعدم جواز فعلهم ذلك دون إذن رئيس السلطة.

عباس يبادر للمصالحة

وتضيف المصادر إن عباس بادر لمصالحة القدومي وتوظيف جهوده في تهدئة جبهته الداخلية، بعد الرسالة الحادة التي بعث بها القدومي لإجتماع المجلس الثوري لحركة "فتح"، وانفردت "الشرق" بنشرها، وتم تداول نصها على نطاق واسع داخل الأراضي الفلسطينية، حيث خشي عباس أن تؤدي هذه الرسالة إلى التشجيع على اعمال العنف وتحدى سلطته من قبل كوادر واعضاء حركة "فتح".

وتقول المصادر إن عباس لا يستطيع أن يستغني عن القدومي في الوقت الحاضر، لأنه كذلك أحد ثلاثة مفوضين بالتوقيع على اذونات الصرف لدى الصندوق القومي الفلسطيني، إلى جانب عباس نفسه ورئيس الصندوق.

كما أن القدومي يستطيع أن يؤثر على مواقف الفصائل الفلسطينية الموجودة قياداتها في دمشق، حيث يستطيع أن يحرضها، وقد فعل ذلك من قبل، على عدم الإلتزام بالتهدئة التي توصل أبو مازن إليها معهم. وينقل عن أحمد جبريل أمين عام الجبهة الشعبية/القيادة العامة أنه لوح في الحوار الوطني الفلسطيني الأخير في القاهرة بإمكانية التحالف مع القدومي وادارة الظهر لعباس.

وتتابع المصادر إن دمشق وطهران اللتان يتهمهما أبو مازن واسرائيل بالوقوف وراء عمليات عسكرية هدفها تخريب التهدئة، يعتبر القدومي مفتاح العلاقة معهما. وترى المصادر أيضا أن تصلب الحكومة الإسرائيلية برئاسة ارئيل شارون وامتناعها عن تقديم أي تنازلات لعباس وسلطته يدفع في واقع الأمر باتجاه خلق قواسم مشتركة بينه وبين القدومي.

من جهة أخرى، تكشف المصادر عن أن رسالة القدومي للمجلس الثوري لحركة "فتح" الذي انعقد أيام 26/ 27، 28/اذار/مارس الماضي في غزة، كان لها صدى جيد لدى الرأي العام الفلسطيني، لكنها أثارت بعض اقطاب رموز عباس الذين هاجموه في اجتماعات المجلس الثوري مثل نبيل عمرو ومحمد دحلان، روحي فتوح، ابراهيم أبو النجا، عبد الفتاح حمايل. وقد وصف أبو النجا القدومي بأنه "قائد على الانترنت".

وفد المجلس الثوري

ازاء هذا النقد للقدومي، تقول المصادر، اقترح هاني الحسن عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" على المجلس ارسال وفد إلى القدومي في مقر اقامته بتونس ليشرح له الوضع الداخلي، ويستمع إلى وجهة نظره. وكان مقرراً توجه هذا الوفد إلى تونس أمس (الخميس)، غير أن موعد الزيارة تأجل نظرا لتواجد القدومي في العاصمة الأردنية، حيث سيتوجه القدومي منها للقاهرة اليوم (الجمعة)، ومنها إلى تونس ليلتقي وفد المجلس الثوري المشكل من حمدان عاشور أمين سر المجلس، ونائبيه صخر بسيسو وعدنان سمارة.

وكان القدومي يعتزم زيارة دمشق يوم الجمعة الماضي، غير أن المسؤولين السوريين اعتذروا لعدم تمكنهم من استقباله، حيث يتواجد الرئيس بشار الأسد في حلب، فيما فاروق الشرع وزير الخارجية مشغول بالملف اللبناني. واقترحوا عليه تأجيل الزيارة لما بعد اجتماعات وزراء الخارجية العرب بالقاهرة.

ويعتزم القدومي التقاء قادة الفصائل الفلسطينية لدى زيارته دمشق، للتنسيق معهم على وجه الخصوص بشأن اجتماع لجنة التنسيق التي قرر الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة تشكيلها من رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، واعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والأمناء العامين للفصائل، وشخصيات مستقلة.

وتقول مصادر "الشرق" إن سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني اتفق مع قادة فصائل دمشق على أن يزورهم في العاصمة السورية لهذا الغرض في غضون عشرين يوما. وهو يفضل أن تتم زيارته بالتزامن مع زيارة القدومي، خاصة وأن العلاقات بين القدومي والزعنون تطورت مؤخرا بشكل بالغ الإيجابية.

