رسالة حماس في عملية الوهم المتبدد
عزيز عبيات / احد مبعدي كنيسة المهد |
كان من المتوقع جدا في ظل تصاعد العدوان الاسرائيلي في الاشهر الاخيرة وخاصة المجازر التي اقترفها جيش الاحتلال في قطاع غزة وطالت العشرات من الفلسطينيين بمن فيهم بل على راسهم الاطفال .. كان من الواضح جدا ان يكون لحماس موقف واضح من ذلك كله يؤكد للجميع ان حماس لا يمكن أن تتوانى عن الدفاع عن شعبها بكل ما اوتيت من قوة وبشتى الوسائل المتاحة, وفعلا لم يدم انتظار المراقبين طويلا حتى بعثت حماس رسالتها بعنوان الوهم المتبدد وهي رسالة بالغة الدلالة جاءت في الزمان والمكان الذي اختاره رجال القسام لتؤكد على الابداع والنوعية في العمليات الفدائية التي تنفذها كتائب القسام ,,, ولربما اراد القائمون على هذه العملية ان يذكروا العدو ان الهدوء الذي شهدته المدن المحتلة من فلسطين 48 والتهدئة التي ينعم بثمارها المحتل الغاصب ما هي الا خيار تكتيكي مشروط بتوقف الاحتلال عن اعماله العدوانية بحق شعبنا ولم تكن مفروضة من احد او استجابة او رضوخا لمطالب احد , وفي حال تمادى العدو ورفض الانصياع لشروط التهدئة فاننا حتما لن نفاجأ بعمليات اخرى ربما تكون اكثر نوعية وتأثيرا من هذه العملية .
حماس التي اكتسحت الانتخابات الفلسطينية وشكلت الحكومة الحالية تقدمت الى العالم اجمع بمواقف ذات مرونة عالية جدا كان من شأن الاستجابة لها ان يجنب المنطقة مزيدا من سفك الدماء ومن الدمار اليومي الذي تمارسه قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني , فحماس طالبت بحقوق شعبها لا اكثر وعلى راس هذه الحقوق حق العيش الكريم للفلسطينين في دولة ذات سيادة كاملة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين واطلاق سراح الاسرى مقابل ان تنعم اسرائيل بهدنة طويلة الامد هي في امس الحاجة لها لتجلب لشعبها الامن الذي تفقده بسبب احتلالها لارضنا وتقتيلها لاطفالنا وتشريدها لشعبنا, ولعل اسرائيل تدرك جيدا انه لا يمكن ان يكون هناك امن واحتلال في آن واحد !
كان من الاحرى ان يتلقى العالم مرونة حماس باذان صاغية وقلوب مفتوحة وان يفسح لها المجال وان يمنحها الفرصة كاملة ان تحقق ما وعدت به بل كان عليه ان يساعدها للقيام بذلك بالضغط على الجانب الاسرائيلي للاعتراف بحقوق شعبنا وانهاء معاناته والتوقف عن العدوان المستمر الذي طال حتى الاجنة في بطون امهاتها ,, لكن شيئا من ذلك لم يحصل بل على العكس تماما فقد اعلن العالم اجمع حربا ضروسا على حماس وعلى الشعب الفلسطيني الذي انتخبها بكل حرية, وفرض عليها حصارا شديدا منعت بسببه لقمة الخبز وشربة الحليب وحبة الدواء ان تصل الى محتاجيها في فلسطين , هذا الحصار الذي لم تكن اسرائيل الا راس الحربة فيه كانت الدول " الديمقراطية الغربية " هي وقوده وناره التي يكتوي بلهيبها ابناء فلسطين ,, فهذه الدول لم توقف مساعداتها عن الفلسطينين فحسب بل مارست ضغوطا هائلة على كل من سولت له نفسه بتقديم المساعدة لشعبنا , لتتسع دائرة الحصار ولتشتد حتى يصل الامر بمؤسسات مالية فلسطينية بالامتناع عن التعاون مع الحكومة المنتخبة لتصريف امور العباد !!
المخجل في الامر ان الحصار لم يفرض على حماس لامتلاكها اسلحة الدمار الشامل ! او لاقترافها جرائم حرب كتلك التي يتقنها جيش الاحتلال الاسرائيلي !! بل لان حماس فازت عبر صناديق الاقتراع ببرنامج واضح اختارته الجماهير الفلسطينية باغليبية عالية وفق اسس الديمقراطية التي يتغنى بها الغرب !
فهل يريدون من حماس ان ترضخ لهذا الحصار الظالم و ان تخذل جماهيرها التي انتخبتها واوصلتها الى سدة الحكم ؟ وهل يتوقعون ان تبيع حماس ثوابتها مقابل كنوز الارض كلها ؟ لا اعتقد ان شيئا من ذلك سيكون , ولعل المراهنين على تركيع حماس من خلال الحصار هم واهمون حقا كما فهمنا من عملية الوهم المتبدد .
|