ماذا عن حقوقنا يا سيادة الرئيس
ناصر البلوي.. باحث فلسطيني
لم تكد الانتخابات الفلسطينية تنقضي حتى قام سوق الإملاءات والاشتراطات
الموجّه كالعادة للفلسطينيين، اختلفت العبارات واتفقت المعاني، فإما
الاعتراف بـ (إسرائيل) ونبذ العنف، وإما العزلة السياسية والمالية، لم
تتعامل الأطراف مع نتائج الانتخابات الفلسطينية بنفس نزاهتها التي شهدوا
بها، فهاهو سيد العالم بوش يشهد بنزاهة الانتخابات الفلسطينية، ويرفض
التعامل مع نتائجها.
الغريب في الأمر تلك التسريبات التي صدرت عن عمر سليمان مدير المخابرات
المصرية على لسان الرئيس محمود عباس الذي قال نقلاً عنه: أنه لن يكلف
حماس بتشكيل حكومة فلسطينية إلا إذا اعترفت (بإسرائيل)، ونبذت ما أسماه "
العنف" ينضم أخيراً محمود عباس لجوقة الضاغطين على "حماس" للاعتراف
(بإسرائيل)، ونسي سيادته أو تناسى أن يطلب من (إسرائيل) أن تعترف بحقوقنا
الفلسطينية الحق في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة
وعاصمتها القدس الشريف، وتوقف عدوانها الذي لم يتوقف يوماً واحداً منذ
بداية الانتفاضة وحتى قبلها أيام "التفاوض" السالف، لم يذكر السيد عباس
شيئاً من هذا.
يبدو أن سيادته يعاني من مشكلة مزمنة اسمها النسيان، نود هنا أن نذكر
بخطابه الشهير في العقبة، إبان ترؤسه للحكومة الفلسطينية في القمة التي
جمعته مع بوش وشارون والملك عبد الله الثاني ملك
الأردن، الذي أكد فيه " تفهمه" لمعاناة اليهود وحقهم في العيش بسلام
وأمن، ونسيَ أو تناسى المعاناة الفلسطينية، ولم يذكر أي شيء عن فلسطين
والفلسطينيين.
لا أعلم في التاريخ كله، أن وضع رئيس دولة شروطاً مسبقة لأكبر كتلة
برلمانية مقابل تكليفها بتشكيل الحكومة، ربما نسي السيد عباس أن طلبه هذا
مخالف للقانون الأساسي الذي صادق عليه هو شخصياً، الذي ينصُّ صراحة على،
أن تتولى بتكليف من الرئيس الكتلة الأكبر في البرلمان تشكيل الحكومة، وهي
من يحدد
سياستها وخطوطها العامة، ولا يقررها الرئيس نيابة عنها.
نود أن نذكر السيد عباس أن "حماس" حصلت على الأغلبية في البرلمان
الفلسطيني بواقع 60%، أي أنها تستطيع تشكيل حكومة بشكل منفرد دون الحاجة
لباقي الكتل البرلمانية التي تشكل في مجموعها أقلية، وأن أي حكومة لن
تمرّ دون مباركة "حماس" عليها، وما مطالبة "حماس" على إشراك الجميع إلا
كرم أخلاق منها ورغبة في تحمل الجميع لمسؤولياتهم في المرحلة القادمة.
لدي بعض الأسئلة التي أوجهها للسيد عباس:
لماذا تنسى يا سيادة الرئيس الحقوق الفلسطينية وتتذكر دوما الحقوق
(الإسرائيلية)؟
لماذا
تتذكر الالتزامات الفلسطينية وتنسى التزامات الطرف الآخر؟
وعدتنا في برنامجك الانتخابي قبل عام بالأمن والأمان والعدالة، فلماذا
نحن الآن أكثر فقراً وأقل أمناً، وغابت العدالة في ظل قيادتك "الحكيمة".
وعدتنا بالإصلاح ومحاربة الفساد، فلا إصلاح والفساد استشرى.
وأسئلة أوجهها للمجتمع الدولي للرئيس بوش وزعماء العالم بمن فيهم العرب.
لماذا تطالبون "حماس" بالاعتراف بـ (إسرائيل) ونبذ ما تصفونه بالعنف ولا
تطالبون (إسرائيل) بالاعتراف
بالحقوق الفلسطينية المشروعة وفقا لكل شرائع السماء والأرض.
أين مطالبتكم (لإسرائيل) بتطبيق واحترام القانون الدولي والقرارات
الصادرة عن هيئة الأمم
ومجلس الأمن الدولي ؟
لماذا تصفون مقاومة أبناء شعبي بالإرهاب وتغضون الطرف عن جرائم
(إسرائيل)؟
لماذا تعتبروننا الجلاد وتعتبرون المحتل الضحية؟.. من المسؤول عن كارثة
فلسطين؟... وضياع الحقوق
...
ألستم أنتم، من الذي أعطى اليهود وعداً بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين؟..
أليس وزير خارجية بريطانيا بلفور عام 1916 من الذي قسم فلسطين ومنح
اليهود حقاً فيها أليست الأمم المتحدة؟، من الذي دافع ولا زال يدافع عن
(إسرائيل) ألستم أنتم..؟!
نحن لن نفتح بازاراً على حقوقنا غير القابلة للتصرف.. فلا تضعون العقدة
في المنشار أمام "حماس" تريدون أن تفشلوها قبل أن تبدأ.. ثم تحملونها
النتيجة، حتى أن تصريحات رموز فتح ورموز في السلطة المنصرفة فيها نغمة
تنم عن رغبة قوية في إفشال "حماس" بل إنهم انضموا لجوقة الضاغطين عليها..
هذه الثلة الفاسدة لا يهمها فلسطين ولا فتح، لقد استخدموا "فتح" ليصلوا
بها لمصالحهم الشخصية، وحزنهم الآن ليس على خسارة "فتح" الانتخابات،
وإنما على خسارتهم الأكيدة لامتيازاتهم واحتكاراتهم، والوكالات التي
استولوا عليها دون وجه حق، فكل هذا سينتهي مع إصلاحات "حماس" الجذرية
المتوقع أن تباشرها فور تسلمها الحكومة الجيدة.
لقد كان أول قرار لحماس قبل تسلمها مهام الحكومة الجديدة، هو تقليص رواتب
أعضاء التشريعي للنصف..
"حماس" شعبنا اختارها بإرادته الحرة وسيدافع شعبنا عن إرادته وخياره ولن
يلتفت لفتات مساعداتكم التي كانت جزءً من الفساد المالي للسلطة المنصرفة
التي دعمتم فسادها، لم توجه هذه المساعدات إلى حيث مكانها الصحيح،
والقاسي والداني يعلم ذلك.
وسيطوي التاريخ كل فلسطيني لا يحترم إرادة شعبه، وإن كانت أمريكا والغرب
وبعض
الفلسطينيين والعرب مع (إسرائيل)... فإن حماس وشعبنا معهم الأقوى منهم
جميعاً وهو الله..
(إِنْ
يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ
ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ
الْمُؤْمِنُونَ)
|