في لقاء خاص مع زكريا الزبيدي


اخترت الشرطة لابقى في خدمة شعبي وقضيته العادلة والمشروعة
انخراط الكتائب بالاجهزة لا يعني حلها، ولن تتوقف المقاومة حتى آخر اسير ومبعد

كتب علي سمودي –خاص بـ"أمين"

قضية المطلوبين الفلسطينيين هي من ابرز الملفات الساخنة التي اثيرت على طاولة التفاوض الفلسطيني الاسرائيلي، حيث شنت قوات الاحتلال عبر سنوات الانتفاضة حرباً شرسة ضد هؤلاء المطلوبين. وتتميز محافظة جنين بوجود عدد كبير من هؤلاء المطلوبين الذين ادرج اسم بعضهم على قائمة التصفيات الاسرائيلية، ومنذ مطلع العام الجاري وعقب انتخاب الرئيس "ابو مازن" كان هناك اهتمام فلسطيني بايجاد حل مناسب لهذه القضية وضمان حياة وسلامة المطلوبين الذي قادوا معارك الانتفاضة والدفاع عن الشعب الفلسطيني في ظل العدوان الاسرائيلي الذي دمر اجهزة ومؤسسات السلطة الفلسطينية المدنية والأمنية. وشهدت جنين وغيرها من المناطق لقاءات مكثفة بين قيادة كتائب شهداء الاقصى وقادة الاجهزة الامنية والسلطة لاغلاق الملف بشكل كامل وانصاف هؤلاء المطلوبين.

ومع الحديث الاسرائيلي عن الانسحاب من جنين التي يتواجد بها اكثر من 400 مطلوب، كان السؤال الاهم الذي تابعه الشارع الفلسطيني باهتمام ما هو مصير المطلوبين؟ هل سيجري استيعابهم في الاجهزة الامنية؟ وهل انخراطهم في الاجهزة يعني انتهاء الكتائب ودورها؟ كيف تنظر الكتائب لهذه المسألة خاصة بعد تسرب انباء عن صدور موافقة رسمية من السلطة على استيعاب المطلوبين وتوزيع 400 منهم على الاجهزة المختلفة؟ ما مدى صحة ذلك؟ وكيف تستعد الكتائب للانسحاب الاسرائيلي؟ وهل يعني ذلك نهاية المقاومة والكتائب؟ وما هو شكل العلاقة بينها وبين السلطة واجهزتها الامنية؟

اسئلة طرحها مراسلنا على زكريا الزبيدي قائد كتائب شهداء الاقصى، وأحد أبرز المطلوبين في الضفة الغربية، والذي نجا من عدة محاولات اعتقال واغتيال بينما استشهد اربعة من افراد اسرته بينهم والدته وشقيقه، فيما يقبع ثلاثة من اشقائه في سجون الاحتلال الذي هدم منزله.

زكريا الزبيدي (28 عاما) اللاجئ من مخيم جنين، والذي ذاع صيته عقب معركة المخيم، وقاد الكتائب خلال العامين الماضيين، واستشهد واعتقل عدد كبير من اصدقائه، ورفض الهدنة الاولى، وقام  بعزل المحافظ السابق لجنين واغلق  مقر المجلس التشريعي وعدة مقار فلسطينية احتجاجا على عدم انصاف اسر الشهداء ودفاعا عن كرامة اسرهم وتضامنا مع المعتقلين واحتجاجا على سياسات بعض المسؤولين في السلطة، ثم اعلن دعمه للرئيس ابو مازن، ووافق على التهدئة والتي لم تمنحه ورفاقه الامن والامان، فلا زالت ايديهم على الزناد ولا زالوا يتخذون كافة الاحتياطات الامنية تحسبا من الغدر الاسرائيلي كما ردد اكثر من مرة خلال مقابلته، ماذا يتوقع بعد الانسحاب؟ ما هي اماله وطموحاته التي تعكس اراء شريحة واسعة من الكتائب؟ وما مدى صحة الحديث عن تفريغه على جهاز الشرطة بناء على طلبه؟ وهل انتهى دور الكتائب واصبح بامكانه ان يعيش مع زوجته وطفليه محمد عامين وسميرة شهرين بحرية؟ اليكم  النص الكامل للمقابلة التي اجريت على مدار ثلاثة ايام..                    

الانسحاب والمشاعر..

س: هناك حديث عن انسحاب اسرائيلي من جنين، زكريا الزبيدي المطلوب الأبرز لإسرائيل ما هو شعوره ازاء ذلك؟

الزبيدي: المسألة لا تتعلق بالشعور، نحن نعامل مع الاسرائيليين كعدو لا يؤتمن  جانبه حتى اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، فقد عرفنا الاحتلال بأنه لا يحترم الاتفاقيات والعهود، وهناك خوف شديد من الاسرائيليين تجاه المناضلين المطلوبين الذين قدموا التضحيات الجسام في سبيل شعبنا وحريته، فالمطلوب النظر للواقع لنحدد خياراتنا واتجاهات عملنا وتعاملنا مع الاحتلال وحكومة شارون تحديد.

ما هو المطلوب..

س: لكن ما هو المطلوب لكي تشعر كمطارد بان هناك طعماً للانسحاب الاسرائيلي من جنين؟

الزبيدي: المطلوب هو انسحاب كامل من اراضينا المحتلة واقامة دولة  كاملة السيادة وعاصمتها القدس وفتح المعابر واستلام حدود الدولة الفلسطينية بشكل رسمي حتى يتسنى لكل الفلسطينيين بغض النظر كانوا مطلوبين او اهالي التحرك بحرية والافراج اولا وقبل كل شيء عن آخر أسير فلسطيني وعربي.. قد يكون هناك انسحاب من جنين ولكن حركة المطلوبين ستكون مقيدة والسؤال هل سيسمح لزكريا الزبيدي وباقي رفاقي المطلوبين بحرية التنقل والحركة والوصول الى غزة او السفر للخارج زيارة الاردن والدول العربية؟ الواضح أنه لن يسمح لنا بالتحرك، لذلك نرى في ضؤ المعطيات المطروحة ان الانسحاب لن يغير في حياتنا أي شي ايجابي، بل أن الانسحاب سيعطي نوع من التهدئة في الشارع جنين ولكن على المستوى العام لن يكون تغيير لان الجوهر الاحتلالي لم يتغير.

العلاقة مع السلطة..

س: اذا كيف ستتعاملون مع الانسحاب؟ ستخرج اسرائيل من المنطقة وستكون  السيطرة للسلطة الفلسطينية؟

الزبيدي: كتائب شهداء الاقصى مع أي انسحاب من أي شبر من ارضنا المحتلة، ولكن الكتائب ستبقى تقاوم حتى ازالة الاحتلال واقامة الدولة وعاصمتها القدس وتطبيق حق عودة اللاجئين والافراج عن كافة الاسرى والاسيرات، وسنحترم السلطة الفلسطينية والقانون وسنعمل على تطبيقه.

س: لكن الانسحاب يعني وجود سلطة وشرطة ووجود نشاط لهذه القوات وهذا يتنافى مع كتائب شهداء الاقصى ودورها؟

الزبيدي: علاقتنا مع الاخوة في السلطة الوطنية وطيدة وقوية ومتماسكة ولن يتمكن الاحتلال من شق الصف الفلسطيني، وعلينا ان نتذكر انه في بداية الانتفاضة قامت قوات الاحتلال بهدم جميع مقار ومؤسسات السلطة وبنيتها التحتية، ولكن الكتائب قامت بسد فراغ الذي خلفته آلة العدو التدميرية على مدار السنوات الاربع، ونحن مع عودة السلطة وفرض القانون واعادة بناء المؤسسات الخاصة بها لاننا نعتبرها مؤسسات الشعب الفلسطيني، والكتائب هي جزء من الشعب.

س: هل ستتعاونون في كتائب شهداء الاقصى مع السلطة في سعيها لتطبيق القانون ومحاربة مظاهر الفوضى والدمار؟

الزبيدي: بالتأكيد، فالسلطة الفلسطينية هي جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني والكتائب جزء من الشعب و95% من ابناء الكتائب من كادر السلطة الفلسطينية.. كل شعبنا سيقف صفا واحدا لبناء الانسان ووضع حد للفوضى ما دام الاحتلال قد انتهى، فهو سبب الخراب والدمار والفوضى وعلينا ان نستمر في النضال لاجتثاثه.

مصير المطلوبين..

س: هناك حديث عن اتفاق مع السلطة لدمجكم في الاجهزة وحل كتائب شهداء الاقصى؟

الزبيدي: هذا ليس اتفاق، فمن حق كل فرد من الكتائب ان يكون له ولأُسرته حياة وعيشة كريمة، والمسألة ليست انهاء كتائب شهداء الاقصى، وما يتعلق في دخول الاجهزة فهذا حق شرعي لكل المقاتلين وابناء شعبنا، وعندما بدأت انتفاضة الاقصى كانت السلطة موجودة وغالبية أبناء الكتائب كانوا ضباطاً وجنوداً في السلطة التي تمثل شعبنا وتقود نضاله.

س: لكن هناك حديث عن انكم في كتائب شهداء الاقصى سلمتم قائمة باسماء المطوبين لقيادة السلطة وتمت الاستجابة لمطلب استيعاب من تضمنتهم القائمة وسيجري تفريغكم على الاجهزة؟

الزبيدي: صحيح، ولكن هذا لا يعني انه سيتم حل الكتائب، هناك برنامج سياسي للسلطة يتعلق بالمفاوضات مع العدو ونحن اعلنا عن التهدئة لاعطاء المجال امام المفاوض الفلسطيني للتحرك وحل القضية وفق ثوابت شعبنا التي لا تنازل عنها، وتجسيد طموحات الكتائب التي تعكس رغبات واهداف وتطلعات شعبنا، واذا كان الاحتلال يريد التهدئة والاستقرار والامن فعليه ان يجلس على طاولة المفاوضات ويقر بحقوقنا كاملة غير منقوصة فلن نتنازل عن ثوابتنا.

س: ولكن ماذا عن كتائب شهداء الاقصى، ما هي مطالبكم؟

الزبيدي: القضية ليست مصالح شخصية او مطالب ذاتية او نزوات.. نحن لا نريد مناصب او اموال او امتيازات خاصة، نريد العدالة والحرية فنحن اصحاب قضية عادلة ومشروعة، نريد اقامة دولتنا وعاصمتها القدس.. هذه هي مطالب كتائب شهداء الاقصى، وهذا الهدف الذي انطلقت من اجله الكتائب وتبنته وقدمت كل هذه التضحيات في سبيله ولن نتنازل عنه مهما كان الثمن.

س: لكن هناك تهدئة وانتم وافقتم عليها ودعمتهم الرئيس "ابو مازن"، والان سيكون هناك انسحاب من جنين، كيف ستدعمون الخطوات التي تحقق برنامج "ابو مازن"؟

الزبيدي: الكتائب اعطت هوامش معينة للبرنامج السياسي المطروح حاليا، واذا التزمت اسرائيل وقدمت الاستحقاقات المطلوبة منها كاملة غير منقوصة وتجسدت ثوابتنا الفلسطينية ستبقى التهدئة قائمة وسيكون هناك استقرار، ولكن اذا اصر الاحتلال على هذه  السياسة من المماطلة والاغتيالات والاعتقالات والتنكر لحقوقنا فمن الطبيعي أنه لن يكون هناك تهدئة او سلام في الشرق الاوسط.

وضع زكريا الزبيدي بعد الانسحاب..

س: اذا تحقق الانسحاب، ما هو مصير زكريا الزبيدي خاصة وان هناك حديث عن دمج الكتائب وزكريا في احدى الاجهزة ما مدى صحة ذلك؟ وما هو الموقع الذي يعبر عن طموحاتك؟

الزبيدي: المسألة لا تتعلق بدمج الكتائب في السلطة ولا يعني ذلك حل الكتائب، فمن حقنا الطبيعي ان نكون في كل وظائف السلطة لانها ملك للشعب الفلسطيني ونحن جزء من الشعب، وفيما يتعلق بزكريا فقبل كل شيء سعينا في قيادة الكتائب لتأمين رفاقنا الابطال أولا.. نحن لسنا من هواة الاستعراض وانتهاز الفرص، وككل رفاقي من حقي ان اكون في مؤسسة فلسطينية، وبصراحة حتى اللحظة فإنني أفكر في الإنخراط بجهاز الشرطة.

س: إذاً، هل نتوقع اذا التزمت اسرائيل بالانسحاب وتسلمت السلطة جنين ان نرى زكريا ضابطا في الشرطة؟

الزبيدي: لو اردنا الرتب فقد عرضت علينا الكثير من الاغراءات، ولكن نريد الحق لكل مناضل في الكتائب ونسعى لانصافه، وبالنسبة لي لم ابحث عن رتبة ولم افكر بالمنصب، ولكني فكرت بالشرطة لان من اهم مبادئها انها في خدمة الشعب، والكتائب اعلنت مننذ البداية انها اخذت على عاتقها خدمة الشعب، لذلك اخترت الشرطة لاكون مع شعبي وهمومه وآماله ومستقبله.

لن نلقي السلاح..

س: متى سيلقي زكريا الزبيدي ورفاقه السلاح ويتوقفون عن مقاومة الاحتلال  الاسرائيلي؟

الزبيدي:  السلاح لن يلقى في أي حال من الاحوال لانه شرف لحامله، فمسألة القاء السلاح ومعادلة السلاح لا تطرح بهذه الطريقة لان السؤال الاهم: متى سيرفع زكريا ورفاقه من مقاتلي الكتائب اصابعهم عن الزناد،  والجواب عند اقامة الدولة كاملة السيادة والافراج الكامل عن الاسرى وعودة المبعدين وتطبيق حق العودة وتحقيق الثوابت الفلسطينية.

س: متى  سنراك ورفاقك في كتائب شهداء الاقصى تتجولون بحرية وتمارسون حياتكم الطبيعية، وانت لديك اطفال وزوجة؟

الزبيدي: لن نتنفس الحرية ونشعر بالاطمئنان ما دام هناك جندي أو مستوطن محتل يغتصب ارضنا وحقنا، والاجابة عند اقامة الدولة وتطبيق قرار حق العودة واغلاق وتبييض السجون والمعتقلات الاسرائيلية واعادة جثامين الشهداء.

س: هل يعني ذلك أن الكتائب مستمرة في المقاومة؟

الزبيدي: مستمرة حتى اقامة الدولة.. لن يتمكن أحد من شطب هذه الحالة، والمقصود كتائب شهداء الاقصى، باي حال من الاحوال ما دام هناك احتلال واستيطان وجدار وحصار وظلم وسجن وسجان.

س: ما هي رسالة كتائب شهداء الاقصى للرئيس محمود عباس وشارون عشية لقائهما المرتقب؟

الزبيدي: هناك رسالة موجهة للجميع: عليهم الخروج بقرارات حاسمة في مقدمتها الافراج عن الاسيرات والاسرى دون قيد او شرط او تصنيف وتحقيق  الانسحاب الكامل والبدء بمفاوضات الحل النهائي لانه اذا لم يكن هناك قرارات، وهو ما نتوقعه، فلن يكون هناك هدؤ واستقرار، واريد ان احذر بان الكتائب اصبحت تبحث في الاونة الاخيرة في امكانية اعادة النظر بالتهدئة.

س: وهنا السؤال: الخروقات الاسرائيلية للتهدئة مستمرة، فهل تنظر بجدية للحديث الاسرائيلي عن الانسحاب من جنين؟

الزبيدي: الاحتلال على مدار خمسين عاماً اثبت انه لا يؤتمن جانبه في أي تهدئة او اتفاق أو معاهدة، بل اصبحت هناك ثقافة سائدة لدى الاسرائيليين في خرق الاتفاقيات، لذلك هناك تفكير جدي من الكتائب بإعادة النظر في التهدئة بعد ما قدمته على مدار اربعة شهور.

س: لماذا هذا الموقف الان عشية الانسحاب من جنين؟

الزبيدي: لانه هناك خروقات اسرائيلية خطيرة من اغتيالات واعتقالات وعدم منح شعبنا والمفاوض الامل في المفاوضات، هذه العوامل تؤثر بشكل كبير.. كما اننا نقرأ السياسة الاسرائيلية بتمعن، وهذه السياسة تعبر عن المماطلة والتسويف العدوان الذي يمكن ان يفجر الوضع العام..

الكرة في ملعب اسرائيل..

س: هل تراهن ان اسرائيل ستلتزم بوضع جدول محدد للافراج عن المعتقلين وبدء خطوات عملية لتعزيز التهدئة وتحقيق الانسحاب من الضفة والقطاع؟

الزبيدي: بكل صراحة الكرة الآن في الملعب الاسرائيلي، وعليهم ان يقدروا الثمن القاسي الذي دفعته المقاومة خلال التهدئة، واذا لم تباشر حكومة شارون  بتنفيذ القرارات والاتفاقات التي على اساسها تمت التهدئة فلن يكون ذلك من مصلحة الشعب الاسرائيلي، ولن يكون استقرار او هدوء في الشارع الاسرائيلي اذا استمر شارون بسياساته المجنونة.

رسالة للاسرائيليين..

س: اذا اردت ان تخاطب الاسرائيليين وهم يتحدثون عن جنين المنطقة الساخنة

التي يستعدون للانسحاب منها ماذا تقول؟

الزبيدي: صمت جنين في المرحلة الاخيرة لا يعني الخضوع للعدو، ورغم ان جنين ارض ساكنة في مرحلة التهدئة لكن في جوفها بركان يعلمه الجميع، لذلك على الاسرائيليين الوقوف في وجه حكومتهم وسياساتها لأن الصمت لن يطول، واذا اعلنت جنين عن وقف التهدئة، فعلى الاحتلال ان يتذكر جيدا الثمن، فهو يعرف ماذا تعني جنين اذا تنصل من التهدئة واستحقاقات السلام.

19/06/2005

 

الى صفحة القائمة السوداء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع