عباس أراده وزيراً للداخلية بهدف تحجيم دحلان

قتلة موسى عرفات  وجهوا رسالة مضمونها نحن العنوان في غزة..‍!

قتل قبل أن يفي محمود عباس بوعده..!

هذا ما تؤكده مصادر فلسطينية موثوقة في معرض تحليلها للدوافع الكامنة وراء اغتيال اللواء موسى عرفات, واختطاف إبنه منهل فجرالأربعاء)، ومحاولة التأشير إلى الجهة التي تقف وراء هذا الحادث غير المسبوق منذ قيام السلطة الفلسطينية عام 1994), بإستثناء محاولة الإغتيال الفاشلة التي تعرض لها نبيل عمرو عضو المجلس التشريعي أواخر عهد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

العديد من الفلسطينيين قتلوا أو اختطفوا في إطار الصراعات الداخلية  خلال السنوات التي أعقبت قيام السلطة الفلسطينية, غير أن حالات نادرة هي التي تعلقت  فيها هذه الحوادث بشخصيات مرموقة, إذ لا تحتفظ الذاكرة الى جانب اغتيال اللواء عرفات، سوى بحالات معدودة مثل محاولة اغتيال نبيل عمرو, وهو كذلك وزير سابق للإعلام, واختطاف اللواء غازي الجبالي المدير السابق للشرطة الفلسطينية في قطاع غزة.

أول ما يتوجب معرفته هو كيفية وقوع حادث الإغتيال.

يقع منزل اللواء موسى عرفات على مبعدة ثلاثمائة متر من منزل محمود عباس رئيس السلطة , الذي يتواجد في غزة منذ فترة غير قصيرة, وتحيط به حراسات مكثفة. وعلى مبعدة ما بين ثلاثمائة إلى أربعمائة متر من منزل اللواء جمعه غالي قائد الحراس الرئاسي, حيث توجد كذلك حراسات مكثفة.. وعلى مبعدة ما بين ستمائة إلى سبعمائة متر من مقر قيادة الأمن الوقائي في تل الهوى المحاط بحراسات مكثفة.. وعلى مبعدة سبعمائة إلى ثمانمائة  متر من مقر وزارة الداخلية, المحاط هو الآخر بحراسات مكثفة.

بعبارة أخرى يقع منزل اللواء عرفات وسط غابة من الحراسات المكثفة, من شأنها أن تجعل اغتياله، بالسهولة التي وقع فيها، أمرا بالغ الإستغراب, خاصة إذا علم أن عملية اقتحام منزل عرفات واغتياله استغرقت نصف ساعة من الإشتباكات مع حراسه, في حين أن مجمل العملية, بدءا من وصول منفذيها وتوزيعهم في المكان وفقا للخطة الموضوعة لهم, قبل أن يبدأوا في التنفيذ, استغرقت أكثر من ساعة, حسب  ذات المصادر.

وطوال هذا الوقت الذي استغرقته العملية لم يتدخل أحد من كل هذه الحراسات المشار إليها، أو من غيرها.

إلى ذلك, لاحظت المصادر أن منزل عرفات الذي يتولى حراسته قرابة الثمانين مقاتل في العادة, لم يتواجد حوله ليلة الحادث أكثر من ثمانية حراس.

الهجوم الذي شن في الرابعة والنصف فجرا, تؤكد المصادر أنه شارك فيه ثمانون مسلحا ملثمين, نقلتهم قرابة العشرين سيارة.. ما يعني أن الجهة المنفذة يصعب أن تكون فقط منظمة من منظمات المقاومة, مثل لجان المقاومة الشعبية التي أعلنت مسؤوليتها عن الحادث, وذراعها العسكري الوية الناصر صلاح الدين، خاصة أن الجهة القاتلة هي كذلك جهة خاطفة, أعلنت مسؤوليتها عن اختطاف منهل موسى عرفات, وأنها تخضعه حاليا للتحقيق, وستعقد مؤتمرا صحفيا له يعترف فيه بعمالته هو ووالده لإسرائيل. أي أن هذه الجهة عملت بكامل الإطمئنان لدى مداهمة منزل عرفات واغتياله, وهي تعمل بذات الإطمئنان أثناء التحقيق مع نجله. بل إنها مطمئنة منذ الآن إلى قدرتها على عقد مؤتمر صحفي لوسائل الإعلام كي يعترف فيه منهل بالإتهامات الموجهة له ولوالده, دون أن تداهم أجهزة السلطة مكان انعقاد المؤتمر الصحفي، وتحرر المخطوف، وتلقي القبض على الخاطفين القتلة..!

ما يتيح المجال لهذه الجهة التحرك والتصرف بكل اطمئنان، هو أن كامل أعضاء لجان المقاومة الشعبية هم مسجلون على كادر الأجهزة الأمنية الفلسطينية المتعددة, وخاصة الأمن الوقائي الذي ينتسب له ما بين مائتين إلى ثلاثمائة عضو من لجان المقاومة الشعبية، من بينهم المسؤولان المباشران عن اغتيال موسى عرفات, وفقا لتأكيدات مصادرنا, وهما الرائد محمود نشبت، والملازم أول ممتاز دغمش.

