لا يا أبا مازن / لا يا (فتح)
عبد النبي حجازي - سوريا
يقول عمرو بن كلثوم:
ألا لا يجهلنْ أحدٌ علينا / فنجهلَ فوق جهل الجاهلينا
مالكم سرعان ما عدتم إلى الجاهلية الأولى؟
ما لكم يهوج مقاتلوكم، ويموجون شاكي السلاح مقنعين، يصرخون ملء أفواههم
وكأنهم يتسابقون إلى ساح القتال؟ يطلقون النار في الهواء وكأنهم يمشون في
جنازة شهيد؟
أهكذا يُرَدُّ على الأخوة إذا شطحت ألسنتهم وخالفوكم الرأي؟
أنسيتم مَنْ عدوُّكم؟
أتسفحون نضال عقود من السنين تحت الأقدام؟
أتنكسون راية النضال المرير، ولوعات التشرد، ودماء الشهداء، وأنّات
الأسرى؟
لا يا أبا مازن / لا يا (فتح)
لا تُقِرّوا عيون أعدائكم، وتنوبوا عنهم في محاولة البطش بإخوتكم.
لا تملؤوا قلوب محبيكم وأصدقائكم بالمرارة والأسى.
قال المفكر الكبير محمد حسنين هيكل: "سئل ايهود أولمرت ماذا ستفعل بـ
(حماس)؟ أجاب: "لا شيء إنهم (يعني الفلسطينيين) سيكفينا بعضهم شرّ بعض"!
ومن حق كل عربي أن يدرك أن أصابع أمريكا و"إسرائيل" تمتد بالخفاء إلى
الأوساط الفلسطينية، تلعب لعبتها.
ألم يدلّ الجواسيسُ "جيشَ الدفاع الإسرائيلي"! على مكان الشيخ أحمد
ياسين، ثم الدكتور عبد العزيز الرنتيسي فبطشوا بكل منهما عن بعد بقنبلة
من الطائرة، وبطشوا بالكثيرين من القادة الفلسطينيين من (فتح) وغير
(فتح)؟
في العراق هم أنفسهم أثاروا فتنة طائفية خلفت الكثير من المآسي ولولا أن
تصدى لها العقلاء من السنة والشيعة وتساموا فوق الجروح والآلام لكانت
العاقبة أكثر مأساوية..
لا يا أبا مازن / لا يا (فتح)
أنتم بأفعالكم هذه، وبزلات لسان سبقتها.. تضعون أنفسكم في مواضع الشبهات.
أوقفوا هذه المهزلة التي بدأت تتحول إلى مآسي.
ماذا فعلت لكم أوسلو عبر عشر سنوات؟ إلا أن تمكر بكم "إسرائيل" وتخاتل،
وتخدع وتصنع المآسي... حتى رضيتم من الغنيمة بالإياب؟
أنسيتم بين عشية وضحاها أن العدو "الإسرائيلي" لا يرضخ إلا بالقوة؟
وماذا فعلت (حماس)؟ نجحت بالانتخابات؟ فأخذتم تشكِّكون بها منضوين تحت
حقد أمريكا و"إسرائيل"، والغرب، الغرب الذي زرع "إسرائيل"؟
ماذا يمكن للمحلل أن يفهم معنى أن تُلغى قرارات الوزارة، ويضيَّق عليها؟
وماذا يمكن أن يُسمى /بحسن نية/ موقفكم هذا؟ أليس هو المطلوب من أمريكا
و"إسرائيل"؟
(حماس) أنتم، وأنتم (حماس)، وكلكم هذا الشعب الفلسطيني الذي قُدِّر له أن
يتشرد، ويقدم الضحايا قرباناً لهذا الواقع العربي المهزلة. كنتم صامدين
وتهافت بعض العرب من حولكم على مصالحة "إسرائيل"، ولم يجنوا سوى كرامة
مهدورة، ووصمات عار تلطخ جبينهم وسوى سخط شعوبهم التي رفضت التطبيع. ورغم
هذا توقنون تمام اليقين أن "إسرائيل" ليست جادة في أية عملية سلام ، أو
مصالحة.
إن "اسرائيل" تنظر إلينا - نحن العرب - بازدراء وهي تعلم أننا شراذم
ضائعة ، متناقضة مغلوبة على أمرها، وأن جميع الحكام العرب لا همّ لهم سوى
كراسيهم، ومكاسبهم ومكاسب عائلاتهم وتملّق شعوبهم، وكسر أفواه من
يعارضهم.
أتقودون رجالكم للانتحار؟ لانتحار القضية برمتها؟
أهذا ما ينتظره منكم المشردون في سائر أصقاع الأرض من أبناء شعبكم؟
أهذا ما ينتظره منكم العرب الشرفاء المغلوبون على أمرهم، وكنتم بصيص
الأمل؟
أتَذرون رماد اليأس في عيون شعبكم ومحبيكم؟
ما هذه النخوة الطائشة التي تشبه نخوة الزعران، تصبونها نقمة على حماس
لمجرد أنها حققت انتصاراً لكم؟
ولمن انتصار حماس يا أب امازن، ولمن هزيمتها إذا انهزمت لا قدّر الله؟
أأغضبكم أن كثيراً من شرفاء العالم التفوا حولها أي حولكم؟
لماذا تقزمون النضال الفلسطيني؟
ألا تلجمون تلك الأفواه التي يبدوا صراخها وكأنه السكاكين تقطًّع قلوب
محبيكم ومؤيديكم؟
كنا نتمنى منك يا أبا مازن أن تكون الحَكَم، فأنت لست رئيساً لـ(فتح)،
ولا لأية فئة، أنت رئيس للفلسطينيين جميعاً.
كن.. كن خليفة ياسر عرفات الذي شمل بقلبه الكبير كل الحذلقات العربية وكل
التصدّعات في منظمة التحرير، و(فتح) الذي صبر على المكاره، وعلا فوق
الترهات والمماحكات وضحى بنفسه في سبيل كرامة فلسطين، وكرامة العرب.
لا تدعْنا نقول إنهم حاربوا عرفات، وعزلوه، وحاولوا إهانته، وعرضوه للموت
كي يستسلم وما استسلم..
أتريد أنت أن تستسلم؟؟؟!!!
عد إلى نفسك، وحكّم ضميرك يا أبا مازن، إنها ساعة الشدة الأشدّ والزمن
العصيب الأصعب، إن التاريخ لا يرحم
|