بقلم/ وليد العوض

 عضو المجلس الوطني الفلسطيني

وثيقـة جنيـف

انتقاص من المشروع الوطني الفلسطيني وتجاوز لقرارات الشرعية الدولي

 

المقدمة:

   على إثر مفاوضات سرية استمرت ثلاث سنوات بعيداً عن عيون الشعب الفلسطيني ومؤسساته التشريعية والتنفيذية، وفي وقت كانت ماكينة القتل والعدوان الإسرائيلية تحصد أرواح أبناء شعبنا في المدن والقرى والمخيمات، تم التوصل الى إتفاق بين مجموعة إسرائيلية يتزعمها وزير العدل السابق يوسي بيلين وتضم نخبة من كبار الجنرالات وخبراء الأمن  ورجال القانون الإسرائيليين، ومجموعة فلسطينية يترأسها السيد ياسر عبد ربه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وللوهلة الأولى يلاحظ المرء أن المجموعة الفلسطينية هذه لم يكن بين صفوفها أي من  الضباط أو خبراء الأمن الفلسطينيين وأي من رجال القانون الذين يمكن أن يكبحوا جماح أي انحراف قد تؤدي إليه المفاوضات ولكن المحذور قد وقع، فقد تم إعلان التوصل إلى وثيقة جنيف التي جرى التوقيع عليها يوم الاثنين الموافق 1/12/2003 في مدينة جنيف وتضمنت  الوثيقة  تصوراً شاملاً بحث في التفاصيل لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي ورغم أن البعض يحلو له الادعاء بأن  الوثيقة غير رسمية إلا أن الخطورة تكمن في أنها ستغدو بمثابة حبل يلتف حول العنق الفلسطيني لابتزازه في تقديم مزيد من التنازلات في مفاوضات لاحقة خاصة وأن بين الموقعين عليها عدد من المسؤولين الفلسطينيين ممن يتبوؤن مراكز هامة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومجلس الوزراء الفلسطيني بينما الطرف الإسرائيلي الموقع على الوثيقة لا يحتل أي موقع رسمي في النظام السياسي الإسرائيلي، لذلك كان من الطبيعي أن تثير هذه الوثيقة ما أثارته من  جدل واعتراض واسع في صفوف الشعب الفلسطيني لأنها تضمنت تنازلاً واضحاً عن حقوق الشعب الفلسطيني في العودة والحرية والاستقلال هذه التي باتت منذ زمن بعيد ثوابت وطنية وحداً أدنى أجمعت عليه كافة فئات الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية والإسلامية أكدت عليه كافة  القرارات الصادرة عن المجالس الوطنية والمركزية المتعاقبة.  وحرصاً منا على تقديم الصورة واضحة  أمام شعبنا الفلسطيني وعدم الاستخفاف بقدرته على التمييز بين الحق والتنازل عنه، سنبذل قصارى جهدنا في التركيز على ما نصت عليه الوثيقة ونبين تعارضها السياسي والقانوني ليس فقط مع الحقوق الفلسطينية المشروعة بل وكذلك تعارضها مع قرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي والإنساني  بهذا الخصوص الأمر الذي يجعلها بمثابة جريمة جديدة ترتكب بحق شعبنا  يعاقب عليها القانون الدولي .

 أولا: الإقرار بالطابع العنصري ومخاطر الترانسفير:

 ونبدأ في مناقشة الوثيقة التي لم تأت على ذكر كلمة الاحتلال الإسرائيلي في كافة  موادها، وقد كان مما جاء في الفقرة الرابعة من ديباجتها التي  تبدأ من  الإقرار بالطابع العنصري لإسرائيل فتقول: ( إن هذه الاتفاقية هي مؤشر على اعتراف بحق الشعب اليهودي في دولة ، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في دولة )  وهنا ينتهي الاقتباس الوارد في الوثيقة وعلينا أن نلاحظ أن هذا  يمثل اعترافاً فلسطينياً غير مسبوق بدولة إسرائيل كدولة لليهود أينما كانوا ويتبنى المقاربة الإسرائيلية المعبر عنها في قانون العودة  الإسرائيلي الذي يعطي لأي يهودي الحق في العودة أينما كان، وهذا يحمل مغزى عنصري، ويحمل في طياته مخاطر كبيرة تهدد ما يزيد عن مليون ومائتين وخمسين ألف فلسطيني  يعيشون في ديارهم منذ آلاف السنين. إن هذا الاعتراف عدا عن دعوته الصريحة لإسقاط حق اللاجئين في العودة الى ديارهم  يفتح الطريق نحو عملية ترانسفير تقتلع أبناء شعبنا من أرضهم تحت ذريعة أن إسرائيل هي دولة اليهود في الوقت الذي يناضل فيه الفلسطينيون داخل إسرائيل من أجل حقهم في المساواة ، ودولة لكل مواطنيها، ويقاومون التمييز العنصري والعرقي وقوانينه الجائرة . ولها كل الحق كما تلاحظون بامتلاك أعتى أنواع الأسلحة التقليدية وغير التقليدية وكافة أنواع أسلحة الدمار الشامل.

ثانيا :مستقبل  الأراضي الفلسطينية تجاوز سافر لقرارات الشرعية الدولية  :

1-لا انسحاب إلى حدود الرابع من حزيران 1967

تقول الوثيقة بموجب البند الأول من المادة الرابعة تبادل الأراضي( بنسبة (1:1 ) ولكن يتضح أن الأراضي التي سيجري فرض تبادلها من الأراضي الفلسطينية هي من أخصب أراضي الضفة الغربية وتتربع فوق ثلثي المخزون المائي للضفة بينما ما سيتكرم به الإسرائيليون هي أراضي صحراوية قاحلة محاذية لقطاع غزة تتعذر الحياة فيها بكل المقاييس.

2- المستوطنات :لا إزالة للمستوطنات والتسليم بنتائج الاحتلال والقبول بضم المستوطنات التي تحاصر المدن والتجمعات الفلسطينية الكبيرة ،والإبقاء على جيش الاحتلال فيها، إن المستوطنات  من المفترض إزالتها لأنها حسب القانون الدولي مستوطنات غير شرعية وعقبة في طريق السلام  إلا أن الوثيقة العتيدة  تبقى لإسرائيل الحق في الاحتفاظ بالسيطرة والسيادة الكاملة على القسم الأكبر من  المستوطنات  وكتلتها الأساسية فوق الأراضي الفلسطينية مثل غوش عصيون ، معاليه أد وميم ، جبل أبو غنيم ، جفعات زئيف، جبعون القديمة ، جبعون الجديدة ، النبي يعقوب ، بسغات زئيف ، التلة الفرنسية ، راموت ، جيلو ،أرمون، هنتسيف إن هذه المستوطنات ذات الكثافة السكانية الكبيرة سترتبط فيما بينها من خلال شبكة الكباري والطرق التي ستلتهم بدون شك مساحات إضافية من الأراضي الفلسطينية لغرض الأمن (  تحت مسمى الحماية ) . وبذلك تكون الوثيقة قد تبنت التفسير و المقاربة الإسرائيلية للقرار242 التي تتحدث عن  انسحاب من أراض وليس من كافة الأراضي المحتلة،واكثر من ذلك فان الوثيقة حسب البند الثامن من المادة الخامسة تبقي لإسرائيل محطتين كبيرتين للإنذار المبكر في شمال الضفة ووسطها ، وقد حددت مواقعها حسب ما درجت عليه العادة الوثيقة في ملحقx الذي  أبقى في الكتمان إن محطات الإنذار المبكر هذه علاوة على تهديدها للأمن الفلسطيني المستباح بموجب الوثيقة فإنها تهدد عمق الأمن القومي العربي من المحيط الى الخليج .

3- الدولة الفلسطينية: الانتقاص من السيادة بعد الانتقاص من الأرض : أما الدولة الفلسطينية التي يتكرم علينا بها أصحاب  الوثيقة  ويريدون منا ابتلاع طعمها فهي وفقا لما جاء في البند الثالث من المادة الخامسة من الوثيقة ( ستكون دولة لا تحتفظ بجيش ، وسيفرض قيود على الأسلحة التي يمكن أن تحوزها لأغراض الأمن الداخلي ، وتفصل الوثيقة هذه الأسلحة في ملحقX  ما زال مجهولا ) كما أن هذه الوثيقة حددت مهام قوات الأمن الفلسطينية فقط بحفظ النظام العام ومقاومة ما أسمته بالإرهاب  حسبما جاء في البند الرابع من المادة الخامسة وحرمت هذه القوات من شرف الدفاع عن حدود الوطن وأناطت هذه المهمة بقوات متعددة الجنسيات وتركت قي نفس الوقت أجواء الوطن ومياهه الإقليمية مستباحة للطيران والبوراج الإسرائيلية،وكما تحتفظ إسرائيل في الوقت نفسه حسب البند و/7 من المادة الخامسة تواجد عسكري في منطقة الغور على الحدود مع الأردن.

4-الممر الآمن: غير آمن لأنه تحت السيادة الإسرائيلية

إن الدولة التي يتكرمون علينا بها في  وثيقة جنيف ترتبط  بممر آمن حسبما ما يدعو ولكن هذا الممر وفقاً لما جاء في البند السادس من المادة الرابعة (يكون تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة،تشغله إدارة فلسطينية ) ولمزيد من الغموض في هذا الأمر فإن صلاحيات الفلسطينيون العاملون في هذا تحدد في الملحقx  الذي بقى مجهولا يثير الريبة والشكوك عند كل ذي عقل ويجعله غير آمناً على الإطلاق

5- المعابر الدولية: رقابة إسرائيلية مع حق التدخل:

  فحسب ما جاء في البند( هـ /12 من المادة الخامسة فان لإسرائيل الحق في الاحتفاظ بوجود غير مرئي ولمدة 30 شهر،ويكون ذلك من داخل المعبر وبعد ذلك يتم انتقال المراقبة الإسرائيلية الى خارج المعبر ) وكلنا يعرف كيف تمارس إسرائيل من خلال المراقبة الغير مرئية التي خبرناه كواحدة من الثمار السيئة لاتفاقات أوسلو ،إن ذلك يعتبر ذلك انتهاكاً واضحاً لمبدأ السيادة وتدخل سافر في حرية الدخول والخروج من والى الدولة العتيدية ناهيك على أن الأشراف على هذه المعابر سيكون تحت سيطرة القوات متعددة الجنسيات وعمادها الأساسي القوات الأمريكية .

ثالثا- القدس : التسليم بنتائج عملية  التهويد والضم الإسرائيلي :

تنطلق الوثيقة والموقعين عليها من الاعتراف بالأمر الواقع الحالي في القدس وبذلك اعتراف واضح بأحزمة المستوطنات التي أقامتها إسرائيل منذ احتلالها للقدس وعزلتها عن باقي الضفة الغربية،إن هذه الأحزمة  تصل حتى مشارف بيت لحم و أريحا وتفصل جنوب الضفة عن شمالها و وقد طالت يد  إسرائيل السيطرة على 85% من مساحة القدس الشرقية وضمها لإسرائيل  وبإحصاءات بسيطة يتضح أن ما سيكون متاحاً  لبسط السيادة الفلسطينية عليه فقط 15% من مساحة القدس،ومن مخاطر هذه الوثيقة إنها وحسب البند السادس من المادة السادسة تطلق اسم حائط المبكى على حائط البراق وتضعه تحت السيادة الإسرائيلية ، الأمر الذي كانت اللجنة الدولية قد رفضته عام 1931 أثناء التحقيق في أحداث ثورة البراق ، والاهم من ذلك فإن هذه الوثيقة تحمل اعترافا بوجود الهيكل في الحرم القدسي الشريف وهذ إقرار تاريخي غير مسبوق بأن الهيكل موجود في الحرم وهو ما لم تستطع كافة الدراسات والأبحاث إثباته حتى الان.

 رابعا- الأسرى والمعتقلين غموض وقبول بالمعايير الإسرائيلية :

كما وأن الوثيقة العتيدة تتعامل مع قضية الأسرى والمعتقلين  على قاعدة تجزئة الملف وبما يسمح لإسرائيل في التحكم بالإفراج عن الأسرى وحسب ما جاء في البند الأول من المادة الخامسة عشر المتعلقة بالأسرى فإن الأسرى يقسمون الى عدة فئة تخضع كل فئة منهم  لمعايير الإفراج المنصوص عليها في البند ج/1 من المادة الخامسة عشرة في الملحق X الذي بقي كغيره من الملاحق طي الكتمان.

خامسا-اللاجئين استبدال حق العودة بخيارات التوطين والتهجير:

يدعي أصحاب الوثيقة  أن وما ورد في الوثيقة حول قضية اللاجئين لا يمثل تنازلا عن حق العودة ويتذرعون في ذلك إلى أن القرار 194 ذكر في الوثيقة كأساس لحل ما يسمونه في وثيقتهم لمشكلة اللاجئين ونقتبس  ما جاء في  المادة السابعة من الوثيقة المذكورة بهذا الصدد ( يقر الطرفان بان قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 194 ومجلس الأمن 242 ومبادرة السلام العربية  فيما يتعلق بحقوق اللاجئين تشكل الأساس لحل قضية اللاجئين) حتى الان  يبدو كأن الأمر طبيعيا ولكن يتضح أن  وضع هذه الفقرة بهذه الطريقة تهدف الى ذر الرمال في العيون واخفاء التنازل الواضح عن حق اللاجئين في العودة الى ديارهم تحت عنوان اختيار (المكان الدائم للإقامة)  ويبدو أن هذا هو الاسم الجديد للتوطين  وقد  حددت الوثيقة خمس خيارات  فرضت على  اللاجئين  أن يتخذوا قرار اختيارهم بناءا عليها وتتركز هذه الخيارات حسب الأولوية اختيار مكان الإقامة الدائمة 1(-في دولة فلسطين أو 2-في المناطق التي سيتم نقلها الى فلسطين في إطار تبادل الأراضي 3-في دولة ثالثة 4- دولة إسرائيل 5-الدول المضيفة الحالية) وتعتبر الوثيقة أن الخيار الأول والثاني حقا لكل اللاجئين( ونقول انه أمر طبيعي لأي فلسطيني إن أراد أن يقيم في  الدولة الفلسطينية اللهم إذا كان حتى الدخول والخروج منها بإذن إسرائيلي كما بينا سابقا) بينما تترك الخيارات الأخرى للقرار السيادي للدولة ذاتها، وهنا تكمن المصيبة المتمثلة في إعفاء إسرائيل من أي مسئولية سياسية أو أخلاقية أو قانونية  تجاه ما ارتكبته من جريمة اقتلاع بحق شعبنا بشكل عام  واللاجئين بشكل خاص  والتعامل معها كأي دولة ثالثة يمكنها أن تقبل العدد الذي تريده من اللاجئين الذين هم في حقيقة الأمر ضحاياها، والأغرب من ذلك حين يتحدث أصحاب الوثيقة بان العملية ستتم في إطار الخيار الحر والمدروس للاجئين أنفسهم وأبقت القرار بشأن توزيع وإسكان اللاجئين  بيد اللجنة الدولية التي سيتم إنشاؤها لفرض توطين اللاجئين ،ومن الواضح لكل ذو بصيرة أن ما يسمى بالخيارات المزعومة  استثنت بل وحرمت اللاجئين من أهم الخيارات واكثرها عدلا وهو حق اللاجئ بالعودة الى دياره وبيته وقريته هذا الحق الذي كفلته الشرعية الدولية،وما تدعو له وثيقة جنيف  بوضوح تام يمثل تنازلا  مجانيا عن حق العودة على طبق من ذهب ،مما يطرح تساؤلا مشروعا حول أهداف   فرسان الواقعية الوهمية من تقديم كل هذه التنازلات والهبوط بالسقف السياسي والتفاوضي الفلسطيني قبل البدء بالمفاوضات التي لا أفق لها في ظل حكومة شارون العنصرية المتطرفة . وبالعودة للقرار 194  الذي يدعي أصحاب الوثيقة والمتحمسين لها بأنه مصان نرى من الضروري إماطة اللثام وكشف الوجه الحقيقي لما تنسفه وثيقة جنيف في القرار المذكور الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في الحادي عشر من شهر ديسمبر 1948 ويعتبر الأساس القانوني الذي يستند إليه اللاجئون الفلسطينيون في إصرارهم المشروع على التمسك بحقهم في العودة الى ديارهم التي شرودا منها عام1948 وقد نصت الفقرة الحادية عشر منه على التالي "إن الجمعية العامة للأمم المتحدة تقرر وجوب السماح ،في أقرب ممكن ،للاجئين الراغبين في العودة الى ديارهم،والعيش بسلام مع جيرانهم ،ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة وعن كل مفقود أو مصاب بضرر،عندما  يكون من الواجب وفقا لمبادئ القانون الدولي والإنصاف أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة)

ويجدر القول بأن الجمعية العامة للأمم المتحدة لم تكتف بالتركيز على حق العودة بل وكذلك تضمن البند الثالث من القرار فقرة خاصة أنشئت بموجبها لجنة التوفيق الدولية  وأناطت بها مهمة تسهيل إعادة اللاجئين الى ديارهم،الأمر الذي رفضته الحكومة الإسرائيلية وما زالت تصر على موقفها حتى يومنا هذا وقد تتابعت القرارات الدولية المؤيدة لحق اللاجئين في العودة الى ديارهم كما جددت التصويت على القرار 194لاكثر من 133مرة  و كانت الجمعية العامة قد أصدرت عدة قرارات أهمها القرار394 بتاريخ 14/12/1950 المؤيد لحق العودة،كما وأيدته كذلك اتفاقية جنيف حول حقوق اللاجئين عام 1951 وجرى التأكيد عليه في القرار 1191 الصادر بتاريخ 13/12/1957 والقرار 535 عام 1965 وكذلك في القرارين 3628 و2672 عام 1970 ،ومن المعروف إن الجمعية العامة للأمم المتحدة لم تغفل حق اللاجئين في العودة الى ديارهم في كافة المناقشات والقرارات التي تعالج القضية الفلسطينية فقد أكد القرار 3236 في فقرته الثانية على حق الفلسطينيين غير القابل للتصرف في العودة الى ديارهم التي اقتلعوا وهجروا منها واعتبرت ذلك ركيزة من ركائز الأمن والسلام في المنطقة،  بالإضافة الى أن حق عودة الإنسان الى دياره وبيته الذي يتركه أو يطرد منه لأي سبب من الأسباب هو من حقوق الإنسان الأساسية حسب المادة الثالثة عشر من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبإيجاز شديد نقول أن حق عودة اللاجئين  الفلسطينيين الى ديارهم حق مكفول بموجب كافة القرارات والأعراف والمواثيق الدولية، ولكن القرار 194 الذي تريد الوثيقة نسفه من جذوره يعتبر من أكثر قرارات  الشرعية  الدولية الداعمة لشرعية  المطالبة بحق العودة وهنا تكمن خطورة التنازل عنه وفق ما جاء في وثيقةجنيف، كما وتكمن في الوقت نفسه أهمية التمسك الحازم به لحل قضية اللاجئين طبقا لما ورد في نصه وليس الوقوع في مطب التفسيرات التي لا تضعف المطالبة بحق العودة فقط  بل وتسقطه الى الأبد ولكن هذه المرة باعتراف أصحابه الذين سوف يحرمون وابنائهم من حق المطالبة بالعودة إذا ما نجح لاقدر الله أصحاب الوثيقة بتمر يرها  تحت ذرائع  باتت بكل أسف وصفة جاهزة للتنازل عن حق العودة، وهنا لابد من أن نوجه السؤال الى أصحاب الوثيقة بعد ما طرحناه من توضيح لما يتم نسفه من القرار194 في وثيقتهم العتيدة، ما الذي يتبقى منه، أليس الخيارات الواردة في الوثيقة تنسفه عن بكرة أبيه وتقطع الطريق على أي مطالبة بحق العودة حسب ما جاء في نصه،لذلك لابد من القول أن شعبنا الذي رفض كافة مشاريع تصفية قضية اللاجئين سيبقى مصراً على موقفه هذا وتمسكه الحازم بحق العودة طبقاً لما جاء في القرار 194 بكافة نصوصه خاصة وأنه يطرح قضية العودة كأساس وغير ذلك استثناء ، فمن يقرأه  جيدا  يجد انه يحدد بوضوح لا لبس فيه المكان الذي يحق للاجئين العودة إليه بالضبط …. الى بيوتهم  وأملاكهم … وليس  الى أي مكان أخر حتى أن الجمعية العامة كانت قد رفضت في  الملاحق التفسيرية للقرار إي تعديلات تشير بشكل عام الى العودة  للمناطق التي جاء منها اللاجئين.كما وأن القرار يؤكد بكل دقة بأن حق العودة إضافة الى كونه حق جماعي فهو حق شخصي لكل لاجئ لا يملك أحدا التنازل أو المساومة عليه كما وتكمن أهمية  القرار 194بانه حدد  بشكل واضح الإطار الزمني لعودة اللاجئين وهي "أقرب وقت عملي " ولم يربط القرار تنفيذ ذلك بالتوقيع على اتفاقية سلام نهائية حينذاك وكذلك فإنه يفرض على إسرائيل التزاما دوليا يتمثل بأن تسمح بعودة اللاجئين الى بيوتهم وديارهم وعليها أن توفر الظروف المؤاتية لعودتهم وتأمين حمايتهم،ويكتسب القرار أهمية بالغة تتمثل في صياغته التي يؤكد فيها على حق عودة كل اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وليس كما تدعو الوثيقة الى عودة نفر منهم حسب الرغبة والقرار الإسرائيلي، كما وان تركيز القرار 194 على حق العودة لا يعني بأي حال من الأحوال إغفال حق اللاجئين في التعويض عن معاناتهم واستغلال إسرائيل لممتلكاتهم، الى جانب حقهم المكفول بالعودة ولكنا رغبنا التأكيد على قوة حق العودة في القرار المذكور نظرا لما يحيق بهذا الحق من مخاطر  ولتوضيح  مدى خطورة ما ورد في وثيقة جنيف بهذا الخصوص وتعارضها مع ما ينص عليه القرار 194من حق واضح وصريح للاجئين بالعودة وهو ما تسقطه الوثيقة من كافة بنودها ويتضح أن ما تدعو إليه  يتمثل بالتضحية بحق اللاجئين في العودة وهم الذين حملوا راية الثورة الفلسطينية  والانتفاضة وتحولت مخيماتهم الى خزان كفاحي لا ينضب وكانوا في طلعية شعبهم دفاعاً عن الحقوق المشروعة في العودة وتقرير المصير ومن اجل إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وقدموا في سبيل ذلك مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعاقين والمعتقلين وذاقوا الآم والتشرد والمعاناة وقسوة الحياة في أزقة المخيمات تحت ألواح الصفيح ولم يتراجعوا بل قاوموا كافة مشاريع تصفية اللاجئين وبقيت القضية متوهجة تحرق بنيران عدالتها كل من حاول أو يحاول الاقتراب منها بسوء. وواصلوا النضال الوطني بأشكاله المختلفة تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية ممثلهم الشرعي من اجل تحقيق أهدافهم الأمر الذي اكسبها شرعية ومكانة ليس فقط في قلوب وعقول أبناء شعبنا بل وعلى الصعيدين العربي والعالمي،ولم يفقد اللاجئون يوما الأمل بالعودة وهم يتناقلون حلم العودة من جيل الى جيل يحتفظون بأوراق الطابو ومفاتيح البيوت وهم على يقين بأن حلمهم بالعودة الى الديار التي شردوا منها  لا بد وان يتحقق طال الزمن أم قصر،هذا الحلم ،، الحق ،، الذي يريد أصحاب وثيقة جنيف منا التنازل عنه هكذا بكل بساطة ، ومن اجل ماذا ومع من ? بكل بساطة من اجل دولة بلا سيادة منزوعة السلاح بلا جيش أو سيادة على الممر الآمن أو المعابر أو الحدود والأجواء و المياه ، ومع من ? مع شخصيات إسرائيلية تريد العودة الى المسرح السياسي على حساب حقوقنا المشروعة التي لا يمكن أن تكون جسرا لاحد،وأمام ذلك فإننا ندعو الى مواجهة هذه المخاطر والأوهام و توحيد الجهود لإيقاف حملة الترويج لهذه الوثيقة ومحاولات تسويقها فلسطينياً والعمل على إسقاطها، لأنها تحمل بالإضافة الى ما ذكرنا من مخاطر ما يهدد الوحدة الوطنية الفلسطينية كونها تضرب بشكل لا سابق ركائز المشروع  الوطني الفلسطيني القائم على مثلث حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس ? كما وإنها تتعارض مع كافة قرارات المجالس الوطنية والمركزية المتعاقبة. وانطلاقا مما تقدم لابد من التمسك  بكافة قرارات الشرعية الدولية وبحل قضية اللاجئين الفلسطينيين   طبقا للقرار 194 الأمر الذي يتطلب حشد  الطاقات الفلسطينية والعربية والدولية لتفعيل دور المجتمع الدولي و الجمعية العامة للأمم المتحدة  ومطالبتها بتنفيذ  واجباتها المطلوبة تجاه شعبنا  منذ 55عاما ، خاصة وأن العالم بأسره يجدد مواقفه وتأكيده على حقوق شعبنا  المشروعة في كافة القرارات التي تصدر عن الأمم المتحدة ، لذلك فإن القوة القانونية  لهذه القرارات ومنها القرار194 ما تزال نافذة بالرغم من عدم التزام إسرائيل بها ،إن ذلك لا يضعف من القوة القانونية والشرعية لهذه القرارات بل على العكس من ذلك فانه يضعف مكانة ومصداقية إسرائيل على الصعيد العالمي ويزيد من عزلتها على هذا الصعيد.

سادسا -الملحق X في الوثيقة غموض يثير الريبة :

لابد من أن ننوه بأن اخطر ما تضمنته الوثيقة بالإضافة الى ما ذكر أعلاه يتمثل في أنها أشارت الى وجود ثلاث وخمسون ملحقا عند الحديث عن القضايا المفصلية تحت مسمى(الملحق X ) وأبقت هذه الملاحق طي الكتمان مما يضاعف القلق ويثير الريبة التي يصح  معها القول بأن المخفي أعظم.

سابعا-إلغاء قرارات الشرعية الدولية طعن بشرعية نضال شعبنا ودعم حلفائه:

ويزداد خطر  الوثيقة بما جاء في المادة السابعة عشر منها الذي ينص(على أن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة يصدران قرارا يتبنيان فيه الاتفاقية ويلغيان قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة) ويبز هنا السؤال المشروع لماذا  الإصرار في النص على إلغاء لقرارات الشرعة الدولية ذات الصلة إذا كانت الوثيقة تدعي أنها تسعى الى تطبيق هذه القرارات فعلاً والالتزام بمعاييرها ؟

 وبذلك نقول  إن الوثيقة والقائمين عليها يوجهون طعنة لكفاح شعبنا ولكافة دول وشعوب العالم التي وقفت الى جانب شعنا وحقوقه العادلة وتحملت أعباء ذلك ليس فقط في الأمم المتحدة بل وفي كافة الميادين ، وما تعود شعبنا يوما على توجيه الطعنات الى حلفائه.

وبعد ما أشرنا له من مخاطر فإننا نود عرض الآراء القانونية التي تقدم بها عدد من المختصين والتي نشرتها مؤسسة الحق وكذلك المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ، وتبين مدى مخالفة هذه الوثيقة وتعارضها مع مبادئ القانون الدولي والإنساني وقد حرصنا على تقديم ذلك دون  أي تدخل في ما نشرته هذه المراكز.

   أولا: ملاحظات مؤسسة " الحق " القانونية على وثيقة جنيف

تم يوم الاثنين الموافق 1/12/2003م في مدينة جنيف بسويسرا ، التوقيع على وثيقة " جنيف " وقد احتوت الوثيقة على مقترحات " لإنهاء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني " تم إعدادها من قبل شخصيات فلسطينية وإسرائيلية غير رسمية ، وبرعاية الحكومة السويسرية  وقد تمت مراسم التوقيع بحضور شخصيات دولية معروفة .

جرت خلال السنوات الماضية محاولات عديدة لحل وتسوية القضية الفلسطينية ولكنها آلت إلى الفشل وجلبت مزيداً من المعاناة والاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان  .  تعزو " الحق " أسباب الفشل الى تجاهل مثل هذه الاتفاقات لأسس ومبادئ القانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان ، وقرارات الشرعية الدولية  ، التي تضمن حقوق الشعب الفلسطيني ، غير القابلة للتصرف ، وفي مقدمته حقه في تقدير مصيره وسيادته على أرضه وحق اللاجئين في العودة الى ديارهم التي هجروا منها .

إن محاولات سلطات الاحتلال والالتفاف على تطبيق القانون الدولي ، والتهرب من التزاماتها التعاقدية بموجب القانون الدولي الإنساني ، وتقاعس المجتمع الدولي عن إلزامها باحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني ومبادئ القانون الدولي العام ، قد أخضع الاتفاقيات أبرمت بين السلطة الفلسطينية ودولة إسرائيل الى موازين القوى ، مما أعطى إسرائيل إمكانية إملاء شروطها ، التي تخدم مصالح الاحتلال ، على حساب حقوق الشعب الفلسطيني الأساسية ، مما جعل من إمكانية تحقيق سلام حقيقي وعادل آمراً غير وارد ، وقد جاءت الوقائع لتؤكد ذلك إن مؤسسة الحق " وهي تصوغ ملاحظاتها على وثيقة جنيف " إنما تركز على أهم النقاط التي تضمنتها الوثيقة " خاصةً وأن العديد من الملاحق الأساسية للوثيقة لم يتم نشرها بعد كما تؤكد المؤسسة أنها ليست بصدد تبني موقف سياسي من اتفاق أو وثيقة ، إلا أن ما يعنيها هو مدى انسجام هذه الاتفاقات مع أسس ومبادئ القانون الدولي المعاصر وقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة .

وإيماناً منها بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة ، القاضية بتساوي الشعوب في الحقوق ، بما فيها حقها في تقرير المصير والتمتع الفعلي بما أقرته الشرعية الدولية من حقوق وحريات ، ارتأت " الحق " نشر أهم ما استوقفها من ملاحظات قانونية على مسودة وثيقة جنيف وخصوصاً في ظل ما أثارته هذه الوثيقة من جدل مجتمعي حول مشروعيتها ، وتتلخص أهم الملاحظات القانونية على الوثيقة فيما يلي :

أولاً : إسقاط صفة الحق عن قضية " اللاجئين الفلسطينيين  "

تنكر وثيقة جنيف – بموجب بنود مادتها السابعة – البعد القانوني الدولي لقضية اللاجئين الفلسطينيين وذلك من خلال استخدامها المتكرر لمصطلح " المشكلة " بدلاً من استخدام هذا  مصطلح " حق اللاجئين " الذي غاب من الوثيقة ، تكمن خطورة استخدام هذا المصطلح في إسقاط الوثيقة لصفة الحق عن قضية اللاجئين ، ومن تم الإقرار بالتعاطي مع قضية اللاجئين كموضوع خاضع لرغبة وإرادة كل من الطرفين ، كما إن إسقاط صفة الحق تعني صراحة إسقاط الحق لجميع القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بشأن قضية اللاجئين ، وليس هذا فحسب بل تم بمقتضى هذا النص إعفاء إسرائيل صراحة من مسؤولياتها القانونية تجاه اللاجئين ، ومن تعهداتها الرسمية والصريحة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة باحترام وتطبيق قرار الجمعية العامة 194 .

ورغم اعتماد طرفي الوثيقة لقرار الجمعية العامة رقم 194 ، كأساس لحل موضوع اللاجئين إلا أن هذا الاعتماد لا يعتبر ذا أثر أو قيمة قانونية ، جراء إنكار الطرفين الصريح للأسس التي قام عليها القرار ، وغيره من قرارات الشرعية الدولية التي على حقوق اللاجئين المتمثلة في :

*حق اللاجئين غير القابل للتصرف في العودة الى ديارهم وممتلكاتهم التي اقتلعوا منها .

* التأكيد على رفض توطين اللاجئين الفلسطينيين .

* التأكيد على حق اللاجئين الفردي في المفاضلة والاختيار ما بين العودة أو التعويض لمن لا يرغب بالعودة .

*التأكيد على إلزام دولة إسرائيل بواجب مراعاة وتنفيذ عودة اللاجئين الفلسطينيين واحترام رغباتهم المقررة بمقتضى هذه القرارات

*وعلى هذا الأساس ، انتهك طرفا الوثيقة صراحة الأسس التي قامت عليها هذه القرارات جراء حصر الوثيقة لخيارات اللاجئين فيما يلي :

اختيار اللاجئ للإقامة بشكل دائم في أحد الأماكن التالية :

* دولة فلسطين

* المنطقة التي ستقوم إسرائيل بنقلها لأراضي الدولة الفلسطينية بناءاً على التبادلية .

* دولة ثالثة شريطة موافقتها .

* الدولة المضيفة للاجئين .

2- العودة الى دولة إسرائيل ، بما ينسجم مع العدد الذي ستحدده إسرائيل لمجموع اللاجئين الذين ستسمح لهم بالعودة . 

ثانياً : إسقاط حق الفلسطينيين الفردي والجماعي في المساءلة الجنائية والمدنية للاحتلال

وفقاً لما جاء في نص المادة الأولى من الوثيقة ، فإن حق الفلسطينيين الفردي والجماعي في مساءلة وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيلي _ ممن خططوا ، أو حرضوا ، أو ارتكبوا جرائم حرب ضدهم _ قد تم إسقاطه حيث جاء في متن هذه المادة

1- تنهي اتفاقية الوضع الدائم ( المشار إليها في ما يلي بتسمية الاتفاقية ) عهد الصراع وتبشر بدنو عهد جديد قائم على أساس السلام والتعاون وعلاقات حسن الجوار بين الطرفين .

2 – سيؤذي تنفيذ هذه الاتفاقية الى تسوية جميع مطالب الطرفين المتربة على أحداث وقعت قبل التوقيع على هذه الاتفاقية "

وبذلك تترك هذه المادة من ارتكبوا جرائم مثل القتل ، وتخريب الممتلكات ، والنقل القسري للفلسطينيين من أرضهم ، والاعتقال الغير مشروع  لفترات طويلة دون تهمة أو محاكمة  ، تتركهم دون مساءلة  أو عقاب وعلاوة على ذلك فإن هذه المادة تحرم الفلسطينيين من مساءلة دولة إسرائيل للحصول على تعويض عادل ومنصف عما لحق بهم من أضرار نتيجة ممارسات الاحتلال .

وعدم التقيد بالتزاماته وفقاً لأحكام وقواعد القانون الدولي العام ، والقانون الدولي الإنساني .

وبذلك فإن هذه المادة تعطي حصانة لدولة الاحتلال ضد المساءلة ، وهذا يعتبر كذلك انتهاكاً صارخاً لاتفاقيات جنيف الأربع واتفاقية عدم تقديم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية لعام 1968 / كما يعتبر انتهاكا لمبدأ عدم سريان التقادم الزمني على جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية،  الذي يعتبر أحد أهم المبادئ المستقرة على صعيد القانون الدولي.

ثالثاً : سمو التعهدات الفلسطينية الإسرائيلية على ميثاق الأمم المتحدة

ورد في البند السادس من المادة الثانية من هذه الوثيقة " تقوم العلاقات بين إسرائيل و فلسطين على أساس أحكام ميثاق الأمم المتحدة ، دون إجحاف بالتعهدات التي قطعها الطرفان في إطار هذه الاتفاقية  " تشير عبارة دون إجحاف بالتعهدات التي قطعها الطرفان في إطار هذه الاتفاقية "المستخدمة في هذا البند الى أن طرفي هذه الوثيقة يتعاملان مع تعهداتهم الواردة في الوثيقة على أنها أعلى وأسمى مرتبة من أحكام ميثاق الأمم المتحدة  وبذلك يتم ترجيح هذه التعهدات على أحكام الميثاق في حال تضارب التعهدات مع أحكام الميثاق .

يمتلك ميثاق الأمم المتحدة طبيعة قانونية خاصة تلزم أعضاء المجتمع الدولي بالتقيد بأحكامه ومبادئه  ، وتمنحها سمواً في مواجهة جميع الالتزامات الدولية الناشئة عن علاقات الدولة التعاقدية ، وتجد إلزامية أحكام الميثاق وسموها وأساسها ومشروعيتها القانونية في العديد من الاعتبارات أهمها : انطباق وصف المعاهدات الدولية الشرعية عليه وفق ما أكدته محمكة العدل الدولية من جانب أخر تؤكد المادة 103 من الميثاق على امتلاكه لمركز القواعد القانونية الآمرة ، حيث تلزم هذه المادة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالوفاء بالتزاماتهم وفقاً للميثاق ، حتى وإن تعارضت هذه الالتزامات مع التزامات دولية أخرى ارتبطت بها هذه الدول .

وفقاً لهذا الفهم لأحكام الميثاق ، فإن طرفي وثيقة جنيف قد منحوا سمواً وأفضلية لتعهداتهم الواردة في الوثيقة على أحكام الميثاق ، وهذا بحد ذاته يمثل انتقاصاً واضحاَ من قيمة الميثاق وإلزامية وسمو أحكامه .

رابعاً : إنكار حق الفلسطينيين الفردي والجماعي في التعويض عن أضرار الاستيطان

 اتفق طرفا هذه الوثيقة – بمقتضى البند التاسع من المادة السادسة – على احتساب قيمة الأملاك التي ستبقى سليمة في المستوطنات الإسرائيلية القائمة على الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وحجم الذي ألحقته هذه المستوطنات بالفلسطينيين ، ضمن نطاق الحصص المقررة لإسرائيل من مجموع قيمة التعويضات التي قد يتفق على تقديرها لمجموع اللاجئين الفلسطينيين .

من أهم المآخذ على هذا النص إعفاؤه الواضح لدولة إسرائيل من جميع مسؤولياتها القانونية في تعويض جميع الفلسطينيين ، الذين تضرروا من الاستيطان الإسرائيلي وممارسات المستوطنين ، كما أسقط هذا البند حق الشعب الفلسطيني في الحصول على تعويض عادل ومنصف عن مجموع الأراضي والممتلكات الخاصة والعامة ، وغيرها من الموارد والثروات المائية التي قام المستوطنون باستغلالها والانتفاع دون حق ، وعلى وجه مخالف لأحكام وقواعد القانون الدولي والإنساني ومقررات الشرعية الدولية .

كفلت قواعد لائحة لاهاي لعام 1907 ، واتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب ، واحكام بروتوكول جنيف الأول المكمل لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1977 ، وقواعد القانون الدولي الإنساني العام حق الفلسطينيين في الحصول على تعويضات عادلة ومنصفة – فردية كانت أم جماعية عن الأضرار التي لحقت بهم جراء انتهاك إسرائيل لالتزاماتها القانونية بالإضافة لذلك ، فإن هذا الحق مكفول بموجب مجموعة كبيرة من القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ، كالقار رقم 3175 (د – 28 ) بتاريخ 17 كانون الأول / ديسمبر 1973 ، الذي أكد مضمونه على " أ، جميع التدابير المتخذة من جانب إسرائيل لاستغلال الموارد البشرية ، والطبيعية ، وجميع الموارد الأخرى ، والثروات والأنشطة الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية والأراضي العربية المحتلة ، هي تدابير غير شرعية ، وتؤكد من جديد كذلك حق الدول والشعوب العربية المتعرضة للعدوان والاحتلال الإسرائيليين ، في استعادة مواردها الطبيعية والبشرية وجميع مالها من موارد أخرى وثروات وأنشطة اقتصادية ، وفي نيل تعويض كامل عما أصاب تلك الموارد والثروات والأنشطة من استغلال واستنزاف وخسائر وأضرار …." 

خامساً : منح إسرائيل السيادة على أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة .

يعد مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير أحد أهم مبادئ القانون الدولي الآمرة ، التي لا يجوز – وفقاً لقواعد القانون الدولي واتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 – مخالفتها وتجاوزها . لذا فإن منح القائمين على هذا الاتفاق لنفسهم حق التصرف بأي جزء من الأراضي الفلسطينية المخصصة لممارسة الشعب الفلسطيني الميدانية لحقه المشروع في تقرير المصير عليها ، يعد دون شك انتهاكاً صارخاً لأحكام هذا المبدأ ، ولإرادة ورغبات الشعب الفلسطيني لم يتم استفتاؤه ، والوقوف برأيه على هذا الصدد .

أقرت الوثيقة صراحة لإسرائيل بالسيادة علة أجزاء ومناطق من الأراضي الفلسطينية المحتلة ( الحائط الغربي في القدس ، مقبرة جبل الزيتون ) ليس هذا فحسب ، بل أجازت الوثيقة للأطراف المفاوضة إمكانية المبادلة في الأراضي ، إن هذا الأمر يمثل ، دون شك – انتقاصاً واضحاً وصريحاً لحق الشعب الفلسطيني المشروع في تقرير المصير ، والسيادة الدائمة على الأراضي المقررة له ، بمقتضى قرارات الشرعية الدولية ، كما إن منح الطرف الفلسطيني المشارك بهذه الوثيقة لذاته حق وسلطة التنازل والتصرف بعائديه الأراضي الفلسطينية يتناقض مع مبادئ القانون الدولي ، ومقررات الشرعية الدولية ، التي تؤكد على امتلاك الشعب بمفردة لحق السيادة على أرضه ، ومن تم امتلاكه بمفرده لسلطة البت والتقرير بعائداتها .

تأتي وثيقة جنيف على ذكر فكرة تبادلية الأراضي ، من المخاوف التي تثيرها هذه الفكرة تكريس بعض المستوطنات الإسرائيلية كآمر واقع ومفروض على الشعب الفلسطيني وإقليمه ، فضلاً عن تحقيق إطماع إسرائيل في الاستيلاء على الموارد المائية وغبرها من ثروات ومقدرات الشعب الفلسطيني يتناقض هذا مع مقررات الشرعية الدولية التي جرمت الاستيطان ونصت على وجوب تفكيكها وإزالتها فضلاً عن حضرها استثمار إسرائيل لاحتلالها في إحداث التغيرات الإقليمية على صعيد الأراضي الفلسطينية المحتلة .

سادساً : تجريد الفلسطينيين من ملكيا تهم الخاصة تعسفا .

ورد في الفقرة الخامسة من المادة الرابعة في الوثيقة " دولة إسرائيل ستكون مسؤولة عن إعادة توطين الإسرائيليين القاطنين في المناطق الخاضعة لسيادة الدولة الفلسطينية في إسرائيل وتنتهي إعادة التوطين وفق الجدول الزمني المتفق عليه .

كذلك ورد في الفقرة " و " من المادة السالفة " تكون دولة فلسطين المالك الحصري لكافة الأراضي والمباني وأي ممتلكات أخرى تبقى في المستوطنات .." لا يتطرق الجانب الفلسطيني في هذا البند لعدم مشروعية الاستيطان ، ولم يتم النص صراحة على إلزام الطرف الإسرائيلي بتفكيك وإزالة جميع المستوطنات ، إعمالاً لقرارات الشرعية الدولية وأحكام وقواعد القانون الدولي الإنساني من جانب أخر يتضح من صياغة هذا البند ، وتحديداً عبارة " إعادة توطين مستوطنين يسكنون في الأرض الفلسطينية السيادية " عدم امتداد هذا النص ليشمل المستوطنين كافة ، ليس هذا فحسب بل إن مصطلح التوطين " يعنى امتلاك المستوطنين لمشروعية التوطن والسكن في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، مما يسقط الحق في مشروعية مساءلة وملاحقة دولة الاحتلال والمستوطنين الجزائية عن جريمة الاستيطان ، التي تعد – بمقتضى المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة والمادة 85 من بروتوكول جنيف الأول المكمل لاتفاقيات جنيف الأربع – جريمة من جرائم الحرب .

تقول الوثيقة بالملكية المتفردة لحكومة فلسطين على الأراضي والمباني والمنشآت وغيرها من الأملاك التي تتبقى في المستوطنات ، ينطوي هذا الأمر على تضليل للرأي العام الدولي ، جراء إيهامه بأن جميع المستوطنات الإسرائيلية التي أقيمت على الأراضي الفلسطينية قد بنيت على أراضي الدولة ، ولكن الحقيقة تخالف ذلك ، لأن غالبية هذه المستوطنات أقيمت على أراضي وملكيات خاصة مصادرة على وجه مخالف لأحكام لائحة لاهاي لعام 1907 ، واتفاقية جيف الرابعة المتعلقة بحماية السكان المدنيين وقت الحرب إن تيار الوثيقة على اعتبار أراضي المستوطنات وما عليها مملوكة من قبل الحكومة الفلسطينية يعني – بلا شك – تجريد أصحاب هذه الأراضي من ملكيا تهم تعسفا ، ومن ثم مصادرة وتغييب حق الملكية ، التي يعتبر أحد أهم الحقوق التي كفلتها جميع المواثيق الدولية ، والتشريعات المحلية لأصحاب هذه الأراضي .

سابعاً : إلغاء كافة القرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية .

نصت المادة السابعة عشر من الوثيقة على وجوب إصدار مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة لقرارات جديدة تنسخ جميع القرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة يشأن القضية الفلسطينية ، بالإضافة لذلك ، أعفى الطرفان صراحة – من خلال هذا البند – الأمم المتحدة ، بصفتها طرف أصيل من مسؤولياتها والتزاماتها القانونية تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته ، ومن ضمن هذه الالتزامات التزامات ناشئة بمقتضى قرار التقسيم ، وغيه من القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية .

ثامنا ً :

من الملاحظات الهامة التي استوقفت مؤسسة " الحق " في مسودة وثيقة جنيف ، استهلاك ديباجه هذه الوثيقة بعبارة " دولة إسرائيل ، منظمة التحرير الفلسطينية ، وممثلو الشعب الفلسطيني " . أن منح القائمين على هذه الوثيقة لنفسهم حق تمثيل الشعب الفلسطيني دون انتخاب أو استفتاء ، أو تفويض قانوني رسمي من مؤسسات الشعب الفلسطيني في داخل الأراضي الفلسطينية أو خارجها ، يمثل – دون شك – تغييباً وإنكاراً صارخا ً لإرادة الشعب الفلسطيني الذي لم يمنح أو يعترف للقائمين على هذه الوثيقة بحق تمثيله .

ولهذا فإن احترام إرادة الشعب الفلسطيني تقتضي أن يتم استهلاك هذه الوثيقة بكلمات تعبر صراحة وبوضوح عن افتقاد القائمين على هذه الوثيقة للصفة التمثيلية للشعب الفلسطيني .

إن انتهاك الوثيقة لحق الشعب الفلسطيني المشروع في العودة إلى دياره وممتلكاته ، ولحقه المشروع في تقرير المصير والسيادة الدائمة على جميع الأراضي المخصصة له بمقتضى قرارات الشرعية الفلسطينية فضلاً عن انتهاكها الصريح لأحكام القانون الدولي الإنساني الخاصة بالمسؤولية الجنائية والمدنية وغيرها من المبادئ القانونية التي يمثل الاتفاق عليها تجاوزاً وخروجاً واضحاً على مبادئ اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969، وتحديداً المادة 53 من الاتفاقية التي حظرت صراحة تجاوز القواعد القانونية الآمرة ، مما يسقط المشروعية عن أحكام هذه الوثيقة ، ويقضي بوجوب إبطالها .

إن مؤسسة "الحق" وإذ ترحب باهتمام المجتمع الدولي بالتدخل لحل وتسوية القضية الفلسطينية ، ومن ثم إنهاء معاناة الفلسطينيين الخاضعين منذ سنوات طويلة لهيمنة الاحتلال الإسرائيلي وسيطرته تؤكد على :

1) ضرورة التمسك بحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً وشاملاً وفق مقررات وتوجهات الشرعية الدولية التي تم الإعلان بمقتضى قرار الجمعية العامة رقم 33/28 المؤرخ في 7 كانون الأول /ديسمبر 1978 . حيث أكدت الجمعية العامة بمقتضى هذا القرار بأن السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط لا يتأتى دون "حل عادل لمشكلة فلسطين على أساس نيل الشعب الفلسطيني لحقوقه القابلة للتصرف بما فيها حق العودة وفي الاستقلال والسيادة الوطنية في فلسطين وفقاً لميثاق الأمم المتحدة" .

كما أعلنت الجمعية على "أن صحة أي اتفاقات ترمي إلى حل مشكلة فلسطين تستدعي أن تتم الاتفاقات داخل إطار الأمم المتحدة .

وميثاقها وقراراتها على أساس نيل شعب فلسطين وممارسته على وجه تام لحقوقه غير القابلة للتصرف بما في ذلك الحق في العودة والحق في الاستقلال الوطني والسيادة الوطنية في فلسطين وباشتراك منظمة التحرير في هذه الاتفاقات...."5 .

2) تأكيد مسؤولية والتزامات الأمم المتحدة المنبثقة عن ميثاق الأمم المتحدة وقرارات أجهزتها المختلفة بالتدخل الجاد والفعلي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع للأراضي الفلسطينية ، وعلى وجوب تدخل هذه المنظمة لحل وتسوية القضية الفلسطينية وفق قراراتها الخاصة بهذا الشأن .

3) التأكيد على احترام وتنفيذ الأمم المتحدة لالتزامها الناشئة عم قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن بخصوص الامتناع عن الاعتراف بأي اتفاق أو حل للقضية الفلسطينية قائم على انتقاص حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في العودة وتقرير المصير والسيادة الدائمة على موارده وثرواته

4) التأكيد على احترام وتنفيذ الأمم المتحدة لالتزاماتها الناشئة عن ميثاق الأمم المتحدة من خلال امتناعها عن الإقرار بهذه الوثيقة لانتهاكها الصريح لسمو الميثاق وتمتعه بالقيمة القانونية الملزمة .

5) التأكيد على وجوب احترام الحكومة السويسرية لالتزاماتها القانونية الناشئة عن مركزها بصفتها دولة طرف في اتفاقيات جنيف الأربع ، ودولة راعية لاتفاقيات جنيف الأربع ولغيرها من مواثيق القانون الدولي الإنساني .

إن رعاية الحكومة السويسرية لوثيقة تضع إسرائيل صراحة في حل من مسؤولياتها المدنية والجزائية المقرة بمقتضى مواثيق القانون الدولي الإنساني ، وتحديداً اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية السكان المدنيين وقت الحرب ، فضلاً عن قبولها الضمني بمشروعية الاستيطان الإسرائيلي ، وعمليات سلب ونهب الموارد والثروات الفلسطينية ، على الرغم مما تمثله هذه الأعمال من انتهاكات جسيمة وجرائم حرب ، يمثل دون شك خرقاً واضحاً وصريحاً من قبل الحكومة السويسرية لالتزاماتها الناشئة عن المادة الأولى والمادة 148 من اتفاقية جنيف الرابعة التي ألزمت الدول الأطراف بواجب احترام هذه الاتفاقية وضمان احترامها ، فضلاً عن حظر الاتفاق على إعفاء أي طرف من المسؤوليات التي تقع عليه بمقتضى هذه الاتفاقية .

إن مؤسسة "الحق" وإذا تأسف لرعاية الحكومة السويسرية لهذا الاتفاق الذي وضعها موضع المتستر على جرائم الاحتلال وممارسته ، نأمل وننتظر منها ، ليس فقط رفض مثل هذه الوثيقة وإنما ممارسة ما تمليه عليها مسؤولياتها القانونية بمقتضى المادة 146 والمادة 149 من اتفاقية جنيف الرابعة ، وذلك عبر التدخل الجاد الفعلي لإنصاف الفلسطينيين وحمايتهم وملاحقة ومساءلة مجرمي الحرب الإسرائيليين .

الهوامش

1) جاء هذا القول في حكم محكمة العدل الدولية الخاص بقضية "التعويضات" الصادر عام 1949 .

2) "إذا تعارضت الالتزامات التي ترتبط بها أعضاء الأمم المتحدة وفقاً لأحكام هذا الميثاق مع أي التزام دولي آخر ، فالعبرة بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق" .

3) من القرارات التي أكدت على هذا الحق أيضاً ، القرار رقم 3336 المؤرخ في 17كانون الأول /ديسمبر 1974، والقرار رقم 3516 المؤرخ في 15 كانون الأول /ديسمبر 1975، والقرار رقم 31/186 بتاريخ 21 ‏كانون الأول /ديسمبر 1976، والقرار رقم 53/110 المؤرخ في كانون أول /ديسمبر 1980 والقرار الجمعية رقم 36/173 الصادر في 17 كانون الأول /ديسمبر 1981 .

4) نصت المادة 53 من اتفاقية فيينا على المعاهدات المتعارضة مع قاعدة قانونية آمرة (jus cogens) من قواعد القانون الدولي العامة ، تعتبر باطلة بطلانا مطلقاً إذا كانت وقت إبرامها تتعارض مع قاعدة القانون الدولي العام ، ولأغراض هذه الاتفاقية تعتبر قاعدة قانونية آمرة من قواعد القانون الدولي العام كل قاعدة تقبلها الجماعة الدولية في مجموعها ويعترف بها باعتبارها قاعدة لا يجوز الإخلال بها ولا يمكن تعديلها إلا بقاعدة لاحقة من قواعد القانون الدولي العام ولها ذات الصفة  .

5) وهي ذات التوجيهات التي أقرتها الجمعية العامة بمقتضى عدة قرارات نذكر منها كل من قرارها رقم 34/65 29 تشرين الثاني /نوفمبر 1979 (جيم ، دال) بتاريخ 12 كانون أول /ديسمبر 1979 ، وقرارها رقم 35/70 بتاريخ 6 كانون الأول /ديسمبر 1979، وقرارها رقم 35/169 بتاريخ 15 كانون الأول /ديسمبر 1980، وقرار رقم 36/120 بتاريخ 10 كانون الأول /ديسمبر 1981، وقرارها رقم 36/226 بتاريخ 17 كانون الأول /ديسمبر 1981، وقرارها رقم 44/40 ألف، باء، جيم، 4 كانون أول ديسمبر 1989، والقرار رقم 45/83 ألف، باء، جيم، 13 كانون الأول /ديسمبر 1990 .

6) جاء بنص المادة الأولى "تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بان تحترم هذه الاتفاقية وتكفل احترامها في جميع الأحول ، في حين نصت المادة 148 على "لا يجوز لأي طرف سامي متعاقد أن يتحلل أو يخل طرفاً آخر من المسؤوليات التي تقع عليه أو على طرف متعاقد آخر فيما يتعلق بالمخالفات المشار إليها في المادة السابقة (المادة التي حددت المخالفات الجسيمة للاتفاقية" .  

 

ثانيا: ملاحظات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان:

سويسرا ووثيقة جنيف : تقويض سيادة القانون

يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بشدة مشاركة سويسرا في ما يسمى " وثيقة جنيف" وموافقتها عليها.ويؤكد المركز على أن تأييد سويسرا لوثيقة جنيف يتعارض مع واجباتها كدولة مودعة لديها اتفاقيات جنيف وكطرف سام متعاقد على اتفاقية جنيف الخاصة بحماية المدنيين في وقتت الحرب لعام 1949 ( اتفاقية جنيف الرابعة ).

وثيقة جنيف والقانون الدولي الإنساني

"وثيقة جنيف" هي " مقترح للسلام " غير رسمي صاغته وتبنته مجموعة من الشخصيات الفلسطينية والإسرائيلية برعاية وزارة الخارجية السويسرية ، وقد أصدرت في شهر أكتوبر 2003 وقدمت على أنها " تحقيق للسلام في الوضع النهائي حسب التصور الموجود في عملية خارطة الطريق التي ترعاها اللجنة الرباعية " وتهدف الوثيقة الى وضع رؤية مفصلة وشاملة لـ ( الحلول الوسط " المطلوبة من اجل تحقيق " المصالحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ".وقد تم تسويق وثيقة جنيف على أنها " اختراق " في مفاوضات السلام ، ولكن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يؤكد بان " توصيات " الوثيقة تشكل تقويضاً غير شرعي لحقوق الأساسية الفردية والجماعية للفلسطينيين،وتمس بسيادة القانون من خلال المراوغة حول التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان ، والقانون الدولي الإنساني،خاصة اتفاقية جنيف الرابعة .مسؤوليات خاصة،

من ضمنها مسؤوليات إدارية :

       1)          ترتيب إعداد وإنجاز ترجمات رسمية للمعاهدات

       2)          إرسال ترجمات رسمية ونسخ معتمدة من المعاهدات الى الأطراف السامية و" أطراف النزاع "

لقد أخفقت سويسرا بصورة مستمرة في الوفاء بمسؤولياتها كدولة مودعة لديها اتفاقيات جنيف ، وطرف سام متعاقد على اتفاقية جنيف الرابعة ، ومن ضمن ذلك الالتزام الواضح بمحاسبة إسرائيل على الانتهاكات الخطيرة لاتفاقية جنيف الرابعة التي تقترفه بصورة مستمرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة . إن هذا التقصير الكامل في محاسبة إسرائيل على أفعالها كان واضحاً خلال مؤتمري الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة الذين عقدا بتاريخ 15 يوليو1999 ثم بتاريخ 5 ديسمبر 2001 . عقد المؤتمران وفقاً لقرارات صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة تدعو الى عقد مؤتمر من اجل مناقشة اتخاذ إجراءات إنفاذ عملية لاجبار إسرائيل على وقف الانتهاكات لاتفاقية جنيف الرابعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة . واخفق المؤتمران في تحقيق الهدف الأساسي منهما ، واظهرا أيضا عدم جاهزية سويسرا لاستخدام موقعها القيادي من اجل ضمان تبني آليات إنفاذ ذات مغزى ، بل في الواقع ، فسر كثيرون العملية والطريقة التي نظمت وعقدت فيها سويسرا المؤتمرين على أنها كانت رغبة من جانبها باستخدام مكانتها من اجل تقويض الهدف من المؤتمر .

يؤكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بان تأييد سويسرا لوثيقة جنيف يتعارض  مع التزامها القانوني لانفاذ أحكام اتفاقية جنيف الرابعة . ويؤكد المركز أيضا بان هذا التأييد يشكل تحولا كاملا في سياسة حكومة سويسرا من تقبل  انتزاع الأراضي بشكل غير قانوني ، ونقل السكان ن والانتهاكات المنظمة للحقوق الفلسطينية التي تقترفها الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، الى تبني حقيقي وعملية تشريع لهذه الأساليب ، وهو ما يشكل مخالفة فعلية لالتزامها باحترام الاتفاقية . علاوة على ذلك ، حسب مبدأ حسن النوايا الواضح في المادة 26 من اتفاقية فينا حول قانون المعاهدات ن يعتقد المركز الفلسطيني بان مكانة سويسرا المميزة كدولة مودعة لديها اتفاقيات جنيف تتطلب مسئولية بوضع معايير حسنة الصيت حول ممارسة الدولة التي تدعم وتعزز القانون الدولي الإنساني ، فقط  يؤدي الى تقويض وإزالة المعايير التي يتضمنها قانون النزاعات المسلحة ، وشجع إسرائيل على اقتراف المزيد من الانتهاكات للاتفاقية . يصر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان على أن سويسرا ، كطرف سام متعاقد ولمكانتها كدولة مودعة لديها اتفاقيات جنيف ، عليها إلزام واضح بضمان تطبيق القانون الدولي الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، بالتعاون مع الحكومات الأخرى ، حتى  كأساس لأية مفاوضات من اجل تحقيق السلام. بالتالي ، فإن  تأييد سويسرا لوثيقة جنيف ، التي هي عبارة عن مبادرة غير حكومية تتجاهل القانون الدوي الإنساني ، يتعارض مع هذه الالتزامات . وبذلك أسهمت تصرفات سويسرا في تقويض سيادة القانون بتشجيع الدول الأطراف في اتفاقية جنيف الرابعة على تجاهل التزامها التعاقدي بضمان احترام الاتفاقية .

 

المحتويات

 

المقدمة000000000000000000000000000000000000000000000000صفحة 1

أولا:الإقرار بالطابع العنصري لإسرائيل 0000000000000000000000000000صفحة1

ثانيا:مستقبل الأراضي الفلسطينية0ك0000000000000000000000000000000صفحة2

I-            لا انسحاب إلى حدود الرابع من حزيران000000000000000000000000صفحة2

II-         المستوطنات تشريع وجود عدد منها 00000000000000000000000000صفحة2

III-      الدولة الفلسطينية انتقاص من السيادة00000000000000000000000000صفحة2

IV-       الممر الأمن غير آمن 0000000000000000000000000000000000صفحة2

V-          المعابر الدولية رقابة إسرائيلية 00000000000000000000000000000صفحة3

ثالثا: القدس 000000000000000000000000000000000000000000 0صفحة3

رابعا: الأسرى والمعتقلين000000000000000000000000000000000000صفحة3

خامسا: اللاجئين : استبدال العودة بالتوطين000000000000000000000000000صفحة3

سادسا: الملحق إكس في الوثيقة000000000000000000000000000000000صفحة6

سابعا قرارات الشرعية الدولية000000000000000000000000000000000صفحة6

ملاحظات المؤسسات القانونية:

أولا:مؤسسة الحق:000000000000000000000000000000000000000صفحة7

ثانيا: المركز الفلسطيني لحقوق الانسان00000000000000000000000000صفحة13

 

بقلم/ وليد العوض

 عضو المجلس الوطني الفلسطيني

  

 

الى صفحة تفريط وتنازلات

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع