متى سيتحقق حلمه بحرب أهلية تأتي على كل فلسطيني !

 

حسن الحسن

 

مشهد الاشتباكات المسلحة في مدينة رام الله بين مسلحين ينتمون لحركة فتح، وصور الأطفال والنساء الذين كانوا يتراكضون في شوارع المدينة هرباً من نيران المسلحين الذين لا يعنيهم أبداً من تصب رصاصاتهم، حسب ما شاهدنا،.. فالأمر الذي كان يهمهم، هو إطلاق أكبر كمية من النيران لينال كل من أطلق من سلاحه رصاصاً أكثر في هذه "المعركة" وسام "الشجاعة والبطولة"، من أولئك الذين زجّوا بهم في آتون معارك تستهدف في المقام الأول الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية..

 

حركة فتح، والتي وصلت فيها الأوضاع الداخلية إلى درجة "التفجّر" و"التشظّي"، نتيجة سياسة التفرد بالقرارات السياسية والتنظيمية والتي استأثرت بها حفنة من الأشخاص  الذين أوجدوا توازناً من المصالح فيما بينهم مكّنهم من الاحتفاظ بمناصبهم وامتيازاتهم عبر عقود من الزمن، في ظل تغييب متعمد لدور القاعدة العريضة من "فتح" والذين لم يتأخروا لحظة عن التقاط المبادرة لإعادة حركة فتح إلى خطها ونهجها الذي كان سبباً ودافعاً لانتمائهم لهذه الحركة.

فبعد أيام على انطلاقة "انتفاضة الأقصى" شكّل الشّرفاء  من أعضاء "فتح" كتائب شهداء الأقصى ليعيدوا إلى فتح مبرر وجودها وأصل انطلاقتها، وهو مقاومة الاحتلال الصهيوني وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وكان من الطبيعي أن ينحاز الفتحاويون الشرفاء إلى من يناظرهم من أبناء شعبهم في فصائل المقاومة الفلسطينية ليجسدوا أروع أشكال الوحدة الوطنية والتلاحم المصيري، والذي تجلى بوضوح في العمليات العسكرية المشتركة ضد قوات الاحتلال الصهيوني..

 

وقد حققت المقاومة بكل أطيافها التفافاً شعبياً واسعاً، الأمر الذي أوجد واقعاً جديداً ، لم يكن لـ "السلطة" ولا لتلك "الحفنة" المتسلطة داخل حركة فتح والأطراف المرتبطة بخيار التسوية، من مجال لتجاوزه والقفز عنه، وفي هذا السياق جاءت تصريحات وزير الشؤون الخارجية في السلطة الفلسطينية ناصر القدوة (12/6) بأن السلطة ليس لديها نية لنزع أسلحة فصائل المقاومة.

 

وفي محاولة لإعادة الإمساك بخيوط الأوضاع الفلسطينية، يعمد "فتحاويوا" أوسلو وقططهم السمان إلى وضع مخططات وسيناريوهات تعاطت مع المصلحة الوطنية العليا كأداة تخدم مصالحهم الشخصية والفئوية، تلك المخططات التي من المقرر (!!) أن تتبلور  قبيل تنفيذ "خطة فك الارتباط" الصهيونية، وتقوم هذه المخططات على المحاور التالية:

ـ حسر الالتفاف الشعبي والجماهيري من حول المقاومة، عبر ربط الفوضى والفلتان الأمني بأطراف محسوبة على المقاومة، تمهيداً لخلق حالة من القَبول لدى أوساط الشعب الفلسطينية بتقنين وضع سلاح جميع فصائل المقاومة، وصولاً إلى مصادرة السلاح.

 

ـ إقصاء كافة القوى والفصائل الوطنية، وإعادة الأمور فيما يتعلق بهيمنة "فتح" على القرار الفلسطيني ، إلى ما كانت عليه قبل بدء انتفاضة الأقصى، وذلك بعد تخلي حركة فتح عن كل  العناصر المنحازة لخيار المقاومة.

ـ ضرب التيار الإسلامي المقاوم في فلسطين.

وفي هذا السياق؛ ولأجله، أشعلت جهات معروفة داخل "فتح"، إضافة لقادة في  الأجهزة الأمنية التابعة لـ "السلطة" فتيل الاقتتال بين "الفتحاويين" لإشاعة جو عام يمهد الطريق لتوريط قوى وفصائل فلسطينية أخرى في حرب أهلية تستنزف السلاح الموجه ضد الاحتلال، الأمر الذي يصبح معه مصادرة سلاح المقاومة مطلباً شعبياً "مشروعاً" لا بل ضرورياً وفق تلك المعادلة.

 

ونظراً للثقل الهائل الذي تشكّله حركة حماس على الساحة الفلسطينية باعتبارها الفصيل الأكثر تماسكاً وقوة وتنظيماً والأشد تأثيراً في تحديد مسار الصراع مع العدو الصهيوني، إضافة إلى ما حققته الحركة من التفاف شعبي واسع، لهذا، كان مطلوباً من أولئك المشبوهين توجيه سهامهم إلى صدر "حماس" لزجّها في صراعات داخلية تتصاعد وتائرها حتى الوصول ـ كما هو مخطط ـ إلى اشتباكات مسلحة بين "المنفلتين" وحركة حماس قبل تنفيذ "خطة فك الارتباط" وهو أمر سيضمن (بالنتيجة) تحقيق انسحاب آمن لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وثانياً لتشويه برنامج "حماس" الإصلاحي والمقاوم عبر نقلها من مربع الصراع مع العدو الصهيوني إلى خلافات وصراعات فلسطينية داخلية، وبالتالي دخول مرحلة ما بعد الانسحاب في حالة قد لا تقل سوءاً عن مرحلة ما قبل الانسحاب!!.

 

وفي هذا الإطار تندرج التحركات والتصريحات الاستفزازية المشبوهة ضد حركة حماس وقادتها، والتي أطلقها عبد الله الإفرنجي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح خلال المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية والمحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة (5/5)، والتي استأنفها يوم (12/6) حين كانت الفضائيات تنقل على الهواء مباشرة مشاهد الاقتتال المسلح بين "الفتحاويين" و"السلطويين" في رام الله، وكأن لسان حال الإفرنجي يقول: "متى سيتحقق حلمي بحرب أهلية تأتي على كل فلسطيني".

 

الى صفحة القائمة السوداء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع