استبدال سعيد كمال بمحمد صبيح أمينا مساعدا لشؤون فلسطين بالجامعة
العربية
دحلان وفتوح مرشحان لخلافة قريع بعد
الإنتخابات الفلسطينية
عمان ـ شاكر الجوهري:22/10/2005
تتوقع مصادر فلسطينية موثوقة أن تلق عودة العقيد محمد دحلان وزير
الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة استقبالات واسعة,
وسط تكهنات يروجها أنصاره تفيد أنه مرشح لخلافة أحمد قريع رئيسا لوزراء
السلطة, فيما تكشف المصادر عن أن السلطة استبدلت الأمين العام المساعد
في جامعة الدول العربية لشؤون فلسطين, حيث تم تعيين محمد صبيح محل سعيد
كمال.
المصادر الفلسطينية تقول إن دحلان واصل تلقيه علاجا طبيعيا في بلغراد
منذ غادر الأردن بناء على نصيحة الأطباء الأردنيين الذين رأوا أن
مواصلة علاجه في الأردن لن توفر فرص شفاء سريع, وذلك جراء كثرة زوار
دحلان الذين يتوافدون عليه من داخل الأراضي الفلسطينية, كما من داخل
الأردن, على نحو عرّضه للإرهاق الدائم.
وتؤكد المصادر أن المرض المصاب به دحلان هو التهاب وتكلس في الفقرات
القطنية, أدى إلى ضغطها على الأعصاب المتعلقة بعمل الدماغ, ما أدى إلى
اصابته بآلام شديدة في الرأس, اضافة إلى الآلام التي يعاني منها في
الظهر. وكان ينجم عن آلام الرأس اعراض مماثلة لأعراض مرض الصرع, الذي
تؤكد مصادر موثوقة أنه كان يتعرض لنوبات ناجمة عنه أثناء فترة وجوده في
تونس, بعد ابعاده من الأراضي الفلسطينية في الثمانينيات, وقبل عودته
للأراضي الفلسطينية بعد توقيع اتفاق اوسلو.
وتقول المصادر إن دحلان حين شعر ببطء شفائه في عمان
جراء كثرة الزوار, لجأ إلى مغادرة المستشفى في عمان, حيث أمضى اسبوعا
في أحد فنادق البحر الميت, دون الإعلان عن مكان وجوده. وقبل ذلك كان
وضع سجلا في احدى غرف الجناح الذي أقام فيه بالمستشفى, كي يكتب الزوار
فيه اسماءهم وأسماء مدنهم وقراهم, وارقام هواتفهم وعناوينهم, سواء
استقبلهم أو لم يستقبلهم. وتقول المصادر إن دحلان أراد بذلك أن يقيس
حجم شعبيته في كل مدينة وبلدة وقرية فلسطينية, وأن يثبت عند الضرورة
للبعض أنه ليس مكروها, كما يدعون..!
وتضيف المصادر عن مقربي دحلان أنه وروحي فتوح رئيس
المجلس التشريعي الفلسطيني مرشحان لخلافة أحمد قريع في رئاسة وزراء
حكومة السلطة.
وكان محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية طلب من المجلس
التشريعي الفلسطيني تأجيل اجراء تغيير حكومي إلى ما بعد الإنتخابات
التشريعية في كانون ثاني/يناير المقبل, لعدم منطقية اجراء تغيير حكومي
مرة أخرى بعد ثلاثة أشهر.
أسباب اطاحة قريع
ويبدي مراقبون أنه إلى جانب منطقية وجهة النظر التي
ابداها عباس, بعد أن كان حرك كتلة "فتح" باتجاه اطاحة حكومة قريع, فإن
الإنتخابات التشريعية من شأنها أن تشكل ظرفا مناسبا لإخراج حكومة قريع
من السلطة دون اثارة ردود فعل واشاعات لها أول وليس لها آخر, كما أنه
يكون (فتوح), في حال رسا القرار على تكليفه بتشكيل حكومة جديدة, قد
أصبح خارج رئاسة المجلس التشريعي, الذي ربما يكون يفكر بعدم الترشح
لعضويته ثانية, كما يكون دحلان قد تماثل تماما للشفاء.
وتعيد المصادر إلى الأذهان الزيارة التي قام بها قريع
للعاصمة السورية اواخر تموز/يوليو الماضي, حيث حمل رسالة من عباس
للرئيس السوري بشار الأسد, كما عقد لقاء لم يكن مقررا مع قادة الفصائل
الفلسطينية التي تتخذ من دمشق مقرا لها.
في ذلك اللقاء, الذي نشرت "الوطن" محضرا تفصيليا لما
جرى فيه, تحدث قريع بلغة ولهجة بعيدتين عن لغة ولهجة عباس, وأقرب ما
تكونان إلى المنطق الذي حكم التفكير السياسي للرئيس الفلسطيني الراحل
ياسر عرفات, إذ أعلن قريع تأييده لاستمرار الإنتفاضة والمقاومة, وقال
إن المقاومة هي سبب قرار الإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة.. الخ.. وذلك
إلى الحد الذي جعل الدكتور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي
لحركة "حماس" يقول له إنني أتخيل نفسي أستمع إلى الدكتور محمود الزهار
(قائد "حماس" في قطاع غزة). وتساءل أبو مرزوق, موجها كلامه لقريع: إذا
كنت تقول كل هذا الكلام, فماذا أبقيت لنا لنقوله..؟!
يومها, تقول المصادر, إن عباس أبدى عدم ارتياحه للقاء
الذي عقده قريع مع قادة الفصائل, وتصور أن قريع, الذي لم يكن على توافق
تام معه, وكان عرفات هو الذي كلفه بتشكيل حكومة خلفت حكومة عباس, التي
حرص عرفات على اطاحتها, يعمل على ابراز نفسه زعيما منافسا لعباس نفسه.
وكان عباس غمز مؤخرا من قناة قريع من طرف خفي, حين وصفه
أمام لجنة من المجلس التشريعي الفلسطيني بأنه يجيد الحديث السياسي, في
اشارة إلى أنه وحكومته لا يجيدان غير الكلام, ولم يحققا أية انجازات.
وهذا كان جوهر الإنتقادات التي وجهت لقريع وحكومته في مناقشات المجلس
التشريعي.
دحلان أم فتوح سيخلف قريع..؟ تتساءل اوساط المراقبين,
وتجيب لا كبير فرق بين الحليفين اللذين يقيمان أوطد العلاقات مع ذات
الجهات الإقليمية والدولية, وإن كان عباس قد يفضل فتوح نظرا لأنه لا
يمتلك رصيدا شعبيا, أو دعما قويا من قبل أجهزة أمنية كالذي يمتلكه
دحلان. كما أنه لا يمتلك عداوة كبيرة من قبل أجهزة أمنية أخرى, أيضا
كالتي يمتلكها دحلان..!
إلى ذلك, تقول المصادر, إن فتوح أقل اندفاعا, وأكثر
عقلانية من دحلان, الذي يتخذ قرارات متهورة في بعض الأحيان, وإن كان
كلاهما لا حدود لطموحاتهما على الإطلاق.
ولئن كانت قوة واشكالية دحلان لا تشجع عباس على تكليفه
بتشكيل الحكومة, فإن الهدوء المبالغ فيه لدى الدكتور نبيل شعث, وعدم
استناده لأي قوة ودعم أمني, يقلل من أسهمه لدى عباس, فضلا عن أن شعث
وقريع كانا أيدا عرفات في خلافه مع عباس الذي انتهى بإطاحته من رئاسة
الوزراء. ولم يرد عباس اطاحة شعث مرة واحدة, إذ بدأ بإبعادة عن وزارة
الشؤون الخارجية, وأحاله وزيرا للإعلام, في ظل وجود ناطق رسمي باسم
الرئيس هو نبيل أبو ردينة, الذي شغل ذات الموقع في عهد عرفات. ولم تقدم
صفة نائب رئيس الوزراء, أو تؤخر شيئا في مكانة شعث, التي منحت له إلى
جانب وزارة الإعلام.
استبدال كمال بصبيح
على صعيد آخر, تكشف المصادر لـ"الوطن" عن أنه تمت
اعتبارا من الأول من شهر تشرين أول/اكتوبر الجاري, احالة سعيد كمال,
الأمين العام المساعد في جامعة الدول العربية لشؤون فلسطين إلى التقاعد
لبلوغه سن التقاعد, دون اغفال العوامل السياسية التي لعبت دورا في
توقيت هذا الإجراء.
تقول المصادر إنه سبق التمديد لكمال أكثر من مرة. وتم
الإتفاق مؤخرا بينه وبين عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية على
بقائه في منصبه لعدة أشهر أخرى (حتى آذار/مارس المقبل) بغرض إنهاء آخر
فترة مددت له, لكن موسى عاد وأبلغ كمال قراره احالته على التقاعد
اعتبارا من الأول من الشهر الجاري. وقال له مبررا عدم التزامه بالإتفاق
السابق "جماعتك مش عاوزينك" في اشارة إلى السلطة الفلسطينية.
وتضيف المصادر إن كمال الذي أمضى سنوات طويلة في منصبه,
غضب جدا لما حدث, إلى الحد الذي جعله يرفض اقامة حفلات التكريم على
شرفه من قبل الجهات الرسمية والأصدقاء, وفقا لما هو متعارف عليه في مثل
هذه الحالة, وذلك تعبيرا منه على الإحتجاج على موقف السلطة الفلسطينية
منه. وينقل عنه القول "مش قادرين يتحملوني كمان أربعة أو خمسة
أشهر..؟!".
ولم يتم تداول احالة كمال إلى التقاعد في وسائل الإعلام
حتى الآن, وإن كانت السلطة رشحت محمد صبيح بدلا عنه, وقد تولى مهام
منصبه اعتبارا من مطلع الشهر الجاري. وكان صبيح يشغل من قبل ممثل
فلسطين الدائم لدى جامعة الدول العربية.
وتكشف المصادر عن أن صبيح لم يكن المرشح, أو المنافس
الوحيد على هذا الموقع, إذ كان يطمح به كذلك عديدون من بينهم هاني
الحسن عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح", مسؤول التعبئة والتنظيم في
الداخل, الذي سبق له العمل في السلك الدبلوماسي الفلسطيني كأول سفير
فلسطيني في طهران بعد نجاح الثورة الإسلامية, ونمر حماد السفير
الفلسطيني في روما, وأحمد صبح وكيل وزارة الشؤون الخارجية في حكومة
السلطة.
وتشير المصادر إلى أن أحمد قريع رئيس الوزراء هو الذي
دعم محمد صبيح بكل قوة, في حين أن هاني الحسن لم يلق القبول لدى محمود
عباس رئيس السلطة, وذلك لذات الأسباب التي جعلته يحول مرجعية السلك
الدبلوماسي الفلسطيني إلى فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية لمنظمة
التحرير الفلسطينية إلى الدكتور ناصر القدوة وزير الشؤون الخارجية..
ذلك أن كلا من فاروق القدومي والحسن لا يقران كيفية ادارة عباس للعملية
السياسية مع اسرائيل, وإن كانت مواقفهما غير متطابقة.
لهذا السبب تحديدا سبق لعباس أن أبعد الحسن عن وزارة
الداخلية التي تولاها لعدة أشهر في آخر حكومات ياسر عرفات, واستبدله
يومها بالعقيد محمد دحلان, الذي عينه وزيرا للشؤون الأمنية, وتولى هو
(عباس) وزارة الداخلية, لكنه عاد وفوّض صلاحياته كوزير إلى دحلان,
بالضد من قرار للجنة المركزية لحركة "فتح" قضى يومها بعدم اسناد وزارة
الداخلية لدحلان, أو تفويض صلاحيات وزيرها له.
وبالطبع, فإن استبدال سعيد كمال بمحمد صبيح تم دون علم فاروق القدومي
رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير, ومن وراء ظهره.
|