سادة بلا سيادة

سوسن البرغوتي
24/4/2006

في ظل تصاعد نغمة التحدي بين أقوى تنظيمين فلسطينيين على أرض فلسطين المحتلة، تصاعدت أيضاً وتيرة التصريحات بينهما وكأن الأهم هو الانتماء الحزبي لكل فصيل وأتباعه، متناسيين الهدف الأسمى ومواجهة العدو الواحد، سواء في الداخل المحتل أو في الشتات.

تصريحات د.جمال نزال مستشار الحملة الانتخابية لحركة فتح الانتخابية تأتي في هذا السياق، إذ يعتبر بأن فلسطينيي الشتات كمن يعيشون في أقاصي القطب الشمالي، وتصريح د. حسين شعبان في حوار الاتجاه "المناكف"، يعتبر أن من ليس عضواً في منظمة التحرير الفلسطينية، وليس من أهل المخيمات أو من أهل الرباط، لا يحق له المشاركة في الحوار، وكشف حقائق الفساد والمطالبة بعودة منظمة تحرير تجمع شمل الفلسطينيين تحت ظل تمثيل حقيقي للشرعية، وتحقيق طموحات شعب عانى القهر والقمع والترحيل في ظل مسلسل متواصل بدءاً من النكبة إلى اللجوء إلى النزوح والتهجير القسري من لبنان والكويت وليبيا وآخرها من العراق المحتل.
وكأن البيت الفلسطيني يخص فقط أبواق سلطوية تبصم على اتفاقيات المهانة بما فيها إلغاء حق الشعب الفلسطيني بالعودة إلى أرضه!.

ثم يأتينا عزيز خطاب السيد أحمد عبد الرحمن على شاشة الجزيرة بعد خطاب رئيس المكتب التنفيذي في دمشق، ليحتد قائلاً "اتركونا وشأننا نعالج قضايانا لوحدنا"!.
أوليس كل طفل وشيخ فلسطيني  من حقه أن يعترض على استمرار حالة الفساد في الداخل المحتل، ألم يشارك أهل الشتات في تغذية الصندوق القومي الفلسطيني، وذهبت الأموال أدراج الرياح!.ألم يعلن عمرو موسى أن مليون دولار جُمع من كد وعرق أخوتنا المصريين؟. هل نستبعد الشارع العربي لأنهم ليسم أعضاء في منظمة التحرير؟!. أم أن دعم الشارع العربي والشتات الفلسطيني معني فقط للتسول، لتنتهي في أدراج المكتب الرئاسي ولا يعرف إلا الله في جيوب من ستستقر تلك الأموال!.
ما هذه النزعة العنصرية التي يصرح بها -السادة بلا سيادة- لا على الأرض وعلى الشعب، وما دورها إلا زرع التفرقة والفتنة بين صفوف الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، وما هذه العصبية لحركة معينة وأن فلان أو علان ليس من أهل آل البيت!.

أما ثالثة الآثافي رئيس القوات "المشلحة" في معتقل أريحا، لم يستنكر العملية الاستشهادية على عادته، بل وصفها بـ"الحقيرة"، والذي لم يجرؤ أحد من الكيان الصهيوني على إطلاق هذا الوصف لعملية أعادت لنا بريق الأمل في استمرار المقاومة.

ما أرجوه من الله تعالى مستبقة الأحداث، أن يعلن الكيان الصهيوني فناء أبرهة الأشرم، لنشهد في الصفوف الأولى على قبره من سيأبن متباكياً فقيد "السلام" على أنه الشريك المخلص!. وربما نرى أعلاماً ستنكّس في بعض العواصم العربية على رحيل شارون قاتل الأطفال والمدنيين الفلسطينيين من جنين إلى غزة، وفي صبرا وشتيلا إلى قانا.

