الفروقات الرئيسية بين مسودات الخطة الثلاثة

خضعت الخطة لمشاورات واسعة منذ الإعلان عن مسودتها الأولى في 15 أكتوبر 2002 وحتى تبني مسودتها الثالثة في 20/12/2002. أدت هذه المشاورات إلى إجراء تعديلات هامة على بنود الخطة، جاء أبرزها في مجالات الأمن والإصلاحات السياسية وقيام الدولة ذات الحدود المؤقتة. لكن تعديلات أخرى أدخلت على أسس الحل الدائم، وعلى موضوعي المستوطنات ومؤسسات القدس المغلقة، وعلى دور الدول العربية واللجنة الرباعية.

توسعت المسودة الثالثة في تفصيل الالتزامات الفلسطينية الأمنية لتشمل وقفاً فورياً وغير مشروط لإطلاق النار، والقيام باعتقالات، ومواجهة مطلقي النار والجماعات التي تخطط للقيام بإطلاق النار، وجمع السلاح غير المرخص، والقيام بعمليات مستمرة لملاحقة وتدمير البنية التحتية للفصائل الفلسطينية "الإرهابية". بينما لم تطالب المسودة الأولى إسرائيل بإصدار بيان بوقف العنف ضد الفلسطينيين، فإن المسودة الثالثة أشارت إلى أن على إسرائيل إصدار بيان كهذا.

أما في مجال الإصلاح السياسي والقيادي فقد أشارت المسودة الأولى إلى ضرورة تعيين رئيس وزراء بشكل فوري فيما أشارت المسودة الثالثة إلى بدائل أخرى مثل حكومة ذات سلطات تنفيذية أو جسم لصنع القرار. كما أن المسودة الأولى أصرت على أن الانتخابات الفلسطينية يجب أن تكون تشريعية فقط فيما أشارت المسودة الثالثة للانتخابات بدون تقييد. ورغم أن المسودة الأولى أشارت للجنة دستورية ولأسس ديمقراطية برلمانية قوية، فإن الثالثة أضافت تفاصيل أخرى من أهمها أن يقوم الدستور على أسس ديمقراطية برلمانية قوية "ورئيس وزراء ذي صلاحيات". كما أن المسودة الثالثة أضافت نصاً جديداً، بطلب إسرائيلي كما يبدو، يؤكد على أن قيام الدولة الفلسطينية في المرحلة الثانية مرتبط بأن "تكون للشعب الفلسطيني قيادة تعمل بحزم ضد الإرهاب وتكون لديها الرغبة والقدرة لبناء ديمقراطية". وقد يكون في هذا تحذير مبطن بأن قيام الناخب الفلسطيني بانتخاب ياسر عرفات رئيساً قد يعرقل البدء في المرحلة الثانية. أخيراً، فيما جاء في المرحلة الأولى من المسودة الأولى مطالبة بإصلاحات في مجال القضاء والإدارة والاقتصاد "كما يقرره فريق عمل"، فإن المسودة الثالثة أشارت بالتحديد إلى أن فريق العمل المقصود هو فريق العمل الدولي المنبثق عن اللجنة الرباعية.

طرأت عدة تعديلات على البند المتعلق بقيام الدولة الفلسطينية ذات الحدود المؤقتة. جاء في المسودة الأولى إشارة إلى أن قيام هذه الدولة يتم من خلال "مفاوضات فلسطينية-إسرائيلية" فيما استخدمت المسودة الثالثة مصطلحاً آخر هو "تشابك engagement فلسطيني-إسرائيلي". كذلك أشارت المسودة الأولى إلى ضرورة تطبيق اتفاقات مسبقة من أجل تعزيز التواصل الإقليمي للدولة الفلسطينية بدون الإشارة لكيفية التوصل لهذا التطبيق: هل هو خطوة إسرائيلية من طرف واحد؟ أم هو نتاج لمفاوضات ثنائية مع الطرف الفلسطيني؟ لكن المسودة الثالثة أشارت إلى أن تطبيق اتفاقات سابقة هو جزء من عملية "التشابك" الفلسطينية الإسرائيلية وأن ذلك "يشمل خطوات أخرى تتعلق بالمستوطنات". لكن المسودة الأولى كانت قد فصلت موضوع الخطوات الأخرى المتعلقة بالمستوطنات وعاملته كموضوع مستقل وأكدت ضرورة أن تكون هذه "الخطوات الأخرى" متزامنة مع simultaneous with قيام الدولة ذات الحدود المؤقتة. بالإضافة لدمج "الخطوات الأخرى المتعلقة بالاستيطان" ببند قيام الدولة والتشابك الفلسطيني-الإسرائيلي وتطبيق اتفاقات سابقة، فإن المسودة الثالثة قامت أيضاً باستبدال كلمة "بالتزامن مع" لتصبح "مقترنة بـ in conjunction with". إن من المرجح أن النص الجديد يعطي إسرائيل حرية أكبر في توقيت الخطوات الأخرى المتعلقة بالاستيطان فيما كان النص السابق أكثر تشدداً من حيث التوقيت المتزامن.

بالنسبة لأسس التسوية الدائمة، أبقت المسودة الثالثة على مكانة المبادرة السعودية التي حاولت المسودة الثانية التقليل من شأنها. كما فعلت المسودة الأولى، اعتبرت مقدمة المسودة الثالثة المبادرة السعودية إحدى أسس عملية السلام. وكانت إسرائيل قد طالبت بعدم الإشارة للمبادرة التي لم تكن قد وافقت عليها. لكن المسودة الثالثة قامت بإبراز جزء المبادرة المتعلق بالتطبيع فقط ولم تأت على ذكر العودة لحدود 1967. كذلك قامت المسودة الثالثة بإزالة الإشارة للمبادرة العربية لقمة بيروت (أي المبادرة السعودية)من بنود المرحلة الثالثة حيث يجيء ذكر أسس التسوية الدائمة. كما أشارت المسودة الثالثة إلى أن على القيادة الإسرائيلية إصدار بيان "لا يقبل التأويل تؤكد التزامها برؤيا الدولتين وبدولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة وذات سيادة تعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل". لكن الخطة أضافت أسساً جديدة لحل مشكلة اللاجئين حيث أشارت إلى وجوب كونه حلاً "واقعياً" وعادلاً ومتفقاً عليه، فيما أشارت إلى أن حل مشكلة القدس يجب أن "يأخذ بعين الاعتبار مصالح كلا الطرفين السياسية والدينية ويحمي المصالح الدينية لليهود والمسيحيين والمسلمين في العالم".

 أما في موضوع المستوطنات فقد جاء التغيير الأبرز في وضع الالتزام الإسرائيلي بتجميد الاستيطان في المرحلة الأولى بدلاً من الثانية حيث كان في المسودة الأولى. لكن المسودة الثالثة ألغت التأكيد الذي جاء في المسودة الثانية حول ضرورة إعطاء أولوية التجميد لتلك المشاريع الاستيطانية "المهددة للتواصل الإقليمي الفلسطيني بما في ذلك المنطقة الواقعة حول القدس". أما بالنسبة لمؤسسات القدس المغلقة فقد اكتفت المسودة الأولى بالإشارة لضرورة إعادة فتح الغرفة التجارية ومؤسسات اقتصادية أخرى فيما أكدت المسودة الثالثة على ضرورة "إعادة فتح الغرفة التجارية ومؤسسات فلسطينية أخرى مغلقة".

أما بالنسبة للدور العربي فقد طرأ عليه تعديلان. بينما أشارت المسودة الأولى لقيام دول عربية بقطع التمويل العام والخاص عن "الجماعات الفلسطينية المتشددة" فإن المسودة الثالثة أضافت للتمويل "وكافة أشكال الدعم" واقتصرت قطع هذا الدعم على "المجموعات التي تدعم وتقوم بأعمال عنف وإرهاب". أما التعديل الثاني فجاء حول موضوع التطبيع، حيث أشارت المسودة الأولى إلى أن على دول عربية قبول التطبيع مع إسرائيل "بما يتوافق مع مبادرة قمة بيروت العربية". لكن المسودة الثالثة أسقطت الإشارة للمبادرة العربية، ولعلها رغبت في عدم ذكر المبادرة ضمن بنود المرحلة الثالثة حيث يجيء ذكر أسس التسوية الدائمة.

أما بالنسبة لدور اللجنة الرباعية، فقد أكدت المسودة الثالثة على ضرورة القيام بإنشاء آلية المراقبة على التنفيذ في المرحلة الأولى وليس في الثانية كما كان الحال في المسودة الأولى. كذلك أدخلت المسودة الثالثة تعديلاً على قرار الحكم على أداء الأطراف حيث أكدت أنه سيكون بإجماع أعضاء الرباعية، فيما لم تأت المسودة الأولى على ذكر الحاجة للإجماع. أسقطت المسودة الثالثة الإشارة إلى التنسيق مع الرباعية فيما يتعلق بتطبيق الخطة الأمنية الأمريكية كما جاء في المسودة الأولى. أضافت المسودة الثالثة دوراً جديداً لأعضاء من الرباعية (وليس بالضرورة لكل أعضاء اللجنة) هو الدعوة لاعتراف دولي بالدولة الفلسطينية ذات الحدود المؤقتة "بما في ذلك إمكانية العضوية في الأمم المتحدة".

الى صفحة تفريط وتنازلات

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع