نعم للتغيير . . . لا للتدمير
جمال حشمه
أصبح واضحاً بأن معركة الصلاحيات بين مكتب الرئيس والحكومة الفلسطينية قد
فرضت نفسها على الشارع الفلسطيني ، مما أوصلنا الى حافة هاوية الحرب
الاْهلية أو أقلها صدامات تنظيمية بين حركة حماس المنتخبة ديمقراطياً
وحركة فتح المهيمن والمسيطر عليها من قبل بعض المتنفذين والفاسدين داخلها
، والمحاولات الدؤوبة لافتعال حالة العبثية والفوضى الاْمنية وترويع
المواطنين قد أدت الى بعض الصدامات بين أفراد وأنصار كل من الحركتين ،
والمستقبل يخبئ مفاجأت خطيرة للحكومة والشعب الفلسطيني كانت قد اعدت
ونسجت خيوطها بعناية فائقة .
محاولة تضييق الخناق وشد الطوق على الحكومة الفلسطينية ، لم تعد تقتصر
بفرض عزلة دولية وقطع المساعدات المادية الغربية ، بل وصلت خيوطها الى
بعض دول الطوق كلاعب أساسي في المعادلة الفلسطينية الاسرائيلية الصعبة ،
ومهمة اخضاع وتركيع واذلال الحكومة الفلسطينية لانتزاع اعتراف منها بدولة
اسرائيل وتقبلها والتزامها للاتفاقيات السلمية المبرمة معها ، وأهمها
تقبل لغة الاملاءات الاسرائيلية والاْميريكية التي تنتهجها اسرائيل
لتطبيق سياسة احادية الجانب كونها لا تعترف بوجود شريك سلام فلسطيني على
مدار 12 عاماً .
أو اصابة الحكومة الفلسطينية بالوهن والعجز والشلل الكلي بسبب الحصار
الاسرائيلي العسكري والسياسي والاقتصادي المفروض عليها لدفعها لتقديم
استقالتها وعودة المستسلمين من جديد الى سدة الحكم فارضين أنفسهم قسراً
على الحكومة والشعب الفلسطيني بدعم اسرائيلي - أميريكي واوروبي ، حيث
إنهم لم يتقبلوا قرار حكم الشعب الفلسطيني بالتغيير وتسليم دفة القيادة
لحركة حماس لقيادة السلطة الفلسطينية .
أصبح اللعب السياسي على المكشوف :
حكومة فلسطينية تستمد قوتها وشرعيتها من شعبها ، متحدية كل الظروف الصعبة
ومتمسكة بالثوابت الوطنية الفلسطينية ، ودعواتها المتواصلة الى تهدئة
الوضع المحتقن والابتعاد عن الاحتكام للسلاح ، وتأكيدها على أن الحكومة
تكن الاحترام والتقدير لكل القيادات الفلسطينية ، والدعوة المستمرة الى
الوحدة الوطنية الفلسطينية حيث أن المؤامرة تهدف الى افشال المشروع
الوطني الفلسطيني بكامله ، ومحاولات دؤوبة من أجل اجراء حوار وطني يهدف
الى وحدة الصف الفلسطيني .
في المقابل تشكيل حكومة ظل تابعة لمكتب الرئيس ، واللقاءات المستمرة مع
الاسرائيليين والاْميريكان والاْوروبيين تارة بأسم مكتب الرئيس وتارة
أخرى بأسم منظمة التحرير الفلسطينية التي تم إستخراجها من ضريحها ،
والتصريحات المبطنة من قبل الرئيس أبو مازن بأنه يملك صلاحيات اقالة
الحكومة الفلسطينية غير أنه لا يريد استخدامها في الوقت الحالي ، والضغط
المتواصل على الحكومة بقوله : ليس أمام حركة حماس من خيار سوى التفاوض مع
اسرائيل ، وأخيراً تصريحه : بأن السلطة الفلسطينية مستعدة للتفاوض مع
اسرائيل بعد تشكيل حكومتها .
اذا كان الرئيس أبو مازن قد شكل فريقاًُ لخوض المفاوضات بأسم السلطة
الفلسطينية ومستعد للتفاوض مع اسرائيل بمعزل عن الحكومة الفلسطينية ، فما
جدوى دعوة مختلف الفصائل الفلسطينية الى مؤتمر حوار وطني لمناقشة الوضع
السياسي الراهن وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية ؟ ؟ أم المطلوب في هذا
المؤتمر التصديق على قرارات مكتب الرئيس ، كما حدث في الماضي عام 1996
بمهرجان المجلس الوطني الفلسطيني في غزة عندما صادقوا على تغيير الميثاق
الوطني الفلسطيني ! !
تحويل مسار القضية والمشروع الفلسطيني من المطالبة بالحقوق المشروعة
السياسية الوطنية للشعب الفلسطيني الى عملية استجداء مادي وعطف انساني
فهو مؤشر خطير جداً على القضية الفلسطينية ، علماً بأن منظمة التحرير
الفلسطينية بأمكانها الصرف على مؤسسات السلطة الفلسطينية وموظفيها من
أرصدتها التي تتجاوز 50 مليار دولار عوضاً عن التسول حيث أن أموال
المنظمة من حق الشعب الفلسطيني بأكمله وليس للمتنفذين والمنتفعين داخلها
فقط ، غير أن د. حسين علي شعبان في برنامج الاتجاه المعاكس بتاريخ
06/4/14 صرح بحقارة مبتذلة بقوله : هل تريد من م . ت . ف أن تدفع أموال
لحكومة حماس وكونه خبيراًُ في شؤون السياسة الاستحمارية أضاف باسلوب وضيع
وقال :
( إللي طلع الحمار على الميدنة . . . عليه أن ينزله )
هذا الصعلوك الرقيع الذي يعيش في لندن منذ عشرين عاماً في رخاء وترف على
حساب أقوات الشعب الفلسطيني المحاصر والمعرض لكارثة انسانية ، انما عبر
عن حقيقة ومكنون سياسة أسياده وأولياء نعمته مثبتاً بذلك مشاركتهم
وتآمرهم على الحكومة والشعب الفلسطيني .
قال الشعب الفلسطيني كلمته بنزاهة مطلقه نعم للتغيير وانتخب أعضاء المجلس
التشريعي الفلسطيني والحكومة نالت ثقته .
نعم للتغيير واختار حركة حماس وارادها أن تكون في سدة الحكم لقيادة
السلطة الفلسطينية ، هذه الحكومة تستمد قوتها وشرعيتها من الشعب
الفلسطيني ورغم كل الصعاب والتحديات والتهديدات ستبقى صلبة كالصخر .
أما السادة المستسلمون أصحاب سياسة التدمير نقول لهم :
كفانا مرارة التنازلات وأن عهدكم قد ولى وكفا عليه الزمن ، وعليكم أن
تقروا وتقبلوا بقرار الشعب الفلسطيني ، ومشروع أوسلو أثبت فشله الذريع ،
وتحقيق المصالح الاْنوية لن يدوم لكم وعليكم الرحيل اذا كان قرار وحكم
الشعب لا يروق لكم ، كي لا تزداد نقمة الشعب عليكم ونبذه لكم .
المشهد السياسي لحركة فتح الاْبية بدأ يتبلور ببروز تيار من الاخوة
الاْشراف والمناضلين الاْحرار في الداخل والخارج ويطالبون بعقد مؤتمر عام
للحركة وانتخاب مجلس ثوري ولجنة مركزية جديدة . والمطالبة بأن تكون منظمة
التحرير الفلسطينية بميثاقها الوطني لعام 1965 هي الممثل الشرعي الوحيد
للشعب الفلسطيني ، ودعوة جميع الفصائل والقوى السياسية الفلسطينية
للمشاركة في تفعيل واعادة هيكلتها ، لكي يتمكن الجميع من تشكيل حكومة
وحدة وطنية لقيادة السلطة الفلسطينية .
|