إن الخسارة الأعظم في هذه المرحلة إصرارالقيادة الفلسطينية الاستمرار على نهج الخطيئة الفلسطينية. فمنذ تنصيب الريئس رئيساً للسلطة، كثرت "اللاءات"، فلا إصلاح ولا حد للفتان الأمني، ولا لملاحقة رؤوس الفساد والمستورثين للمال الفلسطيني، وألف لا لمن لا يعترف بـ "إسرائيل".
أما ملف اغتيال الرئيس عرفات "للمتعهدين الاستمرار على نهجه!" أصبح في عالم النسيان ولم يعد أحد من تلاميذه ينبس بكلمة واحدة حول متابعة وكشف من تعاون مع الصهاينة على اغتياله مسموماً!.
 بل على النقيض تماماً نجد السيد نبيل عمرو  يصرح برؤيته النابغة  لهيئة دولة فلسطينية علمانية، والأجدر أن يصرح عن رؤيته لمواجهة الاحتلال، ودور الجميع في مرحلة باتت القضية الفلسطينية تُدق في نعشها مسامير التطبيع وقبول الانكسار على أنه المرونة في المفاوضات!.

أما النائب محمد دحلان، فيشهر سلاح التحدي في وجه الحكومة، بدلاً من العمل على توحيد الصف الفلسطيني، وإلغاء الأتباع  والحاشية من أجل ما هو فوق كل اعتبار.
فقد ذكر دحلان في حوار أجرته الأهرام العربية في القاهرة (
ثروتي منزل قيمته ‏380‏ ألف دينار أردني مساحته ‏200‏ متر بكل طابق‏,‏ وعندي مبلغ أعلنته للمجلس التشريعي وللحكومة السابقة موجود في بنك بغزة‏,‏ ولا أملك سيارة وسيارتي المصفحة من السلطة رغم أنها كانت هدية لي ولكنها باسم السلطة‏).هذا مبلغ أعلن عنه، أما ما خَفِي فهو أعظم..! فقطعة كبيرة وقصر وشاليه مدجج بالحراسة على ساحل غزة ، وهناك مبالغ أيضاً يستثمرها خارج الأرض المحتلة، متنقلاً راعياً أمواله في مختلف مدن العالم. فهل لو قعد في بيت أمه وأبيه، كان سيحظى بهذه الثروة، والشعب الفلسطيني يواجه مجاعة وحصاراً اقتصادياً قاتلاً.! أم أنه استثمر نجاحه "المفترض لتمثيل شعبه" لبناء امبراطورية على أنقاض جماجم وبيوت مدمرة.

إن كان كل ما ذكرته على لسان المسؤولين بهتاناً، فهاتوا عصا برهانكم وأصلحوا ما أفسد الفاسدون.. ولتجزّ رؤوس قد أينعت وحان قطافها.
المطلوب الآن وفي كل وقت العودة إلى تمهيد درب التحرير على قاعدة ثوابتنا الوطنية ومطالب الشعب الفلسطيني وطموحاته لتحرير الحجر والبشر من أيدي الغاصبين، وهذا ما نتطلع ونأمله ونرجوه.

ولا نقبل أن يأتينا بائع بطاطا ويقول "من طلع الحمار على المئذنة ينزله".! الشعب الفلسطيني هو الذي انتخب حكومته الجديدة والشعب الفسطيني ليس بحمار، وهو القادر بوعيه ونضجه السياسي أن يرجح كفة المقاومة التي لا تعترف بوثيقة "استغلال" لتضحيات الشعب الفلسطيني، وأنه قادر على تثبيت أو شطب الشرعية عن أي جهة منتخبة من قبله، إن لعبت على وتر الثوابت وتنازلت عن حقوقه وحريته.
وإلا فليتنحوا جانباً، معترفين بأخطائهم وخطاياهم، وليدعوا قافلة النضال تستمر، وهي ليست محددة بحكومة أو سلطة ولا بمرحلة معينة، إنما سيظهر من باطن الأرض من يطالب وبقوة باسترجاع فلسطين حرة عربية. وسيبذل الجميع أرواحهم أطفالاً وشيباً وشباباً من أجل الكرامة، هم وغيرهم ومن درّبهم ليسوا بمجرمين يا سيادة الدكتور حسين شعبان، وفارس عودة الطفل عندما بقي صامداً لمدة ساعات أمام الدبابة "الاسرائيلية" ليس بمجرم، وراكيل التي قضت أمام دبابة صهيونية لم تكن جبانة. الأحرار ليس لهم وطن ولا جنسية، أما الجبناء فلهم باطن الأرض وعار الذكرى. 

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع