النص الكامل لخطاب محمود عبّاس والذي ‏ألقاه نيابة عنه وزير الشؤون الخارجية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 15/09/2005


السيد الرئيس،
أصحاب الفخامة و السعادة رؤساء وأعضاء الوفود،
معالي الأمين العام،
السيدات والسادة،
أقفُ أمامكم اليوم ممثلاً لشعبي، ناقلاً رسالته، حاملاً آلامَه وآمَاله وثقتهُ بالتزامكم بحل القضية التي مر على عرضها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 58 عاما.
ومن اجل هذا الهدف النبيل وقف أمامكم القائد الراحل الرئيس ياسر عرفات لأول مرة عام 1974، والقي خطابه التاريخي من اجل شعبه من اجل الأمن و السلام في المنطقة.
إننا في فلسطين نقف اليوم أمام مهمتين تاريخيتين، عقدنا العزم على انجازهما: مهمة الاستقلال و السلام، ومهمة التطوير وبناء مؤسسات الدولة.
إن الأولوية الأولى إذن هي إنهاء الاحتلال وتحقيق الحرية السبيل نحو إنهاء الاحتلال واضحٌ حددته القرارات الكثيرة للشرعية الدولية ورسمت خطواته خارطة الطريق التي اجمع عليها العالم واعتمدها مجلس الأمن في القرار 1515.
ان الهدف و كما جاء في مبادرة السلام العربية ورؤية الرئيس بوش هو تحقيق السلام على أساس حل الدولتين فلسطين وإسرائيل وفقا لخط الهدنة لعام 1949.
ونحن إذ نسعى للاستقلال وبناء الدولة، نعمل على تعزيز ثقافة السلام، و نبذ العنف وإزالة أسبابه، لأننا نريد بناء مجتمع يحول المعاناة التي عاشها الشعب الفلسطيني على مدى عقود إلى طاقة خلاقة للبناء، بحيث تصبح القضية الفلسطينية مثالا للديمقراطية و التقدم، لا أداة يستغلها من يريد اللعب على مشاعر الاضطهاد في العالم لتشجيع الإرهاب او اختلاق صراع بين الحضارات.
السيدات والسادة
إننا الآن نقف أمام فرصة لإعادة إطلاق عملية السلام، فرصة وفرتها مرحلة ما بعد فك الارتباط في قطاع غزة وبعض مناطق من شمال الضفة الغربية، و الذي تعاملنا معه بايجابية على الرغم من كونه خطوة أحادية الجانب، ونجحنا في ضمان سيره بشك هادئ وآمن. وعلى إسرائيل أن تجعل هذا الانسحاب خطوة ايجابية بشكل حقيقي وإنهاء الأمور الهامة العالقة بشك سريع بما في ذلك معبر رفح الحدودي مع مصر والمطار والميناء وتحقيق الربط بين القطاع و الضفة الغربية. بدون ذلك ستبقى غزة سجنا كبيرا.
ينبغي كذلك تنفيذ تفاهمات شرم الشيخ و انسحاب إسرائيل إلى مواقع 28 سبتمبر 2000 وإطلاق سراح الأسرى وخلق أجواء من الأمل و الثقة.
غير أن أية انطلاقة جدية لا يمكن أن تتم بدون وقف تام لكل النشاطات الاستيطانية و لبناء الجدار و للاستمرار في تمزيق الضفة الغربية وتحويلها إلى كانتونات وجزر متناثرة وخاصة في القدس. فالقدس هي عنوان السلام،و القدس الشرقية هي عاصمة دولتنا، وحصارها وإحاطتها بجدران العزل وفصلها عن محيطها وتدمير مقومات الحياة فيها وحرمان المواطنين الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين من الارتباط بمقدساتهم لا يمكن الا ان ينسف أسس السلام.
إن الشراكة هي مفتاح النجاح في كل الخطوات، لان السياسات الأحادية و ان نجحت جزئيا، فنجاحها سيكون مؤقتا و ليس شاملا بالتأكيد. بالتالي، فان خير وسيلة للتقدم هي بالتوجه فورا لمفاوضات الوضع الدائم لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي حلا يضمن إقامة دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف، وحل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين على أساس القرار 194.
سيدي الرئيس
فور انتخابي رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية، توصلنا إلى اتفاق وطني على التهدئة من جانب واحد، وصمدت الهدنة على الرغم من الاستفزازات المتكررة.
كما باشرنا بعملية شاملة لتوحيد وإعادة تأهيل أجهزتنا الأمنية المدمرة، واحرزنا تقدما مهما على الرغم من العراقيل التي تواجهنا. و بالتوازي، شرعنا بعملية إصلاح، توفر البنية التحتية لقيام دولة فلسطينية ديمقراطية عصرية.
فعقدت الانتخابات البلدية و بدأ التحضير للانتخابات التشريعية التي ستعقد بداية العام القادم، باتجاه إرساء التعددية و الديمقراطية و التداول السلمي للسلطة.
كما وقطعنا شوطا هاما في إصلاح وتنمية مؤسساتنا الحكومية ونظامنا المالي لتهيئة المشروع التنموي الاقتصادي الذي نطمح الى تأسيسه، و الذي نعمل مع المجتمع الدولي على تحقيقه. وفي هذا الإطار، لا يسعني الا أن اشكر الدول الشقيقة و الصديقة على دعمها المستمر لنا، وكذلك ما تجلى في مؤتمر لندن، وفي قمة الثمانية، ويأمل شعبنا في زيادة هذا الدعم، لان السلم لا يتم في ظل الفقر، و التنمية لن تنجح في ظل الاحتلال.
السيد الرئيس
واسمحوا لي أن اغتنم هذه الفرصة لأؤكد قناعتنا في فلسطين بضرورة وجود منظمة أمم متحدة قوية تم إصلاحها بما في ذلك مجلس أمنها لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين، وكذلك ضرورة الالتزام بمبادئ وأهداف الميثاق و القانون الدولي وخاصة فيما يتعلق بصون حقوق الإنسان وحريته وكرامته، كي يتمكن المجتمع الدولي من التعامل مع التحديات التي تواجهنا جميعا من احتلال أجنبي وإرهاب دولي و انتشار لأسلحة الدمار الشامل، و الفقر و الجوع و الأمراض الخطيرة.
أخيرا نؤكد، أننا نقف الآن و في الشرق الأوسط بالذات على مفترق طرق، فأما التقدم الحثيث و الفعَّال نحو السلام و الاستقرار و الأمن و البناء و التعايش وأما الدوران مجددا في الحلقات المفرغة في ظل تهديد دائم بتواصل العنف و الإرهاب و الابتعاد عن الحلول الجوهرية للتحديات التي تواجهنا، وإنني على يقين بأنكم ستدفعون بالخيار الأول.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

الى صفحة تفريط وتنازلات

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع