الانفلات الامني يتفاقم ..و السلطة عاجزة و تتهم اطرافا
خارجية !!
تقرير خاص بالرسالة
من
يوم لاخر ينيتبين حجم الازمة التي تعيشها الاراضي الفلسطينية بسبب حالة
الانفلات الامني , فالاسابيع الماضية سجلت ارتفاعا كبيرا في حالة
الفوضى و استخدام السلاح و حدوث حالة قتل و اصابة ,و تشير المعطيات
العامة الى انه لا يكاد يمر يوم دون ان تحدث حادثة تعزز شعور المواطن
بالقلق و الخوف . الشارع الفلسطيني يعيش انفلاتاً أمنياً" هكذا أجـاب
1ر94 % من الشارع الفلسطيني في استطلاع الرأي العام الذي أجرته الهيئة
العامة للاستعلامات في غزة مؤخراً. 5ر57 % قالوا ان السلطات الثلاث
هي الـمسؤولة عن الانفلات، فقط 4ر10 % حمّلوا الـمسؤولية للسلطة
التنفيذية وحدها.نائب رئيس المجلس التشريعي حسن خريشة ابدى استغرابه من
تصريحات صدرت عن الحكومة الفلسطينية قبل اسبوع، والتي تطالب فيها بوقف
حالة الفلتان الامني. وقال خريشة: "لا يمكنني تفسير موقف الحكومة من
حالة الفلتان وهي المسؤولة عن ضبطها، وهي المسؤولة عن تفعيل الاجهزة
الامنية لوضع حد لحالة الفلتان الامني". السلطة الفلسطينية و رغم
التصريحات الكثيرة التي تطلقها بين الحين و الاخر الا ان اجراءاتها على
ارض الواقع تبدو ضعيفة و غير حاسمة ,و هو ما يؤكده تصاعد عمليات
الانفلات الامني و ليس تراجعها .و يقول الكاتب غازي الخليلي في مقال له
" ولسنا بحاجة لاستعراض العديد من الامثلة على هذه الفوضى وهذا
الانفلات الامني وعجز السلطة بمختلف أجهزتها الامنية_علىكثرتها،
وإداراتها، عن توفير الحد الادنى من الامن للمواطن وفرض النظام العام.
حيث أن استباحة أمن المواطنين وتهديدهم في حياتهم تكاد تكون عامة في
مختلف مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة، من مدينة نابلس
الصامدة التي شهدت ولا تزال تشهد ، الكثير من عبث هذه القلة واستباحتها
لشوارعها واهلها الذين ذهب العشرات منهم ضحايا بريئة لهذه الزعرنات
الفالتة من عقالها دون أن يردع مرتكبيها رادع، ناهيك عن عشرات حوادث
حرق السيارات والممتلكات للعديدين من مسؤولين ومواطنين، إلى مدينة رام
الله التي شهدت مؤخرا استباحة كاملة لشوارعها وميدانها الرئيسي من
ملثمين مسلحين وحاملي بلطات لم يجدوا ما يردعهم عن تحويل منازعاتهم
وشجارهم الشخصي إلى شغب عام وتهديد للمواطنين بحياتهم وممتلكاتهم، وما
شهدته رام الله مؤخرا، هو تكرار لحوادث أليمة وأعمال شغب مماثلة شهدتها
مرات عدة في فترات سابقة".
**هروب من تحمل المسؤولية
و
تحاول السلطة في بعض الاحيان الهروب من تحمل المسؤولية في هذا الشأن و
تعليق القضية برمتها على مشحب الاحتلال ,و قد الناطق الاعلامي لوزارة
الداخلية توفيق أبو خوصة أطرافاً داخلية وخارجية بلعب دور خطير في موجة
الفلتان الأمني التي تشهدها الأراضي الفلسطينية، وتضخيمها خدمة لأغراض
باتت معروفة للجميع. وأشار الى ان حوادث الفلتان الأمني وتزامنها في
عدة مناطق بصورة متناسقة، تؤكد وجود أيادٍ خفية تعمل على وأد المشروع
الوطني الفلسطيني، لا سيما المتضررين من مشاريع الإصلاح، وتوحيد
الأجهزة، والرافضين لوجود مؤسسة أمنية فلسطينية قوية، حيث انهم يحاولون
جاهدين وحفاظاً على مصالحهم الخاصة تهويل الأمور والإنقاص من جهد
السلطة الوطنية المتواصل لفرض حالة الأمن والقانون في الأراضي
الفلسطينية. وذكر أن أجهزة الأمن والشرطة التي تقوم بواجبها وبالمهام
الملقاة على عاتقها على أكمل وجه، تعاملت مع أكثر من 59% من الحوادث
التي شهدتها الاراضي الفلسطينية، وتم حلها وإلقاء القبض على الجناة
وتقديمهم للقضاء. اللواء نصر يوسف وزير الداخلية والأمن الوطني اكد من
جهته قدرة المؤسسة الأمنية على مواجهة الفلتان الأمني وضبط فوضى
السلاح، وإثبات قدرتها أيضاً على توفير كل متطلبات الاستقرار في
المجتمع الفلسطيني.
ولفت اللواء يوسف إلى وجود تحديات كبيرة أمام المؤسسة الأمنية، وفي
مقدمتها العمل الجاد على ضبط حالة الفوضى، قائلاً: "إن التحديات تتعاظم
في ظل وجود مراهنات من قبل الآخرين على عدم قدرتنا على توفير الاستقرار
والوصول إلى المجتمع المدني، والمراهنة أيضاً على أن هذه الفوضى
والفلتان الأمني هما من سمات شعبنا".وقال النائب حاتم عبد القادر اذا
فشلت الحكومة في ضبط الاوضاع فعليها ان تستقيل، مذكرا بأنها حصلت علي
ثقة المجلس التشريعي بناء علي برنامجها المقدم للمجلس والذي كان من
اولوياتها ضبط حالة الفلتان ووضع حد لها . واكد عبدالقادر ان المواطن
الفلسطيني ضاق ذرعاً بهذا الانفلات الامني، بحيث اصبح الأمن الفردي
مهددا في ظل عدم احترام سيادة القانون . واضاف اذا لم يتم ايجاد الحلول
لهذه القضايا فمن العبث الحديث عن ضبط الاجهزة الامنية ووضع حد للفلتان
الامني، ومشيرا الي ان هذه هي الفرصة الاخيرة امام الحكومة الفلسطينية
لتحمل مسؤولياتها.
**ازمة عميقة
و
يشير محللون فلسطينيون الى ان عدم تطبيق القانون ليس ظاهرة جديدة بل
قديمة وربما تزامنت مع نهاية الانتفاضة الأولى وتكرست في ظل السلطة عبر
تنوع وتعدد الأجهزة وتناحرها واستقوائها، واستفحلت في ظل انتفاضة
الأقصى وأعلى من بروزها ضياع هيبة السلطة. ولكنها ظاهرة أصبحت كقميص
عثمان تستدعى وقت الضرورة والحاجة ويُخلق منها مبرر لتكريس وقائع جديدة
خدمة للبعض دون الآخر. وتجري إثارة القضية الآن باعتبار الوضع الداخلي
لـ "فتح" والسلطة والتي تمر بأشد أزمة بعد أن بات الحديث عن فتح واحدة
أو سلطة واحدة أمرا غاية في الصعوبة.
إن
ما يجري من أحداث لا يمكن أن نطلق عليه مصطلح انفلات أمني وفوضى، حيث
الانفلات الأمني ينصب على قيام مجموعات مسلحة من الـمدنيين بممارسة
عمليات اعتداء وإطلاق نار وقتل فوضوي ضد عناصر الأمن، وأفراد من الشعب.
ما نراه حالياً هو العكس تماماً حيث إن هناك مجموعات مسلحة من الأمن
ومن جهات غير رسمية محسوبة على جهات رسمية تقوم بعمليات اعتداء وقتل
ومداهمات جميعها مخالفة للقانون والنظام (من أطلق النار على الجبالي
وضربه واختطفه؟، من احتل مبنى ديوان الـموظفين؟، من اقتحم دائرة
الأراضي؟، من هاجم محافظة خان يونس؟ من أحرق مبنى الـمخابرات؟ من اختطف
الأجانب؟ من أطلق النار في عزاء الرئيس؟ من أشاع الفوضى وأطلق النار في
رام الله، مَن ومَن ومَن؟؟؟). ففوضى السلاح يرعاها السلاح الرسمي الذي
يظهر خارج القانون، وأصحاب النمر الحمراء (الحكومية) أكثر من يتجاوزون
الإشارة الحمراء، القرارات القضائية غير ملزمة، وتنفيذ الأحكام
القضائية يتم بشكل انتقائي (إذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد)
بالـمناسبة 5ر89 % من العينة أجابوا أن القانون لا يطبق على الحاكم
والـمحكوم بالسواء ...
و
حين حمل اللواء جبريل الرجوب المستشار الأمني للرئيس الفلسطيني الاجهزة
الأمنية جزءاً كبيراً من مسؤولية الفوضى، ورأى المحلل السياسي هاني
المصري ان المشكلة تكمن في عدم تنفيذ القرارات والقوانين وان تنفيذها
يكون مجتزأً وانتقائياً اذا حصل. وقال ان المواطن بات يشعر بالاحباط
لان عدداً كبيراً من المسؤولين عن حوادث الانفلات الامني وفوضى السلاح
هم افراد في الاجهزة الامنية يشكل قادتهم غطاء لهم. وحذر من فقدان
السلطة الفلسطينية الارادة لضبط الاوضاع، مشيراً الى ان حل النزاعات
يجب ان يكون عبر القضاة وفي قاعات المحاكم وليس عبر المسلحين.
|