قادة "فتح" يفتحون ملف اتهامات
الإفرنجي بالتجنّد لصالح الموساد..!
عبد
السلام الراوي - فلسطين
ـ
"حماس" تتهمه بالعمل على إشعال حرب أهلية في قطاع غزة وهاني الحسن يدرس
إصدار بيان ضده.
ـ
فُتح ملفه في اجتماع قادة فصائل دمشق بالقدومي والحسن خلال زيارتهما
الأخيرة لسوريا
ـ
غازي الحسيني أول من اتهمه عبر مذكرة رسمية رفعها للمجلس الثوري لـ
"فتح" فور تعيينه بـ "المركزية"
ـ
عرفات سأل الحسيني في "الثوري": موساد في اللجنة المركزية يا غازي فرد
الإفرنجي "إنه يقصدني"..!
ـ
صلاح خلف وأبو الهول قالا إنهما كلفاه بالعمل مع الموساد وهو كشف
للتنظيم محاولتين لتجنيده
ـ
ضابط موساد نقل مصحفا هدية من الإفرنجي بالخارج للحسيني في السجن تحمل
إهداء منه وهو ينكر
فلسطين ـ خاص:
هل
تشتعل الفتنة والحرب الأهلية بين حركتي "فتح" و"حماس" في قطاع غزة جراء
النتائج التي أسفرت عنها المرحلتين الأولى والثانية من الانتخابات
البلدية الفلسطينية..؟
يجيب قادة "حماس" عن هذا السؤال بسؤال معاكس: ولماذا يعم التوتر قطاع
غزة دون الضفة الغربية, مع أن الانتخابات جرت هنا وهناك, وفازت "حماس"
في بعض بلديات الضفة كما فازت في بعض بلديات القطاع..؟
ويلفت قادة "حماس" إلى أن بعض مسؤولي "فتح" في البلديات التي فازت بها
"حماس" اكتفوا بتقديم استقالاتهم من مواقعهم التنظيمية, في حين أن
مسؤولي "فتح" في قطاع غزة قابلوا فوز "حماس" بتسيير المظاهرات المسلحة,
وإطلاق التهديدات الدموية.
يردد هذه التساؤلات أيضا أعضاء في اللجنة المركزية لحركة "فتح" في
مجالسهم الخاصة, احدهم هاني الحسن, العضو الأقدم في اللجنة المركزية
بعد محمود عباس (أبو مازن) رئيس السلطة, داخل الأراضي الفلسطينية, الذي
تؤكد مصادرنا أنه يدرس إمكانية إصدار بيان, أو الإدلاء بتصريحات
إعلامية يحمل فيها عبد الله الإفرنجي, عضو مركزية "فتح" المعين, ومفوض
التعبئة والتنظيم في قطاع غزة, المسؤولية عن حالة الاحتقان والتوتر
التي تجتاح القطاع, منذرة باحتمال اندلاع فتنة لا تبقي ولا تذر.
هذه
التساؤلات تلقى إجابات عديدة يغوص بعضها في الماضي إلى بدايات "فتح"
الأولى, وبدايات عبد الله الإفرنجي في "فتح". وهذا ما فعله عبد الله
الإفرنجي نفسه عبر مؤتمر صحفي عقده في غزة الإثنين الماضي, وقدم فيه
معلومتان استفزتا قادة "فتح", بأكثر مما استفزتا قادة "حماس".
قال
الإفرنجي في معلومته الأولى إنه "أقدم أعضاء اللجنة المركزية لحركة
"فتح" بعد الأخوين أبو اللطف وأبو مازن, ومن المؤسسين لقيادة حركة
"فتح" حيث كان عمري 12 عاما عندما تعرفت على الأخ أبو جهاد, وكان ذلك
بين العامين 1954 و 1955".
أورد الإفرنجي هذه الرواية في معرض تأكيد وطنيته, معتبرا الاتهامات
التي تطاله في وطنيته "غير لائقة".
وفي
ذات السياق, يقول الإفرنجي مواصلا دفاعه عن وطنيته أنه مكث في ألمانيا
لفترة طويلة, وقبل ذلك قاد أول مجموعة لحركة "فتح" من ألمانيا لدخول
الأرض المحتلة سنة 1967, وأنه سجن وإخوانه, وخرج من السجن, وبعد عملية
ميونخ أخرجوني من ألمانيا, وشاركت في معارك لبنان سنة 1973, وفي عام لم
يحدده يقول إن الإسرائيليين أرسلوا لغما تفجر به وبأبي أحمد وافي, "وقد
أنجانا الله".
تصحيح لرواية الإفرنجي
قادة كبار في "فتح" بينوا وجود أخطاء عديدة في تصريحات الإفرنجي, كما
أبدوا مخاوفهم من أن يكون في تصريحات أخرى له, فضلا عن ممارساته
الميدانية, يعمل على دفع الأمور باتجاه إشعال حرب أهلية بين
الفلسطينيين.
أحد
هؤلاء القادة سخر من قول الإفرنجي أنه أقدم أعضاء اللجنة المركزية
لحركة "فتح" لأنه تعرف إلى أبو جهاد (خليل الوزير) بين العامين 1954 و
1955 حين كان الإفرنجي طفلا في الثانية عشرة من عمره.. ذلك أنه تعرف
إلى أبو جهاد في ذلك الوقت المبكر باعتباره تلميذا في المدرسة التي كان
المرحوم يعمل فيها مدرسا للجغرافيا. وبالطبع فإن أبا جهاد المعروف
بتكتمه الشديد في العمل السري, لا يعقل أن يكون فاتح الطفل الإفرنجي
بوجود تنظيم ناشىء ويعينه عضوا في قيادته..! وذلك فضلا عن أن قيادة
"فتح" انتخبت لأول مرة أوائل الستينيات, حين التقى ياسر عرفات وصلاح
خلف وخليل الوزير وفاروق القدومي وسليم الزعنون وآخرين في الكويت. ومن
هناك كانت الانطلاقة الأولى إلى دمشق, ومن معسكر الهامة انطلقت
المجموعة الأولى لتهاجم نفق عيلبون في الفاتح من كانون ثاني/يناير
1965, حين كان الإفرنجي يدرس الطب في جامعة فرانكفورت بألمانيا, وكان
عمره لا يزال أقل من العشرين عاما..!
أما
الدورية التي يقول الإفرنجي أنه قادها من ألمانيا إلى الأراضي المحتلة
سنة 1967, فتلك, كما تؤكد مصادر في قيادة "فتح" كانت أساس الاتهام الذي
يوجه له في وطنيته منذ ذلك الوقت وحتى الآن.
وتنفي المصادر الفتحاوية مجمل رواية الإفرنجي, خاصة ما يتعلق منها
بإبعاده من ألمانيا إثر عملية ميونيخ عام 1969, ذلك أنه لو كان شارك
بتلك العملية من قريب أو بعيد, لما نجحت, تماما كما حدث للدورية التي
اختاره أعضاؤها نائبا للآمر زهير المناصرة, ولم يكن هو آمرها, كما لم
يكن معينا من قبل القيادة. ثم هو لم يغادر ألمانيا إلى الأراضي
الفلسطينية إلا مؤخرا.
وتعيد المصادر القيادية في "فتح" إلى الأذهان أن من شاركوا في عملية
ميونيخ تعرضوا للاغتيال أو لمحاولات اغتيال. فقد اغتيل عاطف بسيسو لهذا
السبب, وتعرض محمد داود (أبو داود) لأكثر من محاولة اغتيال. وحين اعترف
أبو داود علنا من خلال نشر مذكراته عن دوره في التخطيط لعملية ميونيخ,
لم يتمكن من العودة إلى منزله في رام الله, حيث اضطر إلى نقل مقر
إقامته إلى دمشق.
أما
اللغم الذي انفجر بالإفرنجي ولم يصبه بأي أذى, فتلك, كمل يقول قادة في
"فتح", أحجية لا يعرفون لها حلا, فضلا عن أنهم لم يسمعوا بها من قبل.
ولكن, لم يجد الإفرنجي نفسه مدعوا للدفاع عن وطنيته..؟
كان
آخر من اتهم الإفرنجي في وطنيته, وإن مواربة, هو مشير المصري الناطق
باسم حركة "حماس" في قطاع غزة الذي قال الأحد الماضي في كلمة ألقاها
خلال مسيرة جماهيرية لأنصار "حماس" في غزة "نحن على يقين أن قيادة حركة
"فتح" لن تقبل أن يكون مثل الإفرنجي بينها. نقول للإفرنجي عد لنفسك..
عد إلى شعبك.. عد إلى إسلامك". ومع أن المصري لم يحدد المكان الذي
يطالب الإفرنجي بالعودة منه, إلا أن الإفرنجي اعتبر ذلك طعنا في
وطنيته, تماما كما فعل عام 1989 حيث تلقى أول طعن علني في وطنيته من
قبل غازي عبد القادر الحسيني, رفيقه في الدورية التي أشار إليها, وعضو
المجلس الثوري لحركة "فتح".
مذكرة غازي الحسيني
في
المؤتمر العام الخامس لحركة "فتح" الذي انعقد في تونس عام 1989, فوجىء
أعضاء المؤتمر بالإفرنجي يرشح نفسه لعضوية اللجنة المركزية فكان أن خسر
بـ 115 صوتا من أصل ألف عضو شاركوا في ذلك المؤتمر.
المفاجأة لم تقتصر على ذلك, إذ أن صلاح خلف (أبو إياد) رشح الإفرنجي
لنيل عضوية اللجنة المركزية بالتعيين, حيث أن النظام الداخلي لحركة
"فتح" يعطي الحق لأعضاء اللجنة المركزية أن يختاروا أعضاء آخرين
يعينونهم في اللجنة. وقد حصل الإفرنجي على تأييد تسعة من أعضاء اللجنة
المركزية لقبول عضويتها فيها. وكان مفاجئا أن أكثر المتحمسين للإفرنجي
كانا أبو إياد, وهايل عبد الحميد (أبو الهول). والأول كان مسؤول الأمن
الموحد في منظمة التحرير الفلسطينية, في حين أن الثاني كان مسؤول الأمن
المركزي في حركة "فتح", كما أن عبد الحميد كان زميل دراسة للإفرنجي في
ألمانيا.. أي أنه يعرف ما سيورده هذا التقرير لاحقا من معلومات.
فور
أن عرف غازي الحسيني, نجل القائد العسكري التاريخي للمقاومة الفلسطينية
منذ الثلاثينيات حتى تاريخ استشهاده في خضم معركة القسطل الشهيرة سنة
1948, بتعيين الإفرنجي عضوا في اللجنة المركزية بادر إلى رفع مذكرة إلى
المجلس الثوري لحركة "فتح", باعتباره عضوا فيه. وقد سلم المذكرة لحمدان
(يحيى عاشور) أمين سر المجلس حتى الآن, وجاء فيها تسجيله اعتراضه على
ضم أحد عملاء الموساد للجنة المركزية للحركة, دون أن يذكر اسم الشخص
المعني.
وطلب الحسيني مناقشة مذكرته في أول اجتماع يعقده المجلس الثوري الذي
كان انتخب هو الآخر في المؤتمر العام الخامس.
اللواء غازي الجبالي كان من أوائل الذين عرفوا بأمر مذكرة الحسيني, ذلك
أنه قرأها صدفة أثناء طباعتها في السكرتاريا, فكان أن أخذ نسخة منها
خلسة, وسلمها إلى ياسر عرفات.
تقول المصادر إن ياسر عرفات حين دخل لحضور أولى جلسات المجلس الثوري
لحركة "فتح" بعد المؤتمر, خاطب الحسيني وهو ممسك بنسخة من مذكرته
قائلا: موساد في اللجنة المركزية يا غازي..؟!
فكان أن أجاب الإفرنجي على سؤال عرفات قائلا "غازي يقصدني أنا"..!
رد
عرفات قائلا: غازي لم يذكر أسماء في مذكرته, فكرر الإفرنجي "إنه
يقصدني"..!
في
غضون ساعات قليلة من هذا الحدث غير المسبوق في تاريخ حركة "فتح", كانت
صحيفة "السياسة" الكويتية تنشر مضمون مذكرة الحسيني, مع إشارة إلى
حكاية الدورية التي أعادها الإفرنجي الآن إلى الأذهان, ما أثار ضجة
كبرى داخل قيادة "فتح", التي اجتمعت وقررت أن يرسل الحسيني تكذيبا
للصحيفة. وبعد أخذ وردّ, انصاع الحسيني للأمر التنظيمي, وأرسل التكذيب
المطلوب, بعد أن أضاف إليه صلاح خلف جملة بخط يده تؤكد كذب المعلومة,
ولا تكتفي فقط بنفي أن يكون الحسيني هو من سربها..!
من
كلفه..؟
في
خضم هذا الجدل قال أبو إياد للحسيني: أنا كلفت الإفرنجي بالاتصال مع
الموساد..!
وفي
اليوم التالي كان أبو الهول يؤكد للحسيني: أنا كلفت الإفرنجي بالاتصال
مع الموساد..!
يومها تساءل الحسيني أمام مقربيه: من منهما أصدر التكليف..؟!
المصادر تبدي اعتقادها في أن أبو إياد وأبو الهول اللذان كانا يبحثان
عن وسيلة اتصال مع الإسرائيليين, خاصة بعد اغتيال عصام السرطاوي, وجدا
ضالتهما في الإفرنجي, خاصة في ضوء ما يتوفر لديهما من معلومات تتهمه
بالعلاقة مع الموساد, وهو الاتهام الذي كان الحسيني صرح به للأمن
الفلسطيني فور الإفراج عنه من السجون الإسرائيلية, إذ أن هاني الحسن,
الذي كان أحد كبار مسؤولي أمن "فتح" في حينه بقيادة أبو إياد, سجل
إفادة الحسيني على أشرطة مدتها أربع ساعات, روى فيها الحكاية من "طقطق
لسلام عليكو"..!
وقد
زود الحسن إذاعة فلسطين في القاهرة بنصف هذه التسجيلات, فيما سلم النصف
الآخر لجهاز المرصد العسكري لحركة "فتح" بقيادة مجدي (زكريا عبد
الرحيم), وذلك للاستفادة من المعلومات التي أدلى بها الحسيني في
التعامل الإعلامي المضاد مع الإسرائيليين, وفي التحقيق مع عناصر الحركة
الذين يتعرضون لتجربة مماثلة.
يومها كان أبو إياد وجه رسالة سلام مصورة للإسرائيليين لتثبت عبر
التلفزة الإسرائيلية, كما لعب الدور الأهم في إقناع المجلس الوطني
الفلسطيني بإعلان قيام دولة فلسطين والاعتراف بوجود إسرائيل وذلك في
إطار تحرك سياسي استراتيجي قاد في نهاية المطاف إلى اتفاق اوسلو.
الحسيني لم يكتف بذلك, بل أصدر في حينه كتابا ضمنه كامل الرواية, وإن
لم يكشف فيه عن الأسماء, تماما كما فعل في مذكرته للمجلس الثوري.
ما
الذي تقوله رواية الحسيني وفقا للمصادر الموثوقة التي رافقت الحكاية,
واطلعت على كل فصولها, المسجل والمكتوب والمحكي..؟
أوائل ستينيات القرن الماضي, توجه الفتى السبعاوي (من بئر السبع)
اللاجىء في قطاع غزة إلى مدينة فرانكفورت الألمانية لدراسة الطب في
جامعتها, حيث كان يوجد تنظيم قوي لحركة "فتح" أسسه هاني الحسن وهايل
عبد الحميد ويحيى عاشور (حمدان), فانخرط في عضويته عبد الله الإفرنجي.
دورية الإفرنجي
قبل
أيام من وقوع نكسة حزيران/يونيو 1967 توجه أربعون عضوا من هذا التنظيم
إلى الجزائر بهدف تلقي التدريب العسكري في معسكر "البليدة" التابع
للجيش الجزائري, والمشاركة في الحرب العربية ـ الإسرائيلية التي كانت
توشك أن تندلع. وقد كان من بين هؤلاء الأربعين زهير المناصرة الذي سيتم
اختياره لاحقا من قبل أفراد الدورية موضوع هذه الرواية آمرا لها, وعبد
الله الإفرنجي الذي تم اختياره نائبا للآمر, وغازي الحسيني الذي تم
اختياره نائبا ثانيا للآمر.
لم
تسر الأمور على ما يرام في الجزائر, واندلعت الحرب, وكان ما كان من
نتائج مأساوية معروفة, فانتقل عدد من هؤلاء الأربعين إلى معسكر الهامة
قرب دمشق, العائد لحركة "فتح" بناء على إصرارهم, حيث واصلوا تدريبهم,
إضافة للتدريب الذي تلقوه في الجزائر على مدار عشرين يوما. ومن سوريا
دخلوا الأراضي الأردنية, حيث تسللوا من هناك إلى داخل الأراضي
الفلسطينية عبر إحدى مخاضات نهر الأردن (المخاض هو المكان الضحل في
مجرى النهر).
وهكذا تشكلت الدورية إضافة لقائدها المناصرة ونائبيه من كل من عدنان
أبو عياش, سعيد عبد ربه اللقطة, محمود أبو علان, كايد يوسف, خليل
الشوبكي, وشخص آخر لم تعد المصادر تذكر اسمه. كما انضم إليها دليل
الأثر محمود الصانع, وهو من عرب بئر السبع, وقريب طلب الصانع العضو
العربي في الكنيست الإسرائيلي حاليا, والمعروف بمواقفه الوطنية.
الصانع كان من بين الذين سبق لهم العمل مع المقدم مصطفى حافظ قائد
الفدائيين في قطاع غزة في خمسينيات القرن الماضي, قبل العدوان الثلاثي
على مصر سنة 1956, وهو ضابط مصري.
وبعد مناوشة مع دورية أردنية اعترضت الدورية الفدائية, حيث لم يكن
العمل الفدائي أصبح مصرحا به في الأردن, وهو ما حدث لاحقا بعد معركة
الكرامة في 21/3/1968, اضطرت الدورية لقطع خط وقف إطلاق النار باتجاه
الأراضي الفلسطينية ظهر يوم 27 أو 28 تموز/يوليو 1967, حيث اختبأ
أفرادها حتى المساء ليواصلوا سيرهم ليلا باتجاه بلدة العوجا, ليناموا
في إحدى مزارع الموز التي صادفوها في الطريق حتى صباح اليوم التالي,
حيث استكشفوا المكان, وقرروا متابعة طريقهم باتجاه العوجا, ولكن بعد
انتظار آخر حتى مساء آخر.
قبيل العوجا بمسافة قصيرة صادفت الدورية قناة ماء, كما اكتشف القسم
الأمامي من أفراد الدورية أنه فقد القسم الخلفي من شدة التعب والإنهاك
الذي جعل بعض أفراد الدورية يسير وهو نائم, ما كاد أن يعرضهم للأسر أو
القتل المبكر من قبل دورية إسرائيلية صادفوها دون أن تنتبه لوجودهم,
حيث تمكنوا من تلافيهم بفضل يقظة احدهم. وناموا ليلة ثالثة في إحدى
البيارات حتى الصباح, ليكتشفوا أنهم موجودون وسط أعداد كبيرة من
المواطنين الفلسطينيين العاديين الذين قطعوا مخاضات نهر الأردن بهدف
العودة لديارهم وبيوتهم التي كانوا خارجها لدى اندلاع الحرب. كما التقى
قسما الدورية الأمامي والخلفي مجددا, إذ كانا ينامان في مكانين
متقاربين دون دراية منهما بذلك. وقبل أن ينام أفراد القسمين, كان كل
قسم منهما خبأ ما بحوزته من أسلحة وذخيرة بين الشجيرات ونبات القصب
الذي يحف جانبي قناة الماء, وذلك بمعرفة عبد الله الإفرنجي لمكان إخفاء
سلاح أحد القسمين, ودليل الأثر لمكان إخفاء سلاح القسم الآخر.
السؤال عن الحسيني
وتقرر أن يترك السلاح في مخبأيه الآمنين, ويواصل أفراد الدورية رحلتهما
إلى أريحا هذه المرة, ومنها توجهوا إلى الخليل بواسطة سيارات نقل ركاب
(باص), وتجمعوا ثانية في منزل عدنان أبو عياش في قرية بيت أمر/قضاء
الخليل. ومن هناك توجه كل واحد إلى قريته باستثناء عبد الله الإفرنجي
الذي يقطن ذووه غزة, وغازي الحسيني الذي تقطن أسرته في القاهرة منذ
أيام جهاد أبيه ومطاردة الإنجليز له زمن الانتداب, فكان أن رافق
الإفرنجي زهير المناصرة إلى منزل ذويه في قرية بني نعيم, وبقي غازي
الحسيني في منزل أبو عياش.
في
اليوم التالي تجدد اجتماع أفراد الدورية في منزل عدنان أبو عياش, وتقرر
ذهاب عبد الله الإفرنجي ومحمود الصانع (دليل الأثر) إلى مكاني إخفاء
السلاح لإحضاره, لكنهما لم يعودا في ذات اليوم. وفجر اليوم التالي
مباشرة داهمت قوة إسرائيلية منزل أبو عياش وسألت كل شخص وجدوه داخل
المنزل عن اسمه, ففوجىء الجميع بغازي الحسيني يعلن أن اسمه هو محمد
محمود أبو عياش..!
لكن
الجنود الإسرائيليين سألوا عن غازي الحسيني بالاسم, وتركز سؤالهم على
عدنان أبو عياش الذي ضربوه وبطحوه أرضا قرب رجلي الحسيني وهم يسألونه
أين غازي الحسيني, فظل مصرا على إنكار معرفته به.
عند
هذا الحد, غادر أحد أفراد الدورية الإسرائيلية المنزل لبعض الوقت, وكان
يحمل معه جهاز لا سلكي, ثم دخل المنزل ثانية متوجها في هذه المرة إلى
غازي الحسيني مباشرة قائلا تعال يا حسيني. أجابه الحسيني أنا علي محمد
محمود أبو عياش.
وجرى حوار بين الجندي وضابط الدورية, حيث لاحظ الضابط أن أبناء القرية
الذين تجمعوا في المكان كانوا ينادون الحسيني باسم علي, فأجابه الجندي
أنه تلقى أوصاف الحسيني وملابسه بواسطة جهاز اللاسلكي. هنا أمسك الضابط
بقميص الحسيني قائلا للجندي هذا ليس القميص الذي تصفه..! أجاب الجندي
لكنه يرتدي البنطال الذي لدي أوصافه..!
وتم
نقل الجميع إلى مركز المقاطعة (مقر الأمن والسجن) في الخليل, حيث فوجىء
الجميع بضابط إسرائيلي يستقبل الحسيني بالأحضان قائلا: "أهلا
بالحسيني". لكن الحسيني ظل ينكر نفسه, ولم يتجاوز اعترافه القول أنه
مهندس زراعي اسمه علي محمد محمود أبو عياش.
إزاء ذلك تم إيداع الجميع في السجن, حيث تكررت محاولات مغالطة الحسيني
ليعترف بحقيقة هويته, ولكن دون جدوى.
تفجير ديمونا
في
الأثناء أحضر الإسرائيليون زهير المناصرة إلى السجن, وكان يأكل حبات
يلتقطها من عنقود عنب وهو يضحك, ولم يكن يبدو عليه آثار ضرب. وفي
المساء جيء بعبد الله الإفرنجي ولم يكن يبدو عليه آثار ضرب هو الآخر,
ثم جيء بسعيد عبد ربه اللقطة وكانت آثار الضرب بادية عليه. وتحت وطأة
الضرب قدم اعترافات كاذبة مفادها أن مهمة الدورية كانت تفجير مفاعل
ديمونا, وأن غازي الحسيني مهندس كيماوي, وأن الإفرنجي طبيب الدورية,
والآخرين فنيون, لكن المحققين الإسرائيليين لم يأخذوا باعترافاته من
كبر الكذبة..!
بعد
بعض الوقت تم إدخال عدنان أبو عياش إلى الغرفة المعتقل فيها المناصرة
والإفرنجي حيث أقنعاه بضرورة الاعتراف ما دام كل شيء معروف لدى
الإسرائيليين. وتحت وطأة الضرب الشديد ونصائح الرفاق, اعترف. ولم يظل
منكرا غير الحسيني والصانع, ذلك أن بقية أفراد الدورية لم يكونوا في
منزل أبو عياش لحظة مداهمته وقد تمكنوا من الفرار.
الصانع أنكر أنه عضو في الدورية, أو أن يكون يعرف أفرادها, أو أن يكون
له علاقة بحركة "فتح". وقال إنه التقى هؤلاء الناس صدفة حين كان يبحث
عن عمل باعتباره مزارعا.
وبعد شهرين من اعتقال أفراد الدورية, أطلق الإسرائيليون سراح عبد الله
الإفرنجي وزهير المناصرة, وعدنان أبو عياش وسعيد عبد ربه اللقطة, ولم
يبق في السجن غير غازي الحسيني, ومحمود الصانع الذي حكم عليه بالحبس
المؤبد, في حين لم يحاكم الحسيني. ويفسر ذلك بأن دلال الأثر قد يقوم
بإرشاد مجموعات مسلحة أخرى في المستقبل, في حين توخى الإسرائيليون عدم
عودة الحسيني لفعل ما حاول فعله, فضلا عن أنه اعترف لاحقا.
الإفرنجي فور إطلاق سراحه توجه إلى قواعد "فتح" في سوريا حيت اتهم
الصانع واللقطة بأنهما من سلّما الدورية للإسرائيليين, وقد تعرض اللقطة
لتعذيب شديد من قبل أمن "فتح" على خلفية هذا الاتهام
وتلاحظ المصادر أن اللقطة كان قد اعتقل من قبل الإسرائيليين بعد
اعتقالهم للإفرنجي, وتقول لو كان الصانع هو من فعلها لما حكم عليه
بالحبس المؤبد.
مصحف الإفرنجي
كيف
توصل الإسرائيليون إذاً إلى اكتشاف الدورية واعتقال بعض أفرادها..؟
تقول المصادر إن الإفرنجي والصانع حين ذهبا لإحضار السلاح من مخبئيه
قرب قناة الماء, استقلا سيارة أجرة, وهذا ما رواه الصانع لاحقا, وهو
مثبت في أرشيف حركة "فتح", حيث نجحا في تحميل سيارة الأجرة بالقسم
الأول من السلاح, وبينما هما يبحثان عن مكان إخفاء القسم الثاني, وكانت
الشمس قد غابت, اضطر سائق سيارة الأجرة لمغادرة المكان لعدم عودتها
إليه, ولعدم معرفته مكان وجودهما. وكانت قوات الاحتلال تفرض حظر التجول
بمجرد غياب الشمس. وعلى ذلك تم توقيف سيارة الأجرة وتفتيشها ليكتشف
الإسرائيليون حمولتها من السلاح. وحتى يبرىء السائق نفسه, قاد
الإسرائيليين إلى حيث ترك الإفرنجي والصانع, حيث كان اعتراف الإفرنجي
أسرع من اعتراف السائق.
تقول تقارير "فتح" إن جنود الاحتلال اقتادوا الإفرنجي إلى المقاطعة في
أريحا, وكانوا قد ابلغوا اسمه واسم الصانع قبل وصولهم بواسطة اللاسلكي.
ومن أريحا تم الاتصال مع تل أبيب, حيث أجاب المرجع بما فرض على جنود
الاحتلال في أريحا ضرورة التعامل بكل احترام مع الإفرنجي الذي قدم كل
المعلومات المطلوبة, بما في ذلك أوصاف الحسيني وأوصاف ملابسه.
وبعد إطلاق سراح الإفرنجي أبلغ ضابط السجن الحسيني أن الإفرنجي يوصي به
خيراً. وذات يوم أرسل له هدية هي عبارة عن نسخة من القرآن الكريم نقلها
إليه "أبو موسى", وهو أحد ضباط الموساد الإسرائيلي, الذي أبلغ الحسيني
تحيات الإفرنجي, وقال له إننا نلتقيه باستمرار, دون أن يحدد مكان إجراء
هذه اللقاءات. لكن الإفرنجي نفى لاحقا ليس فقط معرفته لأبي موسى, وإنما
إرساله أيضا للهدية مع أن الحسيني وجد على صفحة المصحف الأولى إهداء له
بخط وقلم عبد الله الإفرنجي..! وتوجد صورة هذا المصحف وإهداء الإفرنجي
في ملفات "فتح" حتى الآن, وهو مطبوع في بيروت, ما يرجح أن يكون
الإفرنجي اشتراه من العاصمة اللبنانية. ومن هذه الملفات بالغة السرية
حصلنا على كل تفاصيل هذه الرواية, التي تكشفت أهم فصولها بعد إطلاق
سراح الحسيني من السجن الإسرائيلي في أيار/مايو 1968, بعد أن اضطر هو
الآخر للاعتراف باسمه الحقيقي, حيث لم تعد هناك من ضرورة لإخفاء ما
اعترف به الجميع.
أحمد الزعمط
تقول ملفات "فتح" السرية إن علاقات الإفرنجي بالموساد الإسرائيلي بدأت
أول الأمر بشكل غير مباشر حين كان طالبا في ألمانيا, حيث وصل ألمانيا
ذات يوم من سنوات الستينيات رجل ادعى أن اسمه هو خليل عبد القادر, وأنه
مغترب فلسطيني في أميركا الجنوبية, يريد مساعدة الطلاب الفلسطينيين
ماليا, وتغطية نفقات دراستهم بعد أن تقطعت بهم السبل إثر عدوان 1967,
واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة. وبالفعل فقد تبرع عبد القادر هذا
بأموال لاتحاد طلبة فلسطين. واستأجر شقة في فرانكفورت أقام فيها مع
زوجته. وكان حين يسافر خارج فرانكفورت, يترك مفتاح الشقة مع عبد الله
الإفرنجي يستخدم الشقة كما يريد. ومن ضمن ما استخدمت فيه هذه الشقة عقد
اجتماعات اتحاد طلبة فلسطين, وكان يحضر إليها هاني الحسن الذي كان أحد
مسؤولي تنظيم "فتح" في ألمانيا, فضلا عن التقاء الإفرنجي فيها مع
صديقاته.
بعد
فترة من الوقت, فوجىء الطلاب الفلسطينيين بتلقي بعضهم رسالة من زوجة
عبد القادر تبلغهم فيها أن زوجها ما هو إلا جاسوس إسرائيلي يقوم
بالتجسس عليهم, وأن اسمه الحقيقي هو أحمد الزعمط, وأنه تهوّد منذ عام
1948 وأصبح اسمه شلومو عميره..! فعلت الزوجة ذلك إثر خلافات مع زوجها
الذي تزوج من امرأة أخرى عليها..!
وبالنسبة لغازي الحسيني, فإن اسم أحمد الزعمط كان يعني الكثير.. ذلك أن
هذا الاسم مقترن بوقائع استشهاد والده القائد التاريخي عبد القادر
الحسيني في معركة القسطل سنة 1948, إذ تقول إحدى الروايات عن استشهاد
عبد القادر الحسيني أن شخصا اسمه أحمد الزعمط من بلدة القسطل هو الذي
سهل اغتيال القائد الفلسطيني الكبير في تلك المعركة.. ذلك أنه في خضم
المعركة, جاء للقائد وهمس في أذنه ببضع كلمات, ثم اصطحبه لمكان كي يريه
شيئا, وهناك تعرض المكان الذي ذهب إليه القائد للقصف بقذيفة هاون
اخترقت السقف واصابت منه مقتلا, ومنذ ذلك الوقت اختفى الزعمط, الذي فر
ونقل مقر إقامته إلى بلدة أبو غوش التي احتلت عام 1948, وتكنى باسم
شلومو عميره..! وقد توفي لاحقا لمحاولة اغتيال من قبل فدائيي حركة "فتح
انتقاما لدوره في استشهاد القائد عبد القادر الحسيني.
ويروي رفاق الإفرنجي في السجن عنه أنه كان يقول لهم إن اليهود كانوا
يعرفون كل شيء عنه, حتى عن خصوصيات علاقاته وممارساته مع صديقاته, ما
يؤكد أن شقة عميره كانت مراقبة بكل دقة من قبل الموساد, الذي فاجأ
الإفرنجي بأدق المعلومات فور اعتقاله في أريحا بواسطة ضباط جاؤوه من تل
أبيب, ما أدى لانهياره واعترافه السريع بكل المعلومات المتعلقة
بالدورية.
وتبدي ملفات "فتح" السرية أن الإفرنجي تم تجنيده في الموساد بعيد
اعتقاله في أريحا إن أحسن الظن فيه, أو في ألمانيا قبل انطلاقه في
الدورية إن أسيء الظن فيه.
وتضيف الملفات أن الإفرنجي لم يكن يخفي أثناء وجوده في ألمانيا قبل عام
1967 معرفته لأشخاص إسرائيليين كانوا يزورونه في منزله بشكل دوري, كما
كانوا يزورون طالبا فلسطينيا آخر عضو في "فتح" أيضا, وكان الإفرنجي
يبرر هذه الزيارات بالقول إن الإسرائيليين يحرجونه بهذه الزيارات,
وأنهم يفرضون أنفسهم عليه بطريقة لا يستطيع أن يتملص معها منهم.
غير
أن تنظيم "فتح" لم يكن يشك في الإفرنجي في حينه وإمكانية أن يكون قد تم
تجنيده لصالح الموساد. وكان كل ما فعله التنظيم من قبيل الاحترازات
الأمنية هو إصدار تعميمى لأعضائه يقضي بعدم إثارة أي موضوع يخص التنظيم
داخل منزل الإفرنجي خشية أن يكون مستهدفا بعملية تنصت من قبل الموساد.
محاولتا تجنيد
حسن
النية الذي تعامل به التنظيم مع الإفرنجي يعود إلى أنه كان قد أبلغ
التنظيم بنفسه أنه تعرض لمحاولتي تجنيد من قبل جهات معادية أولاهما تمت
سنة 1966 من قبل شخص إنجليزي, أبلغ الإفرنجي التنظيم أنه حاول تجنيده
لصالح المخابرات البريطانية, فتم إبلاغ قيادة "فتح" في دمشق, وفقا
للملفات, التي بادرت إلى طلب مراقبة الشخص الإنجليزي, الذي أوقف
محاولته مع الإفرنجي حين شعر أنه مراقب.
وثانيهما تمت من قبل شخص مجهول اتصل بالإفرنجي محاولا تجنيده, لكن
العملية فشلت لأن الإفرنجي كان مراقبا من قبل التنظيم, فكان أن توقفت
هذه المحاولة فور استشعار الشخص المكلف بها للخطر الذي يداهمه.
تلك
كلها حكايات حدثت في ستينيات القرن الماضي, فماذا عن الحاضر..؟
قادة "حماس" لا يترددون الآن في التذكير, وإن مواربة بعناوين ذلك
الماضي, في حين أن قادة في "فتح" مثل هاني الحسن يدرسون الآن إمكانية
نكش كل ذلك الماضي في محاولة للبحث عما إذا كانت له صلة بحاضر الإفرنجي
الذي يدفع باتجاه إشعال حرب أهلية في قطاع غزة.
وفي
إطار هذه التحضيرات, وكما سبق للإفرنجي أن اتهم محمود الصانع بكشف مهمة
الدورية الإسرائيلية سنة 1967, فإنه يتهم الآن حركة "حماس" بأنها تدفع
باتجاه إشعال الحرب الأهلية في غزة..!
أسئلة المرحلة
ووسط كم هائل من الأسئلة والتساؤلات يبرز السؤال الأهم: من الذي عين
عبد الله الإفرنجي مسؤولا لمكتب التعبئة والتنظيم في قطاع غزة من وراء
ظهر فاروق القدومي رئيس حركة "فتح", ومحمد راتب غنيم (أبو ماهر) المفوض
العام للتعبئة والتنظيم في حركة "فتح"..؟ ومن الذي قرر فصل تنظيم "فتح"
في غزة عن مكتب التعبئة والتنظيم في الداخل برئاسة هاني الحسن..؟
المصادر تقول إن محمود عباس (أبو مازن) هو الذي عين الإفرنجي في هذا
الموقع, ونلاحظ أن الإفرنجي يدفع باتجاه الحرب الأهلية في الوقت الذي
تتهم فيه المصادر الإسرائيلية عباس علنا بعدم التزامه باستحقاقات
المرحلة الأولى من خارطة الطريق التي تنص على نزع أسلحة فصائل المقاومة
(الإرهاب) وتفكيك منظماته وبنيتها التحتية.
ولم
يتردد أحد قادة "حماس" من طرح أسئلة مباشرة بهذا الخصوص بحضور فاروق
القدومي وهاني الحسن لدى اجتماعها الأسبوع الحالي مع ممثلي جميع
الفصائل الفلسطينية في دمشق, ما يضع أبو مازن, كما تقول المصادر, أمام
ضرورة الاختيار بين أن يكون موافقا على ما يفعله الإفرنجي, ومتحملا
لمسؤولية نتائجه أو أن ينحيه عن مهماته في مكتب التعبئة والتنظيم بذات
الطريقة التي عينه بها, علما أن نخب التنظيم في غزة أصدرت بيانات إدانة
عدة بحق الإفرنجي, تطلب فيها تنحيته عن مكتب التعبئة والتنظيم.
الفصائل الفلسطينية تقول إنها تنتظر إجراءات عباس بعد عودته من زيارته
الحالية لواشنطن.
|