الإجتماع الثلاثي

وتكشف المصادر عن أن الزعنون الذي رتب للقدومي اللقاء مع اعضاء المجلس الوطني الفلسطيني في الأردن الثلاثاء الماضي، كان زاره كذلك وبرفقته أحمد قريع (أبو علاء) رئيس حكومة السلطة، حيث عقد ثلاثتهم اجتماعا مغلقا لمدة ثلاث ساعات لم يتسرب شيئا مما دار فيه، وإن كان يعتقد أنه تركز على سياسات محمود عباس، وتخطيطاته وتكتيكاته الآنية والمستقبلية، وما يمكن أن يتخذه من اجراءات تستهدف مكانة وصلاحيات كل واحد منهم، فضلا عن موقفه من منظمة التحرير وتفعيلها من عدمه. وكانت تقارير تحدثت مؤخراً عن أن عباس يعتزم اطاحة حكومة قريع، كما أنه يعتزم احلال السلطة محل منظمة التحرير الفلسطينية، ما يعني فقدان الزعنون لموقعه كرئيس للمجلس الوطني الفلسطيني.

وتشير المصادر إلى أن اعضاء بارزين في مركزية "فتح" باتوا متخوفين من مواصلة تحالفهم مع القدومي خشية أن يضحي بهم في أي لحظة لصالح مساومة مرحلية مع عباس تبقيه وزيراً لخارجية دولة فلسطين، وتسمح له بتمثيل فلسطين في المحافل العربية والدولية، ويعيد هؤلاء إلى الأذهان تصريحا سابقا للقدومي لوح فيه بفصل مروان البرغوثي من عضوية حركة "فتح" إن قرر منافسة عباس على رئاسة السلطة الفلسطينية، مع أن كلا من البرغوثي والقدومي قريبان من كتائب شهداء الأقصى. وتأخذ المصادر على القدومي أنه يعمل على تقنين علاقاته مع خصوم أبو مازن، موجها بذلك رسائل يتنصل فيها من أي مسؤولية عن مواقفهم الناقدة لرئيس السلطة، ما جعل مأمون التميمي عضو المجلس الوطني والمركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية يوجه انتقادا مباشرا للقدومي والزعنون في اجتماع اعضاء المجلس الوطني في الأردن، خاصة وأن الزعنون ادان في مداخلة له ما اسماه فوضى السلاح، وأيد قانون التقاعد الذي يوظفه عباس للتخلص من قدامى المناضلين العسكريين بدعوى بلوغهم سن التقاعد، وهو ما انتقده القدومي في رسالته للمجلس الثوري قبيل تصالحه مع عباس، وتغاضى عنه في اجتماع عمان، حيث قال التميمي لهما إن كلامهما هو من قبيل التخدير، وإنهما يعملان على دفن رأسيهما في الرمال.

وكان القدومي أبلغ اعضاء المجلس الوطني لدى سؤالهم اياه عن مسألة وزارة خارجية دولة فلسطين إن هذا الأمر سيعالج لاحقا، ولم يوجه انتقادات كعادته لتعيين وزير للشؤون الخارجية في حكومة السلطة الفلسطينية.

سياسات القدومي

ويسعى القدومي في الوقت الحالي إلى توفير اجواء مواتية لعقد، ولو اجتماع واحد للجنة المركزية لحركة "فتح"، في عمان برئاسته، حيث أن مثل هذا الإجتماع يكرس مكانته باعتباره رأس حركة "فتح"، ويهيىء لإعادة توزيع الصلاحيات في اللجنة المركزية. ولذلك، تقول المصادر أن القدومي سيؤكد لدى اجتماعه مع وفد المجلس الثوري في تونس على ضرورة انعقاد اللجنة المركزية في الخارج.

ولكن، ماذا بعد كل ذلك..؟ وهل يغير القدومي مواقفه السياسية المناوئة الآن لسياسات عباس..؟

تجيب المصادر إن القدومي سيحافظ على خطابه السياسي، كما كان يفعل في عهد ياسر عرفات، لكن هذا الخطاب لن يتداوله القدومي في الإجتماعات العربية والدولية، حيث أنه سيحافظ عليه كموقف سياسي فردي لا ينعكس على السياسات التي يطبقها، وفقا لما يريده رئيس السلطة.

وتعيد المصادر إلى الأذهان أن اعضاء في المجلس الوطني الفلسطيني من قادة "فتح" كانوا يهمسون في اذان مجاوريهم على مقاعد الاجتماع ضد ما يقوله عرفات، ثم يرفعون ايديهم بالتصويت لصالح مواقفه ومقترحاته..!

وتبدي المصادر بالغ اسفها في حال تحول مواقف القدومي على هذا النحو، خاصة وأنه يعول عليه كثيرا في قيادة المرحلة المقبلة من النضال الوطني الفلسطيني، بعد أن يلحق شارون الفشل بسياسات ومواقف وتكتيكات عباس، الذي ستؤدي مساومات القدومي معه إلى حالة احباط غير مسبوقة لدى الرأي العام الفلسطيني.

 

الى صفحة القائمة السوداء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع