رؤية اسرائيلية لحركة "فتح" من ثورة
حتى النصر الى الدولة المبكرة
البراغماتية تحكم سياسات عباس والصقور
المتواءمين مع العمل السياسي
27/10/2005
ـ الدولة ليست وريثة الثورة ولا تبشر بانقضائها.. هي مشروع وطني خاضع
للغايات الإستراتيجية بعيدة الأمد
ـ عرفات راوح بين المعسكرين ونجح في استخلاص مزايا جميع التيارات
معتمدا على "فتح" لترسيخ الكيان السياسي
ـ الواقع الإقليمي فرض قيودا صعبة ودفع الفلسطينيين الى أخطر مغامراتهم
التاريخية كما يرى مروان البرغوثي
عمان ـ شاكر الجوهري:
تبدو الرؤية الإسرائيلية للخلافات الداخلية الفلسطينية, أكثر عقلانية
من بعض الرؤى الفلسطينية ذاتها, كما يتدبى من هذه الدراسة القيمة
لمخائيل ميلشتان من مركز دايان لدراسات الشرق الأوسط, والتي يلخصها في
أن البراغماتية هي التي تحكم المسار السياسي لمحمود عباس وخطه, وكذلك
محاولات تيار الصقور في "فتح" التواءم مع مرحلة العمل السياسي دون
التخلي عن أهداف المستقبل.
تكمن أهمية هذه الدراسة في أنها تبين ادراك الإسرائيليين لأن أحدا من
الفلسطينيين, بمن ذلك محمود عباس, وتيار الحمائم في "فتح", لم يتخل عن
الأهداف الإستراتيجية. إليكم النص:
"هل تختلف “فتح” الأمس، التي رفعت شعار "ثورة حتى النصر" عن “فتح”
الحاضر، التي ما زالت تعيش هذه الثورة على ارض فلسطين وتعمل من اجل
النصر وبناء دولة فلسطينية؟!" (سليم الزعنون، رئيس المجلس الوطني
الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية ومن مؤسسي “فتح”).
في المرحلة الانتقالية من فترة النضال, الى فترة السلطة فُرض على “فتح”
في غضون مدة زمنية قصيرة نسبيا نضال داخلي شديد عن هويتها. يبدو، أنه
قد تم في هذه المنظمة التعبير عن التغييرات والاختلافات والأزمات
المختلفة للمرحلة الجديدة أكثر مما في كل جهة اخرى في الجهاز
الفلسطيني. نبع هذا الشيء، من بين الجملة، من المهمة المعقدة لـ”فتح”
في الفترة المبحوثة أن تقود سائر المجتمع الفلسطيني في الانتقال ما بين
المراحل التاريخية المختلفة، ولكن مع اجراء تحليل داخلي عميق لكل ما
يتصل بهويتها في الوقت نفسه، وغاياتها وطرائق عملها. على هذه الخلفية
نما في “فتح” منذ بدء التسعينيات خطاب داخلي مثير.
بحث هوية
“فتح”
كان البحث الأكثر تعقيدا الذي تم في “فتح” عقب المسيرة السياسية في
موضوع غايات المنظمة وهويتها. في هذا الاطار وصل النقاش الشديد في
“فتح” ذروته بين ماضيها ومستقبلها، والذي أوجب فحصا معمقا أكثر من كل
مرة مضت لركائزها. اثناء النقاش العاصف هذا كُشف في “فتح” عن تيارين
رئيسين: أولهما، رأى حاجة الى الاعتراف بالتجدد الكامن في الحاضر، والى
أن يصوغ لملاءمة ذلك أهداف المنظمة من جديد، أما الثاني فقد قلل من
انجازات المرحلة الجديدة، وطلب الحفاظ على أكثر أهداف الماضي ومزاياه.
لا يمكن أن نرسم في الواقع خطا فاصلا واضحا بلا لُبس بين المعسكرين
المذكورين. فقد تغيرا وفق موضوعات النقاش الداخلي في المنظمة والظروف
التي كان فيها الجهاز الفلسطيني. يُضاف الى ذلك أن المعسكرين اللذين
تكونا في المنظمة لم يكونا بمنزلة حلقات مؤسسة ومصوغة، بل بمنزلة أفراد
وجماعات عملوا حول أفكار متشابهة.
على نحو عام يمكن تسمية المعسكر الأكثر حمائمية في “فتح”، الذي أيد
التغييرات، بقيادة "الداخل".. وهو المنطقة التي أصبحت مركز التغيرات في
الجهاز الفلسطيني (في هذا السياق نذكر في الأساس قادة الميدان من قطاع
غزة وجماعة الشخصيات).
ومع ذلك، فقد برز في قيادة هذا المعسكر ايضا أناس بارزون في قيادة
"الخارج"، أكثرهم مسؤولون كبار مشاركون في العمل السياسي في منظمة
التحرير الفلسطينية ، مثل محمود عباس (أبي مازن)، ونبيل شعث (اليوم
وزير الإعلام)، واحمد قريع، رئيس الحكومة الفلسطيني منذ أيلول/سبتمبر
2003. لم يكن مصدر قوتهم مكانتهم في المنظمة، أو محاولتهم العسكرية، بل
مشاركتهم في العمل السياسي والدبلوماسي واعتمادهم على النظام الممأسس
للكيان السياسي النامي.
برز في المعسكر الصقري مسؤولون كبار من القيادة "الخارجية"، أكثرهم من
قدماء المنظمة. مثّل هؤلاء بقايا نواة المؤسسين الأصلية، التي مات أكثر
اعضائها الكبار في ظروف مختلفة مع السنين (بينهم خليل الوزير الذي قُتل
في حادث اغتيال في عام 1988، وصلاح خلف الذي قُتل في عام 1991، وقبل
ذلك ايضا - محمد يوسف النجار وكمال عدوان، اللذان قُتلا في اغتيال في
عام 1973).
قيادة الخارج
عُدّ في قيادة "الخارج" الحالية عدد من المسؤولين الكبار، عارضوا
المسيرة السياسية ورفضوا دخول مناطق السلطة الفلسطينية، وعلى رأسهم
فاروق القدومي، رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية،
والذي يعمل من تونس، وخالد الحسن (الذي مات في عام 1994)، ومحمد غنيم
(أبو ماهر)، رئيس قسم التعبئة والتنظيم في “فتح”. وبرز الى جانبهم أناس
مثل صخر حبش وعباس زكي، من الايديولوجيين الكبار في “فتح”، الذين دخلوا
"الى الداخل" حتى لقد اندمجوا في السلطة الفلسطينية، لكنهم استمروا في
الأخذ بمواقف حازمة في مسألة المسيرة السياسية.
انضم الى هذه الجماعة احيانا ايضا جزء من قادة "الداخل"، الذين ظهروا
في قضايا اخرى تخصيصا كخصوم أشداء لقيادة "الخارج". الحديث في الأساس
عن قادة أطر الميدان في “فتح” (التنظيم)، وأكثرهم أو كلهم من الضفة
الغربية.
هؤلاء، على عكس اعضاء المنظمة في قطاع غزة، الذين أُدمجوا في أكثرهم في
اجهزة السلطة الفلسطينية، وكشفوا لذلك عن خضوع أكبر لعرفات، بقوا في
الجزء الأكبر منهم خارج أُطر السلطة، وبعقب ذلك ايضا كانوا أكثر
استقلالا، وأبدوا في أكثر من مرة تحديا للسلطة الفلسطينية. ولكن،
بالرغم من الفروق بين المعسكرين في “فتح” لم ينشأ في المنظمة شِقاق
داخلي بعد 1983، على خلاف منظمات فلسطينية كثيرة انشقت منذ بدء
التسعينيات بسبب اختلافات ثارت فيها على قضية النظر الى المسيرة
السياسية (مثلا، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، التي اعتزلها اعضاء
أيدوا التسوية السياسية وأقاموا الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني - فِدا -
الذي ائتلف ومؤسسات السلطة الفلسطينية).
قبل البدء في النقاش في موضوع الأهداف اضطرت “فتح” الى تحديد ماهية
المرحلة الجديدة ومزاياها. برزت في التيار الاول جهات مالت الى المرونة
الفكرية, والى تفضيل غاية الدولة، وعلى ذلك طلبت الاشارة الى أهمية
الواقع الجديد كانتقال - ولو مؤقت وتكتيكي - من مرحلة الثورة الى مرحلة
الدولة. أوجب هذا الوضع، كما زُعم، على “فتح” تغييرا مشابها، كان معناه
أن تتحول من منظمة قادت "النضال المسلح" الى منظمة مسؤولة عن قيادة
المسيرة السياسية وبناء الوطن. بإزاء ذلك، قلل التيار الدُغمائي من
الأهمية التاريخية لاقامة السلطة الفلسطينية.
وهكذا، أكد أناس مثل عباس زكي، الذي يعمل اليوم عضوا في المجلس
التشريعي، أن الواقع الحالي نتاج قضاء حلّ بالفلسطينيين لا نتاج اختيار
حُر. وذلك، في الأساس بإزاء إلزامات خارجية، بينها تخلي الدول العربية
عن طريق النضال، والتي توجهت الى المسيرة السياسية بسبب حصر الاهتمام
في تقديراتها الوطنية.
في هذا الواقع، زعم زكي، صعُب على الفلسطينيين أن يتابعوا تصريف
مُناضلة اسرائيل. في الوقت نفسه ابتدأ التيار الرئيس في “فتح” تحديد
غايات "الانطلاقة الجديدة". قامت في رأس اهتمامات هذا المعسكر، كما قيل
آنفا، غاية انشاء الدولة، التي أوجبت بحسب تصوره، تجندا من أجل بناء
مؤسسات سلطة والتأسيس لسيادة وطنية. الى جانب ذلك، كما بين ذياب اللوح،
من قادة “فتح” في قطاع غزة، يعمل رئيسا لقسم الاعلام في المنظمة في
المنطقة، وأمين مقبول، من قادة “فتح” في الضفة الغربية، كان على
المنظمة ان تعمل ايضا لنقل جملة الجمهور الفلسطيني من وضع مجتمع مقاتل
الى مجتمع مدني.
من اجل ذلك كان على المنظمة ان تعمل بحسب نهجهم، في عدة اتجاهات: تشريب
النفوس الديمقراطية، في المنظمة نفسها قبل كل شيء، وبعد ذلك في سائر
الجهاز الفلسطيني؛ وسعي الى انشاء عدل اجتماعي؛ وتقديم نماء اقتصادي.
تفضيل الدولة على الثورة
ينبغي أن نؤكد، أن الأخذ بهذا التصور لم يشهد بأن الفلسطينيين، وفيهم
اعضاء المعسكر البراغماتي في “فتح”، قد اعتقدوا أنهم حققوا اهدافهم
الوطنية؛ كان معنى هذا الامر أنهم فضلوا في تلك المرحلة التاريخية هدف
الدولة على هدف التحرير التام، واستبدلوا - على نحو مؤقت، كما يتضح
اليوم - العمل السياسي بالنضال العنيف.
سعى القادة الذين قادوا المعسكر الحمائمي في “فتح” وأيدوا التقدم نحو
الأهداف الجديدة، الى الحصول على شرعية للاجراءات الدراماتية التي حدثت
في الساحة الفلسطينية. كانت تلك مهمة معقدة بإزاء معارضة قطاعات واسعة
- في الداخل وفي الخارج - هذه الخطوات، التي بدت كخيانة للأهداف
الاستراتيجية للشعب الفلسطيني.
كإجابة على هذا الزعم قال مؤيدو التغيير، إن “فتح” مُنحت حق قيادة
المرحلة الجديدة بفضل وقوفها على رأس مرحلة النضال وقيادتها منظمة
التحرير الفلسطينية لسنين طويلة. وهكذا زُعم، بأنه لما كانت “فتح” قد
جسدت على نحو تقليدي مطامح الجمهور، فإن توجهها الى المسيرة السياسية
هو بمنزلة حسم وطني عام ملزم، وليس مسارا ضيقا تسير فيه المنظمة وحدها.
في أثناء ذلك، لم يتجاهل معسكر التغيير العوائق الجمة الكامنة في
"الجهاد الأكبر"، كما سمّى كثيرون هدف اقامة الدولة. هذه المرحلة، في
زعم ممثلي هذا المعسكر، جسدت أزمة شديدة، أو ربما الازمة الأشد التي
واجهتها المنظمة منذ انشائها. بحسب اقوال اللوح، هذا الوضع نبع من قيام
“فتح” أمام وضع مرحلي مربك، لم تُستكمل فيه غاية الاستقلال، ولكن في
مقابل ذلك برزت الحاجة الى البدء في تقديم غاية الدولة.
فضلا عن ذلك: أشار قادة “فتح” الى المسؤولية المعقدة التي فُرضت على
المنظمة في الوضع الجديد، والتي أوجبت مواجهة مشكلات اجتماعية
واقتصادية مالت الى تجاهلها في الماضي بسبب الأفضلية التي مُنحت لـ
"الكفاح المسلح". في هذا السياق سمّى سفيان أبو زايدة، من قادة “فتح”
في قطاع غزة الذي يعمل اليوم نائبا لوزير السلطة المحلية في السلطة
الفلسطينية، المرحلة الحالية - "مرحلة الاستحقاق" لكل الأهداف التي
نصبتها “فتح” في الماضي أمام الشعب الفلسطيني.
أثارت هذه الاحساسات في “فتح” حساب نفس لاذعا يتصل بقوة فعل وسائل عمل
المنظمة في المرحلة الجديدة، أو كما عُبر عن هذا الامر في احدى صحف
المنظمة في عام 1995: "هل ستكون مباديء عمل المرحلة القادمة بديلا من
أُسس عمل المرحلة السابقة؟".
على هذه الخلفية أُثير في المنظمة منذ بدء التسعينيات عدد من مطالب
التغيير الأساسية، وعلى رأسها: صوغ برنامج عمل مفصل في المجال
الاجتماعي؛ ووقف التستر من خلف شعارات الثورة، والذي يصد كل معالجة
لموضوعات المجتمع متعللا بساعة الطواريء الوطنية؛ والتحرر من الطموح
الى الكون، "منظمة تشمل كل شيء"، تشتمل على التيارات الفكرية كافة،
وتمنع بذلك الأخذ بطريق محدد (سميت هذه المرونة في أحد أعداد الكرامة
وهي الصحيفة الناطقة باسم “فتح” في قطاع غزة - "زئبقية" - و"عادة إمساك
العصا من طرفيها").
مواءمة بين منطقين
أُضيف الى هذا النقد ايضا مطلب ملاءمة "منطق الثورة" والظروف الجديدة،
واستبدال "قانون الدولة" بـ "قانون الأخوة" لفترة الكفاح كأساس للعلاقة
بين الأفراد. بكلمات اخرى، ازداد مطلب تغيير قيم عميق في عالم مصطلحات
المنظمة والجهاز الفلسطيني كله وصب مضمون جديد، يلائم العيش في كيان ذي
سلطة ومؤسسات.
مع ذلك، أكد راسمو الغايات الجديدة، أن ليس هدفهم الانفصال عن الماضي
أو التخلص والإستغناء عن فكرة الثورة؛ بل العكس - فعملهم استمرار
للثورة مع تحديد الغايات وطرائق العمل من جديد. من أجل ذلك يجب أن يجري
على طاقة الثورة تحول وأن تساعد على نحو تناقضي في تقديم أهداف ممأسسة،
على رأسها بناء الدولة. يبدو أن مطمح الاشارة الى الاستمرارية نبع في
الأساس من ارادة الحفاظ على مصدر شرعية وجلالة مهم, مع البرهنة على
الاخلاص لقيم الماضي للمنظمة. مهما يكن الأمر، فقد أكد قادة معسكر
التغيير، أن الدولة ليست وريثة الثورة أو تلك التي تبشر بانقضائها، بل
هي مشروع وطني يتابع وجوده خاضعا للغايات الاستراتيجية بعيدة الأمد
(التحرير التام والعودة)، ويُستعمل في الواقع مرحلة في الطريق الى
تحقيقها.
بإزائهم، كما قيل آنفا، قام معسكر لا يُستهان به، حدد الغايات الوطنية
تحديدا مخالفا. تجمع في هذا المعسكر تياران خصمان: أناس الحرس القديم
في “فتح”، وأكثرهم من أناس "الخارج"، والى جانبهم كثير من قادة الميدان
الشبان في الحركة في "الداخل".
كان زعمهم الرئيس، بأن غاية النضال الوطني للتحرير لم تنته مع اقامة
السلطة الفلسطينية وبأن المرحلة الحالية بعيدة عن أن تُبشر باستقلال
سياسي. في زعمهم، ما لم تتحقق - ولو كمرحلة اولى - غايات الدولة
المستقلة في حدود 1967، وعاصمتها شرقي القدس، ولم تُحل مشكلات
اللاجئين، والسجناء والمستوطنات، فان هنالك تسويغا لاستمرار الكفاح.
في الواقع، لم يلغ رؤساء هذا المعسكر إلغاءا تاما انجازات المرحلة
الجديدة، أو المهام الجديدة للمنظمة التي أشار اليها معسكر التغيير
(بالرغم من أن جزءا ملحوظا من أناس هذه الجماعة قد رفضوا كما قيل آنفا
العودة الى "الداخل" بعد اقامة السلطة الفلسطينية، وزعم أكثر العائدين،
بأن الخطوة التي أخذوا بها ليست بمنزلة اعتراف بالمسيرة السياسية أو
بالسلطة الفلسطينية). ولكن بإزاء عدم استكمال الغايات الوطنية، قال
هؤلاء، إن على “فتح” أن تحافظ على صبغة حركة تحرير، تشتمل على القدرة
على النضال و"الروح الثورية".
كان مطمحهم اذن عدم إلغاء المرحلة الجديدة إلغاء تاما، بل إدماج وسائل
الماضي في الاجراءات السياسية الجديدة. استُعملت هذه المزاعم، من بين
الجملة، أداة لدحض الحاجة الى جلب المجتمع الفلسطيني الى وضع التطبيع.
وهكذا، مثلا، أوضح صخر حبش، الذي يعمل ايضا مفوض الشؤون الفكرية
لـ”فتح”، في عام 1997، أن هذا المجتمع ما يزال غير ناضج للخروج من وضع
التجند والنضال الى وضع مجتمع مدني، أو كما نعت الأمر بقوله: "ليس من
السهل الحديث عن قطع الجسور قبل الوصول الى ضفة النهر".
حدد عباس زكي هذا المزعم وقال، إن المأسسة قبل الوقت ستتسبب بالفساد في
“فتح”، وهي ظاهرة قد تسببت، في زعمه، بابتعاد جزء ملحوظ من الشبان
المتحمسين للنضال عن المنظمة وتوجههم الى التيار الاسلامي، الذي يتابع
مكافحة اسرائيل.
بإزاء التوجهات الاستقطابية سعت “فتح”، بحسب تراث المنظمة، الى ايجاد
مصالحة توحيدية. اعتقد كثيرون في المنظمة، بأن هنالك إمكانا لاقامة
التصورين اللذين وُصفا في الوقت نفسه، بغير البحث أو بغير حسم مسألة
المفاضلة بينهما.
انشأ هذا التوجه مصطلحات مثل "منظمة سياسية مقاتلة"، والذي ابتدعه جمال
الشوبكي، من قادة “فتح” في منطقة الخليل، والذي يعمل اليوم وزير السلطة
المحلية في الحكومة الفلسطينية، أو تقرير أن سر قوة “فتح” كامن في
قدرتها على التغير بلا انقطاع حيال ظروف جديدة بغير النزول عن مبادئها
الأساسية.
تجسدت محاولة اخرى أكثر نجاحا لحل "الفِصام الثقافي والفكري"، كما يقول
أمين مقبول، بالفصل بين الغايات للأمد البعيد والغايات للأمد القصير.
زعم كثيرون في المنظمة، أنه يجب التفريق بين غايات الساعة، وعلى رأسها
بناء الدولة، والتي هي تكتيكية في أساسها، وبين الغايات الاستراتيجية،
وعلى رأسها تحقيق دولة مستقلة "من البحر الى النهر".
تكتيك واستراتيجية
هذه الغاية، كما بُين، ليست ممكنة التحقيق في الحاضر، لكن “فتح” تلتزم
الاستمرار في تربية الشباب في ضوئها. أحسن فيصل الحسيني صياغة هذا
التفريق عشية التوقيع على اتفاق اوسلو باشارته الى الغايات
الاستراتيجية العليا في مستقبل غير محدد، وبالاشارة بإزائها الى
الغايات التكتيكية في الحاضر.
بحسب اقواله، تحقيق الغايات الأخيرة يقتضي في الحقيقة مصالحات أليمة,
لكنه يُمكّن من حل مشكلات راهنة، وعلى أي حال، ليس هو بمنزلة نزول عن
المطالب الوطنية في حدها الأقصى. بهذه الطريقة، كما قيل آنفا، نجح
الجهاز السياسي، بقيادة “فتح”، في أن يقيم في الآن نفسه غايات الدولة
والثورة، مع تأكيد، أن الاولى ليست بديلا من الثانية، لكنها تحصل على
امتيازها حيال الظروف التاريخية الخاصة.
منح عرفات بطريقة تصرفه في الواقع الوضع الأليم شرعية. لقد راوح بين
المعسكرين، وامتنع عن الحسم بينهما واستمتع بوجود التوجهين المتناقضين
في الوقت نفسه. بهذه الطريقة نجح عرفات في أن يستخلص المزايا من جميع
التيارات. لقد اعتمد من جهة على “فتح” كوسيلة رئيسة لترسيخ الكيان
السياسي في "الداخل"، لكنه حافظ في الجهة الثانية على أساس فكري وقدرات
عملية لاستمرار مناضلة اسرائيل ما لم تُحرز الغايات الوطنية العامة.
كان نقاش موضوع غايات “فتح” بدرجة كبيرة تناسخا جديدا لتردد المنظمة ما
بين "الكفاح المسلح" والمسيرة السياسية، أو بين قطبي الثورة والدولة.
وليس من العجيب أن كان النقاش المذكور عاصفا لا حسم فيه. لقد مسّ
الجوانب الأكثر حساسية من الهوية الوطنية الفلسطينية, وطلب على نحو
مباشر أكثر من أي وقت مضى، تحديدا دقيقا للغايات الوطنية، مع اعتراف
متزايد بقيود الواقع. أحسن الصحفي حسن خضر التعبير عن المشاعر الخليطة
هذه في السياق الفلسطيني الواسع:
"أشعر
بحيرة كلما كتبت عن مناطق السلطة وكأنها فلسطين. أُفضل استعمال الكلمة
غير الواضحة "البلاد"، التي تعني كل شيء، أو على الأقل، تؤجل سؤال ما
الذي سيكون في المستقبل".
ولكن في مقابل ذلك، ظهر في تأليفه وعي واقعي، جسد عمق الأزمة الفكرية
التي كانت تمر على الحركة القومية الفلسطينية:
"لم
يعد هنالك إمكان لانشاء وطن كفردوس مفقود من جديد. الوطن في ايدينا،
مُقسم ومُشوه ينتظر الخلاص. لنا هوية في مرحلة التبلور، وستتوسع مع كل
متر نستنقذه من الاحتلال، وكل طريق سنُمهده وكل كتاب سنطبعه وكل امرأة
نحتضنها، وكل نافذة سن”فتح”ها في حياتنا الثقيلة من الهواء الراكد بغير
حركة، وكل قرار سنتخذه في مجال التنظيم الاجتماعي والسياسي وموضوع حقوق
الانسان".
موقف “فتح” من اسرائيل
تشكل وجهة نظر “فتح” ازاء المسيرة السياسية مع اسرائيل واستراتيجية
"الكفاح المسلح" تعبيرا في الواقع عن نقاش موضوع غايات المنظمة. إن
تردد المنظمة بين قطبي الكفاح والتسوية السياسية صوّر في الواقع
التطورات الداخلية التي طرأت عليها منذ بداية التسعينيات، وبخاصة ازاء
التغيرات التي لاحت في نظام العلاقات باسرائيل.
حظي الإجراء التاريخي الذي أخذ به عرفات بانضمامه الى اتفاق اوسلو،
والذي عرّفه هو نفسه أنه "الاختيار الاستراتيجي" منذ بدايته بتأييد
واسع نسبيا في “فتح” لأنه رُئي وسيلة لتحقيق الغايات الوطنية. ومع ذلك،
لم تمتنع المنظمة، كما قيل آنفا، من ذكر الصعوبة التصورية والحيرة
الكبيرة اللتين تصحبانها في هذا الاجراء. كتسويغ للاجراء الذي أُخذ به،
زعمت دوائر واسعة في “فتح”، بأن الواقع في المنطقة منذ بداية
التسعينيات فرض قيودا صعبة على المنظمة. وهذه اضطرتها الى أن تكشف عن
مسؤولية وطنية والى أن تقود الفلسطينيين الى "أخطر مغامراتها
التاريخية" مع احتمال نقد شديد في الداخل. بهذه الروح ذكر مروان
البرغوثي أن "“فتح” قبلت اتفاق اوسلو ووافقت عليه، لكنها لم تُنشئه!".
كان التزام العملية السياسية مصحوبا بقرار “فتح” وقف "الكفاح المسلح".
جرى التعبير عن القرار بحل جهات تنفيذية للمنظمة في "الخارج" (وبخاصة
جهاز "القطاع الغربي") وفي "الداخل"، وبإدماج اعضائها في اجهزة الأمن
الرسمية الخاضعة للسلطة الفلسطينية. الجهات المسلحة، التي أرادت الحفاظ
على استقلال كـ "أسياد الشارع"، رآها عرفات عائقا أمام محاولة فرض
السيادة، ولذلك قُمعت بقوة.
كانت الحالة الأبرز هي حالة خلية صقور “فتح” في نابلس، برئاسة احمد
الطبوق، والتي قُمعت على الفور مع دخول قوات السلطة الفلسطينية المدينة
نهاية 1995 (قُتل الطبوق في مصادمة مع قوات الجيش الاسرائيلي لدى
دخولها نابلس اثناء عملية "السور الواقي" في نيسان/ابريل 2002). وهكذا،
اذا ما استثنينا خلايا محلية متفرقة عملت في عدة مناطق (في خانيونس وفي
جنين وفي الخليل في الأساس)، والتي حافظت على درجة محدودة من الاستقلال
ونفذت بين آن وآخر عمليات موجهة الى اسرائيل، تخلت “فتح” من كل قدراتها
التنفيذية منذ منتصف التسعينيات.
ولكن، بإزاء الأزمات المتزايدة في المسيرة السياسية، وفي الأساس منذ
منتصف التسعينيات، لاح تغير في توجه “فتح” الى الموضوعات التي وُصفت.
"أزمة اوسلو"، كما زعم احمد عبد الرحمن، والذي كان في الماضي الأمين
العام للسلطة التنفيذية (حكومة السلطة الفلسطينية)، "هي ازمة “فتح”".
وكان من الملحوظ حقا، أن “فتح”، التي تمسكت على النحو الأبرز بالمسيرة
السياسية، أصبحت في الواقع الهدف الرئيس للنقد الذي تكون في الجهاز
الفلسطيني جراء خيبة الأمل من هذه المسيرة. خلق هذا الواقع في “فتح”
احساسا بأزمة عميقة، غرست عند كثيرين في المنظمة الخوف من فقدان
التأييد العام، وقاد كثيرا آخرون الى الأخذ بخط أكثر تشددا من المسيرة
السياسية.
عمل نشطاء “فتح” الذين شجعوا هذا التوجه انطلاقا من احباط، نبع من خيبة
أملهم لأن المسيرة السياسية لم تثمر ثمرات اقتصادية أملوا بها، أو من
الإضرار بمكانتهم في المنظمة بعد اقامة السلطة الفلسطينية.
كان الموقف الذي أخذ به أكثر نشطاء المنظمة جراء الأزمات السياسية، هو
أن العملية السياسية ما تزال في منزلة "خيار استراتيجي"، لكن مع انعدام
موعد واضح لتحقيق الغايات الوطنية، فإن جميع الخيارات مبذولة للمنظمة،
ويتضمن ذلك ايضا العودة الى كفاح عنيف.
زكي وحبش
استغل أناس المعسكر الصقري هذا الواقع بالطبع من اجل تسويغ نهجهم. برزت
في الأساس اقوال زكي وحبش اللذين زعما، بأن التخلي عن الخيار العسكري
أضعف المنظمة ودعوا بناء على ذلك الى العودة الى نهج "الكفاح المسلح".
حتى لقد قال كلاهما إن الاجراءات التي بدأت مطلع 1996 لتغيير الميثاق
الوطني الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأسها الاعلان عن نية
إلغاء المواد التي تتناول "الكفاح المسلح"، لا تُلزم “فتح”.
في واقع الأمر لم تعد “فتح” حتى نهاية سنة 2000 الى طريق "الكفاح
المسلح"، لكنها عملت في الحفاظ على قدراتها في المستوى الشعبي وفي
المستوى العسكري. برزت في المستوى الشعبي اجراءات كثيرة، قامت بها
المنظمة واشتملت على مظاهرات، أو مصادمات لقوات الجيش الاسرائيلي.
انحصرت العمليات المختلفة في الأساس في موضوعات رؤية ذات اجماع واسع
عليها في الساحة الفلسطينية: القدس (وهي قضية أفضت الى مصادمات عنيفة
شديدة في ايلول 1996 عُرفت باسم "أحداث النفق")؛ والاراضي والمستوطنات
(مثلا، أحداث "جبل أبو غنيم" بداية 1997، والتي اشتملت على إخلال واسع
بالنظام في كل أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة)؛ والسجناء (وهو موضوع
أفضى الى ثوران "انتفاضة السجناء" في نهاية 1998، والتي اشتملت ايضا
على إخلالات واسعة بالنظام اعقبت نقدا يتعلق بمعالجة غير مناسبة من قبل
السلطة الفلسطينية لشؤون السجناء في اسرائيل)؛ واللاجئين (وهو موضوع
أفضى الى مصادمات شديدة اثناء ذكرى ايام النكبة في العامين 1998
و2000).
وبرزت في المستوى العسكري استعدادات عسكرية نُقلت الى كثير من اعضاء
“فتح”، وبخاصة الى نشطاء الشبيبة - أُطر الشباب وطلاب الجامعات للمنظمة
- على يد اجهزة الأمن الفلسطينية قبل عام 2000. نُعتت هذه أكثر من مرة
كجزء من محاولة جعل المنظمة قوة احتياط أمنية خاضعة للسلطة الفلسطينية.
هذه الخطوات، وبخاصة الاجراءات الشعبية، خدمت كما يبدو “فتح” وعرفات.
من جهة المنظمة، منحت ملجأ ما من "حيرة اوسلو" وأثبتت وقوفا عند
المصالح الوطنية. وكذلك أبرزت الأحداث استمرار قدرة “فتح” على العمل
كقائدة للشارع حال كونها ايضا حزبا حاكما. ومن جهة عرفات، منحته هذه
الاجراءات، وسيلة لاستعمال ضغط على اسرائيل، ومن جهة اخرى كانت أداة
لحفظ صلة بالجمهور وللتحرر من الضغوط عند دوائر في “فتح”، سعت الى
فاعلية أكبر ووجهت نقدا شديدا الى السلطة الفلسطينية.
كان في اقوال نبيل عمرو، وزير الاعلام الفلسطيني سابقا وعضو المجلس
الثوري ل”فتح”، في مقابلة صحفية أعطاها قبل زمن قصير من انتفاضة
الاقصى، درجة ما من النبوءة، وهي تصور التغيير الذي طرأ على “فتح” خلال
المسيرة السياسية منذ نهاية التسعينيات. وهذا ما زعمه عمرو: "هل يجب
علينا أن نفكر في مستقبلنا من وجهة نظر فحواها أننا نتوجه على نحو قهري
الى دولة مستقلة، توَجَه كل مصادرها الى التطوير؟ ما الذي سيحدث اذا ما
فُرضت علينا مواجهة ونشأ وضع يشبه ذلك الذي كان عند نقطة البدء؟ اعتقد
أنه يجب على “فتح” أن تُعد ردا على كل خيار ستختاره وعلى كل توجه
سيُفرض علينا".
"مجد الأمس وبؤس الحاضر"
من اجل استكمال عرض الازمة التي مرت على “فتح” في العقد الماضي، ينبغي
أن نصف لبنة اخرى، جوهرها عقلي - نفسي. على نحو يشبه سوابق كثيرة
لثورات، أو لنضالات تحرر، يمتاز "الصباح الذي يتلو" بجو فرح النصر، وفي
الوقت نفسه بمشاعر الاحباط وخيبة الأمل.
تنبع هذه الاحساسات في الأساس من فقدان الحماسة والتأثر بفترة الكفاح
الى جانب الاغتراب عن الواقع الجديد، الذي يقتضي فرض نظام ومأسسة
متزايدين. باري روبين، الذي بحث هذه الظاهرة في المجتمع الفلسطيني
دعاها "خيبة أمل بعد - ثورية"، نشأت تالية لاحباط المشاركين في الكفاح
من الرتابة، وتفضي بعقب ذلك الى حنين جذاب متزايد الى الماضي. في هذه
الأزمة، وعلى نحو يشبه الحيرة في مسائل غايات المنظمة، جرى التعبير عن
الجدل المستمر في “فتح” بين قطبي "الثورة" و"الدولة".
كان عباس زكي أحد الاصوات البارزة التي تشير الى "بؤس الحاضر" قياسا
الى "مجد الأمس". بلغة حادة تصويرية عرض زكي الماضي كشبيه بـ "فردوس
مفقود"، مميزاته البارزة هي الأخوة الثورية، والاحساس الواضح بالرسالة
والتصميم والتضحية. أما الحاضر في مقابل ذلك، فيُصور، في نظره، تدهورا
تاما، ويتميز بانعدام الاجماع فيما يتعلق بالغايات الاستراتيجية وبحصر
الاعضاء اهتمامهم في تقديم مصالح شخصية، أو في أهداف اوساط ما، وهو وضع
يؤدي الى كثرة الخصومات الداخلية.
بكى الصحفي حسن خضر، أحد سكان خانيونس اليوم، على نحو شبيه بزكي، فقدان
"روح الثورة" ومنح الأزمة التي مرت على “فتح” بُعداً وطنيا عاماً: "أرى
في الطريق الضابط والنجوم البراقة على كتفيه، يبتعد بعضنا من بعض،
رأيته في الفكهاني قبل 25 سنة {..} سكن في تونس شقة تلقاء شقة. ليس
لدينا ما يقوله بعضنا لبعض، يبتعد بعضنا من بعض بحركة يد متعبة {..}
الروح الراديكالية التي تركت فينا أثرها منقوشة آخذة في الخمود".
مع متابعة حديثه يحدد خضر وصف الأزمة في الوعي: "إن الوصف بالأخ أو
الرفيق، الذي انشأ احساسا بالمساواة أو وهم الميل الراديكالي، ذلك الذي
رأيناه لزمن طويل ما يفرق بيننا وبين الآخر، هذا الوصف هو اليوم بضاعة
تنتقل الى التاجر. من المدهش مبلغ سرعة أخذنا بألقاب جلالته وفخامته.
الألقاب التي كرهناها جدا ورأيناها تسويغا لترفعنا عن الآخر {..} ألم
نمت كرفاق وكإخوة؟ ولماذا لا نعيش هكذا؟ {..} أكانت تلك الايام الذهبية
وهما زيّن شتاتنا بشيء لم يكن فيه {..} أكنا شعبا مختارا ووصلنا الآن
الى سنوات تيهنا في الصحراء؟".
لكن هذا النقد لم يكن تعبيرا فقط عن اغتراب نفسي عن الواقع الجديد، بل
عن مشكلات حقيقية ايضا. برزت فيه في الأساس احتجاجات تتعلق بظُلم
كثيرين من "جنود الكفاح"، كثرتهم الغالبة من أناس "الداخل". لقد شعر
هؤلاء، ليس بأنهم لم يُعوضوا فقط من التضحية التي أظهروها في اطار
"الكفاح المسلح"، أو الانتفاضة، أو في اثناء سنوات مكوثهم في السجن
الاسرائيلي، بل لقد دفعتهم قيادة "الخارج" جانبا، وأكثر أناسها لم
يشاركوا في المواجهة التي دارت في "الداخل"، لكنهم كانوا كما يزعم
النُقاد المستمتعين الرئيسين بثمرات التسوية.
الى جانب هذا وُجه نقد الى ظواهر سلبية اخرى صحبت "المرحلة بعد -
الثورية" في “فتح”، ومنها: انتقال نشطاء من أُطر المنظمة الى اجهزة
السلطة الفلسطينية، وفي الأساس انطلاقا من الطموح الى ضمان مصادر
الدخل؛ وتشكيل معسكرات خصوم في المنظمة على أساس انتماءات عائلية أو
اقليمية ("الطائفية الفتحاوية"، كما يُعرّفها توفيق أبو شومر، أحد
نشطاء “فتح” الكبار في قطاع غزة)؛ وغياب الائتلاف الداخلي في المنظمة،
وكان معناه الأساسي انعدام التنسيق تقريبا على نحو تام بين قيادات
الشتات، والضفة الغربية وقطاع غزة؛ وكذلك ضعف عام بين اعضاء المنظمة
حيال الشعور بفقدان هدف واضح. إن طرح هذه القضايا سيجعل النقاش النظري
في “فتح” لموضوعات الهوية والأهداف عملا أكثر واقعية في مسألة بنية
المنظمة في مرحلة الادارة الذاتية.
|