أتموت فلسطين
وأنتم تتفرجون؟ |
محمد
علي الهرفي/
أكاديمي وكاتب
سعودي
26 - 04 - 2006
الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت حرباً مكشوفة على
الفلسطينيين وحكومتهم الجديدة، وقد استخدمت في هذه الحرب كل الوسائل
المخجلة التي لا تتفق مع أبسط حقوق الإنسان ولا مع القوانين والأعراف
الدولية.
أعرف - كما يعرف غيري - أن هذه الحرب ليست جديدة
فالأمريكان يحاربون الفلسطينيين منذ أكثر من ستين عاماً، وهم واليهود وجه
واحد لعملة واحدة ولكنهم لم يظهروا عداءهم الشديد وخروجهم على كل القيم
الإنسانية كما فعلوا هذه المرة.
أزعجونا بكثرة حديثهم عن الديموقراطية وعن حرصهم على
تطبيقها في عالمنا العربي، وبشرونا بأن عراقهم الديموقراطي سيكون مصدر
إلهام لكل الديموقراطيات العربية القادمة. كنا نعرف أنهم يكذبون وتأكدت
هذه المعرفة بعد فوز حكومة حماس في الانتخابات الأخيرة.
لم تكتف الحكومة الأمريكية بمنع مساعداتها عن فلسطين
لكنها تمادت كثيراً في ضغوطها، ضغطت على الأوروبيين فمنعوا مساعداتهم،
كما أنها ضغطت على بعض الدول العربية لتقوم بهذا الدور أيضاً، وبالغت في
وقاحتها فأعلنت أنها ستستفسر من قطر عن الجهة التي ستعطي مساعدتها لها
وكأن قطر إحدى ولاياتها!! ولم تكتف بكل ذلك بل إنها مارست ضغوطا هائلة
على البنوك كي لا تحول المساعدات للشعب الفلسطيني. أرأيتم مثل هذه
الديموقراطية التي تمارسها أمريكا في وضح النهار.
الإسرائيليون مارسوا الدور نفسه، وزادوا عليه قتلهم
للعشرات من أبناء فلسطين وتدمير ممتلكاتهم، ويتم كل ذلك بدعم أمريكي معلن
وصمت إسلامي مريب!! وعندما قامت حركة الجهاد الإسلامي بالدفاع عن نفسها
وبإمكاناتها القليلة كان الاحتجاج الأمريكي عنيفاً والتهديد قوياً، ومرة
أخرى كان الصمت العربي غير مفهوم ولا مبرر، أما وصف العملية بأنها
"حقيرة" فهو أمر لم أكن أتخيله وقلت: ليت صاحبنا سكت!!.
مرة أخرى ما فعلته أمريكا وإسرائيل ليس جديداً وهم ماضون
في خططهم الاستعمارية وأنا لا ألومهم على ذلك فهذه مصلحتهم ومن حقهم أن
يحافظوا عليها لاسيما وهم يرون أن مطالبهم مجابة فلماذا يتوقفون ما دام
كل شيء يسير بسهولة ويسر؟
اللوم - كل اللوم - يقع على عاتق الحكومات العربية
والإسلامية وكذلك على عاتق شعوب هذه الحكومات، وعلى هؤلاء - جميعاً -
معرفة وإدراك أهمية العمل الجاد والسريع في هذه الظروف التي لا تحتمل
المماطلة والتسويف.
أمريكا تريد تجويع الفلسطينيين لإذلالهم وتركيعهم والدول
العربية يجب ألا تترك الشعب الفلسطيني تحت رحمة الأمريكان واليهود ولديهم
الإمكانات المالية الهائلة لإنقاذهم مما هم فيه.
بلادنا - كعادتها - تحركت وأعلنت أنها سائرة في طريق مساعداتها
للفلسطينيين وأنها لن تتوقف، وأملنا أن تزيد هذه المساعدات وأن يتم تشجيع
القادرين من أبناء بلادنا على المساهمة فيها.
دول عربية أخرى تحركت في هذا الاتجاه لكن هذا التحرك يحتاج إلى المزيد
كما يحتاج إلى الاستمرار.
لكن دولا أخرى تحركت في الاتجاه المعاكس وما كان المتأمل منها أن تفعل
ذلك لا في هذه الظروف ولا في سواها أليس من العيب أن تعتذر دولة عربية عن
استقبال وزير خارجية فلسطين وتهرول نحو قادة إسرائيل تدعو هذا وتحتضن
ذاك؟ أليس من العيب أن تلفق دولة أخرى تهما للحكومة الفلسطينية في هذا
الوقت العصيب لتقول للعالم: إن هذه الحكومة إرهابية لتؤصل بهذا القول
الاتهامات اليهودية والأمريكية؟.
جامعتنا العربية على ضعفها حاولت أن تصنع شيئاً ويشكر رئيسها السيد عمرو
موسى على ما فعلته الجامعة لكن وضع الدولة الفلسطينية يحتاج إلى المزيد،
يفترض في الجامعة أن تقوم بدورفاعل في تحريك الحكومات والشعوب لمساعدة
الفلسطينيين والوقوف إلى جانبهم، سياسياً واقتصادياً.
وأعتقد كذلك أن المنظمات الإسلامية لا يصح أن تسكت في هذه الظروف، إننا
لم نسمع شيئاً من منظمة المؤتمر الإسلامي ولا من رابطة العالم الإسلامي
ولا من المنظمات الأخرى الأقل منهما.
إن فلسطين مهددة، والأقصى يتعرض لمؤامرة الهدم، وليست بعض الدول العربية
بعيدة عن الأطماع اليهودية الاستعمارية ولا يصح أن يقال: إن ما يجري في
فلسطين لا يهم الدول الأخرى ولا شعوبها. هذا قول باطل من أساسه فنحن نرى
أن أمريكا تخطط لاغتيال بعض دولنا على غرار العراق وأفغانستان، كما نرى
أن الصهاينة يخططون للشيء نفسه ويعلنون هذا في أدبياتهم ومناهجم، وما لا
يتم اليوم قد يتم غداً.
ومن واجب الشعوب أن يتحركوا لنصرة إخوانهم في فلسطين فلا يصح أن نراهم
يموتون ونحن نتفرج عليهم، كما أنه من العار أن يشارك بعضنا في حضور
جنازتهم.
وإذا كنت أتمنى من كل الحكومات والشعوب أن تمارس دورها الحقيقي في هذه
الظروف فإن الأمنية الأكبر أن يقوم كل الفلسطينيين بهذا الدور.
إن الاقتتال أو التفرق بين الفلسطينيين غير مقبول على الإطلاق وسيؤثر
عليهم جميعاً وسيكون في مصلحة الصهاينة الذين يتمنون أن يقتتل الإخوة
ليضعف الجميع وينتصروا هم في النهاية.
وإذا كانت حماس قد وصلت إلى السلطة بطريق مشروع فمن واجب الجميع أن يقفوا
معها ليكونوا جميعاً أقوياء وعليهم أن يقبلوا بصدق نتيجة الانتخابات التي
اعترفوا بشرعيتها.
|