وللتذكير فإن نشبت هو الذي سبق أن اختطف اللواء غازي الجبالي في خضم تمرد العقيد محمد دحلان على ياسر عرفات الصيف الماضي, ويومها صدر بيان بإسم  كتائب شهداء الأقصى/ جنين يعلن مسؤوليته عن الحادث.
وتؤكد المصادر أن جمال أبو سمهدانة الذي يعتبر القائد الأبرز في لجان المقاومة الشعبية, لا دور له في حادث اغتيال عرفات, الذي يبدو أنه تم اختراق حراساته الخاصة مؤخرا, بحيث أن معظم حراسه غادروا مواقعهم ليلة اغتياله.

وأبو سمهدانة مسجل على كادر الأمن الوطني في رفح, وهو من أبرز المطلوبين لإسرائيل.

لم يتم اغتيال موسى عرفات بعد إحالته إلى التقاعد من منصب مدير الإستخبارات العسكرية, حيث كان تحت أمرته أربعة آلاف مسلح..؟

هل هو الإنتقام لرجال الأمن الوقائي الذين سبق أن قتلوا لدى مهاجمتهم عرفات أثناء محاولة سابق لاغتياله تمت في خضم صراعه السابق مع دحلان..؟

تبدو المسألة أكبر من ذلك, حيث أن الجهة التي تقف وراء الإغتيال تريد أيضا توجيه رسالة شديدة الوضوح، مضمونها وجود فقط عنوان واحد يجب التعامل معه في غزة. وهذه الرسالة موجهة أساسا إلى محمود عباس رئيس السلطة, الذي كان عرفات يشغل مستشاره العسكري. وسارع عباس إلى شجب وإدانة اغتياله, وعقد اجتماعا طارئا لمجلس الأمن القومي لمناقشه وبحث الحادث وآفاقه، وقرر في ضوء الإجتماع إنزال أقسى العقوبات بالمعتدين.

وللتذكير مجددا, فإن مضمون رسالة قتل عرفات هو ذات مضمون رسالة حادث إطلاق النار الذي وقع في خيمة العزاء بالرئيس الراحل ياسر عرفات في غزة, بوجود خلفه محمود عباس, حيث بادر أنصار أحمد حلس أمين سر حركة "فتح" في غزة، حين رأوا عباس يجلس دحلان بجانبه في خيمة العزاء, إلى إطلاق النار احتجاجا على ذلك, وتأكيدا لعباس أن دحلان ليس هو العنوان في غزة.

فمن هو الذي يريد أن يؤكد الآن أنه غدا العنوان الوحيد في القطاع..؟

الإجابة على هذا السؤال متصلة بما بدأنا به من أن عرفات قتل قبل أن يوفي عباس بوعده له. فما هو هذا الوعد الذي يبدو أنه كان المحرك لاغتيال عرفات, وهدف رسالة الإغتيال..؟

تنقل المصادر عن المغدور أنه أكد لمقربيه قبل قرابة الشهر أن أبو مازن أبلغه أنه سيعينه قريبا وزيرا للداخلية, خلفا لوزيرها الحالي اللواء نصر يوسف, الذي لا يبدي عباس رضي عن أدائه ..!

وفي إطار هذا الوعد, كلف عباس اللواء عرفات مؤخرا بزيارة القاهرة, والإلتقاء مع الفريق عمر سليمان مدير المخابرات العامة المصرية في مهمة خاصة, أثارت ضغينة منافسي عرفات, الذين يريدون الإستئثار  بكونهم العنوان الوحيد في غزة.

أكثر من ذلك, تذهب المصادر إلى إبداء الإعتقاد في أن عباس أراد إسناد وزارة الداخلية لعرفات في محاولة منه لاستعادة توازن سلطته, بعد أن شعر أنه بوجود محمد دحلان إلى يمينه, بات هناك ما يبدو أنه ازدواجية في قمة هرم السلطة. وقد تأكد ذلك مؤخرا في اللقاءات التي عقدها عباس في غزة, في إطار التهيئه للإنسحاب الإسرائيلي, وظهر فيها دحلان إلى جواره.

وتذهب المصادر إلى القول أن عباس في الأساس قرر البقاء في غزة من أجل أن لا يخطف دحلان الأضواء منه.

ومن جهته, فإن دحلان, الذي تتعدد الروايات بشأن حقيقة مرضه, قرر أمس العودة إلى غزة, قاطعا علاجه في الأردن, مع أنه لا يشغل مركزا امنيا، وذلك بالضد من نصائح الأطباء الذين أكدوا له أن حالته الصحية لا تسمح له بالعودة إلى غزة الآن.

دحلان كان أعلن في تصريحات صحفية أنه يعاني من شد عضلي, غير أن مقربيه يؤكدون الآن أنه مصاب بديسك خفيف وليس شديدا، في الفقرتين الرابعة والخامسة من عموده الفقري.

وفيما تطرح التساؤلات عما إذا كان الشد العضلي أو الديسك الخفيف أو الحاد يستدعي نقل المصاب به  في حالة طارئة بواسطة طائرة مروحية إلى المستشفى في الأردن, بعد أن بدأ يتلقى العلاج في مستشفى إسرائيلي, ظهرت رواية جديدة تقول أن دحلان نقل إلى المستشفى في حالة طارئة أساسا جراء أصابته بحالة تسمم أدت إلى حدوث خلل في معادلة الصفائح الدموية البيضاء والحمراء في جسده, وقد بدت عوارض ذلك على جسمه على شكل تحول لون بشرته إلى القتامة. وهذا ما يبرر زرقة بالجلوكوز خلال الأيام الأولى من فترة علاجه.

عمان - الحقائق

  9/7/2005

الى صفحة القائمة السوداء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع