"الكنز السري" الذي يملكه عرفات حق من حقوق الشعب الفلسطيني

 

الاتحاد الأوروبي يكذب ادعاءات إسرائيل وصندوق النقد الدولي عن تحويلات الرئيس الشهيد


ما حقيقة "الكنز السري" لياسر عرفات؟

وهل صحيح أن الرئيس الراحل كان يملك مئات الملايين من الدولارات الموزعة في حسابات سرية خاصة في دول عدة وكان يحتفظ وحده بأرقامها؟

القيادة الفلسطينية الجديدة "مطمئنة تماماً" إلى أن أموال عرفات لن تضيع في المصارف الأجنبية وأن أرملته سهى الطويل لن تتمكن من احتجازها أو السيطرة عليها في حال حاولت ذلك، خصوصاً أن عرفات رفض قبل وفاته أن يودع قسماً من هذه الأموال في حسابات سهى لأنه كما قال لأحد المقربين منه: "هذه ليست ثروتي الشخصية بل إنها ملك الثورة الفلسطينية والشعب الفلسطيني". وتجري الآن مفاوضات غير معلنة بين المسؤولين الفلسطينيين وأرملة الرئيس الفلسطيني الراحل للتوصل إلى "تفاهم مالي" مقبول منها.

هذا ما كشفته لـصحيفة "الوطن" السعودية  مصادر سياسية ودبلوماسية فلسطينية وأوروبية وثيقة الاطلاع على هذه القضية الحساسة والمهمة وركزت هذه المصادر على الأمور الأساسية الآتية بشأن ما يتردد عن "كنز عرفات السري":

أولاً: راجت معلومات في أوساط دبلوماسية أجنبية تفيد أنه تم تحويل مبلغ 300 مليون دولار من حساب خاص باسم ياسر عرفات مفتوح في أحد مصارف جنيف إلى حساب آخر باسمه في أحد مصارف جزر الكاريبي وذلك قبل فترة من وفاته. لكن المصادر الفلسطينية المطلعة أكدت لـ"الوطن" أنه ليس هناك أي دليل ملموس على حدوث مثل هذا التحويل لأن المسؤولين الفلسطينيين المعنيين بالأمر على اتصال بكل المصارف والمؤسسات المالية والاستثمارية التي كان يتعاطى معها عرفات وبعض المقربين منه.

ثانياً: ذكر تقرير أصدره صندوق النقد الدولي أن نحو 900 مليون دولار عائدة للسلطة الوطنية الفلسطينية من مشاريع تجارية عدة "اختفت ولم يعد لها أثر" خلال الفترة الممتدة من 1995 إلى 2000، وأن هناك احتمالا أن يكون عرفات حولها لحسابات خاصة به. لكن مصادر دبلوماسية أوروبية مطلعة أكدت لـ"الوطن" أن الاتحاد الأوروبي كلف جهازاً خاصاً بالتحقيق فيما إذا كان عرفات حول إلى حسابه الشخصي أموالاً من المساعدات المالية الأوروبية المقدمة إلى السلطة الفلسطينية فلم يجد هذا الجهاز أي دليل على ذلك أو على سوء استخدام الأموال الأوروبية من جانب الرئيس الفلسطيني. وقد قدم الاتحاد الأوروبي مساعدات إلى السلطة الفلسطينية تقارب ملياري (بليوني) دولار خلال الفترة الممتدة من 1994 إلى اليوم إضافة إلى ذلك فإن كل الأموال المرسلة إلى السلطة الفلسطينية أصبحت منذ أكثر من عام ونصف العام خاضعة لإشراف سلام فياض وزير المال الفلسطيني الذي لم يعثر على أي دليل يؤكد ما جاء في تقرير صندوق النقد الدولي.

ثالثاً: ذكر تقرير صندوق النقد الدولي أيضاً أن عرفات قام بتحويل مليار ومئة مليون دولار من أموال منظمة التحرير والسلطة إلى حساب سابق خاص في مصرف ليومي الإسرائيلي في تل أبيب، لكن محمد رشيد المستشار المالي لعرفات أبلغ مسؤولين فلسطينيين وجهات أوروبية أن هذه المعلومات غير صحيحة وأنه كان هناك حساب في مصرف إسرائيلي تحول إليه الأموال الإسرائيلية العائدة إلى السلطة الفلسطينية لكن هذه الأموال كلها أصبحت خاضعة لإشراف السلطة الفلسطينية.

رابعاً: مجلة "فوربس" الأمريكية المتخصصة بالشؤون المالية قدرت ثروة عرفات بنحو 300 مليون دولار، بينما قدرتها جهات دولية أخرى بنحو 700 مليون دولار، لكن مصادر فلسطينية مطلعة أكدت أن ثروة عرفات، أياً يكن حجمها، ليست ملكه الخاص ولذلك ستعود كل الأموال إلى منظمة التحرير وإلى حركة فتح.

خامساً: روجت جهات إسرائيلية ودولية معادية لعرفات معلومات تفيد أن الرئيس الراحل أودع خلال السنوات الماضية مليارات عدة من الدولارات في حسابات خاصة به في عدد من الدول الأجنبية، لكن المصادر الفلسطينية المطلعة نفت ذلك كلياً وأكدت لـ"الوطن" أن هذه الجهات تخلط بين استثمارات منظمة التحرير الفلسطينية وفتح التي تقدر بعدة مليارات من الدولارات وبين أموال عرفات الخاصة.

سادساً: ترددت معلومات تفيد أن عرفات قام قبل وفاته بفترة بتحويل مبلغ 60 مليون دولار إلى حسابات خاصة لزوجته سهى في فرنسا ودول أجنبية أخرى. لكن الحقيقة عكس ذلك تماماً، فقد أكدت المصادر الفلسطينية والأوروبية المطلعة لـ"الوطن" أن عرفات رفض قبل وفاته أن يحول مبالغ كبيرة إلى حسابات سهى، عدا التحويلات الشهرية المتفق عليها، كما أن عرفات رفض أن يطلع سهى على الأرقام السرية لبعض حساباته الخاصة الموزعة في دول أجنبية إذ إن عرفات أبلغ قيادياً فلسطينياً بارزاً أن أية أموال يملكها هي للشعب الفلسطيني.

وليس مستبعداً أن يكون عرفات أطلع أحد هؤلاء القياديين على أرقام حساباته السرية المودعة في دفتر صغير يحتفظ به باستمرار بل أكثر من ذلك، فقد علمت "الوطن" أن محمد رشيد لعب دور الوسيط بين ياسر عرفات وسهى بشأن مطالبها المالية وأن الرئيس الفلسطيني الراحل خصص لها موازنة شهرية محترمة لكن سهى ظلت تشتكي من أن ما تتلقاه ليس كافياً لتغطية سائر نفقاتها ونفقات ابنتها زهوة بما يليق بزوجة (أرملة) الرئيس الفلسطيني. وبعد وفاة عرفات بدأت مفاوضات بين سهى والمسؤولين الفلسطينيين المعنيين بالأمر بشأن المبلغ المفترض تخصيصه لها ولابنتها لتأمين ظروف معيشية لائقة لها لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي حتى الآن.
إذن ما حقيقة ثروة ياسر عرفات؟

المصادر الفلسطينية والأوروبية المطلعة على هذه القضية أكدت لـ"الوطن": "أن هناك أموالاً خاصة بالفعل كان يتم تحويلها شهرياً من موازنة منظمة التحرير وذلك على مدى عدة سنوات إلى حسابات خاصة باسم عرفات وأن عرفات لديه "مخصصات مالية كبيرة" كان يودعها في حسابات خاصة على مدى سنوات ويحتفظ هو بأرقامها، لكن الرئيس الراحل لم يستخدم هذه الأموال لتأمين حياة مرفهة له بل إنه استخدمها لتعزيز موقعه القيادي ولتسيير شؤون الفلسطينيين ولكسب دعم قوى وشخصيات فلسطينية وعربية وللإنفاق على بعض المقربين أو الأشخاص لكسب ولائهم ولتنفيذ سياسات معينة في بعض الدول العربية، أي لأهداف عامة ولخدمة القضية الفلسطينية وفقاً لتصوره هو. وهناك أموال لمنظمة التحرير ولحركة فتح كان يتم توظيفها واستثمارها في عشرات بل مئات المشاريع في العالم تقدر قيمتها بين ثلاثة وخمسة مليارات دولار، لكن هذه الاستثمارات ليست خاضعة لسيطرة عرفات بل لإشراف لجنة تضم شخصيات فلسطينية عدة وبعض المستشارين الأجانب.

وأكدت المصادر المطلعة أن أموال عرفات الخاصة، وأياً يكن حجمها الحقيقي، لن تضيع ولن تسرقها المصارف الأجنبية المودعة فيها بل إن القيادة الفلسطينية مطمئنة تماماً إلى أنها ستتمكن من استعادتها كلها وبمساعدة عدد من الحكومات والجهات الدولية الصديقة التي تستطيع التدخل لدى المصارف والمؤسسات المالية الأجنبية لتجميد أية أموال مودعة باسم عرفات أو في حسابات سرية تمهيداً لتحويلها إلى منظمة التحرير أو السلطة الفلسطينية أو "فتح" وليس إلى حسابات خاصة جديدة.


المصدر : صحيفة " الوطن" السعودية

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع